fbpx

‎عوامل حاسمة تنبئ عن سقوط وشيك لنظام الاستبداد الأسدي

1 815

‎عوامل حاسمة وكثيرة تجتمع في مواجهة استمرار نظام الأسد في حكم سورية، فهو نظام فقد شرعيته منذ أن واجه المظاهرات السلمية عام 2011 بالعنف المفرط والقتل اليومي للمتظاهرين السلميين، وهو أيضاً، لم يضع أي سيناريو محتمل لحلٍ يرضي الشعب السوري الثائر على استبداده، بل فعل عكس ذلك حين رفع شعاره المشهور (الأسد أو نحرق البلد).

‎عدم شرعية النظام الأسدي تأتي أيضاً من عملية تأسيسه الأولى، فالديكتاتور الأب الجنرال حافظ أسد وصل السلطة بانقلاب عسكري على رفاقه عام 1970، وباعتباره وزيراً للدفاع آنذاك، فقد استخدم قوى الجيش خارج أي شرعية شعبية انتخابية شفافة، بل عمل على وضع دستور للبلاد على مقاس حكمه، حيث أوهم الناس بأن نظام الحكم في سورية هو ديمقراطي شعبي، أي حكم العمال والفلاحين وصغار الكسبة.

‎عدم شرعية النظام الأسدي تأتي أيضاً من خلال وضع المادة الثامنة في دستوره، التي تنصّ على أن حزب السلطة “حزب البعث العربي الاشتراكي” يقود جبهة وطنية تحكم البلاد، أي أن حزب البعث هو الحزب القائد للمجتمع والدولة كما ورد في ذلك الدستور، وأن رئيس الجمهورية هو القائد العام للجيش والقوات المسلحة، وهو في آن واحد قائد الحزب والدولة، ولهذا تجتمع بيده صلاحيات حكم أشبه بالمطلقة.

‎هذا النموذج من الحكم يخفي خلف نصوص الدستور سلطة ديكتاتورية مخيفة، حيث يعيّن رئيس الدولة مجلس القضاء الأعلى، أي أن القضاء ليس مستقلاً، وكذلك باقي مفاصل الدولة الهامة، مثل منظمة شبابية اسمها اتحاد شبيبة الثورة، التي يتم تنسيب كل الفتية فيها في المرحلتين الإعدادية والثانوية، وكذلك منظمة طلائع البعث، التي ينتسب إليها كل الأطفال في المدارس السورية في المرحلة الابتدائية.

‎هذه المنظمات، مع اتحادات العمال والفلاحين والحرفيين والنقابات المهنية، كلها تحكم من مكاتب القيادة القطرية لحزب البعث، الذي يحكمه من يُطلَق عليه تسمية الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي، أي رئيس الدولة.

‎هذه البنية السياسية لنظام حكم سورية تكشف عن رؤية استراتيجية خطّط لها مؤسس الاستبداد الأسدي حافظ الأسد، وهي تركيز كل السلطات بيده، حيث تشرف على عمل كل المؤسسات الحكومية والتشريعية أجهزة الأمن المتعددة، التي تشبه أخطبوطاً تسيطر أذرعه على كل مفاصل الحياة الاقتصادية، والسياسية، والأمنية، والثقافية، والاجتماعية… إلخ.

‎إن سيطرة الدولة على النشاط الاقتصادي الوطني، وتحولها إلى لعب دور ربّ العمل الأكبر في البلاد، حوّل المؤسسات الاقتصادية بشتى فروعها إلى مراكز سيطرة على هذا النشاط، إذ صارت المؤسسات الاقتصادية بما فيها مؤسسات التجارة الداخلية والخارجية بقبضة جهاز إداري، تشرف على رقابته أجهزة الأمن في البلاد، فالسلطة السياسية التي يتزعمها الديكتاتور هي من يختار المدراء العامين لها، ويصدر التعيين بموجب مرسوم جمهوري، وهذا يمنح المدراء العامين سلطات مطلقة لا رقابة عليها فعلياً سوى رقابة الأجهزة الأمنية، التي تقدّم تقاريرها باستمرار لقائد “الدولة والمجتمع”، أي لحافظ الأسد.

‎إن السلطة التشريعية للدولة (مجلس الشعب) محكومة لدستور عام 1973، الذي جعل بنية هذا المجلس محكومة بما أُطلق عليه آنذاك قائمة الجبهة الوطنية التقدمية، التي تشغل الغالبية العظمى من قوائم المرشحين للمجلس المذكور، حيث يشكل مرشحو حزب السلطة وما يسمى الجبهة الوطنية غالبية في التصويت، وهذا يعني، سيطرة الديكتاتور على كل التشريعات، التي يحتاجها نظامه لإحكام قبضته على البلاد.

‎إن شعار “قائدنا إلى الأبد حافظ الأسد” هو شعار يكثّف بقوة هيمنة سلطة الديكتاتور على حكم سورية مدى الحياة، وهو شعار مهّد لما يسمّى (قائد الدولة والمجتمع) أن يجعل حكم البلاد عائلياً دون إرادة السوريين، التي كانت مختطفة وفق بنية نظام استبدادي مغلق على نفسه.

‎هذه الحالة هي من أتت بابن الديكتاتور إلى وراثة حكم سورية عبر تزوير إرادة الشعب السوري المغلوب على أمره، حيث تمّ تعديل دستور الأب بما يخصّ سنّ رئيس الدولة بجلسة سريعة لما يسمى (السلطة التشريعية) أي مجلس الشعب، فصار الابن وارثاً بالقوة لكل سلطات الديكتاتور الأب.

‎السيطرة على البلاد بهذه الطريقة تعبّر عن تجاهل إرادة الشعب السوري لتقرير من يحكمه، وهي أيضاً جعلت نهب الثروات الاقتصادية في البلاد من اختصاص عائلة الأسد ذاتها، ولكي تتحقق السيطرة الكاملة على أجهزة الدولة الإدارية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، أرخى النظام الحبل لقادة ومسؤولي هذه الأجهزة لممارسة نهب مؤسساتهم عن طريق الفساد الإداري والمالي، ما جعلها تعمل ضد مصالح الشعب السوري.

‎إن مجيء بشار الأسد إلى السلطة بهذه الطريقة المهينة للسوريين، أوضح مسائل حاسمة بحياة وتطور البلاد، فهذا الوريث غير الشرعي لحكم سورية، كان لا يهمه وعائلة الأسد سوى البقاء في سدّة الحكم، بما في ذلك نقل السلطة بسلاسة إلى من يختاره رأس النظام وريثاً له.

‎ونتيجة للفساد الهائل الذي أغرق مؤسسات الدولة والمجتمع، هبّ السوريون مطالبين بحريات سياسية ودولة مواطنة، ما أرعب النظام غير الشرعي، وذهب باتجاه مواجهة مظاهراتهم السلمية لأشهر عديدة بالقتل، ثم بقصف المدن والبلدات والقرى بالبراميل المتفجّرة، ولم يتوان النظام عن استخدام كل أنواع أسلحة التدمير الهائل، بما فيها استخدامه للأسلحة المحرّمة دولياً كالأسلحة الكيماوية.

‎وباعتبار أن النظام الأسدي يدرك أنه نظام استولى على السلطة بقوة الجيش، فهو حوّل هذه المؤسسة التي تختص بحماية حدود البلاد إلى مؤسسة تهتم فقط باستمراره حاكماً أبدياً لسورية، وذلك من خلال سيطرة أزلامه من طائفته الدينية على مفاصل الجيش وقوى الأمن، وهو الذي يفسّر تحوّل الجيش الوطني إلى جيش طائفي يقوم بالتطهير العنصري في البلاد، والذي استعان بإيران الشيعية وحزب الله اللبناني وباقي الميليشيات الطائفية من أجل تنفيذه.

‎كان همّ الوريث بشار الأسد البقاء في السلطة، ولهذا أتى بالإيرانيين والميليشيات الطائفية وبالروس إلى سورية، ومنحهم امتيازات اقتصادية وأمنية وسياسية خطيرة على حساب الشعب السوري، ما أفقده القدرة على حكم البلاد نتيجة تآكل سلطاته لصالحهم.

‎إن نظاماً فاسداً وليس وطنياً مثل النظام الأسدي صار عبئاً مخيفاً على الشعب السوري، فهو كي يستمر في السلطة، ويهرب من نظام العقوبات الدولية المفروضة عليه، عمل على تحويل البلاد على مراكز تصنيع للمخدرات المختلفة وفي مقدمتها مخدر الكبتاغون.

‎رفض النظام لأي إصلاح سياسي في بداية الثورة السورية عبّرت عنه مقولته الخطيرة (الأسد أو نحرق البلد)، وهو نظام فعل ذلك بكل وحشية، مرتكباً انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان عبر ارتكابه لمجازر الذبح والقتل والتدمير بحق الشعب السوري.

‎النظام لا أفق له، ولا يستطيع أن يفرض استمرار حكمه، وما يحدث في محافظة السويداء من تظاهرات مستمرة، يُظهر أن ورقة التوت الأخيرة سقطت حول ادعائه حماية من يسميهم هو أقليات وطنية، هذه التسمية عار عليه، فمن يطلق عليهم أقليات هم سوريون بامتياز وهم مكونات فاعلة في حضارة سورية عبر تاريخها.

‎إن الوضع المعيشي الخانق الذي تعيشه مناطق حاضنة النظام، وباقي مناطق حكمه، جعلت صوت الشعب يرتفع مطالباً برحيله، ومحاسبة القتلة ومنتهكي حقوق السوريين وسارقي أموالهم وعرقهم ومستقبل أطفالهم. فقد كان بإمكان الديكتاتور زعيم عصابه الكبتاجون بشار أسد ووالده من قبله أن يجعلا من مناطق الساحل السوري أوروبا الشرق الأوسط التي تؤهلها جغرافيتها وطبيعتها الخلابة لأن تكون مركزاً سياحياً متميزاً ينعش اقتصادها وأهلها، ويؤمن لهم سبل العيش الكريم والرغيد، ويرفد الخزينة العامة بمصادر الثروة.

لقد تقصد هذا النظام المافياوي التعتيم على فرص العيش الرغيد والتقدم والازدهار الاقتصادي لأهل الساحل السوري ليجعلهم ورقة بيده يستخدمها ويسخرها لحاجاته الذاتية التي تخدم بقاءه واستمرارية ذله وتطويعه لهم، ليكونوا المحرقة التي تتقد لإبقائه محكماً قبضته على حكم سورية والسوريين.

إن على السوريين وخاصةً أهلنا بالساحل أن يتنبهوا لخبث ومكر عائلة أسد وعصابته، فلا مستقبل لهم ولسوريا الوطن بوجود هذه العصابة العائلية المافياوية.

إن الوضع المتدهور في كل مفاصل الحياة في سورية وكل ما ذكر أعلاه هي مؤشرات موضوعية تدلل بما لا يدع مجالاً للشك بأن عصابة نظام عائلة أسد الديكتاتوري والمافياوي ساقطة لا محالة مرة وإلى الأبد، وإن شمس الحرية ستسطع على سورية الوطن من جديد وعلى الدوام.

1 تعليق
  1. نزار بعريني says

    . هل يُعقل أن يعتمد الدكتور على عدم شرعية النظام السوري لكي يستنتج بحتمية سقوطه بعد كلّ ما حصل منذ ٢٠١١؟…: هل وجود الشرعية او غيابها هو الذي يفسّر بقاء أنظمة المنطقة أو سقوطها ؟ يبدو لأنه بأمريكا ما بيعرف شو السالفة .

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني