fbpx

إلى متى؟!!

0 131

قوتان متضادتان بدأتا مع تاريخ البشرية، ومازالتا تنموان معه، قوة الخير والمحبة والسلام، وقوة الشر والنزاعات والحروب، ورغم التقدم الحضاري الذي أنجزته البشرية عبر عصور التاريخ، وتطلعها إلى عالم أمثل يخلو من العنف والحروب والنزاعات بعد ما شاهدته من آثارها السيئة، ونتائجها غير الإنسانية على البشر والطبيعة راحت تعلو الدعوة إلى الصداقة والتسامح والإخاء بين الشعوب، واتسعت هذه الدعوة بعد الحرب العالمية الثانية التي ضاق الناس بها، وتبرموا بأهوالها وما جرته على العالم من تدمير وخراب.

وبعد اتفاقية يالطا في شهر شباط/فبراير 1945 دعت الدول المنتصرة في الحرب وعلى رأسها الدول الثلاث: الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفييتي، وبريطانيا إلى إنشاء منظّمة دولية باسم “هيئة الأمم المتحدة” وتم صدور ميثاقها في 1945/6/26 تحت شعار “السلام والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة” حيث أشارت ديباجته إلى أتفاق شعوب الأمم المتحدة على إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، وتأكيدها على الحقوق الأساسية للإنسان، وعلى كرامة الفرد رجلاً أو امرأة، كبيراً أو صغيراً بحقوق متساوية مع الآخرين، واحترام العدالة والقانون الإنساني الدولي، والمعاهدات، والدفع بالرقي الاجتماعي، ورفع مستوى الحياة في جوّ من الحرية والتسامح والإخاء للعيش معاً بأمان وسلام. وتبعه بعد ثلاث سنوات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، ثم العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان المدنيّة والسّياسيّة وبالحقوق الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة 1966.

ولتحقق الدول الخمس المنتصرة غاياتها في السيطرة على العالم جعلت الميثاق مطية لها، إذ احتفظت لنفسها بحق العضوية الدائمة في مجلس الأمن، ولم تذكر عبارة أو لفظة “حق النقض/الفيتو” صريحة في المادة السابعة والعشرين من الميثاق، والتي تنص على:

  1. لكل عضو في مجلس الأمن حق التصويت.
  2. تُتخَذ قرارات مجلس الأمن بشأن المسائل الإجرائية بتصويت تسع دول إيجاباً.
  3. تُتخَذ قرارات مجلس الأمن بشأن المسائل الأخرى بتصويب تسع دول إيجاباً بما في ذلك تصويت الأعضاء الدائمين بالموافقة،…”، وبهذا فسرت أن امتناع أحد الأعضاء الدائمين عن التصويت بالموافقة ينقض القرار، وتبقى المشكلة قائمة دون حلّ.

تشير بعض الاحصائيات إلى أن الدول الكبرى استخدمت حق النقض حوالي 293 مرة، نال الاتحاد السوفييتي ووريثته روسيا الاتحادية النصيب الأكبر (143) مرة، وتلته الولايات المتحدة الأمريكية (83) مرة، ثم بريطانيا (32) مرة، وبعدها فرنسا (18) مرة، ثم الصين (16) مرة.

وها نحن – اليوم – نعيش الاضطرابات والحروب، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان بأشكال مختلفة وكثيرة في أنحاء عديدة من عالمنا دون رادع أخلاقي أو وازع من ضمير، ومازالت الأمم المتحدة عاجزة أمام استخدام حق النقض/الفيتو عن حلّ جملة من المعوقات وتنفيذ بعض القرارات التي يقف استخدامه حجر عثرة في الطريق لا يسمح بحلها أو تنفيذها، فإلى متى يبقى العالم صامتاً عن تحديث ميثاق الأمم المتحدة وتعديله؟! وأول هذه التعديلات إلغاء حق النقض، وحق العضوية الدائمة للدول الخمس الكبرى؛ لتتحقق العدالة والمساواة بين الدول الأعضاء جميعها، ولتستطيع الأمم المتحدة تحقيق غاية مقاصدها التي أُنشئت من أجلها في التعاون الدولي لحل المسائل الدولية المختلفة، وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون أيّ تمييز بين الشعوب، أو بين الرجال والنساء، وإشاعة السلام والأمان والإخاء بين الشعوب كافة في عالم خالٍ من الحروب والنزاعات.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني