fbpx

ماذا يعني اكتشاف تركيا للغاز؟

0 1٬050

لطالما اعتمد الاقتصاد التركي والذي يعتبر اقتصاداً متنوعاً وحيوياً على الاستيراد الكامل لمصادر الطاقة من نفط ومشتقاته إلى الغاز وغيرها من المشتقات الصناعية البترولية ما أدى إلى ارتفاع تكلفة المدفوعات التركية بالقطع الأجنبي وساهم بعدم استقرار قيمة العملة التركية وارتفاع حجم المديونية الخارجية.

حيث أن تركيا تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها النفطية من الخارج، إذ تبلغ فاتورة الواردات التركية من الطاقة حوالي 40 إلى 45 مليار دولار سنوياً، مقارنة بكمية إنتاج لا تتعدى أكثر من 381 مليون متر مكعب سنوياً. 

معظم واردات تركيا من الغاز الطبيعي تصل إلى البلاد عبر خط الأنابيب، بما في ذلك روسيا (56٪) وإيران (18٪) وأذربيجان (8٪).

تصل غالبية الغاز الروسي عبر خط أنابيب بلو ستريم إي

سعت تركيا في العقد الأخير لأن تخرج من هذا المأزق عبر عقد اتفاقيات مع الدول المجاورة، بحيث تكون تركيا معبراً آمناً لمرور شحنات النفط والغاز بين المصدرين والمستوردين مستغلة بذلك موقعها الجغرافي المميز بين قارتي آسيا وأوروبا حيث تسيطر تركيا على مضيقي البوسفور والدردنيل، المضائق التركية التي تربط البحر الأسود بالبحر الأبيض المتوسط إضافة إلى حدودها البرية مع العراق، إيران وسوريا، وأرمينيا وجورجيا إلى الشرق منها، وبلغاريا واليونان إلى غرب البلاد لتكون بذلك موقعاً فريداً رابطاً لمراكز التموين في الشرق الأوسط وأسواق الطاقة في أوروبا.

فكان الاتفاق مع العراق وأذربيجان وروسيا وغيرها، لمد أنابيب الغاز الطبيعي وشحن النفط من شمال العراق على أن تحصل تركيا على حصة من هذه الشحنات أو أسعار تفضيلية، نذكر منها:

خط أنابيب كركوك/جيهان هو خط أنابيب لنقل النفط يبلغ طوله 970 كم. ويصل ما بين مدينة كركوك بالعراق وميناء جيهان في تركيا ويعتبر أكبر خط تصدير نفط خام في العراق ابتدأ تشغيله عام 1976.

مشروع “تاناب” الموقع بين تركيا وأذربيجان عام 2012، وهو خط نقل الغاز من أذربيجان إلى أوروبا عبر تركيا ويعتبر أول المشاريع الاستراتيجية في مجال نقل الغاز.

مشروع “السيل التركي” لبناء خطوط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي من روسيا إلى تركيا ودول أوروبية، ويتألف المشروع من أربعة خطوط تبلغ قدرتها الإمدادية الإجمالية 63 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، وتذهب المرحلة الأولى والتي تبلغ طاقتها الاستيعابية 16 مليار متر مكعب لسد احتياجات تركيا من الغاز الطبيعي.

رغم ذلك لم تؤدي تلك الاتفاقيات الى تخفيض جذري في فاتورة الطاقة التركية وبالتالي لم تثني أنقرة عن حلمها المشروع في أن تكون بلداً منتجاً للطاقة أسوة بجيرانها، فكانت هنالك محاولات عديدة وحثيثة لاستكشاف النفط أو الغاز في مناطق متعددة داخل الأراضي التركية أو مياهها الإقليمية الشاسعة وآخرها في البحر المتوسط. 

اليوم، وقد أعلن الرئيس التركي عن اكتشاف حقل للغاز في البحر الأسود بما يقارب 320 مليار متر مكعب أي يكفي لسد حاجة تركية بالكامل لمدة عشرين عام والذي من المقدر أن يبدأ في مرحلة التشغيل والإنتاج خلال السنوات السبع القادمة.

هذا الاكتشاف وما يتبعه من اكتشافات متوقعة في البحرين الأبيض المتوسط والأسود قد يساهم في تحول جذري في شكل الاقتصاد التركي وينقله إلى مصاف الاقتصاديات الكبرى وذلك بالتخلص من عبئ كبير من فاتورة الطاقة التركية وبالتالي توفير ما لا يقل عن 40 مليار دولار سنوياً من القطع الأجنبي وبالتالي المساهمة في دعم ميزان المدفوعات التركي والحساب الجاري وكذلك دعم الصناعات المحلية بتوفير الوقود بتكلفة أقل وبالتالي دعم تنافسية المنتج التركي، هذا غير توفير عشرات الآلاف من فرص العمل في ذلك القطاع والقطاعات المرتبطة به ما يساهم في خفض نسب البطالة، ومن الناحية السياسية فإنه يعطي لتركيا ثقلاً أكبر في المنطقة عبر تقليل اعتمادها على غيرها من الدول في توفير مصادر الطاقة.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني