fbpx

حقوق المرأة في مواجهة المجتمع

0 303

يعد مصطلح حقوق المرأة مصطلحاً عاماً، يؤكد على ما يعطى للنساء والفتيات من جميع الفئات العمرية من حقوق وحريات في العالم المعاصر والتي قد يتم تجاهلها في قوانين بعض الدول. وعلى الرغم من أن المرأة قطعت أشواطاً كبيرة في النضال من أجل حقوقها، إلا أنها لا تزال بعيدة عن المستوى الذي يضعها في صفوف العدالة والإنصاف؛ لأنه حتى في بلد متحضر، تم حرمان المرأة من العديد من حقوقها.

من الاتفاقيات الدولية التي خُصصت للمرأة وعملت على إنصافها:

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.

البروتوكول الإضافي الملحق باتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.

إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة، بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.

إعلان بما يخص حماية النساء والأطفال في هيئات الطوارئ والمنازعات المسلحة، بسبب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة.

المرأة السورية عانت ويلات الحرب في سوريا والتهجير القسري، فقد أفراد العائلة، فقدان الأمن، العوز المادي، والسلامة الصحية… وغيرها من آثار الحرب والنزوح، ولم يثنها ذلك عن الاستمرار بالمطالبة بحقوقها في دول اللجوء ومنها تركيا..

خبر السوريون مجتمعاً جديداً وقوانين مختلفة عن قوانين بلدهم الأم، كذلك خبرت النساء حيزاً من الحرية المفتقدة بالنسبة لهن.

واستطاعت بعضهن الحصول على حقوقهن، لكن نتيجة الاستطلاع الذي أجرينا، وشاركت به مجموعة من النساء تظهر تبايناً في الآراء:

56.5% من المشاركات في الاستطلاع أجبن بأن المرأة السورية في تركيا لم تحصل على حقوقها.

بينما 43.5% يعتقدن أنها حصلت على حقوقها أو على جزء منها.

الظروف الجديدة التي فرضت على السوريين عموماً وعلى النساء خصوصاً، لعبت دوراً في تغيير الأوليّات لديهم.

ويبدو أن الوضع المعيشي المختلف، أو فقدان المعيل وغيرها من الأسباب أيضاً، غيّر في أوليات المرأة السورية في تركيا.

قمنا بإجراء استطلاع لنتمكن عبره معرفة ما هو المطلب الأكثر إلحاحاً بالنسبة للمرأة السورية في تركيا، وكانت النتائج على النحو التالي:

63.8% من المشاركات اخترن العمل كمطلب أكثر أهمية.

بينما 23.4% اخترن التعليم.

6.4% يعتقدن أن الصحة من الأوليّات التي تهم المرأة السورية.

و2.1% للعمل والتعليم بظروف تناسب المرأة الشرقية ومثلها لجميع ما ذّكر.

ما يدل على حاجة الوضع المعيشي لعمل النساء أكثر من السابق.

السيدة كبرياء ساعور، باحثة اجتماعية وناشطة في مجال حقوق المرأة، تعتقد أن “وضع المرأة في أي مجتمع هو دلالة على مستوى تقدمه وتطوره، أو تراجعه وتخلفه.

لذلك عندما تكون النساء قادرات على المشاركة في مختلف مجالات الحياة، والوصول إلى التعليم بشكل يسير، والحصول على فرص متساوية في العمل في مجتمع ما، فهذا يدل على تقدمه.

إن أهداف التنمية المستدامة لدى الأمم المتحدة تربط بين التنمية ومدى مشاركة النساء.

فالمجتمعات التي تكون فيها النساء بعيدات عن المشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية تكون فيها التنمية أيضاً في حالة تراجع وأدنى من تلك التي تساعد في مشاركة النساء في التنمية عموماً.

من الضرورة بمكان أن تكون هناك دعوات حقيقية لتمكين النساء بداية من التعليم الجيد، في سوريا مثلاً كان التعليم في مرحلته الأساسية متوفراً وكانت نسبة الاستيعاب جيدة لدى الطلاب عموماً، لكنه كان يفتقر إلى الجودة، بالإضافة إلى نسب التسرب العالية للفتيات خصوصاً في المجتمعات المحافظة التقليدية التي تزوج الفتيات في سن مبكرة ما يؤدي إلى عدم إتمامهن التعليم، وبالتالي حرمانهن من الاستفادة من برامج التنمية المختلفة والمهارات المهنية.

وقد ظهر ذلك جلياً بعد عام 2011 عندما بدأت موجات اللجوء والنزوح، فتبين أن هناك شريحة كبيرة من النساء كانت محرومة من التعليم ولا تمتلك أية مهارات مهنية، واضطر قسم منهن للعمل نتيجة الظروف المعيشية المختلفة والحاجة إلى معيل، ما أدى إلى تعرضهن للاستغلال أو أجبروا على امتهان أعمال هامشية”.

أصدرت الأمم المتحدة لعام 2000 من خلال مجلس الأمن، أن المرأة لها تأثير قوي في الوصول إلى حلٍ في النزاعات والصراعات، حيث أصدر مجلس الأمن قراره رقم 1225، واعتبر المرأة ركناً فعّالاً في الأمن والأمان، مشدداً على مشاركة المرأة في عمليات حفظ السلم والأمن خاصة في الأماكن المتضررة من النزاع، وتوعية قوات حفظ السلام والشرطة والإدارات القضائية بخصوصية المرأة في النزاع، اتخاذ التدابير لضمان حماية الاحتياجات الخاصة للنساء والفتيات، تعزيز دور المرأة في مجالات الشرطة المدنية والإنسانية ومراقبة حقوق الإنسان، تمثيل النساء في المجتمعات التي عانت من نزاع مسلح للتحدث بصراحة في عملية حل النزاعات، والمشاركة في عملية صنع القرار على جميع المستويات، كشركاء متساوين في منع النزاعات وحلها وتحقيق السلام.

وأظهر الاستطلاع الذي أجريناه، كيف ترى المشاركات السبيل إلى حصول المرأة على حقوقها.

6.4% من المشاركات يعتقدن أن الأنظمة والقوانين تضمن حقوق المرأة.

بينما 10.6% يعتقدن أن الوعي المجتمعي هو الأهم.

و83% يرين أن كلاهما ضروريان لضمان حصول المرأة على حقوقها.

ورغم كل ما سنّ من قوانين وتشريعات تسعى لنيل المرأة حقوقها، لكنها لم تكن كافية، فهناك قوى مختلفة تقف في وجه ذلك وتسعى لتقويض تلك القوانين والتشريعات.

في الاستطلاع نفسه، توجهنا للمشاركات بسؤال عن القوى التي تقف عائقاً في وجه حصول المرأة على حقوقها، وكانت النتائج كمايلي:

52.2% من المشاركات يعتقدن أن القوى المجتمعية والدينية والسياسية مجتمعة هي العائق الأكبر في وجه حصول المرأة على حقوقها.

بينما 41.3% يعتقدن أن القوى المجتمعية (العادات والتقاليد) هي العائق الأكبر.

وحصلت القوى السياسية على 4.3% والقوى الدينية على 2.2%.

د. غادة حمدون صيدلانية، وناشطة إعلامية ومهتمة بقضايا الأسرة والمرأة، تعتقد أن “جميع هذه القوى لها دور في عدم حصول المرأة على حقوقها، المبررات كثيرة وأهمها حب السيطرة والوصاية على المرأة وأيضا تفكير نمطي لأدوار المرأة، والخوف على هدم الأسرة المكون الأساسي للمجتمع بسبب وجود بعض الحركات النسوية التي كان لها تجارب سيئة في هذه المجتمعات”.

خولة دنيا

السيدة خولة دنيا، استشارية ومدربة في مجال النوع الاجتماعي، ترى أن من يقف عائقاً في وجه حقوق المرأة “جميع القوى التي لديها مصلحة في الحفاظ على امتيازاتها وعدم التخلي عنها.. لذلك نرى أن الكثير من القوى الرجعية والذكورية تقف في وجه المرأة سواء مجتمعياً أو سياسياً أو دينياً، وهذا لا يرتبط بتوجه سياسي محدد أو دين معين. فرجال الدين في الأديان الأخرى ليسوا أفضل حالاً من رجال الدين الإسلاميين.. وكذلك الاتجاهات السياسية سواء اليسارية أو اليمنية قد لا تختلف في التعامل مع المرأة.. هذا مرتبط بالتزمت والمصلحة الذكورية وعدم الرغبة في التخلي عن المكاسب التي يتضمنها بقاء وضع النساء على ماهو عليه دون تغيير أو تطوير”..

السيدة أمل سلامات، باحثة اجتماعية، وناشطة في مجال حقوق المرأة، ترى أن “هذه القوى تقف في وجه التغيير عموماً، وهذا الطرح يعدّ تغييراً للمفاهيم السائدة والمسلمات والبديهيات (وأشير إلى أنه لا يوجد بديهيات ومسلمات، فهي من وضع البشر) وأي تطاول على الأعراف والتقاليد على “المقدسات الدينية” وبالتالي فمن المنطقي جداً معاداتها من قبل المتمسكين بكل ما ذكرته سابقاً، هم ليسوا متمسكين بل يعتقدون أنهم فطروا وولدوا على ذلك، وبالتالي سيقفون بوجه أي تغيير.

بينما تعتقد السيدة كبرياء ساعور، أن “القوى التي تقف بمواجهة حصول المرأة على حقوقها في مختلف المجالات، متعددة، أولها الاستبداد السياسي، النظام في سوريا كان يحرم جميع الفئات من الوصول لحقوقها، كما كان يمنع عمل المنظمات النسائية التي تطالب بتغيير قوانين الأحوال الشخصية مثلاً، كما يمنع أي عمل مدني يستهدف المشاركة.

أيضاً ذهنية الموروث الثقافي والأعراف المجتمعية والعادات والتقاليد، التي تعدّ المرأة تابعاً، وتنتقص من أهليتها، من القوى المهمة التي تعيق مشاركة المرأة والحصول على حقوقها والوصول إلى العدالة.

القوى الدينية، وسلطة رجال الدين المتشددين الذين يتبنون فكراً دينياً متشدداً يسعى إلى فرض سيطرته على فئات المجتمع كافةً والنساء بالدرجة الأولى، والإبقاء على هذه السيطرة، تحت زعم أن الدعوات النسوية وحقوق المرأة غربية ودخيلة على مجتمعاتنا، مردّ ذلك خوف هذه الفئات من امتلاك المرأة لرأي حقيقي وفاعل ووصولها إلى حقوقها كافة، (تعليم، عمل…) والذي ينعكس بشكل صحي وجيد على الأسرة والمجتمع، وعلينا أن نؤكد هنا على وجود رجال دين متنورين لا يتبنون هذا الفكر، ونميّز بينهما”.

مجابهة القوى التي تقف عائقاً بمواجهة حقوق المرأة يتطلب عملاً دؤوباً ومدروساً، خوفاً من تشكل جبهات مضادة، تتمترس خلف أفكارها وآرائها وتصعّب الأمور أكثر مما هي عليه، فإزالة اللبس الموجود عند هذه القوى حول حقوق المرأة مهم جداً لبيان أنها لا تتسبب بأي ضرر للأسرة والمجتمع، بل على العكس سيكون مفيداً لكليهما.

السيدة كبرياء ساعور ترى أن “التوعية المجتمعية ضرورية جداً حول تعليم النساء وتمكينهن اقتصادياً ينعكس إيجاباً على الأسرة عموماً ورفاه المجتمع ككل، لا وجود لمجتمع متطور دون مشاركة النساء.

اليوم عندما نتحدث عن سوريا بعد مرور أكثر من عشر سنوات على الصراع والنزاع الذي دمّر النسيج المجتمعي، فإن دور النساء يمكن أن يساهم بشكل كبير في بناء السلام في سوريا، ففي مجتمعات اللجوء لعب قسم كبير من النساء دوراً مهماً في تماسك الأسرة والمجتمع، واضطلعت بأدوار جديدة تختلف عن الأدوار التقليدية التي كانت محصورة فقط بأمور المنزل وتربية الأطفال فقط، لذلك فإن الدعوة إلى تمكين النساء هي دعوة لتقدم المجتمع وتنميته”.

د. غادة حمدون تعتقد أن “نشر الوعي مهم جداً في كل فئات المجتمع ذكوراً وإناثاً والتعريف بالحقوق والواجبات للطرفين، وآلية تحقيق العدالة وليس المساواة لان المساواة تكون ظالمة أحياناً.

أعتقد أن وجود قانون عادل لكل الأطراف هو مسؤولية الدولة والمجتمع معاً والأسرة في المقام الأول، فعندما لا تأخذ المرأة حقوقها ضمن أسرتها لن تستطيع أخذها خارج أسرتها.

لذلك علينا التأسيس لأسر سليمة وتهيئة الزوجين قبل الزواج، بل يجب أن تبدأ التهيئة منذ تعليم الشباب والشابات طرق التفكير السليم واختيار الشريك المناسب، من هنا تبدأ كل الأطراف بأخذ حقوقها.

وبرأيي المرأة هي أول من يصنع هذا التغيير فهي المربية الأولى، ولكن أي تغيير بدون إشراك الرجل لن يكون ذو فائدة بل على العكس ستكون النتيجة عكسية تماماً”.

السيدة خولة دنيا ترى “أنها حركة مقاومة طويلة الأمد وبحاجة لعمل كثير وتضامن بين النساء عموماً وبين النساء والرجال المؤمنين بالمساواة والراغبين بالقضاء على التمييز ضد المرأة.

هي حركة مقاومة تضامنية محلية وعالمية في آن معاً، فحقوق الإنسان لا تتجزأ، ولا يمكن أن نطالب بها وبنفس الوقت نرفض ما يتعلق بالنساء منها”.

بينما تعتقد السيدة أمل سلامات أن “إزالة اللبس ليست سهلة على الإطلاق، لأن حقوق المرأة في (المقدسات، البديهيات، المسلمات) وضعت منذ عقود، وآمنت بها أجيال وتوارثتها وتغلغلت في فكرها الجمعي.

على المستوى الشخصي لا أريد أن يحصل عنف مضاعف وانشقاقات في المجتمع السوري، دون قراءة الثقافة السورية بهدوء ودقة.

لعل النقاشات والحوارات هي الحل الأمثل للابتعاد عن الاختلاف، لا بأس بالخلاف ولكن الاختلاف سيقود حتماً للعنف”.

يتفق الجميع على أن المجتمعات التي لا تشارك المرأة فيها في مجالات التطور والتنمية كافة، لا يمكن لها أن تتقدّم، ولكن مسيرة نضال المرأة للحصول على حقوقها كاملة طويلة، هذا النضال يجب ألا يقتصر على المرأة فحسب، إنما يجب أن يشمل المجتمع بكامله، نحو مجتمع متكامل بفئاته كافة، دون تمييز أو تغييب فئة لصالح أخرى، فتطور المجتمعات ورقيها يحتاج الجميع.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني