fbpx

غلاء الأسعار في إدلب.. وجه آخر لمعاناة الأهالي

0 378

يعاني ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺇﺩﻟﺐ ﻣﻦ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺃﺳﻌﺎﺭ ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺍﻟﺴﻠﻊ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﺗﺮﺩﻱ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ ﻭﻋﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﻓﺮﺹ ﺍﻟﻌﻤﻞ، حيث ﺍﺭﺗﻔﻌﺖ ﺃﺳﻌﺎﺭ المحروقات وﺍﻟﺨضاﺮ ﻭﺍﻟﻔﻮﺍﻛﻪ ﻭﺍﻟﻠﺤﻮﻡ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﺩ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﻛﺒﻴﺮ بحيث يعجز غالبية الأهالي عن تأمين متطلبات الحياة الأساسية.
ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺇﺩﻟﺐ ﺃﺑﺪﻭﺍ ﺍﺳﺘﻴﺎﺀﻫﻢ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ، ﻻﺳﻴﻤﺎ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻮﻣﻲ، ﻭﻋﺪﻡ ﺗﻮﻓﺮ ﺍﻟﻤﺤﺮﻭﻗﺎﺕ، ﻭﻗﻠﺔ ﻓﺮﺹ ﺍﻟﻌﻤﻞ، ﻭﻫﻮ ﻣﺎ ﺍﻧﻌﻜﺲ ﺳﻠﺒﺎً ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺃﺳﺎﺳﺎً ﻣﻦ ﻭﺿﻊ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻱ ﻣﺘﺮﺩٍ.
العامل وليد البم‏ (32 ﻋﺎﻣﺎً‏) نازح من معرة النعمان لا يعلم ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺆﻣﻨﻪ له أجره اليومي ﻣﻦ ﺣﺎﺟﻴﺎﺕ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﻼﺀ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺸﻬﺪﻩ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﺎﺿﻊ ﻟﺴﻴﻄﺮﺓ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﺿﺔ، فهو لازال يتقاﺿﻰ أجره ﺑﺎﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻭﻫﻮ ﻻ يكفيه ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﺃﺩﻧﻰ ﻣﺘﻄﻠﺒﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ.
يقول وليد واصفاً ﻣﻌﺎﻧﺎته ﻣﻊ دخله ﺍﻟﻤﺤﺪﻭﺩ: “الأسعار ﻓﻠﻜﻴﺔ ﻭﻻ ﺗﺤﺎﻛﻲ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﺪﺧﻞ ﻭﺍﻹﻣﻜﺎﻧﺎﺕ، حيث ﺃﻋﻤﻞ منذ الصباح وحتى المساء ﻓﻲ مجال البناء، وأحصل على مبلغ 3000 ليرة سورية يومياً، أي ما يعادل دولار ونصف، ﻭﻫﻮ ﻣﺒﻠﻎ ﺯﻫﻴﺪ ﻗﻴﺎﺳﺎً ﺑﻤﺎ ﻳﺠﺘﺎﺡ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﻏﻼﺀ ﻓﺎﺣﺶ.
أبو عدنان (40عاماً) من ريف سراقب اضطر لركن سيارته والتوقف عن العمل، لعدم قدرته على تحمل تكاليف مادة المازوت، وعن ذلك يقول: “كنت أعمل كبائع متجول، ولكن مع غلاء أسعار المحروقات أصبحت الأرباح التي أحصل عليها لا تكفي لشراء مادة المازوت وحدها، ما دفعني للتوقف عن العمل.”
الأرملة أم يامن (39عاماً) من مدينة حارم ليست أفضل حالاً، وعن معاناتها تتحدث لـ نينار بقولها: “الغلاء يحملنا ﺃﻋﺒﺎﺀ نعجز ﻋﻦ ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺣﻠﻮل ﻟﻬﺎ، حيث كان الفقير يعتمد سابقاً على وجبات الخضار، ولكننا اليوم نعجز عن تأمينها أيضاً جراء ارتفاع أسعارها، أما اللحوم فقد أصبح شراؤها مقتصراً على الميسورين، وليس للفقراء نصيب منها، حتى شراء الخبز أصبح يثقل كاهلنا بعد أن أصبح سعر الكيس الواحد 500 ليرة سورية بوزن 500 غرام .”
الخبير الاقتصادي يزن الصالح من مدينة إدلب يتحدث عن ارتفاع الأسعار بقوله: “ﻳﺸﻬﺪ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻲ ﻓﻲ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺇﺩﻟﺐ ﺗﺮﺍﺟﻌﺎً ﻳﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻳﻮﻡ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺼﻒ ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ ﻭالترﺍﺟﻊ الحاﺩ ﺑﺴﻌﺮ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﻠﻴﺮﺓ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ وبقية العملات الأجنبية، حيث تجاوز 2000 ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد، ﻓضلاً ﻋﻦ ﻗﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻏﺎﺛﻴﺔ ﺍﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻭﺍﻧﺘﺸﺎﺭ ﺍﻟﺒﻄﺎﻟﺔ.” ﻣﻌﺘﺒﺮﺍً ﺃﻥ متوسط دخل الأسرة في إدلب يبلغ حوالي 100 ألف ليرة سورية شهرياً، أما تكاليف معيشة أسرة مكونة من ستة أشخاص تصل إلى حوالي 400 ألف ليرة سورية، الأمر الذي يجعل ﻋﺪﺩاً ﻛﺒﻴﺮاً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﺍﻟﻤﺪﻗﻊ، وتسبب بحاﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻠﻖ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻫﺎﻟﻲ، ﻣﻦ ﺟﺮﺍﺀ ﺍﺳﺘﻤﺮﺍﺭ ﺭﻓﻊ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻮﻣﻲ.
ﻳﻌﺘﺒﺮ الصالح أن ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﺘﻀﺮﺭﻳﻦ ﻣﻦ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ ﻫﻢ العمال والموظفون الحكوميون وﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻐﻴﺮ ﺑﻤﻘﺪﺍﺭ ﺍﻧﺨﻔﺎﺽ ﻗﻴﻤﺔ ﺍﻟﻌﻤﻠﺔ، وﻓﺌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻤﻦْ ﻓﻘﺪﻭﺍ أعمالهم وأرزاقهم ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧﺰﻭﺣﻬﻢ ﻣﻦ مناطقهم ﺇﺛﺮ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ التي ﺷﻬﺪﺗﻬﺎ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻃﻴﻠﺔ سنوات الحرب، ﺃﻣﺎ ﺃﻛﺜﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﻔﻴﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻭﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻞ والشركات.
ﻭﺷﺪﺩّ الصالح ﻋﻠﻰ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻋﺪﻡ ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ الموﺍﺩ ﺍﻻﺳﺘﻬﻼﻛﻴﺔ ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ، ﻳﻀﺎﻑ ﺇﻟﻰ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﺰﺍﻡ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﺤﺎﻝ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭﻳﺔ ﺑﻮﺿﻊ ﺗﺴﻌﻴﺮﺓ ﻟﻠﻤﻮﺍﺩ ﻟﻴﺘﺴﻨﻰ ﻟﻠﻤﺸﺘﺮﻱ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺴﻌﺮ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺸﺮﺍﺀ، ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﻣﺮﺍﻗﺒﺔ ﺍﻷﺳﻮﺍﻕ.

الكثير من التجار استغلوا هذا الواقع، وعمدوا إلى ﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﻤﻮﺍﺩ، ﻭﺃﺧﺬﻭﺍ ﺑﺎﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﺗﺪﻓﻘﻬﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﻕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﻭﻓﻖ ﻣﺰﺍﺟﻬﻢ، والتلاعب بلقمة عيش المواطن، وبالمقابل يلجؤون لتبرير ارتفاﻉ ﺍﻷﺳﻌﺎﺭ ﺑﺘﺪﻫﻮﺭ قيمة ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﺔ أمام العملات الأجنبية حتى لو كانت بضاعتهم ﻣﺤﻠّﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ. 

ﻣﻜﺘﺐ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻟﺘﻨﺴﻴﻖ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ذكر ﻓﻲ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻟﻪ ﺃﻥ 83 ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻮﺭﻳﻴﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮﻥ ﺗﺤﺖ ﺧﻂ ﺍﻟﻔﻘﺮ، ﺇﺿﺎﻓﺔ إلى أن 33 % ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺎﻥ ﻓﻲ ﺳﻮﺭﻳﺎ ﻳﻌﺎﻧﻮﻥ ﻣﻦ ﺍﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻷﻣﻦ ﺍﻟﻐﺬﺍﺋﻲ.

ﺗﻌﺼﻒ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻼﺀ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺒﻮق ﻓﻲ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﻣﻨﺎﻃﻖ سيطرة المعارضة السورية جراء ضعف أجر اليد العاملة، وﺇﻏﻼﻕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺑﺮ ﻭﻭﻗﻒ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ، ﻭﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﺳﻌﺮ ﺻﺮﻑ ﺍﻟﺪﻭﻻﺭ الأمريكي، ﻭﺍﺣﺘﻜﺎﺭ ﺍﻟﺘﺠﺎﺭ ﻟﻠﺴﻠﻊ، حيث أصبح الغلاء الكابوس الذي يؤرق الأهالي ويضاعف معاناتهم، ويرافقهم مع النزوح والتشرّد .

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني