fbpx

الرأي والرأي الآخر

1 171

بالعودة لتجربتنا منذ ثلاثَ عشرةَ سنة المستندة إلى حالة من التصحر السياسي تبلغ من العمر ما يقارب السبعين سنة ضمن آلية عمل سياسية للدولة والمجتمع ترتكز على قيادة الحزب الواحد عبر منظومة أمنية وأجهزة سلطة يهمها القائمين على مقدرات الدولة والمجتمع والذين جعلوا من أنفسهم بديلا لمفهوم الدولة السياسي الحقيقي وقد رسخ مفهوم الحزب الواحد وأذرعه الأمنية مبدأ من ليس معي فهو عدوي مهما اختلف درجات الاختلاف معه، إذاً مبدأ يا أنا يا أنت ساد في الواقع وأثّر في مستوى وعينا الجمعي، ونحتاجُ لجهد مضاعف كي نستفيد من إخفاقات تجاربنا السابقة ننتقل لمبدأ أنا وأنت، أنا وأنت نكمل بعضنا البعض وأنا بدونك ضعيف لا أستطيع وكذلك أنت، بدوني ستبقى ضعيفاً ولا شيء مؤّثر ومُنتج، لذلك علينا أن نعمل باحترام وثقة لاستمرار الحوار باحترام كي ننتج شيئاً جديداً قابلاً للتحقيق، ولو عدنا لآراء ومفاهيم وطروحات سياسية متعددة قد نجد التوافق بينها أكثر بكثير من نقاط الاختلاف وخصوصاً ما يتعلق بالثوابت الأساسية، ولكنّ خطوة واحدة جدية ومؤّثرة على الواقع السوري لم نجدها حتى اليوم، ولم نؤسس لقوة جامعة يمكن أن تحمل عبء العمل من أجل تحقيق الأهداف، لو عملنا سبر ومسح لجميع الطروحات نجدها متشابهة، لكنْ: لماذا لم تُشكل هذه القوة؟ ألا ترون معي بأن حالة الوعي الجمعي، سواء تتعلق بالأفراد او الجماعات لم يصل لدرجة من النضج ومستوى من الوعي لاتخاذ آليات عمل تحقق هذه الأهداف تؤسس لوجود قوة على الأرض، قوة في الواقع مؤّثرة ومن خلالها يمكن أن نقول الشعب السوري قد امتلك السيادة وحرية القرار واستقلاليتة، ليكون قوة مؤّثرة بالتغيير الوطني الديمقراطي.

لست بصدد مناقشة أفكار وشعارات ورؤى سياسية أو غيرها. بل أهتم بالإجابة على السؤال الآتي: لماذا ما زلنا ندور في دائرة غير مُنتجة من أوراق وشعارات ومفاهيم ومصطلحات؟ وبكل تأكيد أنتم معنيون بالإجابة. واعتبر رأيي مفتاح للحوار حول الإجابة. وقد تحتاج الإجابة شبه الكاملة على هذا السؤال لفريق عمل متكامل ومتخصص ومبادر وأعتقد لسنا بحاجة إلاّ للخطوة الأولى، مجتمعنا يمتلك القدرات الكافية وبه شخصيات مبدعة مبادرة متخصصة قادرة على تلبية هذه الدعوة. للبدء بالخطوة الأولى..

أعتقد بسبب فقدان الوعي الجمعي والفردي الناضج يبقى كل ما يُطرح حبراً على ورق.

ومن أهم العوامل التي تؤسس للانتقال بهذه الحالة من النضج.

  1. الابتعاد عن الذاتية والتعصب بكل أشكالهما.
  2. قتل الأنا المتضخمة عند الجميع أفراداً وجماعات.
  3. تمكين وعينا من أدبيات الحوار وعوامل مقومات نجاحه.
  4. التمكن من النقد الموضوعي سواء كان لتجربتنا او لتجربة الآخرين لآرائنا أو لآراء الآخرين الفكرة بالفكرة بعيداً عن الشخصنة والروح العدائية.
  5. احترام الخلاف والاختلاف مع التأكيد على استمرارية الحوار.
  6. أن نمتلك وعياً يُعنى بالبحث على ما هو متفق علية وليس البحث عن النقاط الخلافية التي تُقصي الآخر وترفع جدراناً عاليةً أمام استمرار الحوار على أرضية الوطن يتسع للجميع والاستمرار للأصلح..
  7. ما أجمل أن تُعَزَز إنسانيتنا بالقناعة وبوعي، “أختلف معك في الرأي لكن أدفع حياتي ثمناً كي تقول رأيك.” (فولتير). وننطلق من قد يكون رأيي خطأ لكنه قد يحتمل الصواب، وقد يكون رأيك صواباً لكنه قد يحتمل الخطأ.
  8. ننتقل من اعتقاد أنّ ما أراه صحيحاً لكنّه قد لا يكون الحقيقة، ما قدمته رأي شخصي أعتقد أنه ليس كاملاً ويقبل الخطأ والصواب ولكل من يقرؤه يمتلك الحق برفضه كاملاً أو رفض ما لا يقبله، أو تصويبه أو دعمه بأفكار جديدة، أحاول جاهداً أن أبني وطناً أكون فيه مواطناً على نفس القدر من الحقوق والواجبات مع كل المواطنين دون أي نوع من التمييز. فإنسانيتي أولاً وهويتي الوطنية ثانياً وكل ما بعدها، أحترمه لكن على أرضيةِ لي ما لك وعليّ ما عليك، بمساواة وعدالة، وتكافؤ الفرص، وسيادة القانون المستند لمبادئ حقوق الإنسان والشرعة الدولية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني