fbpx

في عهد الأسد.. حاويات القمامة في دمشق ملاذ الفقراء

0 296

مع الانهيار الاقتصادي الشديد الذي تعيشه سوريا، وانعكاسه المباشر على حياة المواطنين وتدني المستوى المعيشي للمواطن، الذي وصل إلى مراحل لم تصلها سوريا منذ استقلالها.

حتى إبان الاستعمار الفرنسي، لم يسبق أن شهدت سوريا فقراً وجوعاً كما هي الحال الآن، ناهيك بارتفاع الأسعار وعجز المواطن عن تأمين الأساسيات من الغذاء، حتى أن مسؤوليات الدولة ودعمها قد رفع عنه فوجد نفسه في مواجهة الجوع والغلاء والبرد والفقر تحت رحمة مصاصي الدماء من المسؤولين وتجار الحروب.

وفي ظل حرب وحصار حولت المواطن المتوسط الدخل إلى مواطن تحت خط الفقر، إذ ذكر تقرير للأمم المتحدة أن نسبة الفقر في سوريا قد وصلت إلى أكثر من 82% والنسبة طبعاً قابلة للزيادة طالما استمر النظام في الحكم وانتهاج سياسة التعتيم الإعلامي ومنعه لنشر أي معلومات عن حقيقة الوضع الاقتصادي وإصداره أخيراً لقانون يجرم نشر أي معلومات عن سوء الأوضاع الاقتصادية وغلاء الأسعار وامتعاض المواطنين منه وعلى إثره يعاقب الناشر بالسجن لمدة تتراوح بين 6 أشهر إلى سنه ودفع غرامة مالية أيضاً وكان أول ضحايا هذا القانون إعلاميي التلفزيون السوري الذين أبدوا استياءهم من الحال الذي وصل إليه المواطن فعوقبوا بتهمة إضعاف الشعور الوطني والإساءة لهيبة الدولة، أي بدل أن يسعى النظام ولو بشكل شكلي لمساعدة الناس يستمر في سياسة التكتم وكأن الأزمة هي ظهور كل تلك المصائب للإعلام، لكن تلك عادة أي نظام استبدادي يسعى إلى إخفاء الأزمات بدلاً من حلها.

وهنا وجد المواطن نفسه عاجزاً عن ملاحقة كل تلك الأزمات التي تعصف به، ففي سوريا يحتاج المواطن كحد أدنى إلى 500000 ليرة سورية شهرياً ليستطيع الحصول على حياة متوسطة وخاصة أن معظم سكان دمشق وريفها الآن من النازحين الذين خسروا أملاكهم ويضطرون إلى دفع إيجار منازل لا يقل عن 100000 ليرة سورية شهرياً فازداد الحمل عليهم أكثر، وأصبح مشهد الأطفال والنساء الذين يبحثون في حاويات القمامة عن بقايا أطعمة منظراً معتاداً في أحياء دمشق الراقية وقد أصبحت للأسف مهنة يمتهنها بعضهم للحصول على بقايا الطعام أو بعض قطع الملابس أو الأحذية، وتمكنت نينار برس من الحديث إلى أحد الأشخاص الذين اضطرهم سوء الوضع إلى جمع القطع البلاستيكية مع طفليه وقد أخبرنا أنه لا يستطيع العمل إلا ليلاً كي لا يتعرف عليه أحد وإنه كان من سكان الريف وكان يملك دكاناً يبيع المواد الغذائية لكن أخذته الحرب برفقة باقي أملاكه وأخبرنا أن الأرباح التي يجنيها بسيطة جداً مقارنة بالمصاريف لكنه يعمل أيضا كناطور لأحد الأبنية في منطقة أخرى، أما شادي فهو طفل صغير يأتي يومياً ليبحث عن بقايا طعام في الحاويات مبرراً أنه في المناطق الراقية يجد الكثير من الأطعمة والخبز ويستطيع أيضاً أخذ طعام لعائلته منه ولكن اشتكى لنا من أن بعض السكان يشتكون منه ويقومون بطرده وضربه أحياناً، وعند سؤالهم عن سبب انزعاجهم من الطفل أخبرونا أنه مظهر غير حضاري ومسيء لمنطقتهم وقد طالبوا مراراً شرطة المنطقة بمنع ما أسموهم الغرباء من دخول مناطقهم.

إذا لقد لامسنا قاع الانحدار الأخلاقي والإنساني على حد سواء فكيف سنقنع طفلاً فقد آدميته وهو يبحث عما يسد جوعه في صناديق القمامة أن يحتمل هذا الذل وأنها مجرد فترة وستمر وهذه هي ضريبة مقاومة وممانعة سوريا كما يدعي أبواق النظام بل والأخطر أي مستقبل أو حياة تنتظر هؤلاء الأطفال كيف سيشعرون بإنسانيتهم ناهيك بالانعكاسات الخطيرة على صحتهم الجسدية من كل ذلك التلوث.

هل نظرية المؤامرة والحرب الكونية كفيلة بإقناع كل هؤلاء الجائعين بأهمية الاستمرار بالصمود والتحدي، وكيف سيستشعرون بطعم الانتصارات التي يروج لها النظام وطعم الجوع يمنعهم من أي شعور آخر، ولماذا أصوات بطونهم الخاوية لا تخيف النظام كما تخيفه أصوات شكواهم أم أن تجوعيهم هو وسيلة النظام الأخيرة لإجبارهم على الخضوع له ولمسرحية الانتخابات التي يروج لها.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني