fbpx

شيوخ وعلماء دمشق طوافون حول الأسد وأحد أهم أعمدة حكمه

0 276

عمل الأسد الأب على ترسيخ حكمه وقبضته الإجرامية على سوريا بمختلف الأساليب والطرق، فبعد وصوله إلى الحكم عن طريق الانقلاب العسكري ثم زج رفاقه بالانقلاب في السجون وملاحقة عائلاتهم وإجبارها على اعتزال العمل السياسي، ليستفرد تماماً بالسلطة السياسية والعسكرية والاستعانة بعائلته لتحقيق أهدافه، وبالتالي الإمساك بكل مناحي الدولة، أما بالنسبة للشعب فعمد إلى تعبيد طريقه بدماء السوريين فوأد كل ثورة قامت ضده بوحشية شديدة وزج بكل المعارضين له في السجون لعشرات السنوات، وعندما بدأ نظام الأسد الأب بتثبيت أقدامه في الحكم لجأ إلى أساليب شيطانية لغسل عقول المواطنين والسيطرة عليها والطريقة الأسهل لذلك هي بوابة الدين التي كانت الوسيلة المتبعة عبر التاريخ سواء العربي أو الغربي للسيطرة على الشعوب وضمان ولائها للحاكم.

تاريخ المؤسسة الدينية في سوريا وصعودها


المعروف عن الشعب السوري أنه ذو غالبية متدينة لكن ليست متشددة إذ يتمتع رجل الدين باحترام وتقدير كبير بل وللأسف أحيانا يتحول التقدير إلى تقديس، وهذا الوتر الحساس الذي استغله حافظ الأسد، فعند استلامه لسدة الحكم سوق نفسه كنظام علماني يفصل الدين عن الدولة ويحكم ضمن دستور يراعي جميع الطوائف والأديان، ولكنه اضطر للاستعانة برجال الدين لتثبيت حكمه وكسب ولاء المواطنين واستغلال المؤسسة الدينية لصالحه، وبدأت حكاية النظام مع المؤسسات الدينية باستقطاب الحركات والشخصيات المؤثرة على المجتمع وحثها على إصدار الخطب والفتاوى التي تتماشى مع مصالحه ومعاقبة كل من تسول له نفسه بشق عصا الطاعة بأشد العقوبات، وبعد إحكام سيطرته تماماً على المؤسسات الدينية بدأ النظام بتعيين شخصيات مقربة منه في مناصب عليا كمفتي أو وزير أوقاف بل وأحيانا أعضاء من حزب البعث (العلماني) كشيوخ كبار.
وقد لجأ النظام إلى بسط سيطرته عن طريق بث الفرقة والخلافات بين رجال الدين، وقد اعتمد النظام على أسماء كبيرة لتلميع صورته وإظهاره كحامل للواء الدين ومدافع عن العقيدة كالمفتي السابق أحمد كفتارو الذي عمل على تثبيت حكم الأسد الأب بعد الانقلاب وأمر الناس بالانصياع له والخضوع لسلطته، وقد منحه حافظ الأسد امتيازات كبيرة إذ سمح له بافتتاح المدارس والمعاهد الدينية على كامل الأرضي السورية بل وافتتاح معاهد تحفيظ للقرآن سميت باسم عائلة الأسد، وبعد أحداث حماة والقمع الدموي الذي شهدته حماة وبعض المدن الأخرى لجأ النظام إلى سياسة استيعابية لبعض الأحزاب الدينية وخاصة الصوفية منها الذي كان كفتارو هو شيخ طريقتها فقرب إليه الصوفيين وحارب بإجرام وعدوانية كل من هو مخالف لهم وأصبح كل من يخالف الطريقة الصوفية محسوب على الإخوان المسلمين ويجب عقابه، ولا يخفى على أحد أن ما فعله حافظ الأسد وشقيقه رفعت في حماة ساهم بشكل كبير في إسكات أي أصوات مناهضة للأسد سواء دينية أو غيرها فقتل 40 ألف شخص في عدة أيام واعتقل أضعافهم وزجهم في السجون وأعدمهم فيما بعد، فهرب اللفيف الأعظم من الإسلاميين خارج دمشق وأصبحت المساجد ودور العبادة مراقبة تماماً من قبل الأفرع الأمنية، وأصبحت الخطب تكتب من قبلهم والأئمة غالباً تابعون للأفرع الأمنية بل ويجبرون على كتابة تقارير دورية عن رواد الجوامع وتسليمها للأمن، فأفرغت الساحة للمحسوبين على النظام، وبعد كفتارو جاء دور الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي كان يمتلك شعبية كبيرة لدى السوريين والذي اشتهر فيما بعد بعبارته الشهيرة وقت وفاة باسل الأسد وبأنه شاهده على باب الجنة وأعاد ذات المقولة مع حافظ الأسد، ومع بدء الثورة السورية اتخذ موقف النظام وأصبح يهاجم المظاهرات والثوار من على منبر الجامع الأموي واصفاً إياهم بالمجرمين والمخربين وممجداً بجيش النظام وقائده بشار، وبعد بدء الثورة بعامين قتل البوطي في ظروف غريبة حيث حصل تفجير في جامع الإيمان الذي كان يعطي فيه درساً، ولكن أظهرت الفيديوهات وبعض شهادات شهود العيان أنه تم إطلاق النار عليه وتصفية كل من وجد في الجامع حينها، وجاء من بعده ابنه الذي اتخذ نفس نهج أبيه بالتشبيح للنظام والدفاع عنه، ولم يكتف النظام بتلك الأسماء، فقد استعان أيضاً بوزير الأوقاف التابع للمخابرات، إذ تقوم المخابرات بوضع فكرة خطبة الجمعة وكتابتها وتوزيعها على الأئمة في جميع مناطق النظام، ومراقبة المساجد وأدائها والأحاديث الدائرة بين مرتاديها، إذ لم ينس النظام أن الشرارة الأولى التي أشعلت الثورة السورية انطلقت من المسجدين الأموي في دمشق والعمري في درعا، فكان لعبد الستار وزميله المفتي أحمد بدر الدين حسون دور كبير في تلميع صورة النظام ونفي صفة الإجرام عنه، لدرجة تشبيهه بالأنبياء ووصفه بحامي سوريا والمدافع عنها، واعتبار الوقوف إلى جانبه فرض عين، ووصف اللاجئين بأنهم خدم وعمال لدول اللجوء، أما مأمون رحمة الذي كان خطيب المسجد الأموي فقد أقسم أن المواطنين يشعرون بالسعادة عند وقوفهم على الطوابير بل ويشكرون الله على تلك النعمة.

لذلك مشهد الخطباء والأئمة في مسرحية الانتخابات السورية وهم يهتفون بحياة الأسد ليس سوى انعكاس للواقع المخجل الذي وصل إليه رجال الدين من تسبيح وتقديس بحمد بشار الأسد وتوجيه الدين لتأييد الأسد ونظامه وتبرير إجرامه لإبقائه في الحكم.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني