fbpx

هجمات الحوثي وشبيهاتها على القوات الأمريكية.. هدف إيراني غايته استنزافها وبعثرة جهودها

0 100

يبدو السؤال عن هدف إيران من تشغيل ميليشياتها الشيعية في العراق ولبنان واليمن ضد الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط يحتاج إلى إجابة صريحة، هذه الإجابة تجد مرتكزاً لها في تصميم طهران على توسيع رقعة المواجهة مع القواعد والسفن الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، إذ لا يمكن لإيران تمكين نفوذها في السيطرة على الدول العربية في الشرق الأوسط دون تخفيض النفوذ الأمريكي والإسرائيلي في هذه المنطقة.

إن محاولة إيران الاستفادة من الصراع العسكري بين إسرائيل وحركة حماس الإسلامية، تجلّت في امتناعها عن الانخراط المباشر بهذا الصراع لصالح حليفتها، وعملت في الآن ذاته على محاولة استثمار هذا الصراع لقطف ثمارٍ سياسية تخدم سياسة توسيع نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، مستخدمة أذرعها والميليشيات التي تتبعها في خدمة هذا الهدف.

كانت عملية “طوفان الأقصى” التي قامت بها “حركة المقاومة الإسلامية” اختصاراً (حماس) مفتاحاً خدم مشروع إيران، والمتمثل ببناء دولة فارسية قوية مهيمنة على المنطقة العربية، إذ ضعضعت هذه العملية جهود التطبيع العربية مع إسرائيل، والتي شكّلت خطراً استراتيجياً على مشروعها في المنطقة، وهذا يكشف تشغيلها لأذرعها جماعة الحوثي في اليمن، وجماعة حزب الله العراقي، وجماعة حزب الله اللبناني، ضد القواعد والسفن الأمريكية، إذ تتعرض الملاحة التجارية في باب المندب والبحر الأحمر إلى هجمات جماعة الحوثي، تحت حجة وقف عدوان إسرائيل على غزة.

إن تحريك إيران لذراعها في اليمن “الحوثي” واضح وضوح الشمس، إذ إن عرقلة حركة التجارة بين الشرق والغرب عبر البحر الأحمر مروراً بقناة السويس هدفه الضغط على الاقتصاد الغربي وتهديد الوجود الأمريكي في هذه المنطقة.

كذلك، فإن تشغيل إيران لميليشياتها الشيعية في العراق وسورية هدفه بعثرة قدرة القوات الأمريكية على مواجهة عسكرية متعددة في مناطق مختلفة، واضح أن الغاية منها استنزاف القوات الأمريكية، من خلال توسيع رقعة المواجهات، ما يُجبر الأمريكيين على جعل إيران طرفاً أساسياً في أي مفاوضات قادمة لحل الصراعات في هذه المنطقة، منها التفاوض حول برنامجيها النووي والباليستي، وكذلك الصراع في سورية، وعدم تفكيك ميليشيا حزب الله في كل من لبنان والعراق، ومنح جماعة الحوثي دوراً سياسياً في اليمن بعد الحرب، مما يضمن مصالح طهران في كل هذه الدول.

هذه الأهداف الإيرانية تستحق رداً ساحقاً من إدارة بايدن دون الوقوع بمصيدة توسيع رقعة الصراع المسلح في هذه المنطقة، وهذا يتطلب ضربات ماحقة بحقّ أذرع إيران الميليشياوية، واصطياد الرؤوس المتنفذة فيها، على طريقة قتل قاسم سليماني، وسحق أي قاعدة للميليشيات تقوم بمهاجمة القوات الأمريكية أو سفن الأسطول الأمريكي في منطقة مضيق باب المندب والبحر الأحمر.

إن إدارة بايدن معنية بالقيام بضربات عسكرية تمنع أذرع إيران من القيام بأي محاولات أخرى الهدف منها إجبارها على الخروج من المنطقة، وهذا يستدعي القيام بضربات عسكرية موجعة لهذه الأذرع ولسياسة إيران.

إن عدم قيام “إدارة بايدن الديمقراطية” بمثل هذه العمليات، سيعطي لإيران دون قصدٍ أمريكي مساحة لزيادة هجماتها على القوات الأمريكية، وسيمنحها قدرة على شلً الملاحة الدولية عبر باب المندب والبحر الأحمر مما سيزيد من كلف البضائع عبر هذا الممر المائي الدولي الهام، وبالتالي سيخلق ضغوطات على التجارة الغربية عموماً.

إن القبول الأمريكي بتوسيع رقعة المواجهة العسكرية مع إيران وأذرعها هو شكل من أشكال الوقوع بالشرك الإيراني، “توسيع رقعة الصراع مع أمريكا والغرب”، وهذا يعني تراجع الضغط على إيران بما يخصّ برنامجيها النووي والباليستي، إذا أن توسيع رقعة المواجهات سيؤدي إلى بعثرة جهود القوات العسكرية للغرب في هذه المناطق، مما قد يفتح الباب بانخراط المنطقة بحروب لا أحد يعرف متى وأين تنتهي.

إن إدارة بايدن معنية بتحديد أهداف الأذرع الإيرانية التي يجب ضربها بقسوة شديدة، فلا شيء يجعل إيران تقبل بمراجعة سياساتها الحالية سوى استخدام لغة القوة العسكرية الساحقة. لهذا يجب وضع بنك أهداف مطلوبة للقصف، يؤلم قصفها وتدميرها إيران، دون أن تتجرأ على القيام بضربات جديدة ضد القوات والسفن الأمريكية والغربية.

إن إدارة بايدن معنية بعدم السماح لإيران بالقيام بتوسيع رقعة المواجهات العسكرية، فإذا ما غفلت الإدارة الأمريكية عن ذلك، فهي ستدفع المنطقة إلى مربع صراعات كبيرة وكثيرة، وهذا لا يخدم سياسة الولايات المتحدة الاستراتيجية في مواجهة مستحقات مواجهتها للتنين الصيني أو التحالف الصيني مع روسيا ودولٍ آسيوية تبحث عن خنق الوجود والمصالح الحيوية للولايات المتحدة في العالم.

إدارة بايدن معنية بتمزيق نفوذ الميليشيات الإيرانية في مناطق نفوذها الحالية في اليمن والعراق ولبنان وسورية، وهذا يعني دعم القوى المعادية لهذا النفوذ في هذا البلدان، فهذه القوى هي الأقدر عن تمزيق الوجود الإيراني في مناطقها، فهم أصحاب الأرض والثروات، وبالتالي فإن الجهد الأمريكي والغربي بهذا الاتجاه سيكون أقل كلفة مادية وعسكرية من المواجهات العسكرية الواسعة مع إيران وأذرعها.

إن زيادة العقوبات الاقتصادية الموجعة على إيران وحلفها، سيساهم في تفكيك قدرتها على إبقاء نسغ مساعداتها وتمويلها للميليشيات التابعة لها في هذه البلدان.

بقي أن نقول، إن إدارة بايدن لا يسعها التردد في القيام بضربات ساحقة لأذرع إيران ودون تأخير، فالتردد لا يخدم مصالح أعظم دولة في العالم، بل يعرّضها لمزيد من الابتزاز والخسائر اللاحقة، مما يجعل مجال مصالح الحيوية في حالة انكماش وتراجع، وبالتالي قد يؤدي إلى فقدانها لقدرتها باعتبارها الدولة الأكثر قوة على كل الصعد عالمياً.

فهل ستذهب إدارة بايدن الديمقراطية إلى خيار الرد العسكري السريع القاصم على أذرع إيران في منطقة الشرق الأوسط، أم أنها ستزيد من تبعات مواجهة إيران لاحقاً؟

ننتظر لنعرف كيف يتصرّف السيد جو بايدن.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني