fbpx

“هيئة تحرير الشام “… عقد من انتهاكات حقوق الإنسان في سورية

1 248

أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الإثنين 31 كانون الثاني 2022، تقرير خاص عن أبرز انتهاكات “هيئة تحرير الشام” منذ تأسيس “جبهة النصرة” في سورية في كانون الثاني 2012، حتى نهاية عام 2021.

وأشار التقرير إلى أن هيئة تحرير الشام لا تزال مستمرة في ارتكاب أنماط متعددة من انتهاكات حقوق الإنسان، بشكل رئيس في مراكز الاحتجاز التابعة لها.

الحقوق والحريات في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام

أوردَ التقرير خلفية موجزة عن هيئة تحرير الشام، وتحدث عن واقع الحقوق والحريات في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

اعتمد التقرير بشكل رئيس على ما يقوم به فريق الشبكة السورية لحقوق الإنسان من عمليات رصد وتوثيق يومية مستمرة لانتهاكات قامت بها جبهة النصرة، التي أصبحت هيئة تحرير الشام، مشيراً إلى تغيُّر كبير في مناطق السيطرة التي خضعت لكل من جبهة النصرة جبهة فتح الشام هيئة تحرير الشام منذ عام 2012.

ونوَّه التقرير إلى أن معظم حوادث الانتهاكات قد تركزت في الأجزاء التي خضعت للهيئة من محافظتي إدلب وحلب على اعتبار أنهما قد خضعتا لسيطرة الهيئة لحقب زمنية أطول مقارنة مع مناطق في محافظات أخرى مثل دير الزور أو حماة أو ريف دمشق.

 وقد عنيَ التقرير بجانب احترام القانون الدولي الإنساني أثناء المعارك مع خصم على خلفية النزاع المسلح الداخلي، كما ركز بشكل أوسع على الحقوق والحريات الأساسية للأفراد المحكومين بسيطرة هيئة تحرير الشام.

وقال التقرير إن السيطرة ليست مجرد هيمنة عسكرية وتحكم بموارد اقتصادية، ولعب دور سياسي، ولكن الأهم من كل ذلك هو احترام حقوق الإنسان للسكان في المناطق الخاضعة للسيطرة، ومن هذا الاحترام تنبع الشرعية الداخلية وليس من مجرد القوة والهيمنة العسكرية.

النظام القضائي لدى هيئة تحرير الشام

طبقاً للتقرير فإن الجهاز القضائي لدى الهيئة مكوَّن من أجهزة قضائية عديدة، تكاد تكون منفصلة عن بعضها البعض ولا يوجد تنسيق بينها، كما أنه لا يستند إلى أحكام ولوائح قضائية محددة ومعروفة، ويعتمد بشكل رئيس على التعاميم والتعليمات الوزارية التي تعتبر بمثابة قانون ينظم عمل المحاكم، ولا يوجد قانون للإجراءات الناظمة لعمل المحاكم “قانون أصول المحاكمات”.

ويعتمد الجهاز القضائي لدى الهيئة في كثير من المناصب الإدارية والقضائية على طلاب العلوم الدينية أو طلاب الحقوق، وهؤلاء الطلاب من المنتسبين لهيئة تحرير الشام، أو الخاضعين لها بالولاء التام؛ مما يعني انعدام استقلالية وكفاءة القضاء لدى هيئة تحرير الشام.

القتل خارج نطاق القانون لدى هيئة تحرير الشام

سجل التقرير منذ مطلع عام 2012 حتى كانون الأول 2021 مقتل ما لا يقل عن 505 مدنياً بينهم 71 طفلاً و77 سيدة على يد هيئة تحرير الشام.

وبحسب رسم بياني عرضه التقرير فقد توزعت حصيلة القتل هذه بحسب طبيعتها إلى:

371 مدنياً بينهم 69 طفلاً و67 سيدة قتلوا عبر الأعمال القتالية غير المشروعة،

فيما قتل 28 بينهم 2 طفلاً بسبب التعذيب وإهمال الرعاية الصحية،

وقتل 106 بينهم 10 سيدات عبر الإعدام من خلال إجراءات موجزة وتعسفية.

وأظهرَ تحليل البيانات أنَّ عام 2014 كان الأسوأ من حيث حصيلة ضحايا القتل خارج نطاق القانون، يليه عام 2013 و2015 بنسبة متساوية، ثم 2019.

ووفقاً لرسم بياني أورده التقرير لتوزع ضحايا القتل خارج نطاق القانون على يد الهيئة تبعاً للمحافظات التي ينتمون إليها، فقد تصدرت محافظة إدلب بقية المحافظات بقرابة 35 % من حصيلة الضحايا المسجلة، تلتها حمص ثم حلب ثم حماة.

الاعتقال التَّعسفي والإخفاء القسري لدى هيئة تحرير الشام

طبقاً للتقرير فإن ما لا يقل عن 2327 شخصاً بينهم 43 طفلاً و44 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري لدى هيئة تحرير الشام منذ الإعلان عن تأسيسها مطلع عام 2012 حتى كانون الأول 2021، تحول ما لا يقل عن 2103 منهم، بينهم 19 طفلاً و28 سيدة، إلى مختفين قسرياً.

ووفقاً للمؤشر التراكمي لهذه الحصيلة فإنَّ عام 2015 كان الأسوأ، يليه عام 2018 ثم 2019 ثم 2017.

وقد أوردَ التقرير رسماً بيانياً لحصيلة المحتجزين المختفين قسرياً لدى هيئة تحرير الشام تبعاً للمحافظات التي ينتمون إليها، أظهر أن محافظة إدلب تتصدر بقية المحافظات بقرابة 67 %، تليها حلب ثم حماة ثم ريف دمشق.

“سياسة ماكرة” لدى هيئة تحرير الشام

قال التقرير إن هيئة تحرير الشام تتبع “سياسة ماكرة” تقوم على استدعاء النشطاء المعارضين والمتظاهرين، والمنتقدين لسياسة حكومة الإنقاذ والأخطاء التي ترتكبها، حيث يجري التحقيق معهم، بهدف احتوائهم عن طريق الترغيب أو التهديد.

وتعتبر هذه المرحلة بمثابة إنذار وتهديد، وتتجنب من خلالها الهيئة نهج الاحتجاز المفاجئ، وتكون بمثابة ذريعة أمام المجتمع وأمام ذوي الناشط، وقد تركَّز هذا التكتيك بحق النشطاء البارزين والشخصيات الاجتماعية بشكل أساسي.

أما المدنيين العاديين الذين لا يثير اعتقالهم أي رد فعل، فتقوم الهيئة باعتقالهم مباشرة، دون اللجوء إلى هذه المرحلة التمهيدية، التي يتخللها الطلب من الناشط التعهد بعدم تكرار ما قام به، وتقديم اعتذار عنه، وطلب الرحمة.

وغالباً ما يرضخ الشخص المستدعى، ويدفع غرامة مالية، قد تترافق مع سجن بضعة أيام، وإيقاف عن مزاولة مهنته، وجميع ذلك مقابل عدم احتجازه و إخفائه قسرياً لسنوات.

وفي هذا السياق سجل التقرير ما لا يقل عن 273 حالة استدعاء وتهديد وجهت من قبل هيئة تحرير الشام منذ عام 2017 حتى كانون الأول 2021.

وبحسب التقرير فقد تبين أن هناك تنسيقاً بين مختلف الأجهزة الأمنية والمؤسسات المدنية والقضائية التي أنشأتها هيئة تحرير الشام (والتي تنكر صلتها بها) لتنفيذ هذه الاستدعاءات والتهديدات.

مراكز الاحتجاز التابعة لهيئة تحرير الشام

رصد التقرير ما لا يقل عن 46 مركز احتجاز دائم تابع لهيئة تحرير الشام في شمال غرب سوريا، في محافظة إدلب وريف محافظة حلب الغربي وريف اللاذقية.

وقدر التقرير أنَّ مراكز الاحتجاز هذه تضمُّ قرابة 2327 محتجزاً ومختفٍ قسرياً، العشرات منهم قضوا مدد احتجاز طويلة قد تصل إلى خمس سنوات، وتحول الغالبية العظمى منهم إلى مختفين قسرياً، كما تتعرض الغالبية العظمى منهم لشكل من أشكال التعذيب.

إضافة إلى ما لا يقل عن 116 مركز احتجاز مؤقت، تجري فيها عمليات التحقيق والاستجواب.

وقدَّم التقرير عرضاً مفصلاً لأبرز هذه المراكز.

أساليب التعذيب لدى هيئة تحرير الشام

طبقاً للتقرير فإن هيئة تحرير الشام تستخدم أساليب تعذيب متعددة ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لها، وتشابهت إلى حدٍّ ما مع أساليب التعذيب التي يمارسها النظام السوري في مراكز احتجازه.

وعرض التقرير 22 أسلوب تعذيب من أبرز الأساليب التي تميزت بها هيئة تحرير الشام، وقام بتوزيعها ضمن ثلاثة أصناف رئيسة وهي:

أولا: أساليب التعذيب الجسدي

وهي ثلاثة عشر أسلوب أشهرها، التابوت، والشبح الشاقولي، والملح، والعقرب، والصعق بالكهرباء، والدولاب، والتجويع، والضرب، وظروف الاحتجاز والتقدير البشري، والحرمان من الحصول على العلاج الطبي، وحرمان المعتقل من الاستحمام واستخدام المرحاض ووسائل النظافة، وحرمان المعتقل من الوسائد والأغطية والملابس، والحرمان من النوم.

ثانياً: أساليب التعذيب النفسي

وأشهرها: الإخفاء القسري، والحبس الانفرادي، والإيهام بالإعدام، والتأثير على القدرات العقلية والذهنية للمعتقل عبر الأدوية، وفرض حالة من المشاحنة والتوتر داخل الزنزانة الواحدة، والتجسس على المحتجزين، وسماع أصوات التعذيب، ووضع قماش الكفن أمام أعين المحتجزين.

ثالثاً: أعمال الحفر والسخرة

وخصوصاً حفر القبور لدفن الأشخاص الذين تم إعدامهم بمختلف التهم.

وعرض التقرير رسومات تحاكي أساليب التعذيب هذه.

استهداف هيئة تحرير الشام للنساء على خلفية عملهن وأنشطتهن

تعاني المرأة السورية في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام من التمييز السلبي تجاهها بشكل عام، وتزداد معاناتها أضعافاً مضاعفة إذا كانت عاملة أو ترغب بالعمل في الشأن العام، أو في منظمات المجتمع المدني أياً كانت، إعلامية، إغاثية، سياسية.

وبحسب التقرير فقد تعرض العديد من النساء اللواتي انخرطن في الشأن العام، للتضييق والترهيب لدفعهن إلى التخلي عن عملهن، وتركزت الحوادث ضد المرأة على أساس التمييز الجندري بشكل رئيس ضد الناشطات الإعلاميات خلال تأديتهن عملهن في تغطية حوادث الانتهاكات التي ترتكبها الهيئة.

سجل التقرير ما لا يقل عن 108 حوادث استهدفت النساء فيها على خلفية عملهن أو على خلفية معارضتهن لممارسات هيئة تحرير الشام، منذ بداية عام 2014 حتى كانون الأول 2021.

توزعت الحوادث بحسب طبيعتها إلى:

  • 31 حالة اعتداء بالضرب أو إهانة الكرامة الإنسانية
  • 24 حالة استدعاء للتحقيق
  • 22 حالة تهديد وترهيب
  • 18 حالة إيقاف عن العمل
  • 13 حالة تمييز على أساس الجنس

الاستنتاجات القانونية

أكد التقرير أن هيئة تحرير الشام طرف عسكري أساسي من أطراف النزاع المسلح الداخلي في سورية، ويتوجب عليها أن تلتزم بالقواعد العرفية للقانون الدولي الإنساني، كما أنها سيطرت على مناطق واسعة منذ تأسيسها حتى الآن، ويتوجب عليها كقوة مسيطرة ذات هيكلية وكيان سياسي أن تلتزم بمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وأوضح التقرير أن هيئة تحرير الشام انتهكت في العديد من عمليات القصف مبادئ التمييز والتناسب، وتسبَّبت بعض الهجمات في وقوع خسائر مادية وبشرية، وأضاف التقرير أن الهجمات العشوائية على المناطق المأهولة بالسكان تشكل انتهاكاً فظيعاً للقانون الدولي الإنساني.

وأكد التقرير بأن هيئة تحرير الشام ارتكبت انتهاكات واسعة للقانون الدولي لحقوق الإنسان بحق الأهالي في المناطق الخاضعة لسيطرتها عبر عمليات الخطف والاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، وعبر الأحكام الجائرة الصادرة عن محاكم لا ترقى بأي حال من الأحوال إلى القواعد الأساسية للمحاكمات العادلة.

التوصيات

طالب التقرير مجلس الأمن بعدم تأخير إنجاز حل النزاع في سوريا لأن ذلك سوف يساهم في تعزيز قوة هيئة تحرير الشام ونشر الفكر المتطرف الناتج عن استمرار الاستبداد وانتهاكات حقوق الإنسان. واتخاذ خطوات جدية لإنهاء النزاع في سوريا بما في ذلك وضع جدول زمني صارم لعملية الانتقال السياسي وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254، كونها ما زالت تراوح مكانها منذ بيان جنيف واحد حزيران2012 حتى الآن.

كما أوصى التقرير المجتمع الدولي والدول المؤثرة بدعم منظمات المجتمع المدني الحيوية في مناطق الشمال السوري، التي تقف في وجه التَّنظيمات المتطرفة عبر نشر الوعي وتقديم الخدمات، ودعم تشكيل جهاز شرطة محلية قوي ومتماسك للدفاع عن الأهالي من حالات الخطف والاعتداءات؛ ما يُمهد لحالة من الاستقرار والأمان النسبي.

وختم التقرير بالمطالبة بتصنيف المنظمات المتطرفة الشيعية الإيرانية والعراقية وغيرها، والمدعومة من دولة إيران بشكل علني، على قوائم الإرهاب، واستهدافها والتضييق عليها جنباً إلى جنب مع التنظيمات الإسلامية المتشددة، إلى غير ذلك من توصيات إضافية.

1 تعليق
  1. […] وأكدت “الشبكة السورية” بأن هذه النقطة المحورية قد أوضحتها في تقريرها الموسع عن انتهاكات هيئة تحرير الشام، والذي وثق… […]

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني