fbpx

مبادرة “مسد” في السياق والحيثيات والأهداف

0 62

جوهر مأزق الحركة السياسية الكردية هو اعتقاد نخبها السياسية أنّ إمكانية قيام “روج آفا” على الطريقة العراقية قد بات مسألة وقت، لتتفاجأ  أنه غير مطروح على أجندات الولايات المتّحدة، و أنّ مشروع “الإدارة الذاتية” مختلف تماماً.
 التحدّي الوجودي الذي تواجهه “الحركة السياسية الكردية”، التي خاب أملها وفشلت رهاناتها ، على غرار النخب “العربية”، هو القدرة على   إجراء “انسحاب تكتيكي” منظّم  إلى الموقع الوطني، المشروع الديمقراطي السوري.

1- في المرحلة الحالية، مجلس سوريا الديمقراطية هو الممثل الحقيقي للشعب السوري وتطلعاته لبناء دولته الديمقراطية، اللامركزية. مسد منفتحة على جميع السوريين وقد أصبحت تشكل نقطة جذب وطنية، وهناك توجه من مختلف القوى السياسية باتجاه مسد، لأن مسد، هو الممثل، والمعبر الحقيقي عن الشعب السوري، في الوقت الذي أصبح فيه الجميع يتاجر على حساب دماء السوريين، وينتهج سياسات ضد مصلحة الشعب السوري. لذلك، من الضروري جدا أن يحصل توحيد لجهود السوريين من أجل إفشال هكذا سياسات، التي هي بالأساس تستخدم الشعب السوري كوقود من أجل تحقيق أهدافها.
السيدة أمينة عمر، الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية.

2- في آخر دعايات واشنطن الساعية إلى تغييب عوامل التسوية السياسية الأمريكية في سياق مستجدات الأحداث بعد كارثة الزلزال الطبيعي، ونقلا عن مسؤولين كبار في الإدارة:
يفضلون أن تُطبع الدول العربية مع النظام، على أن ترعى روسيا صفقة بين دمشق وأنقرة، قد تؤدي إلى هجمات تركية على شركائهم في قوات سورية الديمقراطية، متجاهلين ترابط المسارين، وتكامل الإجراءات، في سياق التسوية السياسية الأمريكية!).

3- تقول أحدث الأخبار، بحسب ثلاثة مصادر تحدثت للمدن:

يحمل رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية مارك ميلي في زيارته الثانية خلال 45 يوماً إلى منطقة شرقي الفرات الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، حزمة من القرارات المتعلقة بهيكلة قوات قسد والإدارة الذاتية وتوقيع اتفاق نفطي بين قسد والشركات الأميركية وتزامنت زيارة ميلي التي جرت خلال الأيام الماضية مع وصول وفدين آخرين أحدهما فرنسي والآخر أسكتلندي، حيث اجتمعت الوفود في قاعدة التحالف في الشدادي مع دائرة العلاقات الخارجية لقوات قسد.

في العودة لتصريح السيدة أمنية عمر، وعندما نسمع موظفاً حكومياً، يعمل سياسياً وإعلامياً لصالح سلطة ما، بغض النظر عن الزمان والمكان، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه:

أين هو الخط الفاصل بين حقائق الواقع والدعاية؟

هو التساؤل الذي أحاول مقاربة إجابته الموضوعية في قراءة بيان مبادرة الحل السياسي التي أطلقتها مسد في مؤتمر صحفي، يوم الثلاثاء، 18 نيسان، 2023.

أولاً: بداية، ما يلفت الانتباه تجاهل التقرير السياسي الذي شكل مقدمة وإطاراً ل مبادرة الحل السياسي لأهم حقائق الصراع، ولوي عنق بعضها الآخر، بما يشير إلى طبيعة الأهداف السياسية الْمَرْسُومَةِ!.

دعونا نتابع التفاصيل:

– إن الأزمة السياسية التي أعقبت الحراك الشعبي الثوري الذي بدأ عام (2011) في سوريا نتيجة التراكمات والإقصاء والتهميش، ما تزال مستمرة بعد انقضاء أكثر من اثني عشر عاماً، ولم ينتج عنها أي حل عملي حتى الآن!.

– يبدو جلياً أن الصراع الشامل، السياسي والدبلوماسي والعسكري الطائفي الميليشياوي، الاجتماعي والقومي، الذي أعقب الحراك الشعبي الثوري في ربيع 2011 لا يمكن تقزيمه إلى مستوى أزمة سياسية، وأن القول بأن تلك الأزمة السياسية التي بدأت في 2011 ما تزال مستمرة…، ولم ينتج عنها أي حل عملي ليس سوى محاولة لتغييب حقائق الصراع، وتوصيف غير موضوعي لطبيعته – سواء فيما يتعلق بحيثيات ومآلات الحراك السلمي أولاً، أو مراحل صيرورة الخيار العسكري، الذي أعقبه، وأتى في مواجهته، وشكل، في السياق والأهداف والقوى والأدوات، مشروع الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي، بقواها الإقليمية والدولية، وأذرعها السورية، ثانياً.

فالقول، من جهة أولى، بإن الحراك الشعبي الثوري الذي بدأ عام 2011 في سوريا كان نتيجة التراكمات والإقصاء والتهميش فقط ليس توصيفاً موضوعياً لحقيقة الأسباب في بنية النظام التي فجرت الحراك الشعبي السلمي الثوري، ويغيب طبيعة النظام الاستبدادية، وبالتالي طبيعة الحراك الثوري المضاد – بما هو في، خندق الشعب السوري، حراكا ديمقراطيا ويأتي في سياق صيرورة الثورة الديمقراطية.

القول، من جهة ثانية، بأن الأزمة لم ينتج عنها أي حل عملي[1] هو أيضا تغييب لطبيعة الصراع الذي تفجر في خندق النظام، في أعقاب ومواجهة الحراك الثوري، بأدوات الخيار العسكري الطائفي الميليشياوي، وشكل في السياق والأهداف والقوى والصيرورة الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي.

أفترض أن الدافع الرئيسي لتقديم قراءة غير موضوعية لطبيعة الصراع- خاصة في خندق النظام، وتجاهل وجود الخيار الأمني العسكري الطائفي الميليشياوي، وتغيب طبيعة المشروع، كثورة مضادة للتغيير الديمقراطي، وقواه[2]، وأهدافه[3] ومراحله[4]، بالتالي موقع قيادة قسد في سياقه[5] هو تغييب الأهداف الحقيقية التي تسعى مسد لتحقيقها من خلال مبادرة الحل السياسي في مرحلة الخيار العسكري الأخيرة؛ مرحلة التسوية السياسية الأمريكية الشاملة[6].
لنحتكم إلى الوقائع التاريخية، ونحاول إدراك اهم عوامل سياق المرحلة الراهنة، التي تأتي المبادرة في إطارها:

  1. في مواجهة تحديات حراك السوريين السلمي الإصلاحي في ربيع ٢٠١١، الذي وقف الأكراد في مقدمة المشاركين فيه، والمناضلين من أجل تحقيق اهدافه الديمقراطية، تقاطعت مصالح النظام، وشريكه الايراني، مع مصالح خصمه السابق حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، عند جهود تفشيل الحراك السلمي، ومنع تحوله إلى ثورة ديمقراطية؛ وتكاملت مع مصالح وسياسات إقليمية ودولية، (أمريكية وروسية وسعودية) لتفشيل جهود الحل السياسي، ودفع الصراع على مسار التطييف والميلشة.
  2. مع نهاية 2013، نجحت جهود قوى الخيار العسكري الطائفي الميليشياوي المتصارعة على السلطة ومظلتها الخارجية في قطع مسار صيرورة الثورة وتدمير جمهورها، وقد تقاسمت ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي مع أجهزة النظام والميليشيات الإيرانية السلطة والسيطرة على مناطق واسعة في شمال شرق وغرب سوريا، رغم دخول الجميع في مواجهات متعددة المستويات ضد داعش، التي شكلت خصما بارزا في صراع السيطرة، بما حصلت عليه من دعم مادي ولوجستي في العراق وسوريا، حجم تمدد قوات الحزب على امتداد الشريط الحدودي مع تركيا.
  3. بعد التدخل العسكري الأمريكي المباشر، في سياق الحرب المُعلنة على داعش، تقاطعت المصالح، وأدى تكاملها في معركة تحرير عين العرب خلال الربع الاول من 2015، إلى فتح آفاق جديدة في العلاقات المستقبلية بين الولايات المتحدة وقيادة حزب الاتحاد الديمقراطي، نتج عنها تشكيل قوات سورية الديمقراطية، وإعلان مشروع روج آفا للحكم الذاتي، ومن ثم السيطرة على كامل مناطق داعش في محافظات حلب والرقة ودير الزور، وإعلان سلطة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، قبل نهاية 2019.
  4. في مواجهة داعش، وجهود تركية، سورية وروسية لتقويض سلطة الإدارة الذاتية وإضعاف قسد، تلقت الميليشيا دعماً عسكرياً أمريكياً متميزا، تكامل بعد 2020 مع إجراءات تعزيز سلطة الإدارة الذاتية، سياسيا واقتصاديا؛ وقد أخذت إجراءات تأهيل سلطة قسد/ مسد، سوريا وعلى الصعيد الخارجي خلال العامين التاليين، بعدا سياسيا واضحا، بات في توقيت إعلان المبادرة يشكل أهم مرتكزات مشروع التسوية السياسية الأمريكية الشاملة.
  5. قبل 2023، بذلت الولايات المتحدة جهودا كبيرة لوصول قسد إلى تفاهمات شاملة مع النظام وروسيا، تسمح ببقاء الإدارة الذاتية مستقلة وقيادة لقسد منفصلة عن جيش النظام قادرة على القيام بوظيفتها الأمريكية، في ظل شرعية النظام وعلاقات خاصة مع منصة موسكو، وقد تعرضت جميع الأطراف، قسد والنظام وروسيا، لضغوط أمريكية، (واجهتها قسد بالتلويح بورقة داعش)، من أجل الوصول إلى صفقة تسوية، دون جدوى، وبقيت المفاوضات في إطار شراء الوقت، انتظارا لحصول اختراق ما، ينهي حالة اللاسلم واللاحرب في العلاقات التشاركية اللدودة بين قسد والنظام.

في مطلع 2023، وبعد وصول الجهود التركية والروسية والسورية لتحجيم قسد إلى طريق مسدود، وفي أعقاب كارثة الزلزال المدمر، تسارعت جهود وخطوات التطبيع الإقليمي مع النظام، والمرتبطة بإجراءات تأهيل قسد (في تزامن مع إجراءات من نفس الطبيعة مع سلطات الأمر الواقع الخاضعة للسيطرة التركية)؛ بما يؤشر إلى وصول التسوية السياسية الأمريكية إلى مرحلة متقدمة، تفتح أبواباً مشرعة للوصول إلى صفقات سياسية شاملة بين جميع الأطراف المعنية، خاصة قسد والنظام، على الصعيد السوري[7].

قبل إعلان المبادرة، تصاعدت وتيرة التصريحات، وإشارات الغزل المتبادل بين قسد والنظام، مشيرة إلى ضرورة الوصول إلى تفاهمات مشتركة، في سياق خطوات التطبيع الإقليمي؛ بما يؤشر إلى حصول صفقة بين الولايات المتحدة والنظام السوري (وروسيا وإيران)، تتمحور حول الاعتراف المتبادل، وموافقة الجميع على الدخول في مفاوضات صفقة سياسية، في تزامن مع مفاوضات مماثلة بين النظام وتركيا، تضمن الحفاظ على حصص السيطرة القائمة والعمل على شرعنتها.

ثانياً: ضمن السياق العام، نفهم طبيعة الحيثيات وعوامل السياق التي تجاهلتها المبادرة، وحقيقة الدوافع، وطبيعة الأهداف السياسية التي تعمل على تحقيقها.

لنتابع تفاصيل البيان:

1- إننا في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا نؤكد على وحدة الأراضي السورية ونؤمن بأنه لا يمكن حل المشاكل التي تعيشها سوريا إلا في إطار وحدة البلاد، وفي هذا السياق وبغية تحقيق الحل نؤكد على استعدادنا للقاء الحكومة السورية والحوار معها ومع جميع الأطراف السورية من أجل التشاور والتباحث لتقديم مبادرات وإيجاد حل للأزمة السورية.

الدافع المُعلن للقاء الحكومة السورية والحوار هو ضمان وحدة الأراضي السورية!.

موضوعياً، نجاح الحوار مع حكومة النظام، يشترط الوصول إلى تفاهمات صفقة، تحفظ مصالح الطرفين، وتضع آليات سيطرة تشاركية في السلطة والثروة، في غياب واضح لإرادة السوريين، وتغييب لممثليهم الشرعيين، ستؤدي، وفقا لعوامل السياق المستمر منذ 2020، وبغض النظر عن النوايا، إلى نتائج لا تتوافق مع شروط وحدة الأراضي السورية؛ طالما أن السبيل الوحيد لحماية وحدة الأراضي، هو الوصول إلى حل سياسي وطني شامل، يبدأ، كما دعت بنود القرار 2254، بإجراءات حسن نية وتوفير بيئة آمنة، وهيئة حكم انتقالية مستقلة ومفوضة تطلق صيرورة بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية الوطنية، بمشاركة جميع السوريين، دون إقصاء!
فهل حصول صفقة تسوية سياسية بين حكومة النظام وحكومة قسد – بدعم إيراني، وغطاء روسي، وفي إطار صفقة مع النظام التركي، وسياق خطوات التسوية السياسية الأمريكية – تحقق أهداف الحل السياسي، وتلبي قضية نضال السوريين المركزية – الانتقال السياسي والتحول الديمقراطي – الشرط الاول لحماية الأرض والسيادة!.

2- وتزامناً مع المساعي الحثيثة التي تبذل في هذا السياق؛ المساعي الحثيثة هي ما يحصل من إجراءات وخطوات تطبيع مع النظام السوري على الصعيد الإقليمي، وهي أيضاً إجراءات إعادة التأهيل على الصعيد السوري، والسياق هو خطوات تنفيذ التسوية السياسية الأمريكية، وما تتطلبه من شروط الوصول إلى تهدئة مستدامة بين قوى الأمر الواقع ؛ وهي بالمجمل ليست مرتبطاً بسياق إيجاد حل سياسي، يؤدي إلى انتقال سياسي في المركز، طالما تسعى لشرعنة وقائع ما تمخض عن حروب تقاسم الحصص ومناطق النفوذ التي نتجت عن المرحلة الثانية من الخيار العسكري الطائفي الميليشياوي، بين 2015-2020.

3- فإننا نتقدم بهذا المبادرة من أجل التوصل إلى حل سلمي وديمقراطي للأزمة التي تجتاح بلدنا سوريا، لإنهاء معاناة الملايين من أبناء شعبنا.
الخلط بين مفهومي الحل السياسي والتسوية السياسية هو الوجه الآخر لتوصيف مرحل الخيار العسكري بأزمة، لا يقتصر على بيان مسد، وقد بات أبرز أشكال تضليل الرأي العام السوري.

الفرق نوعي، ولا ينحصر في التعبير اللغوي، كما قد يبدو. قيام حل سياسي يحدث قبل دخول الصراع السياسي في مراحل الصراع العسكري، ويقطع مساره، بينما تأتي التسوية السياسية في نهاية الخيار العسكري، وبين قواه، لشرعنة ما صنعته موازين قوى الصراع.

في أواسط تموز 2012، كانت قد فُشلت آخر جهود الحل السياسي، واندفع الصراع بشكل نهائي، وبجهود جميع الأطراف المتصارعة على السلطة، على مسار الخيار العسكري الطائفي، وقد نتج عن مرحلته الأولى تقويض كلٍ مقومات حصول حل سياسي – هزيمة قوى الحراك وجمهوره، وتحويله إلى حروب طائفية، ومنع قيام قيادة سياسية وطنية تمثل مصالح السوريين المشتركة- وهو ما يجعل الحديث عن قيام حل سياسي بعد صيف 2012 غير موضوعي كما بينت بشكل غير قابل للتأويل مآلات مسار جنيف!.

بناء عليه، يبدو جليا وفقا لما صنعته نتائج الخيار العسكري من وقائع جديدة على صعيد موازين القوى والسيطرة الجيوسياسية لصالح قوى الثورة المضادة، استحالة حصول حل سياسي، أو أن تؤدي المبادرة التي تطرحها مسد إلى التوصل إلى حل سلمي وديمقراطي للأزمة التي تجتاح بلدنا سوريا، لإنهاء معاناة الملايين من أبناء شعبنا!.

ما تطرحه المبادرة هو حرفيا دعوة علنية لإجراء مفاوضات صفقة بين حكومة النظام والإدارة الذاتية، (كانت تحدث في السابق، منذ 2019 على الاقل تحت الأضواء!)، تؤدي، كما يأمل العاملون عليها في مسد، ورعاتها الأمريكان، إلى وضع إطار اتفاق ينظم آليات تقاسم السلطة والثروة، ويوفر ظروف تهدئة مستدامة – بالتكامل مع إجراءات وخطوات متزامنة تجاه الشركاء في مناطق السيطرة التركية، والهيئة، ومع جهود التطبيع الإقليمي، وفي سياق صيرورة التسوية السياسية الأمريكية الشاملة؛ وتحاول استخدام التفاهات الجديدة التي يبدو انها قد حصلت بين الولايات المتحدة والنظام الايراني والسوري في أعقاب كارثة الزلزال – وسمحت بإطلاق مسار التطبيع الإقليمي – كورقة ضغط على النظام، للقبول بشروط، كان قد رفضها في مفاوضات سابقاً!.

4- وعلى مر سنوات الأزمة التي تمثلت في الجوانب: (السياسية والاقتصادية والاجتماعية)، فقدَ مئات الآلاف من أبناء شعبنا أرواحهم، واُجبِرَ الملايين في: (جرابلس، الباب، إعزار، إدلب، عفرين، رأس العين (سري كانييه)، تل أبيض (كري سبي)، وأجزاء ومناطق أخرى من سوريا، على النزوح داخل البلاد أو الهجرة خارجها.

إصرار واضح من قبل رعاة المبادرة، ومدبجي البيان، يؤكد الاستنتاجات السابقة حول الحرص على خلط المفاهيم!.

فما حصل لم يكن مجرد أزمة (كما تصر وسائل إعلام النظام)، ولم تكن تلك الأزمة التي تمثلت في الجوانب: (السياسية والاقتصادية والاجتماعية)، هي التي أدت إلى فقدَ مئات الآلاف من أبناء شعبنا أرواحهم، وأُجبِرَ الملايين على النزوح داخل البلاد أو الهجرة خارجها.

ما حصل كان حرباً شاملة، كونية، وخياراً سياسياً، بأدوات عسكرية طائفية ميليشياوية، في مواجهة استحقاقات ديمقراطية، وشارك فيها، بأدوات وأشكال مختلفة، على الصعيد الخارجي، روسيا والولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر والإمارات والعراق ولبنان، وعلى الصعيد السوري، ميليشيات النظامين الايراني والسوري، وفصائل إسلامية، بالإضافة إلى ميليشيات قومية/ديمقراطية، شكل أبرزها ميليشيا الحزب القومي السوري وفصائل حزب الاتحاد الديمقراطي؛ وقد استُخدمت فيها جميع وسائل التدمير، وبعض الأسلحة المحرمة دولياً!.

5- فإنه يجب البحث عن حل للأزمة السورية داخل البلاد، وعلى الحكومة السورية أن تظهر موقفاً مسؤولاً، وأن تتخذ إجراءات عاجلة تساهم في إنجاح الحل.

ماذا يعني داخل البلاد؟ هل تعني أن حصول تسوية بين مسد وحكومة النظام غير مرتبط بتوافقات ومصالح خارج البلاد؟!.

طالما تتوجه الدعوة إلى الحكومة السورية، وتعول على إمكانية أن تُظهر موقفاً مسؤولاً، وأن تتخذ إجراءات عاجلة تساهم في إنجاح الحل، فهل يتوقع أي سوري أن ينتج عنها حلا سياسيا، ويلبي آمال السوريين، الذين ينتظرون حلاً سلمياً عاجلاً يضمنُ لهم الأمن والاستقرار ويحقق لهم مستقبلاً ديمقراطياً وحياة كريمة حرة في بلادهم؟!.

وهل سعي أصحاب المبادرة للوصول إلى صفقة سياسية مع النظام، بتشجيع ودعم أمريكي، (لن تؤدي عمليا بأحسن الأحوال سوى إلى الاعتراف بسلطة الإدارة الذاتية، والتشارك في الثروة والسيادة يُعبر حقا عما وصلوا إليه، في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا من إدراك لحجم المسؤولية الواقعة على عاتقهم تجاه الشعب السوري بمكوناته كافة؟!.

أم هي – الوصول إلى صفقة سياسية مع النظام، تضمن لهم المشاركة في السيطرة والثروة، في إطار علاقات مصالح وحماية خاصة مع الخارج – ترتبط فقط بالحرص على مصالح الفريق المسيطر، كما وضمان وجود واستمرار آليات السيطرة التشاركية للقوى الخارجية؟.
6- إن الافتقار إلى السياسة الديمقراطية والاجتماعية وفقدان الاعتراف بخصوصية سائر المكونات السورية وحقوقها هو أساس الأزمة السورية، لذلك ينبغي التوصل إلى حل ديمقراطي، وتطوير القيم والآليات الديمقراطية، وتأسيس نظام إداري سياسي ديمقراطي تعددي لامركزي يحفظ حقوق الجميع دون استثناء.

كلام حق، يُراد به باطل!.

إذا كان نظام دمشق غير ديمقراطي بامتياز، (وليس فقط يفتقر إلى السياسة الديمقراطية!، ونتفهم أسباب كياسة الحوار!)، فهل تتوقعون أن تصلوا في حواركم مع النظام، وفقاً للمبادرة الجديدة إلى حل ديمقراطي، حتى وفقاً لآليات القرار 2254 – بدءاً بهيئة حكم انتقالية مستقلة ومفوضة؟
وهل ستوقفون الحوار، إذا رفض النظام هذه الآلية الديمقراطية للحل السياسي؟.

هل تسعون حقا إلى التوصل إلى حل ديمقراطي على الصعيد السوري العام؟.

إذا كان النظام قد رفض وفقاً لآليات جنيف واللجنة الدستورية، وحوار طويل مع هيئة التفاوض مجرد مناقشة إصلاح دستوري رغم دعم المسار من قبل المجتمع الدولي والولايات المتحدة وروسيا، فما الذي يجعله اليوم في ظروف التطبيع يوافق على حل ديمقراطي؟ حرصه على وحدة الأراضي السورية بالتشارك معكم؟!. هل تضحكون على عقولنا؟.

7- لقد أكدت التجربة عن طريق النظام الديمقراطي المعمول به في مناطق شمال وشرق سوريا، فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الانسجام الاجتماعي الديمقراطي والاستقرار قد تم تحقيقه من خلال مشاركة كافة الأطراف السياسية والثقافية والاجتماعية في الإدارات.

ونحن نؤمن بأن هذا النموذج الاجتماعي الديمقراطي والبيئي المبني على حرية المرأة وحماية البيئة، والمطبق في مناطقنا، كفيل بأن يشكل مرتكزاً ولبنة أساسية للتوصل إلى حل للأزمة في سوريا، وهو يقدم الحلول الناجحة لكل القضايا التي يعاني منها المجتمع السوري.

الحقيقة لا نعرف بالضبط طبيعة النظام الديمقراطي المعمول به في مناطق شمال وشرق سوريا.! تتحدثون عن حصول الانسجام الاجتماعي الديمقراطي الذي تم تحقيقه من خلال مشاركة الأطراف السياسية والثقافية والاجتماعية كافة في الإدارات، وعن النموذج الاجتماعي الديمقراطي والبيئي المبني على حرية المرأة وحماية البيئة.

السؤال الذي يطرح نفسه: هل هو نظام ديمقراطي/اجتماعي، أم هو ديمقراطي سياسي، أم هو نظام ثالث، هجين يخلق انسجاماً اجتماعياً لكنه يفتقد، إلى آليات النظام السياسي الديمقراطي!؟
هل يقوم النظام (المعمول به) على قاعدة دستور وطني/ديمقراطي سوري، وعلى مبدأ الفصل بين السلطات، ويسمح بتداول سلمي للسلطة؟.

هل تخضع في نظامكم المؤسسة العسكرية، التي تمثلها قيادة جيش سوريا الديمقراطية والأجهزة الأمنية التابعة لها، مباشرة لسلطة المؤسسة المدنية، المنتخبة ديمقراطياً التي يمثلها مجلس سوريا الديمقراطية، وأحزابه، أم العكس هو الصحيح؟.

8- نؤكد على أن الثروات والموارد الاقتصادية الحالية يجب أن يتم توزيعها بشكل عادل بين كل المناطق السورية، فالموارد الموجودة في شمال وشرق سوريا مثل (النفط، الغاز، المحاصيل الزراعية) مثلها مثل غيرها من الموارد الموجودة في المناطق الأخرى في سوريا هي ملك لجميع أبناء الشعب السوري، ونحن نؤكد مرةً أخرى على ضرورة مشاركة هذه الموارد من خلال الاتفاق مع الحكومة السورية عبر الحوار والتفاوض.

نفهم في هذه الفقرة حرصكم على تقاسم موارد الثروة الوطنية مع النظام السوري، ولا يغير من طبيعة هدفكم الاعتراف بأن موارد سوريا ملك لجميع أبناء الشعب السوري!.

هل تُنكر دساتير النظام ووسائل إعلامه طبيعة المالك الحقيقي للموارد التي أممتها، قبل أن تُعيد تخصيصها، وباتت.. كالوارث عن أبيه!.

ما الذي يمنع استمرار نفس الحالة!! هل هو الاتفاق مع الحكومة السورية عبر الحوار والتفاوض؟.

9- بهدف تطوير حل ديمقراطي وسلمي في سوريا، نتوجه في المقدمة إلى الدول العربية، والأمم المتحدة وجميع القوى الدولية الفاعلة في الشأن السوري، ونطالبهم جميعاً بأن يؤدوا دوراً إيجابياً وفعالاً يسهم في البحث عن حل مشترك مع الحكومة السورية والإدارة الذاتية والقوى الوطنية الديمقراطية.

إذا استبدلنا عبارة حل ديمقراطي، بعبارة أكثر موضوعية في التوصيف، تسوية سياسية يصبح مفهوما أن يتوجه أصحاب البيان إلى الدول العربية من أجل أداء دور إيجابي وفعالٍ، في تسهيل الوصول إلى صفقة.

هل يُعقل أن يكون هدف المبادرة، الوصول إلى حل ديمقراطي، ويطالبون الدول العربية بأداء دور إيجابي وفعالٍ؟!. لا أعتقد ذلك!.

ما يُبديه أصحاب البيان من وعي لطبيعة ترابط جهود التطبيع العربية مع جهود إعادة تأهيل سلطات الأمر الواقع التي تأتي مبادرة التسوية في سياقها، هو الذي يجعلهم يتمنون على قادة الأنظمة ربط تسارع خطوات تطبيعهم مع النظام بتسهيل إجراءات تأهيل مسد!.

ثالثاً: تساؤل آخر، لا يقل أهمية:

– ما هي فرص وحظوظ مبادرة السلام للإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا؟.

إذ أتفق مع رأي واستنتاج الصديق العزيز أحمد علي أحمد:

بما أن الحل السياسي وفق جنيف وبما يتضمنه من انتقال سياسي قد أصبح مستحيلا في الظرف الراهن وربما في المدى المنظور، وأن طريق العمل الديموقراطي طويل وشاق ويحتاج إلى نفس طويل، وأن عودة الحياة الطبيعية واندماج قوى الأمر الواقع في سلطة واحدة هي الشرط اللازم لبلورة تيار وطني ديموقراطي حقيقي وإسقاط القناع عن أدعياء الديموقراطية من كل صنف ولون؛ قد تكون تسوية سياسية تضمن وحدة البلد وعودة المهجرين وإنهاء حالة الحرب وعودة الدولة كمؤسسات وقانون تشكل الحد الأدنى المقبول في هذه المرحلة، وفقا لمبدأ أن السياسة هي فن الممكن ؛ فإني أعتقد انه ثمة مخاوف حقيقية من أن ما يحدث على مستوى صفقات التسوية السياسية – في السياق والأهداف والقوى – سيؤدي إلى عودة مؤسسات الدولة في سلطة واحدة، وعودة الحياة الطبيعية لجميع السوريين، والحفاظ على الوحدة والسيادة الوطنية، ناهيكم عن توفير شروط البناء أو النضال الديمقراطي، بقدر ما يعزز واقع تشارك السلطة والموارد ومقومات سلطات أمر واقع في شمال وشرق سوريا وغربها، انتظاراً لتوقيت ما، وبما يحمل مخاطر جدية على مقومات الدولة السورية الموحدة!.

أسباب القلق تتجاوز المشاعر والمواقف الأيديولوجية، وترتكز على معرفتنا لطبيعة العلاقات بين النظام السوري وقيادة قسد خلال مراحل الخيار العسكري الطائفي، وفي إطار شبكة العلاقات التي تربطهما مع قوى وشركاء الخيار العسكري الطائفي الأخرى – الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا – في توافقها وتصارعها، ومعرفتنا بطبيعة عوامل السياق العام التي تشكلها مرحلة التسوية السياسية الأمريكية الشاملة، التي تحدد السقف السياسي للمبادرة، وطبيعة نظام الديمقراطية اللامركزية الذي يشكل هوية سوريا الجديدة!.

على أية حال، أعتقد أنه يبقى على السوريين في قادم الأيام والسنين أن يثبتوا – في مواجهة نتائج صيرورة الخيار العسكري الطائفي وتحالف قواه المعادية للديمقراطية وآمال وحقوق الجميع، وفي مقدمتهم الأكراد – أنهم جديرون بملكية الموارد، كما بحقوقهم الديمقراطية والقومية والإنسانية.

علاوة على ذلك، يبقى على الأكراد، ونخبهم الوطنية الديمقراطية، ليس فقط مواجهة نفس تحديات السوريين المرتبطة بمواجهة أعداء التغيير الديمقراطي، بل أيضا منع تحويل حقوق الكرد وآمالهم وأحلامهم إلى ورقة، يستخدمها القاصي والداني للتغطية على مشاريع تتناقض مع مصالحهم المشتركة مع جميع السوريين!.

السلام والعدالة لجميع السوريين.


[1]– ويعرف جميعنا طبيعة المتغيرات النوعية التي طالت الحراك الشعبي الثوري في المرحلة الأولى من الصراع بين 2011-2014، وما حصل من تغيرات نوعية في المرحلة الثانية، بين 2015-2020، في بنية ومرتكزات النظام السوري، باتت تهدد مقومات الدولة السورية الموحدة؛ إضافة إلى ما يحصل بعد 2020، في المرحلة الثالثة من ترتيبات وإجراءات التسوية السياسية الأمريكية الشاملة.

[2]– القوى التي تعارضت مصالحها في ربيع 2011 من إمكانية تحول الحراك السلمي الإصلاحي إلى ثورة ديمقراطية، وقد ضمت خليطا واسعا، من القوى، لم يمنع تصارعها حول أهداف مشاريعها الخاصة من تقاطع جهودها حول تحقيق الهدف الإستراتيجي، وقد شكل أبرزها، سوريا، سلطة النظام، وأذرعها السورية، وأنظمة السعودية والإمارات وقطر وإيران وتركيا والعراق ولبنان، على الصعيد الإقليمي، والولايات المتحدة وروسيا، على الصعيد العالمي؛ وقد شكل هؤلاء جميعا في سياق صيرورة الخيار العسكري الطائفي الميليشياوي قوى الثورة المضادة للتغيير الديمقراطي.

[3]– التي تباينت وتصارعت أدواتها – وفقاً لكل طرف، والمرحلة، وطبيعة العلاقات بين الأطراف، لكنها بالمجمل، أتت على مستويين، ارتبط الأول بأهداف اجندات الدول الإقليمية المتصارعة، والثاني بأهداف مشاريع السيطرة الإقليمية الأمريكية والروسية – لكنها تقاطعت عند هدف استراتيجي مشترك:

دفع الحراك السلمي الإصلاحي على مسارات التطييف والعسكرة من أجل تغيير طبيعته الديمقراطية، وبما يؤدي إلى قطع مسار الانتقال السياسي والتحول الديمقراطي؛ إضافة إلى تفشيل جهود تشكيل ائتلاف سياسي وطني ديمقراطي يقود جهود تحول الحراك السلمي إلى ثورة ديمقراطية، وعبر دفع الصراع السياسي على مسار الخيار العسكري؛ وتجيير ما قد ينتج عن الأدوات والسياق والصيرورة من تفشيل لمقومات الدولة السورية.

[4]– الأولى، بين ربيع 2011 ومنتصف 2012، المواجهات الأمنية وخطوات وجهود التطييف والميلشة والعسكرة، وتفشيل قيام حل سياسي وقيادة سياسية وطنية ديمقراطية معارضة، خاصة من خلال دق إسفين في وحدة الصف الوطني، العربي/الكردي، وما نتج عنها من تغيير في طبيعة الحراك، وتحويل جمهوره الى مجاهدين ؛ والثانية – بين منتصف 2012-2014، عند تدخل جيوش الولايات المتحدة؛ وما نتج عنها من سيطرة ميليشيات قوى الثورة المضادة على كامل مساحة سوريا، وقد شكل أبرز نتائجها الحفاظ على سلطة النظام وشرعيتها، وحصول ميليشيات حماية الشعب على سيطرة واسعة في محافظات الحسكة وحلب؛ المرحلة الثالثة – بين منتصف 2014 وربيع 2020 مرحلة حروب إعادة توزيع الجغرافيا السورية إلى حصص ومناطق نفوذ بين قوى الثورة المضادة الرئيسية، وقد كان أبرز نتائجها تبلور سلطات الأمر الواقع، خاصة سلطات النظام، وقسد والهيئة، ومناطق السيطرة التركية المباشرة، التي فرضها عسكريا الجيش التركي وحلفاؤه السوريين في مواجهة حروب روسيا والولايات المتحدة وإيران لتقاسم الحصص؛ المرحلة الرابعة، والاخيرة، وهي مرحلة التسوية السياسية الأمريكية الراهنة التي تتمحور حول الوصول الى اعتراف متبادل وتهدئة مستدامة بين سلطات الأمر الواقع، تشرعن واقع الحصص، وتسمح بإعادة التأهيل على الصعيد السوري، والتطبيع، إقليمياً وعالمياً.

[5]– في كونها من حيث ظروف التأسيس والتمدد والسيطرة والقيادة والمشروع، ـهم شركاء الخيار العسكري، وقد لعبت أدواراً متناقضة، لصالح أجندات قواه السورية والإقليمية والدولية – الروسية/الأمريكية – وتلقت دعماً متعدد الأشكال، مادي ولوجستي، من قبل الجميع، بما فيهم حكومات أوروبا الديمقراطية، وبات تأهيلها أحد الأهداف السياسية المركزية للتسوية السياسية، وشرط إنجاز أهدافها الأخرى!

[6]https://drive.google.com/file/d/1TTU-lgoUqTS4eT9MJ0-KaReiGVFY3foY/view?usp=drivesdk

إذا أدركنا حرص الإدارة الأمريكية وشركائها على تجاهل مرحلة التسوية السياسية وعواملها الأمريكية، وطبيعة ترابط المستجدات المرتبط بها وأنه، خلالها لذلك، لا يمكن أن تخرج المبادرة عن سياق خطوات وإجراءات التسوية السياسية الأمريكية الشاملة الراهنة، نفهم:

1- على الصعيد السوري، تشكل التسوية السياسية الأمريكية الشاملة المرحلة الثالثة من الخيار الأمني العسكري الطائفي الميليشياوي، (الذي بدأت مرحلته الأولى بين ربيع 2011 وصيف 2014، ومرحلته الثانية – حروب إعادة تقاسم الجغرافيا السورية، بين 2015-2020)، وقد باتت تُحدد عوامل السياق العام لجميع التطورات الجديدة في العلاقات البينية، إقليميا، وعلى صعيد العلاقات بين سلطات الأمر الواقع.

2- إن ما يحدث من خطوات وإجراءات تطبيع على الصعيد الإقليمي، سواء على صعيد العلاقات بين النظم الإقليمية (السعودية وإيران، أو تركيا ومصر والسعودية)، أو بينها وبين النظام، (السعودية والتركية)، لا يخرج عن سياق صيرورة التسوية السياسية الأمريكية الشاملة، سوريا.

وهنا، من المفيد أن نأخذ بعين الاعتبار بضعة ملاحظات:
أ- جوهرياً، تترابط وتتكامل ديمومة واستقرار سلطة الحصة الأمريكية، مع إعادة تأهيل النظام – الضامن لاستمرار السيطرة الإيرانية – وهي أبرز وقائع المشهدين السياسي والعسكري، التي تعمل واشنطن على شرعنتها سوريا وإقليميا، وعلى الصعيد العالمي.

ب- لا تقتصر اهداف مشروع قسد، ووظيفة الإدارة الذاتية على ضمان مصالح الكرد السوريين، أو على توفير شروط حماية حقوقهم، إلا بمقدار ما يرتبط استمرار وجود النظام، وإعادة تأهيله، بالحرص على توفير شروط حماية العلويين أو الأقليات!.

ت- النتيجة النهائية لشبكة علاقات السيطرة على سوريا، تُؤكد موضوعية العلاقات الإقليمية التشاركية بين النظامين الايراني والأمريكي، تماما كما اظهرتها نتائج غزو العراق، وتفشيل لبنان، وتدمير اليمن!

ث- تكامل جهود روسيا والصين وأوروبا مع جهود الولايات المتحدة من أجل توفير شروط التسوية السياسية الأمريكية الشاملة – سواء في إجراءات التطبيع الإقليمي البيني، أو التطبيع الإقليمي مع النظام، أو إجراءات إعادة تأهيل سلطات قسد والنظام – يؤكد على واقع أولوية تحقق المصالح والسياسات الأمريكية، سواء في توافقها أو تعارضها مع أهداف وسياسات المشاريع المنافسة.

ح- أي انسحاب أمريكي قد يحصل في المستقبل لا يعني سوى عدم وجود حاجة لبقاء الولايات المتحدة، طالما وصل شركاء السيطرة على سوريا إلى درجة من الاستقرار، تضمن مصالح العراب؛ وهي السمة الرئيسة لطبيعة الانسحابات التي تمارسها واشنطن من المناطق التي تتدخل فيها بشكل مباشر.

في الماضي، كان الالتزام الأمريكي بالمنطقة يقاس بعدد الجنود على الأرض. هذه هي الطريقة القديمة في التفكير. بدلا من ذلك، يجب أن يقاس التزامنا بقوة شراكاتنا!

(الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية في الشرق الأوسط).

[7]https://www.ssrcaw.org/ar/show.art.asp?t=2&aid=786082

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني