fbpx

أين جهود المجتمع المدني في دعم النساء ذوات الاحتياجات الخاصة

0 184

تبدو جهود منظمات المجتمع المدني السورية المرخصة في تركيا حيال “ذوي الاحتياجات الخاصة” غير كافية، ولا يمكن القول إنها تشمل جميعهم، وتحديداً ما يتعلق منها بالنسبة للنساء منهم.  فهذه الجهود، لا تكفي لتغطية كلّ ما يتعلق منها بتمكين، وتدريب، وتأهيل ذوات الإعاقة، ومساعدتهن على الاندماج في بيئتهن في بلد اللجوء.

إن محاولتنا إضاءة مشهد واقع “ذوات الاحتياجات الخاصة” السوريات في بلد اللجوء تركيا ربما يساعد على الوصول إليهنّ، وتقديم الخدمات لهنّ، بما يضيّق من معاناتهنّ ومعاناة أسرهنّ.

وقبل البحث في واقع “ذوات الاحتياجات الخاصة” ينبغي تحديدهن عبر مصطلحات متفق عليها دولياً، فالقول بمصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة (People with special needs) هو قولٌ يشير إلى ذوي الإعاقة السلوكية، أو الجسدية، أو العاطفية، أو غيرها من الإعاقات، وهذا يجعل هذه الفئة بحاجة إلى خدمات متخصصة مثل التعليم والترفيه.

كذلك يشمل هذا المصطلح كل الذين يعانون من عاهات طويلة الأجل، مثل العاهات البدنية، أو العاهات العقلية، أو الذهنية، الخ. وتكون هذه العاهات حاجزاً بينهم وبين مشاركتهم على قدم المساواة مع أقرانهم من غير المصابين بالعاهات.

وقد اعتمدت الأمم المتحدة اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بتاريخ الرابع عشر من شهر تموز/ يوليو عام 2021.

وقد جاء في المادة الرابعة من الاتفاقية المشار إليها: “تتعهد الدول الأطراف بكفالة وتعزيز إعمال كافة حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالاً تاماً لجميع الأشخاص ذوي الإعاقة دون أي تمييز من أي نوع على أساس الإعاقة وتحقيقاً لهذه الغاية”.

غياب الإحصاء والدراسات

لا يمكن لأي مشروع إنساني على المستوى الوطني أن يحقق كل أهدافه التي يعمل من أجلها بدون وجود إحصاءات دقيقة ووجود دراسات ممنهجة علمياً، تساعد على معرفة عدد ذوي وذوات الاحتياجات الخاصة. وهذا الأمر يتطلب تعاوناً ثلاثياً أوله البيئة الأسرية، وثانيها الجهات الحكومية المختصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وثالثها منظمات المجتمع المدني العاملة في هذا المشروع.

إن جهود منظمات المجتمع المدني السورية العاملة في تركيا هي جهودٌ محدودة القدرات والتمويل، وبالتالي لا يمكنها مجتمعة أن تغطي كل ذوي وذوات الاحتياجات الخاصة، وبالتالي تغطّي حاجاتهم/ن.

وباعتبار أن السوريين اللاجئين في تركيا لم يكن لديهم تجربة ذات شأن بحالة ذوي الاحتياجات الخاصة، بقي الأمر دون المستوى المطلوب، وهو خدمة هؤلاء بكل فئاتهم وأعدادهم. إن غياب الإحصاءات والدراسات الميدانية الحقيقية يلعب دوراً سلبياً في عدم الوصول إلى كل ذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا يتطلب وجود مشروع وطني بهذا الخصوص، وهو أمرٌ لا يمكن تحقيقه في ظلّ حالة اللجوء ببلدٍ له قوانينه الخاصة بهذا الشأن. كذلك يجب أن يكون هناك تعاونٌ بين منظمات سورية تعمل في هذا المجال موجودة في تركيا، لكي تستطيع تغطية حاجات غالبية هؤلاء الأشخاص.

لتسليط الضوء على جهود المجتمع المدني، طرحنا سؤالين على منظمتين تهتمان بهذا الشأن، المنظمتان هما (منظمة سند)، ومقرها في ولاية غازي عنتاب، ونشاطها يشمل عدة ولايات في تركيا يتواجد فيها السوريون، والمنظمة الثانية هي (نساء الغد)، ومقرها في ولاية شانلي أورفا.

كذلك سألنا بعض ذوي الاحتياجات الخاصة.

  • تهتم منظمتكم بتقديم خدمات لذوي/ات الاحتياجات الخاصة. ما نوع وطبيعة هذه الخدمات؟
  • هناك ذوو احتياجات خاصة من اللاجئين/ات السوريين في تركيا. هل هناك إحصاء تقريبي لهم؟ وهل تغطي منظمتكم حاجات كلهم؟

منظمة سند

يقول السيد وائل أبو كويت مدير منظمة “سند”:

منظمة سند تشتغل على ثلاثة أهدافٍ استراتيجية رئيسية، وتركز بخدماتها على الأشخاص من ذوي الإعاقة وأسرهم بصورة خاصة، لأن للأسرة دوراً كبيراً في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة، ومساعدتهم حتى يندمجوا بالمجتمع، فبدون دور كبير للأسرة فإن الأنشطة ستكون قصيرة، والاستفادة تكون بحدود 50%.

ويشرح أبو كويت الهدف الثاني بقوله: الجناح الثاني هو المجتمع بشكلٍ عام، فله دور أساسي في دعم قضايا ذوي الإعاقة، وفي توفير البيئة المناسبة والبيئة الصديقة، حتى يستطيع هؤلاء الأشخاص الاندماج في المجتمع.

الهدف الثالث يتعلق بما يُطلق عليه “المناصرة”. أي أن ذوي الإعاقة هم أصحاب قضية كانت مهمشة قبل الثورة، ونستطيع القول إن أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة زاد عددهم بعد الثورة، وصار الاحتياج أكبر، وصارت القضايا ذات أهمية أكثر.

يوضح أبو كويت: “الأنشطة التي نشتغلها هي أنشطة متعددة القطاعات، لأن ذوي الإعاقة يحتاجون الخدمة أن تكون متكاملة، فلا يمكن أن تعطي خدمة تعليم دون أن تعطي خدمة تمكين. ولا خدمة تمكين دون خدمة حماية وتأهيل مهني. وهذا يعني أن الخدمات يجب أن تكون خدمات على مستوى القطاعات وليس على مستوى قطاع واحد.

أما حول أي فئات من ذوي الإعاقة يشملهن نشاط منظمة “سند”؟ فالمنظمة تشتغل مع جميع فئات الإغاثة وبمستويات مختلفة، فهناك إعاقات متوسطة وخفيفة وهناك إعاقات شديدة مثل “التوحد” و”متلازمة داون”، التي تحتاج علاجاً طويلاً وتدخلاً حكومياً، ونحن على مستوى الإعاقة لا نشتغلها، إنما نشتغل نشاطات خفيفة (المشاريع القصيرة). أما الخدمات التي تقدمها منظمتنا “سند” فتتمثل بخدمات الحماية والتعليم والتعافي المبكر الاقتصادي وخدمات توزيع أجهزة مساعدة وخدمات لها علاقة بتوفير بيئة صديقة بيئة تحتية مساعدة لذوي الإعاقة، فالمناصرة شغالة، وتشتغل على تأمين مأوى كريم لهم يتناسب مع إعاقاتهم.

وحول الدراسات والإحصاءات الخاصة بذوي الإعاقة يقول “أبو كويت”: فهي تقتصر على الحالات الاستطلاعية، لأنه لا يمكن الوصول إلى جميع ذوي الإعاقة، كذلك فمنظمة واحدة لا يمكنها تغطية وضع ذوي الإعاقة من اللاجئين السوريين في تركيا.

منظمة نساء الغد

تقول السيدة هناء زرزور من منظمة “نساء الغد”:

“أعمال منظمة نساء الغد تشمل المرأة والطفل (تمكين المرأة على أكثر من ناحية) مثل تمكينها اجتماعياً وسياسياً واقتصاديا ونفسياً). وكان لمنظمتنا لقاءات عمل مع عدّة منظمات مثل الهلال الأحمر التركي، ومنظمة أطباء بلا حدود، والمنظمة الدانماركية”.

 وتضيف السيدة هناء: عملت منظمتنا مع ذوات الاحتياجات الخاصة عن طريق أخذ إحالات المرض منهن والعمل بذلك مع منظمة الهلال الأحمر التركي، الذي قدّم مساعدات طبية مثل (الكراسي المتحركة) للمصابين بالعجز في المشي، كذلك استطاعت منظمتنا تأمين إجراء عمليات جراحية لذوات الإعاقة، وتركيب أطراف صناعية، وتأمين سمّاعات طبية للصمّ.

امرأة من ذوات الاحتياجات الخاصة

تقول السيدة نهلة العدواني المنحدرة من محافظة دير الزور في سورية، والمقيمة في ولاية شانلي أورفا، وهي من ذوات الاحتياجات الخاصة بعدم القدرة على المشي الطبيعي نتيجة مرض الشلل، إضافة لذلك هي مريضة قلب أيضاً:

“حتى اللحظة لم ترد أي منظمة تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة على رسائلي لها، فقد طالبت عدداً من المنظمات العاملة في شانلي أورفا بمساعدتي للحصول على كرسي متحرك، كي أستطيع استخدامه في التنقل والحركة، ولكن أحداً لم يساعدني بالحصول عليه. وأنا امرأة بدون معيل باستثناء مساعدات الهلال الأحمر التركي”.

 ويبدو أن هذه المنظمات مثل (منظمة نساء الغد) لا تحصل على دعم لمشاريعها المتعلقة بذوات الاحتياجات الخاصة، مما يمنعها من الوصول إليهن، وبالتالي هي تقوم بعمليات تشبيك محدودة بين ذوات الاحتياجات والمنظمات الطبية، أو مشاريع التدريب والتأهيل لهنّ.

امرأة مصابة بمرض الوزن الزائد

تقول السيدة ابتسام العبد الله التي تعيش كلاجئة في تركيا في ولاية شانلي أورفا:

” أعاني من مرض شلل الأطفال الذي أصابني في طفولتي، ولا أستطيع الخروج من بيتي بسبب وزني الزائد إضافة إلى حالة الشلل. لا أحد يساعدني في البيت، زوجي يعمل في جمع البلاستيك والكرتون من حاويات القمامة، ولدي ابنة طفلة عمرها تسع سنوات، هي من يساعدني في بيتي. لم تساعدني أي منظمة، فهذه المنظمات تطلب مني أن أذهب إليها وأنا لا أقدر على المشي.

بقي أن نقول إن منظمات المجتمع المدني العاملة في تركيا المتخصصة بمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة من الفئات الاجتماعية كافة، لا تستطيع تلبية حاجات كلّ هؤلاء، وتحديداً ذوات الاحتياجات الخاصة منهن، نتيجة عدم القدرة على إحصائهن، نتيجة توزعهن مع أسرهن في الولايات التركية الكثيرة، ونتيجة عدم وجود سجلات عامة تضيء أعدادهنّ ولا يوجد ما يشير إلى وضع رؤية متكاملة لتغطية احتياجات السوريين من ذوي الاحتياجات الخاصة.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني