fbpx

المسألة الكردية في سوريا.. النشأة ومقترحات للحل

6 5٬512

نعلم جميعاً آلية تَشكّل الدولة السورية الحديثة، فهي ولدت من رحم اتفاقية سايكس بيكو ولم يكن لها جذور تاريخية، حيث لم تكن دولة ظهرت في مرحلة تاريخية ثم غابت لفترة وعادت للظهور، وهي من ضمن الأرض التي تُعرف تاريخياً ببلاد الشام، بعد غياب الدولة الأموية التي حكمت جُزءاً كبيراً من العالم من دمشق.

لم تظهر دولة هامة فيها، بل وبسبب وقوع سوريا في قلب بلاد الشام حيث كانت تلك المنطقة تُمثّل ساحة صراع ممالك وإمبراطوريات كبرى بسبب وقوعها على حواف تلك الدول. 

ونشأت دول ثم زالت في صراع تاريخي إلى أن دخل العثمانيون إلى سوريا بعد معركة مرج دابق مع المماليك ومكوثهم فيها إلى هزيمة الإمبراطورية العثمانية نهاية الحرب العالمية الأولى. 

ومن المعلوم لدينا أنّ الإمبراطورية العثمانية اعتمدت على الرابطة الدينية والدين الإسلامي كأيديولوجيا للحكم والتوسع وبالتالي غاب تماماً البعد القومي وكانت الأممية الإسلامية تحجب أيّ تباينات عرقية واعتمدت الإمبراطورية العثمانية على رجالات في أهمّ المناصب فيها من مختلف الأعراق التي تَتَشكّل منها، وبتلك الحالة لن تظهر أي اختلافات قومية بل ظهرت مشاكل للأقليات الدينية غير الإسلامية أو التي لا تتبع لمذهب أهل السنة والجماعة الذي تَدين بها الخلافة العثمانية وهو ليس موضوع كلامنا في هذا المقام. 

كانت المسألة الشرقية تُؤرّق الغرب، وفي فترة مرض الدولة العثمانية بعهودها المتأخرة بدأ التدخل الغربي فيها تحت دعاوى حماية الأقليات الدينية وليس القومية. والسبب الرئيسي لهذا التدخل محاولة إضعافها تمهيداً لإسقاطها حيث لم يكن مفيداً أبداً للإمبراطوريات الغربية وجود إمبراطورية إسلامية شرقية قوية تتموضع في قلب العالم وتَمرّ منها طرق التجارة العالمية وتقطع طرق الحرير البرية ذهاباً وإياباً ما اضطر الإمبراطوريات الغربية للبحث عن بدائل وتم اكتشاف واعتماد رأس الرجاء الصالح للدوران حول القارة الأفريقية وتأمين طريق تجاري بين الغرب والشرق بعيد عن الإمبراطورية العثمانية. ثم تم حفر قناة السويس بعد زوال السيطرة العثمانية عن مصر وخضوعها لحكم أسرة محمد علي باشا. 

تحالف العرب بقيادة الشريف حسين مع الحلفاء ضد الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وتَمّ خداع العرب والتخلي عن وعود أعطيت لهم بإنشاء مملكة عربية كبرى على الأراضي العربية التي انسحب منها العثمانيون وخسروها بتلك الحرب، ونعلم أنّ ذلك لم يحصل. 

كان في جوهر المشاريع الغربية إقامة دولة يهودية في فلسطين (وذلك لم يكن سراً بل مُعلناً بما عُرِفَ لاحقاً وعد بلفور) وهو على الأجندة البريطانية، وعلى أجندة حليفهم الفرنسي إقامة دولة مارونية في لبنان تتويجاً لتدخلاتهم في بلاد الشام تحت ذريعة حماية الأقليات الدينية، وتَمّ تقسيم أو تقاسم باقي بلاد الشام والرافدين وهي التي تَضُمّ في أغلبيتها العرب السنّة، حيث تَمّ تقسيمها بشكل دول وطنية (حديثة)، وفي تلك المرحلة لم يَلحظ الحلفاء قضية كردية إلا في تركيا (بحدودها الحالية) فقد منحتهم اتفاقية سيفر 1920 حق تقرير المصير كشعب بعد سنة من إقرار الاتفاقية والتقدم بطلب إلى عُصبة الأمم لتأمين الاعتراف الدولي بالمولود الجديد، وبفعل حركة كمال أتاتورك في تركيا تَمّ إلغاء اتفاقية سيفر وتوقيع اتفاقية لوزان 1923 التي مازالت سارية لِحدّ الآن. 

ما ميّز تلك المرحلة أمران رئيسيان:

1- كانت القضية الكردية وِفقاً للحجم السكاني للكرد وتواجدهم بأغلبية ساحقة في بقعة جغرافية واحدة متصلة في الأناضول وليس في سوريا، وبناءً على ذلك تَمّ إعطاءهم حق تقرير المصير، أما سوريا لم يوجد فيها ما يحاكي ولو بشكل أقلّ ما يوجد في الأناضول. 

2- لم يكن للعرب أي دور في إعطاء الوعود الغربية للكرد ثم التخلي عنها لاحقاً لصالح كمال أتاتورك، وكانوا ليس فقط آخر من يعلم بل كانوا هم الضحية الكبرى التي مَزقّت جسدها سكاكين الحلفاء وعدم إعطاءهم ما تَمّ إعطاء الوعود لهم به.

وبالتالي يَتحمّل الغربيون المسؤولية في منع قيام دولة كردية حديثة أسوةً بغيرها من الأمم. ولا علاقة للعرب باي مظلومية كردية عندما حان أوان تقاسم تركة الرجل المريض. 

ولم تعرف سوريا وبلاد الشام عامةً التعصّب القومي إلا بعد ممارسته من جانب السلطة الحاكمة في الإمبراطورية العثمانية، فجمعية تركيا الفتاة وبعدها الاتحاد والترقي وهي مجموعة قومية تركية من الضباط الذين تَمّ إرسالهم إلى ألمانيا للدراسة في المعاهد العسكرية ضمن خُطط لتطوير الجيش العثماني، وتَشبّع بعض من الضباط المرسلين في البعثة بالفكر القومي الذي كان سائداً في القارة الأوربية وعادوا إلى بلادهم وأسسوا تنظيمات سرية ضمن الجيش ما لبثت أن قَويت كثيراً بحيث تَمكّنت من عزل السلطان عبد الحميد واستلام السلطة حيث بدأ التعصب القومي للعنصر التركي ضمن الإمبراطورية وحملات التتريك، وكردّ فعل مباشر ظهر في القوميات الموجودة في الإمبراطورية التعصب القومي فظهرت على سبيل المثال الجمعية العربية الفتاة كمحاكاة للجمعية التركية الفتاة، وفاقمت حادثة إعدام ثُلة من رُوّاد الفكر والنهضة العربية في دمشق وبيروت التي قام بها جمال باشا السفّاح في ظهور التمايز والتنابذ القومي، وكان انحياز أشراف مكة العرب الهاشميون لِصفّ الحلفاء ضِدّ الدولة العثمانية الأثر الأكبر في ذلك التمايز وهو ما ترك آثاره في المجتمعين التركي والعربي لِحدّ الآن. 

نشأت المملكة السورية العربية كأول ثمار الهزيمة العثمانية ولم يظهر أي تمايز قومي كردي – عربي فيها حيث ساهم في عُمر تلك المملكة القصير زمنياً والعميق التأثير التآلف بين مختلف القوميات المتحررة من السيطرة التركية وساهموا جميعاً في بناء تجربة رائدة حديثة. 

وكان وزير الحربية السوري وبطل معركة ميسلون في حكومة الملك فيصل كردياً سورياً، الشهيد يوسف العظمة.

في عهد الانتداب كان النضال ضد المستعمر مُشتركاً بين الكرد والعرب لتحقيق الأماني الوطنية وكان كثير من رواد الفكر العربي والنضال السياسي من الأكراد، وحدث في تلك الفترة وبشكل طوعي أن استعربت كثير من العائلات الكردية التي تسكن المدن الكبرى وأصبحت ضمن النسيج الوطني، وكان جهودهم تصب في النضال الوطني السوري عامةً. 

عندما تَفرّد الفرنسيون في حُكم سوريا وأرادوا تمزيقها لدويلات طائفية ومناطقية لم يلحظوا وجود تَجمّع سكاني كردي كبير بحيث يمنحوه دويلة أسوةً بالعلويين والدروز والحلبيين والدمشقيين، ولم يذكر التاريخ أي مطالب شعبية كردية لإحداث دويلة لهم في سوريا أسوةّ بأشقائهم السوريين. 

ظهور بدايات المشكلة القومية

1- في عام 1957 تَنادت مجموعة من المثقفين والسياسيين الكرد لتأسيس الحزب الديمقراطي الكردستاني لا إدراكهم أنّ هناك تمايزاً للحقوق الكردية القومية والنضال لأجلها بمعزل عن النضال العربي السوري، حيث كان السوريون مُستقطبون في النضال إلى جانب القضية الفلسطينية ومتنافرون ضمن أحزاب وتيارات مُتعدّدة منها قومية عربية (وهي الغالبة) وقومية اجتماعية سورية ودينية إسلامية ويسارية ماركسية، ووجدوا أنّ لهم قضية أولى بالدفاع عنها وهي الحقوق القومية للكرد السوريين.

2- كان واضحاً المَدّ العروبي الناصري الكاسح في الوطن العربي ثم بداية انتشار لأفكار حزب البعث العربي والحزب الاشتراكي العربي (واللذان اندمجا لاحقاً) بحيث دخلت الأيديولوجيا السياسية لتجعل من القومية العربية حركة سياسية وتَخطّت كثيراً البعد الحضاري والثقافي الذي لا تختلف معه القوميات غير العربية. 

وكل حركة قومية هي حركة عنصرية شوفينية إقصائية مهما حاولت إنكار ذلك، وبذلك بدأ الوعي القومي الجمعي الكردي في سوريا يقبل بوجود أحزاب قومية كردية كخط دفاع عن تلك الهجمة أو للحفاظ على الذات. 

3- جرت ممارسات على الأرض لم تكن منطقية ولم تراع أخوّة التراب والوطن، فقامت حكومة الانفصال (المطعون في قوميتها) لإثبات عروبيتها بتغيير اسم الجمهورية السورية وإضافة كلمة العربية لاسم الدولة، والانتقاص من الحقوق الكردية للسوريين وأعني هنا إحصاء عام 1962 الذي حرم عشرات الآلاف من الكرد السوريين من جنسيتهم السورية، وهذه القضية حولها نقاش كبير، والمهم أن الوعي الجمعي الكردي يعتبرها من أهمّ مظلومياته في سوريا. 

4- وصول حزب البعث إلى السلطة إثر انقلاب آذار 1963 بفكره القومي الشوفيني وقيادته اليسارية الطفولية التي أكملها حافظ الأسد بإكمال سياسات التعريب التي بدأت سابقاً والتعسف في فرضها بحيث كان يُطلَق على الإنسان الكردي السوري صفة عامة وهي عربي سوري وأصبحت بديهية في السجلات الرسمية ومكرورة الكتابة وذهبت لاختصار بديهي ع. س حتى هذا الاختصار لم يَعد يُكتب لاحقاً لأنه أمر مفروغ منه. 

كما أنّ التمادي في سياسات التعريب وصل لمدى أخطر، كالحزام العربي في أقصى الشمال الشرقي لسوريا وتغيير أسماء بلدات كردية. 

أعقب ذلك سياسات جائرة بحق الكرد السوريين بمعالجة قضية سد الفرات وما عُرِفَ بقرى الغمر ونزع ملكيات واستبدال سكاني.. الخ. 

بالطبع كانت السلطة الحاكمة غير شرعية شعبياً ودستورياً وهي سلطة انقلابية لم تكن أفعالها تحظى برضى السوريين ولم تكن تستشيرهم بالأصل، ونفس هذه السلطة المستبدة عانى منها السوريون العرب أكثر من الكرد، فهي نفس السلطة التي ارتكبت بحقهم مجازر حلب وحماة وجسر الشغور وقتلت واعتقلت عشرات الآلاف منهم وغَيّبتهم في سجونها، ناهيك بتحوّل حزب البعث لمؤسسة أمنية تَتَجسّس على السوريين وتقمعهم وتُضاف إلى الفروع الأمنية الأخرى المّكلّفة بِعدّ الأنفاس عليهم. 

5- نتيجة احتقانات موروثة وكنتيجة لتأثر سوريا بمآلات الغزو الأمريكي للعراق وظهور نواة دولة كردية في شماله والتعاطف العربي عامةً وشرق سوريا خاصةً مع مقاومة الاحتلال الأمريكي ومصير الرئيس صدام اندلعت أحداث ملعب القامشلي أثناء مباراة رياضية بين فريقي الفتوة والجهاد بدأت في تبادل الشعارات بين الجمهورين أعقبه شغب، أساءت سلطات الأسد القمعية التعامل معها حيث لجأت كعادتها للحل الأمني وتَمّ قتل واعتقال العشرات من الإخوة الكرد، وتلك الحادثة زادت في عُمق الأخاديد المحفورة في الوجدان الكردي. 

6- بعد انطلاق الثورة السورية والتي شارك فيها باكراً الكرد السوريين إلى جانب إخوانهم من العرب الذين فجروها في سهل حوران وكان النظام يخشى كثيراً من إنضمام الكرد السوريين للثورة فحاول رِشوتهم بقرارات مُتعدّدة تَمّ سَلقها تحت نار الشارع الثائر من أهمها إصدار رئيس النظام لقرارات تُعيد الجنسية للمحرومين منها. وعندما لم يُقنع ذلك الشارع الكردي الثائر وبدأت رموزه الثائرة تُصبح رموزاً وطنية كالشهيد مشعل تمو. كان احتياطيه في جبال قنديل وذيولهم من الكرد السوريين هم وغيرهم من العرب الجهاديين خَزّانه الاستراتيجي الموجود في سجن صيدنايا. فأطلق اذرعه للقضاء على الثورة من داخلها عبر تنظيمات الـ PYD والـ PKK، عند الكرد والتطرّف الجهادي للعرب ولم يتأخر محور ولاية الفقيه في إرسال الد و اع ش العراقيين بعد عملية فَكّ الأسوار وتنظيم عمليات هروبهم من السجون. 

وكانت تسمية إحدى جُمع الثورة بجمعة آزادي إضافةً لتسميات الجمعة العظيمة وجمعة الشيخ صالح العلي. وشعارات الشعب السوري واحد قد قضّت مضاجع نظام الأسد بضياع جهود نصف قرن من العمل الحثيث والخبيث والمُمَنهج على إيقاع البغض والعداوة وعدم الثقة بل الخوف من الآخر بين أطياف الشعب السوري وظهروا ككتلة واحدة تريد التخلص من نظام الاستبداد وبناء مستقبل أفضل في وطن يسوده الإخاء والتآلف في جَوّ من الحرية تجعل الشعب يختار نظامه السياسي بكامل إرادته الحرة. 

مقترحات للحل

1- لن يَسمح السوريون بايّ شكل من الأشكال من إستغلال تضحياتهم واستثمار معاناتهم لأحد في غير الهدف التي تَمّ تقديمها لأجله وهو إقامة دولة الحرية والمواطنة. ومن البديهي التكفير الوطني لِكلّ من يَسعى لغير ذلك اقتطاع جزء من الأرض السورية مباشرةً أو على مراحل وفصلها عن الوطن الأمّ تحت أي ذريعة مهما كانت. 

2-المشكلة الكردية في سوريا موجودة ولكنها غير خطيرة وليس من الصعوبة حَلّها. وهي تُحلّ ضمن الأطر السورية وتحت سقف الدولة السورية ومؤسساتها وبدون ربطها بقضايا الأخوة الأكراد في تركيا والعراق وإيران. 

3- يوجد في سوريا شعب واحد ووحيد هو الشعب السوري يتألف من موزاييك طائفي وإثني وقومي بمجموعه تَخرج تلك اللوحة الرائعة السورية. فهذا الشعب عاش ضِمن جغرافيا واحدة لقرن مضى وقد حاولت السلطة الأسدية على وجه الخصوص تفتيته بعد تلغيمه من الداخل ولم تُفلح. ولايَلزم هذا الشعب وتلك الأرض إلا دولة رشيدة تعاقدية تَضمن حقوق وتُطالب بواجبات أفرادها تجاهها وترعى مصالحهم وتعمل على صناعة هوية وطنية للدولة وترعى كل الهويات الفرعية الأهلية وتسمح لها بالتعبير عن نفسها بشكل يُساهم بتقوية الهوية الوطنية الجامعة. 

والبعد الثقافي والحضاري العربي والإسلامي هو جوهري في هذه العملية كونه يتقاطع مع ثقافة غالبية السوريين الساحقة. 

4- العقد الإجتماعي أبو الدستور. والدستور أبو القوانين جميعاً. ويجب كتابة عقد اجتماعي جديد يَتضمّن مبادئ فوق دستورية تُتيح الحماية لجميع الأقليات وضمان مستقبلها في وطنها. ولا يمنح الحماية لأحد إلا القانون الذي يحترمه الجميع وهو فوق الجميع. 

5- لعدم الوقوع في مَطبّات دول الجوار فلا وجود لمحاصصات دينية أو عرقية أو مذهبية. فالتعايش بين المكونات هو مشروع لحرب أهلية قادمة قد تنفجر بأي لحظة. ولا ديمقراطية لمكونات تُنتج نفس ملوك الطوائف ولا ديمقراطية حقيقية إلا في دولة المواطنة. والعمل يجب أن يَتمّ على بناء مجتمع مدني تعاقدي بين أفراده في مقابل دولة مؤسسات مدنية وتنظيم العلاقة بينهما. 

6- الدولة الكردية المُتخيّلة على أرض كوردستان الكبرى مثل الدولة العربية الواحدة من المحيط للخليج أو الخلافة السنية أو الشيعية. هي مشاريع عابرة للحدود ولا تعترف بالسيادة الوطنية للدول ولا بهوياتها الوطنية. والنظام الدولي القائم على قواعد الدولة الوطنية لن يسمح بتجاوز الحدود أو تغييرها. وحتى دولة عظمى كالاتحاد الروسي يُعاقَب ويدفع ثمناً غالياً على تحديه لهذا النظام.

7- للاستفادة من تجارب أكراد العراق وهم يملكون التجربة الأكمل والأنضج. فلم تكن تجربة ناجحة أبداً. وقَدّمت مثالاً سيئاً عن هياكل حكم ديمقراطية صورية يَحكمها إقطاع سياسي عائلي وعشائري (السليمانية وأربيل). فقد بلغ التنافس الكردي – الكردي حَدّ الصراع المسلح في حرب دامت 4 سنوات في تسعينيات القرن الماضي استعانت فيها أربيل بحكومة الرئيس صدام حسين صاحب معركة الأنفال واستعانت السليمانية بنظام الملالي في إيران. وتًمّ إيقافها بضغوط أمريكية ولازال التنافس وعدم الوئام قائماً. مع أنهم أقرب إلى بعض من أكراد سوريا وتركيا وإيران. 

8- الاستفادة من خطأ الرئيس مسعود البارزاني في سوء تقديره للحماية والرعاية الدولية بتنظيمه استفتاء إقليم كردستان العراق في تشرين الأول 2017 وحصول استفناء حق تقرير المصير على موافقة ساحقة من الشعب. إلا أنه عُوقِب محلياً بنزع كركوك منه وعُوقِب دولياً بعدم تأييد أحد لخطوته في تشكيل دولة كردية في شمال العراق. فلا أحد مُستعدّ لدعم هكذا مشاريع. 

9- الفيدرالية الجغرافية هي شكل من أشكال الحكم والإدارة وهي وسيلة لإدارة وحوكمة محلية أفضل وليست أيدلوجيا أو غاية أو هدف يقتضي التضحية من أجله. تُطبّقه بعض الدول ولا ترى فائدة منه دول أخرى. وهو مجال للنقاش العام في سوريا الجديدة ولا مواقف مسبقة منه. 

10- مشروع حزب العمال الكردستاني بفروعه المختلفة ومسمياته المتعددة هو مشروع قومي عابر للحدود تَحكمه أيديولوجيا ماركسية لا تمت للواقع الكردي بصلة ولا صلة له بأي هدف من أهداف الثورة السورية. وهو كداعش السنية أصبح مُخترقاً من كثير من أجهزة استخبارات الدول ويُنفّذ أجنداتها ولم يُقدّم أي خدمة للقضية الكردية وهو سلطة أمر واقع قائم على سرقة النفط السوري وبعض الدعم المؤقت الإقليمي والدولي أاول ضحاياه كان الإنسان الكردي وقواه الحيّة ونُخبه السياسية والفكرية. فهو خارج أي إطار من تَصوّرات الحل المقبل. 

11- مايتم عرضه على السوريين بكل مُكوّناتهم وطناً حقيقياً واقعياً قائماً على الأرض سَيولد من مخاض الثورة. وليس دُولاً مُتخيّلة لكل طائفة او قومية بحيث تكون حِصناً حصيناً لهم. فهذا الوطن السوري الجميل والعتيد من جبلة للبوكمال ومن درعا للقامشلي لايَقبل القسمة ولا يستطيع سكانه العيش بالاستغناء عن بعضهم فالجغرافيا الاقتصادية واحدة. والمصير المشترك واحد.

6 التعليقات
  1. Md khalifa says

    بوركت جهودكم

  2. نزار بعريني says

    كلّ الاحترام والتقدير، دكتور باسل.
    مقال جيد ، يكشف حقيقة أنّ ما يسمى ” قضية كردية ” في سوريا ليست واقعية ، وقد تمّ التحشيد لها سياسيا وميليشياويا بعد ٢٠١١( على غرار التجييش الطائفي) في سياق جهود تقسيم الصف الوطني السوري وقطع صيرورة تحوّل الحراك السلمي إلى ثورة ديمقراطية ، كما باتت في اجندات قوى الخَيار العسكري احد أدوات تحاصص سوريا ، وتفشيل مقومات الدولة الوطنية.

  3. منجد الباشا. says

    لم تكن القضية الكردية ..قضية ذات شان مقلق اومعيق او معقد .بالنسبة للمجتمع السوري وخاصة في مستوى العلاقات المجتمعية المعاشة..حتى الان..
    هذا يؤكد ان مايظهر على السطح من احداث تتعلق بهذه القضية
    .تاخذ طابع الحوار والنقاش حولها
    لم تكن لتوجد الابسبب السلطة التي لم تكن في يوم الا سلطة استبدادية ومحتلة ايضا..
    ولذا..اعتقد ان عدم مناقشة هذه القضية هو الافضل..
    ولنركز اهتماماتنا اولا واخيرا على كيفية نصرة الثورة .وبعدها لكل حادث حديث..

  4. عمر الحبال says

    رغم التسمية القومية للحزب العربي الإشتراكي والاندماج الذي تم مع حزب البعث لم يكن هناك أي أثر شوفيني وتقلد الكثير من ذوي الأصول الكردية مناصب قيادية ودخول أعداد كبيرة منهم أعضاء عاملين فيه من عائلة الكردي والبرازي ممن فعلا استعربوا طوعيا.

  5. عمر الحبال says

    أستاذ باسل المحترم
    موضوع إحصاء ١٩٦٢ أدى إلى وجود ٢١ ألف وكسور شخص كردي لم يتمكنوا من إثبات وجود أصول سورية لهم وليسوا عشرات الآلاف كما ورد في المقال

  6. عمر الحبال says

    رقم ال ٢١ ألف+ هم من تمت تسميتهم بالمكتومين واليوم بلغ تعدادهم قبل الثورة ١٧٠ ألف، هؤلاء أصحاب المشكلة الأكبر التي قام نظام البعث والعسكر على استثمارها والتلاعب بها بدلا من حلها وهذه طبيعة الأنظمة الدكتاتورية التي عانى من كل الشعب السوري كما عانى منها الأكراد فالقمع والتهجير لم يكن مخصوصا بالاكراد فقط

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني