fbpx

التشكيلية السورية سمر دريعي..  تشكيل يعكس مرارة الزمن والوطن والروح

0 103

قبل الانتماءات، ثمة إنسان يسكن روح ومخيلّة وأعماق امرأة اسمها سمر دريعي. وبعد ضربتين من ريشة الألوان نكتشف أن سمر دريعي سورية حتى النخاع، وهذا لا يتناقض مع إثنيتها الكردية، ففي هذا التداخل بوعي الذات، لا ينشطر العالم الداخلي لسمر فيه، بل تتعزّز الوطنية عبر مساحاته، فيولد إبداعاً مختلفاً.

سمر دريعي الحائزة على درجة الدكتوراه في النقد الفلسفي، هي سورية من مدينة عامودا المجاورة للحدود التركية، وهي ابنة أسرة يدفق الفن في أوصالها كما تدفق مياه الينابيع في مجراها المنحوت في الأرض، فوالدها الفنان التشكيلي وعازف الناي الشهير عبد الرحمن دريعي، ما يجعل هذه الفنانة التشكيلية تنام على موهبة كاسرة للزمن والأمكنة والرؤى السائدة، وهي بذلك تحمل على كتفيها عبق عام ولادتها في حلب العظيمة عام 1977.

رسمت سمر دريعي الوجوه عبر قسماتها العميقة، فهي استطاعت منح هذه الوجوه أعماقها الملتمة على قسوة الحياة واغتراب الإنسان في وطنه، ورغم أنها تعيش في رومانيا الأوربية منذ ربع قرن، إلّا أن عبق سوريا وشمالها لا يزال يعيد تشكيل مخيلة هذه الفنانة المبدعة.

سمر دريعي التي اختطفها مرض عضال من حضورها بيننا، لم يستطع أن يلغي حضور فنها التشكيلي الرائع من حياتنا اليومية، فنحن نكتشف ذواتنا وأحلامنا وقهرنا عبر ألوان لوحاتها التي تجسّدنا في منعطفاتها أزمنة وأمكنة.

ربما سمر لا تسمعنا الآن في ظل ارتحالها الطويل في ثنايا وجعها المرير، لكنها تتنفسنا كوجود إنساني، لم تصل ريشتها بعد إلى نهايات ألوانها، لتولد الحقيقة، حقيقتنا الملوثة بالفتك والانهزام واللاجدوى، والمغمسة بالتصميم على الحرية وولادة الإنسان البهي فينا.

وكي لا تذهب بنا حروف لوعتنا عليها، سنترك للغة ألوانها أن ترسم أمامنا فضاءً من الدهشة واكتشاف الروح والأنسنة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني