fbpx

مناطق نفوذ مستقرة في سورية أم استمرار اللا حرب واللا سلم

0 177

تحقيق صحفي

أسامة آغي

رياض الخطيب

هناك من يعمل على وقف إطلاق نار شامل في سورية، يتبعه استقرار مناطقي، ريثما يصير بالإمكان التوصل لحل سياسي بموجب القرار 2254.

هل تجدون أن هذا الإجراء هو أفضل من حالة اللا حرب واللا سلم السائدة في سورية؟ وهل تعتقدون أن هذه الحالة تعيد لكل منطقة من مناطق سورية استقرارها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، حسب حكومات الأمر الواقع (حكومة الإنقاذ، الحكومة المؤقتة، الإدارة الذاتية، حكومة ميليشيا الأسد)؟.

وهل هناك سيكون سباق بين هذه المناطق على مستوى الحياة بكلّ أنساقها، لتثبت كل منطقة أنها الأفضل؟.

ماذا تقترحون على الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة من خطوات بهذا الاتجاه؟.

بين ثوابت الحل والخطوات التدريجية

المحامي عبد الناصر حوشان كاتب وناشط حقوقي أجاب على سؤال نينار برس قائلاً:

“بداية، يجب أن نميّز ما بين الحلول الدائمة وبين الخطوات التدريجية أو مقدمات الحلول، فالحلول الدائمة تقوم على أسس واضحة وثابتة وقويّة، وهي ما يمكن تسميته ثوابت الحل، والتي تضمن بطبيعتها نجاح المساعي والجهود الدولية، وتضمن إمكانية تنفيذ خطّة الحل، وتضمن استمرارية الحل”.

ويضيف المحامي حوشان: “بينما الخطوات التدريجية هي مجرد مقدمات للوصول إلى إلى المستوى النهائي من الثابت، التي يمكن البناء عليها في عملية الحل المستدام”.

بداية يجب أن نميّز ما بين الحلول الدائمة وبين الخطوات التدريجيّة أو مقدّمات الحلول، فالحلول الدائمة تقوم على أسس واضحة وثابتة وقويّة، وهي ما يمكن تسميته ثوابت الحل، والتي تضمن بطبيعتها نجاح المساعي والجهود الدولية، وتضمن إمكانية تنفيذ خطّة الحل، وتضمن استمراريّة الحلّ، بينما الخطوات التدريجيّة هي مجرّد مقدمات للوصول إلى المستوى النهائي من الثوابت التي يمكن البناء عليها في عمليّة الحلّ المستدام.

ويوضح المحامي حوشان فكرته فيقول: “إنّ ثوابت الحلّ في سوريّة على الصعيد الوطني هي: وقف إطلاق النار الشامل، وإطلاق سراح المعتقلين، وكشف مصير المفقودين، وعودة اللاجئين والمهجّرين قسريّاً، وسحب قوات الجيش من القرى والمدن وعودتها إلى ثكناتها، والعدالة الانتقاليّة، وانتقال السلطة لهيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيّة”.

مضيفاً: “أمّا الثوابت على المستوى الدوليّ يجب على المجتمع الدولي هي: فرض وقف إطلاق النار بموجب قرار ملزم من مجلس الأمن الدوليّ، كما يوجب عليه تأمين إطلاق سراح المعتقلين دون قيد أو شرط والكشف عن مصير المفقودين، وتوفير البيئة الآمنة المستقرّة لعودة المهجّرين قسريّاً، ونشر قوات دوليّة تضمن الحماية الدوليّة للشعب، وتحول دون عودة النظام وحلفائه للبطش به، كما يوجب عليه إصدار قرار من مجلس الأمن ملزم للدول الأجنبية بالخروج من الأراضي السوريّة مع مرتزقتها وميليشياتها الطائفية”.

ويعتقد المحامي حوشان: “إن تحقيق هذه الشروط الأساسية بشكل متوازي قد يُشكِّل بارقة أمل في نجاح أي حل سياسي في سورية، أو في تطبيق القرارات الدوليّة ذات الصلة والتي لا تتمتّع بأي صيغة إلزامية كونها صدرت تحت الفصل السادس، وكون الأمم المتحدة تقوم بدور الرعاية وليس بدور الحماية”.

مستخلصاً: “أنه لا يمكن قبول أيّة صيغة للحلّ في سوريّة ما لم تأتِ في سياق واجب الأمم المتحدة في حماية السلم والأمن الدوليين، وحماية حق الشعب السوري في تقرير مصيره وتمكينه من اختيار نظام الحكم أو اختيار من يحكمه أو يمثِّله في البرلمان أو في الإدارة المحليّة، بكل حريّة، ودون أي تدخّل أجنبي يؤثِّر على إرادته”.

متابعاً كلامه: وأن كل حلّ يأتي في سياق إدارة الصراع وليس في سياق إنهائه عبر معالجة جذوره الحقيّقية، ووفقاً لجدول زمني محدّد ومنضبط وقصير هو سبب في إطالة أمد الصراع وزيادة مآسي السوريين، ويفتح الباب لمزيد من العنف والأزمات الدوليّة”.

معتقداً: أن الحل بسيط وغير مكلف للمجتمع الدولي وهو في رحيل هذا النظام المجرم من حياة السوريين، فلا هو قادر على التعايش مع السوريين، ولا السوريون يقبلون وجوده مهما كانت التضحيات.

الاستقرار الأمني يدوّر عجلة التنمية

يعتقد أسامة أبو زيد وهو الناطق باسم الجيش الحرّ سابقاً أن: “وجود وقف إطلاق نار شامل حقيقي، من شأنه أن يساعد الناس في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وأن يفرز حالة من التنمية الاقتصادية، والاستقرار الاجتماعي، الذي يؤسس للعمل السياسي والحالة السياسية في الطريق الصحيح”.

مضيفاً: “ولكن تجاربنا السابقة لا تبشّر بأن النظام بشكل رئيسي بعد الثورة وقبلها، يلتزم بعهود أو مواثيق، كذلك حلفاؤه يستخدمون وقف إطلاق النار لوقفها في مكان، والتقدم في مكان آخر”. ويعتقد أبو زيد إن “إرادة المجتمع الدولي في إلزام النظام وحلفائه بوقف إطلاق النار مشكوك بها. خصوصاً بعد تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، الذي أثبت أن النظام استخدم الأسلحة الكيميائية في هجماته بعد صدور القرار 2118، الذي صدر حول الأسلحة الكيميائية واستخدامها في سوريا وفق الفصل السابع”.

ويرى أبو زيد: “لكن في حال تحقق وقف إطلاق النار، فهو أمر جيد، لأن المعارضة منذ 2016، وبعد حصار حلب، ووقف الدعم الخاص بالمعارضة وفصائل الجيش الحر، لا تملك الإمكانيات لمواجهة النظام وإيران وروسيا بإمكانياتها العسكرية الحالية”.

مضيفاً: “وأعتقد أن المعارضة هي الأكثر استفادة خصوصاً في المناطق المستثناة من عقوبات قانون قيصر، وهي مناطق درع الفرات، ومناطق سيطرة قسد، فعندما يتحقق الاستقرار الأمني، ودوران لعجلة التنمية وازدهار الحالة الاقتصادية، يصبح المجتمع متمكناً أكثر وقادراً على ممارسة الحياة السياسية، ما يمكنه من لعب دور في المعادلة السياسية بشكل فعّال أكثر من الوقت الحالي، ويستطيع أن يأخذ موقعه كسلطة رقابية على هيئات المعارضة الرسمية، الائتلاف وغيره”. وحول تقديم توصيات للائتلاف يقول أسامة أبو زيد: “لدي موقف متشدد تجاه الائتلاف ولست قادراً على تقديم توصيات”.

على الائتلاف إعادة هيكلة نفسه

في إجابته على سؤال نينار برس، يقول السيد زكريا فحّام وهو ناشط سياسي: “وقف إطلاق النار الشامل في سورية، والتوصل إلى استقرار مناطقي، بالتأكيد يمثل خطوة إيجابية بالمقارنة مع الوضع الحالي، لكن الاستقرار في مناطق سيطرة النظام، الذي يؤدي إلى تقويته بدعم من روسيا، باعتبار أن أي دولار من أموال إعادة الإعمار يصل إلى نظام الأسد هو عرضة للفساد، وسوف يثري المقرّبين منه، ويعزز شرعيته، ويسهم في ترسيخ رؤيته المظلمة بسوريا “أكثر تجانساً”، بالنتيجة سيكون الاستقرار لصالح من سيتم دعمه وتقويته”. 

ويضيف فحّام: “ما يخص توقف الحرب، يمكن أن يساهم ذلك في إعادة بناء البنية التحتية، وتحسين الظروف المعيشية للسوريين في مناطق سيطرة المعارضة، الذين عانوا بسبب بطش بشار الأسد”.

أما ما يخصّ تقديم توصيات للائتلاف يقول الفحّام: “بالنسبة للائتلاف الوطني، عدة خطوات مهمة يحب عليه القيام بها:

– إعادة هيكلة نفسه لاستعادة الثقة الشعبية بقدرته على التمثيل الخارجي، وطرح مبادرات كجهة تمثل المعارضة مناضلاً للوصول إلى تنفيذ القرار 2254.

– تشكيل هيئة عليا لتقوم بالبدء بتشكيل برلمان محلي يمثل الداخل السوري، وينظّم عمل المنطقة قانونياً وتشريعياً، الذي بدوره سيحوّل الخلافات ضمن الكتل والفصائل، التي عادة ما تتطور إلى اقتتال عسكري، لتغدو تنافساً سياسياً، فتتفعّل على إثر ذلك الكتل والأحزاب، وتنشط الحياة السياسية محلياً، وتنشط الحوارات الوطنية بين مختلف الجماعات”.

ويرى فحّام: ضرورة أن يتمّ ” العمل مع الجهات الدولية والإقليمية، لدعم جهود إعادة الإعمار، وتحسين الظروف المعيشية للسوريين، مما يدعم قرار عودة اللاجئين السوريين إلى مناطق سيطرة المعارضة”.

مشروع الثورة مشروع لكلّ سورية

يرى السيد هشام اسكيف وهو ناطق صحفي باسم الفيلق الثالث في إجابته عن سؤال صحيفة نينار برس: “من حيث المبدأ وقف إطلاق النار على المستوى الوطني أمرٌ جيد، وحريصون على أن يكون هذا بقرار فعلي، وألا يكون هشّاً ومهدداً للاستقرار بشكل يومي، من قبل قوةٍ غاشمةٍ كالنظام السوري”.

ويضيف اسكيف: “فإذا حصل ذلك الوقف لإطلاق النار فهذا أمرٌ جيد. مضيفاً:

“قد نكون في خطة تجميد الصراع، على خطة المبعوث الدولي ديمستورا الأولى، وأعتقد أن الزمن تخطّى ذلك، أما من ناحية المناطق التي تم ذكرها، نحن كقوى ثورة أردنا ان ندير المناطق المحررة ولا تحكمها، لذلك وبناء عليه تمّت تسميتها (الحكومة المؤقتة)، حرصاً على عدم الدخول في بوابة قد تؤدي إلى تقسيم سورية بشكل رسمي (هي الآن مقسّمة بفعل سيطرة قوى ذات نفوذ).

ويرى سكيف أن: “مشروع الثورة هو مشروع سورية الموحدة لكل شعبها وبكل أطيافها، التي انطلقت من خلالها مؤسسات الثورة الرسمية، واعتمدت عليها في مقرراتها وقوانينها الناظمة”.

 معتقداً أن: “مشروعاً يحقق الحريات العامة، والانضباط بعيداً عن النموذج الأمني المعتمد في نماذج، شاهدنا كيفية تعاطيها مع الشأن العام في ممارستها، وإن ترسيخ هذه النماذج هو ترسيخ لمقولة الأسد: إما هو أو التقسيم، إما هو أو الإرهاب، إما هو أو الخراب”.

نحن نقول: لن نستعبد أحداً من أي مجالٍ، ولكننا، لا يمكن أن نكون في مقارنةٍ مع ما يسمّى (روج آفا) ولا مع الكيان السني”.

ويتابع سكيف حديثه في إجابته على سؤال نينار برس فيقول: “أرى إن الائتلاف مطالبٌ الآن أكثر من أي وقت مضى بإعلان مشروع الثورة وطرحه على المناطق الخارجة عن سيطرة الأسد الباقية، وإيجاد مشتركاتٍ، والبحث عن حلول واقعية منطقية قابلة للتنفيذ، ورافضة لكل العوائق التي تعترض أن يكون للثورة رؤية واحدة للمستقبل، لا يهم من يكون على تنفيذ هذه الرؤية، ولكن أن تكون هذه المناطق تنطلق من رؤية واحدة لسورية، وحسم ذلك أمام العالم، وبذلك نعتقد أنها أفضل من إشعال المنافسة بين مناطق نفوذ، ستكون فيها سورية الواحدة خاسرةٍ، وسيكون النظام فاز علينا بمقولة إما أنا أو التقسيم”.

فرض السلام ثم دمج مناطق السيطرة

يرى الإعلامي عقيل حسين: “إن التحدي الذي يواجه هذا المشروع هو في جاهزية سلطات الأمر الواقع للاستفادة منه، حيث سيكون لدينا حسب المشروع إنهاءً تاماً لفكرة الحل العسكري، أي فرض السلام، والعمل ببطء من أجل إعادة دمج مناطق السيطرة على مدى خمس سنوات، يكون فيه الجميع جاهزاً لانتخابات وحكومة واحدة؟.

ويضيف السيد حسين: “التحدي الذي أتحدث عنه يكمن في كيفية استثمار السلطات التي تسيطر على هذه المناطق للمساعدات التي ستقدم لها، والمطالب التي سيكون عليها تلبيتها، والظروف الأمنية التي يتوجب تحقيقها، وفي ظل الهشاشة التي يعاني منها الجميع فإن أحداً لا يمكنه التعويل على استفادة الشعب السوري من ذلك بالشكل المأمول”.

بالنسبة للائتلاف يرى الإعلامي عقيل حسين: “أنه الحلقة الأضعف حالياً بين جميع الأطراف، وبالمقارنة مع قسد وهيئة تحرير الشام والنظام، فهو لا يمتلك سلطة فاعلية تجعله شريكاً جذّاباً، ولذلك فعليه باختصار شديد أن يفرض نفسه كمرجعية سياسية حقيقية، وتفرض الحكومة المؤقتة نفسها كسلطة كاملة الصلاحيات في مناطق سيطرة الجيش الوطني، وأن ينتقل الطرفان بشكل كامل للداخل ويعيدان هيكلة نفسيهما بشكل حقيقي وجدّي، وإلا سيتم البحث عن بديل فاعل ويمتلك الشرعية الكافية ليكون شريكاً في هذا المشروع وقادراً على فرض شروطه في مرحلة الحل النهائي”.

تنسيق بين المناطق غير الخاضعة للأسد

السيد معتز ناصر وهو مدون وناشط سياسي يقول: “هناك اليوم أربع مناطق نفوذ مختلفة في سورية، تحكمها أربع جهات مختلفة، هي المعارضة، وحكومة الإنقاذ، والإدارة الذاتية، ونظام أسد”.

ويضيف ناصر: “ثلاث منها يجمعها قاسم مشترك مهم، ألا وهو أنها متمايزة ومنفصلة عن حكومة أسد (النظام المركزي القمعي)، التي تتحكم بأهم المدن الرئيسية في سورية، مع الساحل البحري، مع المطارات، والمنافذ الحدودية”.

وبرأيه: “لا تستطيع كل واحدة من هذه الحكومات الثلاث أن تقوم بمفردها، لأسباب جغرافية، واقتصادية، ومجتمعية، وسياسية، وحوكمية، لذلك لا بدً لكل واحدة منها من أن يكون لها حيزُ تفاهمٍ وتنسيقٍ بين الحكومتين الأخريين، بحيث يتم تكوين محصلة عامة من الحوكمة الإدارية، والبيئة الجغرافية، والتكامل الاقتصادي، والتنسيق السياسي يمكنها مجتمعة من إيجاد مظلة سورية حوكمية، تكون موازية لحكومة أسد الطائفي، وأشد جذباً منها لعموم السوريين، ومقنعة كبديل واقعي للدول.

ويعتقد السيد معتز ناصر أنه: “يلزم ذلك اتخاذ قرار جريء وحر من الائتلاف بالانفصال عن إملاءات الدول المتدخلة، وتغليب المصلحة العامة للثورة، وذلك عبر تفعيل حكومته المؤقتة بعد تحييد الشخصيات الضعيفة الفاشلة عنها، ووضع المجالس المحلية تحت سلطتها، بعد إعادة حوكمتها، وانتخاب أعضائها من الشعب، مع العمل على خلق توصيف سياسي وقانوني للمحرر، وإلزام الحليف التركي بعلاقة سليمة وبناءة تضبطها محددات قانونية، وسياسية واضحة، تضمن حقوق واعتبارات الطرفين الحليفين”.

وبرأيه: “إن الحكومة المتولدة عن الائتلاف هي الأشد ضعفاً، وانفصالاً عن حاضنتها المفترضة من بين الحكومات الأربع، والأقل وزناً من الناحية السياسية، وبقائها في هذا الشكل سيغري باقي الأطراف لسلبها آخر قطعة أرض تقف عليها”.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني