fbpx

بقايا الاقتصاد السوري في ظل قيصر والكورونا

0 1٬368

عندما نقول سوريا فإننا نعني سوريا غير الموحدة أو بالأصح سوريا مناطق النفوذ والصراع فهناك سوريا الأمريكية في شمال شرق وسوريا المعارضة في شمال غرب وسوريا الروسية في الساحل وسوريا الإيرانية في الجنوب ودمشق..
بعد تسع سنوات من اندلاع الثورة السورية وبعدها بعام بدأت تدريجياً تتبلور مناطق ذات طبيعة اقتصادية مختلفة عن الأخرى.
في مناطق المعارضة لا صوت يعلو على اقتصاد الحرب فالدورة الاقتصادية غير منتجة وتعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية والإقليمية وجهود فردية من هنا وهناك مع بعض المحاصيل والمنتجات الزراعية والصناعات الصغيرة.
أما في مناطق النفوذ الأمريكي وهي المناطق الغنية في الموارد الطبيعية والزراعية فنجد أن الوضع أكثر استقراراً من حيث تنوع الموارد وانضباطها بالرغم من أنها تقع تحت حكم تيار انفصالي استبدادي يرفع الماركسية شعاراً لكنه براغماتي بامتياز يبيع ويشتري مع النظام ومناطق المعارضة ويستورد من تركيا لكن حال الناس ليس بأفضل بكثير عن غيره من المناطق.
ما تبقى من مناطق سوريا التي تقبع تحت الوصاية الإيرانية والروسية كانت ومازالت تعتمد الى حد كبير على المساعدات الإيرانية مع انهيار كبير في عوامل الإنتاج والاستثمار والتشغيل.
فوفقاً لمسؤولين إيرانيين، أنفقت طهران مبالغ هائلة في سوريا، تصل إلى أكثر من 30 مليار دولار، وفقاً لموقع ومجلة السياسة الخارجية.
موقع “ironware” أكد أن أحد أهم نفقات إيران في سوريا هو تسليم النفط والمنتجات النفطية إلى قوات الأسد، ويتم ذلك في إطار “حد ائتماني” فتحته إيران لسوريا، والذي يتراوح حسب وسائل الإعلام الإيرانية من 2-3 مليار دولار في السنة، مع منح حد ائتماني إجمالي يصل إلى 6 مليارات دولار في السنة، بما في ذلك الإمدادات الغذائية والطبية، التي حددها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بنحو 2.5 مليار دولار في السنة.
وأضاف: “مع العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إيران، لم يعد هذا الخط قائماً، حيث لم تعد إيران تجرؤ على إمداد النظام السوري بالنفط أو الغاز لأن شحناتها ستستهدف”.

وجاء كورونا…

لاتزال السلطات المستبدة في دمشق تكابر وتعلن بأن لا حالات كورونا كبيرة في البلد وهذا عكس ما تقوله بعض التقارير الدولية عن تفشي كبير للمرض بين الناس هناك. لكن ما يهمنا تأثر الاقتصاد بالجائحة:

إيران لم تعلن أنها ستوقف أو تخفف المساعدات للنظام السوري لكن لن يستمر النظام الإيراني في المكابرة فهو تحت ضغط شعبي كبير وأزمة اقتصادية وصحية كبيرة وخصوصاً أن إيران من الدول التي تتصدر أعداد الوفيات والإصابات بكورونا.

أما روسيا فلا يذكر أنها قدمت مساعدات مالية مباشرة للنظام السوري فكان تدخلها الاقتصادي لصالحها فهي أنفقت مليارات الدولارات على تمويل حربها العسكرية ضد الشعب السوري وبالمقابل حصلت على استثمارات ضخمة وعقود تشغيل طويلة الأجل لعدد من المرافق الحيوية في سوريا في مجال الفوسفات والغاز وميناء طرطوس وغيرها.

ويجب علينا الإشارة الى الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان الجار الصغير للنظام والمتنفس الكبير لرجال أعماله. فهو ليس بأفضل حال ويترنح تحت ضغوطات مالية كبيرة وعقوبات غير مسبوقة على جهازه المصرفي الذي كان يمد التجار السوريين بالعملة الصعبة لتمويل مستورداته.

ومع إقرار قانون قيصر الذي يتضمن تشديد الخناق على المصرف المركزي السوري وعلى الحوالات الوارد من الخارج وبالتالي تجفيف منابع القطع الأجنبي في السوق السورية وهذا القانون فيما لو بدأ تنفيذه بهذا الوقت سيكون الضربة القاضية لبقايا الاقتصاد السوري فبالإضافة لحالة البؤس والفقر المنتشرة بشكل كبير بين شرائح المجتمع السوري وخصوصاً الشريحة غير المستفيدة من الحرب فقد نخر الفساد والمحسوبية والعصاباتية جسد الاقتصاد السوري المنهك أصلاً. وباتت معظم الفئات المسحوقة تعتمد بشكل أو بآخر على الحوالات الخارجية.

الشعب السوري الآن بحاجة ماسة للأدوية واللقاحات وأجهزة التنفس الاصطناعي وغيرها وهذه يتم استيرادها من الخارج وبالقطع الأجنبي وإذا ما صاحت الدول الداعمة للنظام “اللهم نفسي” فستكون العواقب وخيمة على الشعب المحتل.

أما من الجهة الأخرى وأقصد مناطق المعارضة السورية فلا إصابات معلنة حتى الآن سواء في المدن أو القرى أو حتى المخيمات، التجهيزات المتوفرة في تلك المناطق تقتصر على ما توفره المنظمات الدولية والحكومة التركية وبالتالي ذات الشيء قد يحصل لها في حال لا قدر الله قلصت تلك الجهات دعمها مما قد ينبئ بكارثة لم يسبق لها مثيل في العصر الحديث وهنا نتكلم عن خمسة ملايين نازح يسكنون في منطقة جغرافية صغيرة نسبياً.

رغم كل ما استعرضناه فقد تكون هناك فرصة كبيرة لحل سياسي شامل للقضية السورية تثمر عن عودة المهجرين إلى منازلهم والبدء بإعادة الإعمار. التي تعني تشغيل كامل عوامل الإنتاج البشرية والصناعية كافةً وتشغيل مئات الألوف من الشعب السوري ما يساهم في توليد الدخل وعودة عجلة الاقتصاد السوري للدوران مرة أخرى.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني