اللاجئون القاصرون في اليونان العبور مقابل الجنس
يتعرّض الكثير من اللاجئين القاصرين غير المصحوبين بذويهم في اليونان إلى الاستغلال الجنسي وسوء المعاملة والاعتقال. وللاستغلال الجنسي أوجه وأشكال متعددة والتعرض له ليس بالظاهرة النادرة كما يعتقد بعضهم، فأعداد اللاجئين القاصرين غير المصرح عنها والمتعرضين لمثل هذا النوع من الاستغلال عال جداً.
اعتاد إحسان اللاجئ القاصر البالغ من العمر 15 عاماً والذي وصل إلى اليونان في شباط الماضي قضاء لياليه في الحافلات أثناء تجولها في مدينة أثينا.
وبعد وصوله بعدة أسابيع إلى اليونان، تفشت جائحة كورونا داخل الدولة ما أدى إلى توقف حركة الحافلات الأمر الذي جعل علاء يقضي لياليه في ميدان فيكتوريا، على بعد أقل من ميل من ملاجئ القاصرين التي تحول بينها وبينه قوائم الانتظار وتعرّض علاء عدة مرّات للسرقة وملاحقات الشرطة وحتى الاعتقال.
وبعد أن تمت عمليات الإغلاق جرّاء تفشي جائحة كورونا بين اللاجئين والموارد الضئيلة التي كانت توفرها الحكومة اليونانية لهم، تعهدّت الحكومات الأوروبية بإعادة توطين 1600 قاصر غير مصحوبين بذويهم من الجزر اليونانية. لكن لم تكترث بحال اللاجئين القاصرين الموجودين في البر اليوناني الرئيسي.
أثرت إجراءات الإغلاق التي اتخذتها الحكومة اليونانية بشكل كبير وسلبي على الاقتصاد اليوناني الذي يعاني منذ سنوات من حالة تدهور الأمر الذي انعكس سلباً على أوضاع اللاجئين القاصرين حيث قل عدد مراكز الشباب، وأماكن توزيع الطعام، ومرافق النظافة المتاحة للأطفال غير المصحوبين بذويهم في البر الرئيسي.
واعتمد العديد من اللاجئين القاصرين على المهربين الذين أحضروهم إلى اليونان لتجنب التشرد من خلال توفير فرص عمل غير رسمية وأماكن إقامة غير مسجلة. لكن تدابير الوقاية من جائحة كورونا زادت الأمر سوءاً ما أدى إلى استغلالهم بشكل مريب على أيدي المهربين والمهاجرين البالغين والسكان المحليين اليونانيين الذين يعرضون أموالاً مقابل أعمال غير قانونية أو أنشطة جنسية.
وأدى تغييب الوعي العالمي بشأن القاصرين الذين جاؤوا عبر الحدود البرية إلى تباين في الخدمات المتاحة للقاصرين غير المصحوبين بذويهم في الجزر اليونانية وأولئك الموجودين في البر الرئيسي.
فبينما يُنقَل القاصرون في الجزر إلى المخيمات، ويُسجلون لدى المنظمات غير الحكومية، ويوضعون في الملاجئ الخاصة بهم، يقيم القاصرون الذين يعبرون إلى أثينا عن طريق الحدود البرية دون أية وثائق أو حتى مساعدات إنسانية.
ويعاني اللاجئون القاصرون من التشرد كما يقيم البعض منهم في مساكن غير رسمية إلى أن يتمكنوا من الوصول إلى مراكز الإيواء. وكانت اليونان قد وفرّت مراكز إيواء لـ 30% فقط من اللاجئين القاصرين غير المصحوبين بذويهم إليها البالغ عددهم 5379 طفلاً.
وبسبب جائحة كورونا قلّصت شبكة حقوق القاصرين في أثينا عملياتها بشكل كبير كباقي معظم المنظمات اليونانية حيث كانت تعمل قبل تفشي الجائحة على إحالة القاصرين غير المصحوبين بذويهم إلى الملاجئ، وتوّفر لهم خدمات لإدارة الحالات إلى أن يحين دورهم على قوائم الانتظار كما ترّكز في عملها على القاصرين الذين عبروا الحدود البرية لليونان.
قاصرون بلا مأوى
يقول رضوان محمد، الوسيط الثقافي بشبكة حقوق القاصرين: “كل ما يمكنني فعله لهم هو إحالتهم للملاجئ عبر الإنترنت، لا شيء أكثر” وأضاف: “أولئك الذين بلا مأوى، كانوا بمفردهم تماماً”. وخلال حالة الإغلاق في اليونان في شهري آذار ونيسان، توقفت ملاجئ القاصرين عن قبول القادمين الجدد ما أجبر المُدرَجين منهم في قائمة الانتظار على البقاء في الشوارع حتى عندما تتوفر أسرّة لهم.
وأوضح رضوان أن مراكز الشباب أصبحت لا تقدّم الآن سوى خدمات أساسية مثل الاستحمام وغسيل الملابس لـ4 إلى 5 فتيان في اليوم بينما كانت في وقت سابق توفر أماكن آمنة لعشرات القاصرين المشردين.
ولاحتواء انتشار الجائحة، حددت معظم المنظمات عدد الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا في المكتب في وقت واحد. عادةً ما يُمنَع القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين ليسوا عملاء ثابتين من دخول المكاتب ويُطلَب منهم التواصل مع الموظفين عبر الإنترنت. وهذا يشكل حواجز إضافية للقاصرين الذين لا يستطيعون الوصول إلى الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر.
إلى جانب ذلك، يمثّل الطعام الحاجة الأكثر إلحاحاً للقاصرين اللاجئين المشردين، خاصة بعدما تم إغلاق مراكز الشباب التي كانت تقدّم وجبات الطعام لهؤلاء.
كما أنّ إغلاق المقاهي جعل عملية شراء وجبات خفيفة أو أية وجبة أمراً مستحيلاً، حتى لو توفر في حوزة القاصرين قليل من المال.
الاستغلال الجنسي والعمل بالسخرة
يعيش بعض اللاجئين القاصرين في حظيرة برفقة 50 شخصاً من البالغين ما يعرّضهم للاستغلال الجنسي. وغالباً ما يكون المتعاقدون من الباطن هم مرتكبي العنف الجنسي؛ لأن لديهم الكثير من السلطة عليهم وكان إحسان أيضاً قد هرب من عمله في المزارع عندما حاول عامل كبير السن التحرش به.
كما يضطر بعض القاصرين الذين لا نقود في حوزتهم لمتابعة رحلة لجوئهم إلى غرب أوروبا إلى بيع أجسادهم حيث يبيع القاصرون أجسادهم للكبار في حدائق أثينا مقابل 10 أو 15 يورو.أما القاصرون غير المصحوبين بذويهم، الذين بإمكانهم الحصول على بعض النقود سواء من خلال عملهم غير القانوني أو من خلال التحويلات المالية التي يرسلها أفراد العائلة الذين يعيشون في الخارج، فيلجؤون إلى المهربين عندما لا يتمكنون من الوصول إلى أماكن إقامة. وفي جميع أنحاء اليونان، يدير المهربون منازل غير آمنة حيث يمكن للاجئين رجال وقاصرين على حدٍّ سواء الإقامة مقابل 10 يورو في الليلة. وهذه عادةً ما تكون شقق متداعية ذات مرافق نظافة محدودة، وما يصل إلى 20 شخصاً في الغرفة الواحدة.وطالما أنَّ برامج حماية القاصرين غير كافية لتلبية احتياجات القاصرين اللاجئين غير المصحوبين بذويهم، فستتغلب عليها اقتصادات السوق السوداء، من خلال توفير أماكن إقامة وأجور مقابل أعمال محفوفة بالمخاطر. وهذا لن يُعرّض القاصرين لخطر متزايد من الاستغلال الجنسي والاستغلال في الأعمال الشاقة فحسب، بل سيسحب الأموال من الأعمال اليونانية المحلية ويعزز الأنشطة غير القانونية والجريمة المنظمة.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”