fbpx

قراءة في رواية “غواية الماء”

0 165
  • المؤلفة: ابتسام إبراهيم تريسي
  • الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون
  • ط1، ورقية 2011

ابتسام تريسي روائية سورية متميزة، قرأنا لها أغلب رواياتها، وبعضها انصب على الثورة السورية.

غواية الماء رواية معاصرة بامتياز، ليس لأنها حديثه فقط، بل هي تتحرك في فضاء جديد كلياً، أبطال الرواية مجموعة من الأشخاص يلتقون عبر الإنترنت، هاجر المرأة الخمسينية التي تعمل في مجال الثقافة وتتابع دراستها الجامعية، متزوجة مرتين، هي الآن مطلقه، عندها ابنة متزوجة، وابنتها تطلقت أيضاً، ومعها ابنها الصغير، هي فلسطينية الأصل وتعيش متنقلة بين لبنان وسوريا. عبر الإنترنت التقت بالحسن العراقي عند بحثها حول مشروعها البحثي عن أبي النواس، وتعرفت على شاعرة جزائرية أيضاً، تبدأ الرواية بالتشكل من تداخل حيوات الجميع، الشخصية والمجتمعية وعودة للتاريخ أيضاً. هاجر مسكونة برواية تريد إنجازها ولم تستطع؛ رواية تحمل الكثير من حياتها الشخصية؛ حب لم يكتمل، وحبيب ذهب ولم يعد، زواج أول من أحد مقاتلي المقاومة الفلسطينية، رفيق والدها الفدائي، ينتهي بمقتله في اجتياح (إسرائيل) لبيروت 82 تاركاً طفلة، ومن ثم تتزوج آخر ثرياً كصفقة تؤمّن لها عيشاً مريحاً، وينتهي الزواج الثاني لأنه لا يحوي الحب وقوداً لحياة مشتركة، ابنتها دخلت في مجال الفن وتزوجت وطلّقت، عندها طفل وتعيش حياتها بانفتاح كامل، أمها تعيش معها كمربية وشاهد أخرس، هاجر تعوض بالأدب والإنترنت عن جدب حياتها والعمر الذي يمضي مسرعاً، تلتقي بالحسن العراقي عبر الإنترنت، الذي يحملها لوجع العراق في العقود الماضية؛ ظلم النظام ووحشيته، حروب خاسرة ودمار وخراب اجتماعي، وجد الحسن في النت بديلاً حياتياً عن الورود والحب والعلاقات والأماني الخائبة، إنه عالم كامل من التعويض، وكذلك هاجر التي وجدت في صديقتها غفران الجزائرية نافذة على وجع الجزائر من الاستبداد والصراع الأهلي، وباحثة عن حب تلحقه إلى فرنسا ثم إلى غزة، وتعايش الاعتداء والحصار، لتكتشف أن من تركض وراءه له زوجة وأولاد، وكانت هي مجرد محطة في حياته، وهذه حكاية محبطة أخرى في عالم النت، الحسن قدم الحب كنزاً لهاجر يعوض عن حياة بائسة، وكذلك حباً لغفران الجزائرية قبل اليأس من وجود الحب، طبعاً دون علمه بمعرفة الاثنتين لبعضهما، وبمعرفة هاجر لذلك، عاد الحب سلعة، وعاد الجميع لحقيقة فراغ حياتهم، وصراخهم الإلكتروني ليس إلا صرخة يأس.

تنتهي الرواية وكل يعيش واقعه المقيت، ويحلم بواقع أفضل عبر النت، ويتداخل العالمان ولكن دون تقديم الحل أو الأمان.

تؤكد الرواية مشكله وجودية عند الإنسان؛ وأحادية الحب، وتعددية غرائزية الإنسان وأنه ابن بيئته، فخراب العراق واستعمار الأمريكان له، واجتياح لبنان من قبل (إسرائيل) وكذلك اجتياح غزة، والحرب الأهلية في الجزائر، كل ذلك لن يخلق إنساناً متوازناً ومحباً وناجحاً أيضاً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني