fbpx

بين كرة الثلج وكرة النار

0 93

منذ تسعة أشهر ونيف السوريون في السويداء يهتفون بأعلى وأصدق أصواتهم ويعزفون سيمفونية الحرية بنبض قلوبهم وينسجون بحناجرهم نداء الكرامة، يهتفون ويرفعون شعارات تمثل نبض كل السوريين الأحرار الراغبين بالانعتاق من الاستبداد والفساد الطامحين للعدالة والحرية والمساواة وهم سائرون بثورتهم السلمية نحو القمم، ثابتون على مبادئهم وراسخون بقيمهم مخلصون لشعاراتهم فهذه الأصوات الهادرة من بركان السويداء وصخوره البازلتية الصلبة تحمل قيم أهل الجبل وأخلاقهم ووطنيتهم فهي النسيم العليل المنعش لجذوة الحرية وبنفس الوقت هم حمم البركان الحارقة لأعداء الحق والعدالة.

فإن تعددت الأسماء هل هي انتفاضة؟ هل هي حراك؟ هل هي ثورة؟ بعيدا عن كل العلوم والقوانين والمصطلحات ذات الصلة يحق لنا أن نسمي هذا الحراك ثورة بعد تسعة أشهر لم تتغير ألوانه ولم تتراجع همة المشاركين خطوة إلى الوراء ولم تتزعزع أمام العواصف والرياح العاتية فالتسمية منسجمة مع الأهداف وتعبر عن نفسها في الواقع فهي ترفع شعارات الحرية والكرامة رافضة الاستبداد والفساد داعية للتغيير السلمي لهذه السلطة الغاشمة عبر القرارات الدولية وخصوصا بيان جنيف 1 والقرار 2254.

وقد قال السوريون كلمتهم كما يقول السوريون اليوم في السويداء سلمية سلمية، الشعب السوري واحد واحد، دم السوري على السوري حرام، ندفع أرواحنا للتغيير الوطني الديمقراطي وبناء الدولة السورية الحديثة الدولة الديمقراطية المستندة بدستورها للشرعة الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.

نعم إنها ثورة وتبرز ملامحها واضحة فهي كرة الثلج التي تنتقل وتكبر من منطقة لأخرى تعم كل السوريين على اختلاف جغرافيتهم وكل السوريين على اختلاف إثنياتهم وطوائفهم وأديانهم وقومياتهم.

والآن أمام كرة النار التي تحركها السلطة الحاكمة وأجهزتها الأمنية والعكسرية تتحرك جموع السويداء نعم جموع جبل العرب متكاتفة متضامنة موحدة الهدف والرؤية لتؤكد أن التعرض للسويداء بالسلاح والنار خط أحمر بل خطر محدق.

الشعب السوري يتمنى أن تكون هذه الحشود لإخراج القوى المحتلة وخصوصا على الحدود الجنوبية الغربية من أجل تحرير الجولان.

كل طفل وكل شاب ورجل وكهل وامرأة سيكونون جبهة وطنية تدافع عن الجبل وأهله كما تدافع عن سورية وأهلها وتجارب الماضي تثبت ذلك.

قد تختلف القوى الاجتماعية والأهلية والسياسية والمدنية حول بعض الشعارات الثانوية لكن هذه القوى متوحدة ومتضامنة حول الثوابت الوطنية الأساسية وألا يقترب أحد بسلاحه من فوهة البركان لأنها ستكون محرقته الكبرى.

الدفاع عن أهداف الشعب السوري بوحدة سورية وثوابتها الوطنية مسؤولية الجميع وكل السوريين أينما كانت مواقعهم، لذلك هذه الحشود لا ترهب أحداً ولا تفرق أحداً بل توحد الجميع، لذلك هذه الحشود العسكرية التي تستهدف الجنوب ستكون هي كرة النار التي لن تحرق إلا أصحابها وترتد عليهم كتل النار الملتهبة فالحذر كل الحذر من الجبل وكرة ثلجه التي تبعث الدفء وهي برداً وسلاماً لكل السوريين، كرة سلاحها الكلمة الحرة وقوتها بسلميتها فهي قوة لا تلين ولا تتوقف أمام التهديدات والتخويف والاستعراض أياً كان نوعه، انتبهوا أيها الفاسدون الثوار في ساحة الكرامة الآن ليسوا وحدهم فالتفاف الجماهير الشعبية على اختلاف انتماءاتها بدأت تتحرك لحماية السويداء وأهلها، فهذه المرجعيات الدينية تحركت ومازال صوتها مرتفعا تستنكر وتحذر من هذه الحشود وتحذرها بنفس الوقت، وتكثفت اللقاءات بين المشايخ على اختلاف مواقعهم للتشاور ومجابهة الخطر القادم معبرين عن رفضهم للتصعيد من أي جهة كانت والتأكيد على أن أبناء الجبل دعاة سلام وحرية وكرامة ولكنهم يرفضون الذل والعبودية وأن يتعدى أحد عليهم وهم لا يعتدون على أحد، كما أكدت اللقاءات على لسان عدد من المشايخ فهذا سماحة الشيخ حكمت الهجري يؤكد أن أبطال الجبل وطنيون ومسالمون وهم دائما أهل الدفاع عن الوطن وهم الفرسان الذين يلبون دعوة الوطن ويحققون سلامته وأكدت تصريحات أخرى على أن أبناء الجبل يسيرون على خطى أسلافهم واثقي الخطى رافضين التعدي وأن يعتدي عليهم أحد وقد أكدت جميع الاجتماعات واللقاءات بين الوجهاء والمشايخ والشيوخ والفعاليات الأهلية والمدنية والسياسية على حقيقة واضحة تتجلى برفض الجميع لأي تصعيد ولا مجال للاختلاف بالرأي حول سلامة الجبل وأهله والجميع على استعداد لبذل الغالي والنفيس من أجل سلامة الجبل وأهله ودفاعاً عنه وعن سورية.

انتبهوا أيها الأوغاد الماكرون يمكنكم قتل ثائر لكن لا يمكنكم قتل الثورة فنبض الثورة وقلبها لا يتوقف وينبوعها الصافي لا ينضب، فالثوار مستمرون لا عودة للخلف والثورة مستمرة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ولا ينفع إخمادها بقوة السلاح ولا تجدي نفعاً الأساليب الدنيئة لإرهابها، فالثوار لا ينكسرون لأن أجنحتم تحملها الريح وأرواحهم تتجدد كطير الفينيق وعزيمتهم لن تهدأ وتكل بل الساقطون هم الطغاة والمستبدون، فالشعب الذي اتقد قلبه بنور الحرية وتوهجت روحه بجمر العدالة ومن أجل ذلك رخّص دمه الزكي الطاهر، أهل الجبل مثلهم مثل كل السوريين الأحرار فأينما يوجد الظلم تجدهم مناصرين الحق، أعداء الطغاة والظلم والظلام.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني