fbpx

هذيان

0 193
  • أقول لك أيها العنيد !، كن لطيفاً مع القطيع، رحيماً مع الإناث، لا تعتدِ على الصغار، ولا تنطح الكبار، سيضربك الراعي يوماً ويبعدك، يربطك من قرنيك في زريبة لا ترى فيها النور، ولن تشبع من طعام، سيجلدك.. يحلق شعرك الكثّ.. ويجزّ لك تلك اللحية التي تتباهى بها، كن دمثاً يحببك القطيع. أعلم أنكَ عنيد، لن تسمع، ما قلت.
  • نعم، لن أسمع، لا تعنيني نصائحك، ولا تخيفني تهديدات الراعي التي يطلقها في الفضاء، وتذهب هباء.
  • ما بالك؟! إن أطلق العنان لكلابه تعضُّ.. تدمي جلدك.. تجهد جسدك، ولن ينفعك قرنك.
  • إنّها مدجّنة، تعض الضعاف.. لا تقترب.. تعرف قروني…
  • كم قلت لك، لا تغرّنّك، الأيام، هي دول، وما تراه اليوم قد ترى عكسه غداً، طريقك محفوف بالمهالك، لن يبقى الراعي مُطلِقاً لك العنان على غاربه، وبعض كلابه شرسة لا يُؤمن جانبها، وقرنك لن يجدي نفعاً، لستَ إلا فرداً في قطيع.
  • هه.. هه.. تلك الكلاب في قبضته، تحرس.. تهوش.. لكنّها مخصيّة. أنا أعرف أنه لا يحبّني، وأعلم الكثير من غاياته، وإن كان لا يفصح…
  • لن يعدم حيلة.. أمثالك يشتريهم.. سيجد الذي يفوقك قوة ونشاطاً وطاعة..
  • دعك من هذا، أعلم ما أفعل وهو يعلم.. نتجاهل.. وكلانا يبحث عمّا يصلح حاله.
  • ضع عقلك في رأسك، أنت تابع هشّ ليس غير، والمصالح تتغيّر بمرور الأيام، فتخلّى عن حماقتك، والزم قطيعك…
  • هه.. هه.. وداعاً أيها العجوز، ربما…
  • ولن ينفعك الندم…

قبيل الفجر سمع العجوز لغطاً.. أشرقت شمس يوم جديد.. بعثت الدفء في حناياه، أسند ظهره إلى الجدار، سرّح نظره في امتداد السهل المنبسط أمامه.. غرق في تأملاته.. تراءى له مرج أخضر، ورايات تمور …

تبسّم..

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني