fbpx

 العودُ أحمدُ!

0 48

– هل العودُ أحمدُ؟!

سؤال أضعه بين أيديكم على الطاولة، لا أطلب الإجابة؛ إنّما أتركه لكم لتتفكّروا: هل يصدق هذا المثل فيما نعايشه من أحداث شهراً بعد شهر، وسنة بعد سنة؟.

لنستذكر عامنا الذي أوشكت أيامه الأخيرة أن تنتهي، وقبل أن تغرب شمسه، ونودّعه دون أن ننسى الانتهاكات والإساءات التي مرّت خلاله قائلين له “ذهاباً بلا إياب”، ونحن نعلم أن أيامه انقضت بلا رجوع.

ورثت 2023 عن أختها الأكبر 2022 امتدادات جائحة كورونا وبقاياها التي حصدت ملايين البشر، وأضافت إليها الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان، ومآسي الفقر والجوع والحرمان، وارتفاعات الأسعار المتتالية، والنزاعات المسلحة المستعرة التي لم تهدأ في مناطق عديدة، وبدل محاولة العمل على انحسارها اتسعت رقعتها، وازداد أوارها؛ ليقطف مصنّعو السلاح وتجار الحروب مواسم جني ثمارها، ويملؤون خزائنهم، ويجعلونها مشتعلة في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا، وأوكرانيا وغيرها، فيعيدون عالمنا خلفاً إلى عالم الغاب قبل آلاف السنين. والأمم المتحدة تتابع ما يجري، وترسل الوسطاء فيما الدول الكبرى تلعب لعبتها الخبيثة في مجلس الأمن الدولي باستخدام حق الفيتو لصالحها أولاً، ولدعم حليفها الضعيف المستند عليها ثانياً.

ستطلّ علينا شمس 2024 ونحن ننتظر حلولاً مثمرة للصراعات القائمة ونتساءل: متى تصحو شعوب ودول الأمم المتحدة، وتسعى لأن يجلس أطراف النزاع إلى طاولة المفاوضات ليبحثوا كيف يوقفون هذا الجنون الذي يحصد مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء أطفالاً ونساء وشيوخاً، لا ذنب لهم غير وجودهم في مناطق النزاع كأوكرانيا، واليمن، وسوريا، والسودان، وليبيا، وآخرها القصف المدمر للحياة والجمادات، والإبادة الجماعية المنافية للأخلاق الإنسانية، والمحرمة دولياً في غزّة على مسمع ومرأى مسؤولي دول العالم الذين تعلو أصواتهم زوراً بالدفاع عن حقوق الإنسان، وكرامته، وحقه في الحياة والعيش بسلام؟ ومتى يجمعون على وقف نزيف الدم، وإزهاق آلاف أرواح البشر، وإطعام الأطفال الجوعى، والعمل على تحقيق مقاصد الأمم المتحدة التي اتفقت شعوبها في ديباجة ميثاقها على: “أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب…، وأن نأخذ أنفاسنا بالتسامح وأن نعيش في سلام وحسن جوار…، وأن نضمّ قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي”؟؟

ومع كل ما يجري من انتهاكات ومآسٍ تقلق الضمير الإنساني؛ فإنّي لعلى ثقة أن شعوب العالم والمنظمات الحقوقية والإنسانية جميعها ستعمل جاهدة لدعم حقوق الإنسان وإعلاء شأنها، ولإحلال السلم والأمن في أرجاء المعمورة، وسيأتي ذلك اليوم حيث تتساقط الدول الكبرى بفعل حركات السلام العالمية، وتنتهي عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، ويسقط معها حق الفيتو لتتساوى الأمم كبيرها وصغيرها في التمثيل انسجاماً مع الأهداف والمقاصد السامية للأمم المتحدة وحقوق الإنسان، وهي الخطوة الأولى للسير في الطريق الصحيح لتحقيق آمال الإنسانية جمعاء، وليسود التسامح، ويعمّ الأمن، وترفرف رايات المحبة والسلام في عالم خالٍ من العنف.

واليوم، رغم سطوة الظلمة التي تسدل ستارتها على عالمنا المضطرب، هناك شمعة تنوس من بعيد تحيي الأمل في النفوس بتغيير قادم، وتبشر بمستقبل زاهر..

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني