fbpx

المخدرات ودورها في تدمير الفرد والمجتمع

0 99

تتحمل الأسرة في فترة اضطراب الدولة وفساد أدواتها عبئاً كبيراً لحماية أبنائها وتجنبيهم مزالق أخطاء تؤثر سلباً على حاضرهم، وتحكم قطعاً بفشل مستقبلهم.

ولعل أكبر المخاطر وأكثرها تحدياً التي تواجه الأسرة والمجتمع هي المخدرات، فهي تؤثر على الأفراد والمجتمعات بشكل سلبي، وتشكل تهديداً للصحة العامة والاستقرار الاجتماعي.

تُعرّف المخدرات على أنها “كل مادة خام أو مستحضر يحتوي على عناصر مسكّنة أو منبّهة، من شأنها إذا استخدمت من غير الأغراض الطبية المخصصة لها، وبقدر الحاجة إليها، ودون مشورة طبية، أن تؤدى الي حالة من التعوّد والإدمان عليها مما يضرّ بالفرد والمجتمع.”

وللمخدرات أنواع عديدة، منها ذات المصدر الطبيعي كالقات، والأفيون، والمورفين، والحشيش، والكوكايين، وغيرها. ومنها ذات المصدر الصناعي كالهيروين والشبو وغيرهما.

كثيرة هي الأسباب التي تؤدي بالفرد إلى الانزلاق بطريق الخطأ وإدمان المخدرات، فمنها ما يتعلق بالأسرة بالدرجة الأولى، كالتفكك الأسري، وإهمال رعاية الأبناء، وعدم احاطتهم بالحب والأمان، وانعدام الحوار بين أفراد العائلة.

وهناك أسباب أخرى يمكن أن تساعد على الانحراف، من هذه الأسباب القدوة السيئة، فهذه القدوة تكون سبباً لسلوك الخطأ، كما أن لأصدقاء السوء دوراً مهما في جرً بعضهم البعض لتجربة الممنوعات بهدف التسلية، أو التجربة، وخاصة أن لجماعة الأقران في فترة المراهقة تأثيراً كبيراً على أفرادها، إضافة إلى الجهل والأميّة وسوء الأوضاع المعيشية، وعدم قدرة الإنسان الهشّ نفسياً على مقاومة ضغوطات الحياة، فيهرب من هذه المقاومة نحو الإدمان لكي ينسى واقعه المرير، كما أن الإدمان.

الإدمان لا يقتصر على طبقة اجتماعية دون غيرها، فالأسباب التي تدفع أبناء الطبقات الاجتماعية الموسرة هي البحث عن المتعة، اعتقاداً منهم، أن تعاطي المخدرات يجعلهم يحسون بسعادة كبرى خارج سلطة الأسرة أو المجتمع، وهذا يسمح لهم عملياً عبر تعاطيهم المخدرات التصرف دون ارتكاز تصرفاتهم على قواعد أخلاقية تنظم حياة المجتمع، وإنما تكون المتعة الصرفة والتمرد على القوانين والأعراف الاجتماعية هي المرتكز الذي يجلب الإحساس بالسعادة والحرية الفردية غير الخاضعة للقوانين، ولهذا يمكن فهم أن الإدمان عند الطبقات الموسرة أساسه عدم الاهتمام بملء الوقت بالثقافة والمعرفة والعلوم، وعدم وجود هدف يسعون إليه في الحياة غير المتعة واللذة.

إن دور الأسرة يرتكز على مراقبة التغييرات السلوكية العديدة لدى أبنائها، هذه المراقبة غير المباشرة تمكّن الأسرة من مساعدة ابنها قبل انغماسه في هذا الإدمان، والذي يقود إلى العدوانية وحدوث ردود فعلٍ ذات طابع انفعالي، كما تقود إلى العزلة وضعف التحصيل الدراسي، إضافة إلى الكسل بصورة عامة، والكسل الروحي بصورة خاصة، والغياب المتكرّر عن المدرسة أو مكان العمل، والعنف في العلاقة مع الوالدين والإخوة من الجنسين.

التغيرات لا تنحصر بهذا الجانب السلوكي، بل تتعداه إلى ظهور تغيرات جسدية، كاحمرار العينين، والنعاس، ورجفة اليدين، والهالات السوداء تحت العينين، الناجمة عن اضطرابات في النوم، إضافة إلى إهمال الاهتمام بالمظهر العام وغيرها من التغيرات.

إن آفة المخدرات تؤثّر على الفرد صحياً ونفسياً وسلوكياً، وقد تسبب مشاكل في الجهاز التنفسي والقلب، والشرايين، والكبد، والكلى. كما تزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل الامراض الجنسية، والفيروسية، والسرطان، والأمراض العقلية، حيث أن المخدرات تغيّر في تركيبة المخ والطريقة التي يعمل بها فتكثر الهلوسات وفقدان الذاكرة.

كما أن المخدرات تؤدي إلى تغيرات في المزاج والشخصية والتفكير، وتسبب اضطرابات عقلية مثل الاكتئاب والقلق. ويمكن أن تؤدي المخدرات إلى التعاطي المستمر والإدمان، مما يؤثر على العمل والعلاقات الاجتماعية.

تؤثر المخدرات أيضاً على المجتمع بشكل كبير. إذ تزيد فيه حالات الجريمة والعنف، وتؤدي إلى زيادة نسبة البطالة وانخفاض الإنتاجية إذ أنها تستهلك معظم طاقات الفرد والمجتمع وامكانياتهما مما يشكل عقبة كبيرة أمام التنمية والبناء، كما تسبب أيضاً تدهوراً في القيم الأخلاقية والتربية لاستفحال الشعور باللامبالاة وفقدان الحكم الصحيح على الأشياء، وتعرض الأفراد للخطر كخطر حوادث الطرق وخطر العنف لسرقة الاموال لشراء المخدرات أو القتل وقد تصل بالمدمن حد الانتحار.

بناءً على ما تم ذكره، فإن المخدرات تشكل تهديداً كبيراً على الصحة العامة والاستقرار الاجتماعي. وهذا يستوجب من الأسرة إحاطة أبنائها بالحب والثقة والاحترام والرعاية والاهتمام، ويجب على المجتمع العمل للتوعية بأضرار المخدرات وتقديم الدعم والمساعدة لأولئك الذين يعانون من إدمان المخدرات، من خلال التوعية والتثقيف، يمكننا بناء مجتمع أكثر صحة واستقراراً وإنتاجية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني