fbpx

القتل خارج نطاق القانون في سوريا

0 281

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الشهري يوم الأحد 1 تشرين الثاني 2020 حول حصيلة الضحايا المدنيين الذين قتلوا في سوريا خلال تشرين الأول من عام 2020، وسلِّط التقرير الضوء بشكل خاص على الضحايا من الأطفال والنساء، ومن الكوادر الإعلامية ومن قضوا تحت التعذيب، ومن قتلوا بسبب الألغام، بالإضافة لمن قتلوا في المجازر التي ارتكبتها أطراف النزاع طوال الشهر المنصرم. 

أولاً: حصيلة الضحايا المدنيين: طبقاً للتقرير، فقد ترافقت بداية عام 2020 مع عملية عسكرية عنيفة بقيادة النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني ضدَّ المناطق الخارجة عن سيطرته في إدلب وما حولها، والتي تعرَّضت للقصف العشوائي، ما تسبَّب بمقتل العشرات وتشريد سكان مدن بأكملها، وشهدَ الشهران الأول والثاني من العام ارتفاعاً ملحوظاً في حصيلة الضحايا. حيث وثَّقت الشبكة في تشرين الأول مقتل 126 مدنياً بينهم 18 طفلاً و8 سيدات، وبذلك أصبحت حصيلة الضحايا المدنيين 1463 مدنياً منذ مطلع عام 2020 حتى تشرين الثاني من العام ذاته. 

وبحسب تقرير الشبكة فقد توزعت حصيلة القتلى حسب أطراف النزاع والقوى المسيطرة على النحو التالي: 31 مدنياً بينهم 2 طفلاً، و2 سيدة قتلوا على يد قوات النظام السوري. و2 مدنياً قتلوا على يد القوات الروسية، و2 مدني بينهما طفل واحد قتلوا على يد تنظيم داعش. فيما قتلت هيئة تحرير الشام 2 مدنياً. وقتلت المعارضة المسلحة/الجيش الوطني طفل واحد بينما سجل التقرير قتل 2 مدني من قبل قوات سوريا الديمقراطية في حين قتلت قوات التحالف الدولي 7 مدنياً بينهم 1 طفلاً و1 سيدة. كما سجَّل التقرير مقتل 79 مدنياً، بينهم 13 طفلاً، و5 سيدة على يد جهات أخرى.

ثانيا: حصيلة ضحايا التعذيب والكوادر الطبية والإعلامية: وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تشرين الأول مقتل 10 ضحايا بسبب التعذيب، جميعهم على يد قوات النظام السوري. وبذلك أصبحت حصيلة الضحايا بسبب التعذيب 119 ضحية منذ مطلع عام 2020 حتى تشرين الثاني من العام ذاته. والتي تشكل 79% من الحصيلة الإجمالية للضحايا الذين قضوا بسبب التعذيب، وهي نسبة مرتفعة جداً، كما وثقت الشبكة مقتل إعلامي واحد على يد القوات الروسية خلال تشرين الأول.

ثالثا: حصيلة المجازر: تم توثيق مالا يقل عن 39 مجزة منذ مطلع عام 2020، بينها ثلاث مجازر في تشرين الأول، واحدة منها على يد قوات النظام السوري في ريف حماة الشرقي، راح ضحيتها 9 مدنيين، ومجزرة ثانية على يد قوات التحالف الدولي، ومجزرة ثالثة إثر انفجار سيارة مفخخة مجهولة المصدر في مدينة الباب بريف محافظة حلب الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني، قتل خلالها 20 مدني، بينم 5 أطفال و سيدة واحدة، وأصابت 30 آخرين بجراح، إضافة إلى إصابة 3 من الكوادر الطبية.

رابعاً: حصيلة الضحايا بسبب الألغام: وفقاً للتقرير فإن هناك صعوبة كبيرة في تحديد الجهة التي قامت بزراعة الألغام نظراً لتعدد القوى التي سيطرت على المناطق التي وقعت فيها تلك الانفجارات، وتحدث التقرير عن مقتل 12 ضحية بينهم 3 أطفال إثر انفجار ألغام خلال شهر تشرين الأول، لترتفع الحصيلة الكلية لضحايا الألغام في هذا العام إلى 86 مدنيا بينم 15 طفلاً. وتعتبر هذه الحصيلة هي الأعلى في العالم. 

وجاء في التقرير أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان باعتبارها عضو في “الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية وتحالف الذخائر العنقودية” (ICBL-CMC) تؤكد على سعيها ضمن هذا التحالف الدولي للوصول إلى الحظر الشامل لاستخدام الألغام والذخائر العنقودية، والوصول إلى أن يصبح ذلك بمثابة قانون عرفي، باعتبار أن القانون الدولي الإنساني يقيِّد بشكل كبير جداً استخدام الألغام، التي تعتبر سلاحاً عشوائياً بامتياز، وأن الغالبية العظمى من ضحاياه هم من المدنيين ويمتدُّ خطر استخدام الألغام على المجتمعات المحلية لسنوات.

 
النتهاكات حقوق الانسان في سوريا

خامساً: الاستنتاجات والتوصيات: أكَّد التقرير أنَّ الحكومة السورية خرقت القانون الدولي الإنساني والقانون العرفي، وقرارات مجلس الأمن الدولي كافة دون أية محاسبة. وبحسب التقرير فإن تنظيم داعش وهيئة تحرير الشام انتهك كل منهما القانون الدولي الإنساني بقتله المدنيين. كما شنَّت قوات الحلف (قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي) هجمات تعتبر بمثابة انتهاك للقانون الدولي الإنساني، وإن جرائم القتل العشوائي ترقى إلى جرائم حرب.

وطالب التَّقرير مجلس الأمن باتخاذ إجراءات إضافية بعد صدور القرار رقم 2254، وشدَّد على ضرورة إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة جميع المتورطين، بمن فيهم النظام الروسي بعد أن ثبت تورطه في ارتكاب جرائم حرب. ودعا التَّقرير إلى تطبيق مبدأ مسؤولية الحماية (R2P)، خاصة بعد أن تم استنفاذ الخطوات السياسية عبر جميع الاتفاقات وبيانات وقف الأعمال العدائية واتفاقات أستانا، مؤكداً على ضرورة اللجوء إلى الفصل السابع وتطبيق مبدأ مسؤولية الحماية، الذي أقرَّته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وطالب التقرير المبعوث الأممي إلى سوريا بإدانة مرتكبي الجرائم والمجازر والمتسببين الأساسيين في تدمير اتفاقات خفض التَّصعيد وإعادة تسلسل عملية السلام إلى شكلها الطبيعي بعد محاولات روسيا تشويهها وتقديم اللجنة الدستورية على هيئة الحكم الانتقالي.

وأكَّد التقرير على ضرورة توقف النظام السوري عن عمليات القصف العشوائي واستهداف المناطق السكنية والمستشفيات والمدارس والأسواق وإيقاف عمليات التَّعذيب التي تسبَّبت في موت آلاف المواطنين السوريين داخل مراكز الاحتجاز والامتثال لقرارات مجلس الأمن الدولي والقانون العرفي الإنساني. 

كما أوصى المجتمع الدولي بالعمل على إعداد مشاريع تهدف لإعداد خرائط تكشف عن مواقع الألغام والذخائر العنقودية في المحافظات السورية كافة؛ ما يسهل عملية إزالتها وتوعية السكان بأماكنها.

كما أكَّد التقرير أنَّ على الدُّول الداعمة لقوات سوريا الديمقراطية الضَّغط عليها لوقف تجاوزاتها كافة في جميع المناطق التي تُسيطر عليها، وإيقاف جميع أشكال الدعم بالسِّلاح وغيره، ما لم توقف جميع انتهاكاتها للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

وأوصى المعارضة المسلحة والجيش الوطني بضمان حماية المدنيين في جميع المناطق وفتح تحقيقات في الهجمات التي تسبَّبت في سقوط ضحايا مدنيين، وضرورة التميِّيز بين الأهداف العسكرية والأهداف المدنية والامتناع عن أية هجمات عشوائية.

وشدد التقرير على ضرورة قيام المنظمات الإنسانية بوضع خطط تنفيذية عاجلة بهدف تأمين مراكز إيواء كريمة للمشردين داخلياً. وتأمين المساعدات الإنسانية الغذائية والطبية في المناطق التي توقَّفت فيها المعارك، وفي المخيمات. 

ما يجدر ذكره، أن ما ورد في التقرير يمثل الحد الأدنى الذي تمكنت الشبكة السورية من توثيقه من حجم وخطورة الانتهاكات التي حصلت، كما أنها لا تشمل الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والنفسية للمواطنين.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني