fbpx

حق النقض “الفيتو” حق يراد به باطل ويجب إلغاؤه

0 165

عندما أوشكت الحرب العالمية الثانية على الانتهاء في عام 1945، كانت الدول في حالة دمار، وكان لا بدّ من إحلال السلام بشكل دائم، حيث اجتمع ممثلو 50 دولة في مؤتمر سُمي مؤتمر الأمم المتحدة، وذلك في سان فرنسيسكو بولاية كاليفورنيا الأمريكية لمدة شهرين متتاليين، قاموا خلالها بصياغة ميثاق الأمم المتحدة، ومن ثم التوقيع عليه.

هذا الأمر أدى إلى إنشاء منظمة الهيئة العامة للأمم المتحدة، وكانت مهمتها منع نشوء حروب جديدة، والمحافظة على الأمن والسلم الدوليين، وذلك من خلال اتخاذ إجراءات فعّالة لمنع الأخطار التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.

ومن مهام الأمم المتحدة الوليدة، تنمية العلاقات الودّية بين الدول على أساس احترام مبدأ المساواة في الحقوق، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، وذلك دون التمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.

بعد إنشائها أصبحت الأمم المتحدة من أشهر وأكبر المنظمات في القرن العشرين، فهي تتكوّن من ستة أجهزة رئيسية، هي الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الإقتصادي والاجتماعي، ومجلس الوصاية، ومحكمة العدل الدولية، والأمانة العامة.

وأصبح الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين من مهام وصلاحيات مجلس الأمن، حيث يقوم هذا المجلس بالتحقيق بأي نزاع قد يفضي إلى خلاف دولي، وإتخاذ إجراءات عسكرية ضدّ المعتدي، وتقديم توصيات إلى الجمعية العامة بشأن انتخاب الأمين العام للأمم المتحدة، وانتخاب قضاة المحكمة الدولية.

مجلس الأمن فعلياً تشكّل من الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وهي، الاتحاد السوفيتي، التي حلت بدلاً عنه روسيا الإتحادية، والولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، والصين الوطنية، التي حلّت بدلاً عنها الصين الشعبية، إضافة إلى عشرة أعضاء غير دائمين، يتم انتخابهم دورياً كل عامين.

هذه الهيكلية غير المتزنة لمجلس الأمن، غلّبت مصالح دول محددة على حساب بقية دول العالم، ما أدى إلى استعصاء حلّ الأزمات، الأمر الذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للقول في أكثر من مناسبة “العالم أكبر من خمسة”.

إن مرور السنين، وتغير الظروف الدولية، يقتضي توسيع مجلس الأمن لأجل الحفاظ على السلم الدولي، وبالتالي يجب إعطاء العضوية الدائمة وحق النقض لدول أخرى، باتت تشكّل اليوم أهمية خاصة في حفظ الأمن والسلم الدولي، ليكون هناك تمثيلٌ عادلٌ لشعوب العالم، ويكون ذلك بمعايير قوة الدولة وموقعها الجغرافي.

لقد ظهرت دولٌ جديدةٌ ذات قدرات اقتصادية وبشرية وعلمية كبرى، ما يتطلب إعادة النظر ببنية هذا المجلس، فهناك دول مثل ألمانيا والهند والبرازيل وغيرها، ذات قدرات اقتصادية كبيرة، وعدد سكان يتجاوز المليار ونصف من البشر.

بالتالي فإن بقاء حق النقض محصورٌ بالدول الخمس دائمة العضوية هو أمر بات غير مقبول دولياً، فليس معقولاً أن تعطّل إحدى هذه الدول حلّ نزاع في بلد ما كسوريا مثلاً، أو حلّ صراعٍ بين دولتين أو أكثر نتيجة امتلاكها لحق النقض.

ويمكننا القول إن هذه الدول دائمة العضوية لا تمثّل الشعوب العربية والإسلامية.

وفي ظلّ هذه المتغيرات، يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تقوم بتغيير مهام ووظائف مجلس الأمن، وتغيير اتخاذ القرارات فيه، وهذا يعني من جهة ضرورة إلغاء ما يسمى (دول دائمة العضوية)، واستبدال ذلك بمجلس أمن عدد أعضائه يتغيّر كل عامين، وتتم عملية اتخاذ القرارات فيه عبر نسبة تصويت، يمكن اقتراح أن تكونى ستين بالمئة من عدد الأعضاء، ويكون القرار الناتج عن هذا المجلس ملزماً وتحت البند السابع في حل النزاعات المسلحة.

لقد تمّ استخدام حق النقض منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945 (293) مرة، وهذا يعني أن الخمسة الدائمين في مجلس الأمن يختطفون العالم بأسره، بحقٍ يُستخدم بطريقة باطلة ضد مصالح وحقوق الشعوب.

العالم يحتاج وبشدة الآن أكثر من أي وقت مضى، أن تكون الأمم المتحدة بكل مؤسساتها بما فيها مجلس الأمن مناسبة للغرض الذي أنشئت من أجله.

إن نزع حق النقض من أيدي الدول دائمة العضوية، يحتاج إلى آلية جديدة، تساهم بحلّ الصراعات التي لا تزال مستمرة بسبب استخدام حق الفيتو بطريقة باطلة، وضد مصالح الشعوب، فهل هناك مساعٍ دولية بهذا الاتجاه؟

نعتقد أن العالم يسير باتجاه تعدد الأقطاب، وبالتالي بآلية دولية جديدة في اتخاذ القرارات، التي تحفظ الأمن والسلم الدوليين.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني