fbpx

“غارة قرب القصر الرئاسي: الاحتلال الإسرائيلي يوسّع نطاق عدوانه داخل العمق السوري وسط صمت دولي مريب”.

0 27

“سيادة تحت القصف: هل بات القصر الرئاسي في مرمى رسائل الخارج؟”:

في الساعة الرابعة فجراً، حين كانت دمشق غارقة في صمت الليل، دوّى انفجار بالقرب من رمز الدولة ومركز سيادتها: القصر الرئاسي. لم يكن هذا مجرد قصف عابر، بل رسالة سياسية صاخبة حملتها الطائرات الحربية الإسرائيلية، في تصعيد غير مسبوق يُنذر بتحول خطير في قواعد الاشتباك. ورغم أن الغارة لم تسفر عن قتلى، فإن أصداءها ترددت في أرجاء السيادة السورية، مثيرةً تساؤلات مؤلمة عن مدى هشاشة الدولة في مرحلة ما بعد الأسد، وعن حجم التهديدات التي تحاصر سوريا من الخارج والداخل في آنٍ معاً.

أولاً: الغارة التي اخترقت رمزية السيادة:

في فجر 2 أيار/مايو 2025، استهدفت طائرات إسرائيلية موقعاً قريباً من القصر الرئاسي في دمشق، في هجوم هو الأول من نوعه منذ سنوات يستهدف هذه المنطقة شديدة الحساسية. رغم غياب الخسائر البشرية، فإن هذا الهجوم يمثّل انتهاكاً مباشراً للسيادة السورية، ومحاولة لإيصال رسالة سياسية وعسكرية ذات طابع استعراضي، تتحدى من خلالها إسرائيل السلطة الانتقالية في دمشق.

ثانياً: التصعيد المتسلسل – سلسلة من الغارات على المحافظات الجنوبية والغربية:

لم تقتصر الاعتداءات على العاصمة، بل شهد يومي 2 و3 أيار/مايو سلسلة من الهجمات الجوية طالت محافظات: ريف دمشق، السويداء، درعا، اللاذقية، وحماة. أسفرت هذه الغارات عن:

مقتل 4 مدنيين قرب كناكر في ريف دمشق.

إصابة عنصرين من وزارة الدفاع السورية في استهداف إحدى النقاط العسكرية في اللاذقية.

أضرار مادية متفاوتة وإثارة الذعر في المناطق السكنية المجاورة.

هذه الهجمات تؤكد وجود حملة ممنهجة تهدف لإبقاء البلاد في حالة ضعف، وتكشف عن نوايا إسرائيلية بتوسيع نطاق المواجهة بشكل أحادي الجانب.

ثالثاً: خطاب طائفي خطير يهدد النسيج السوري:

برّر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس الغارة بأنها جاءت “ردعاً لتهديد ضد الطائفة الدرزية”. هذا التبرير يكشف عن محاولة مكشوفة لاستغلال البُعد الطائفي وزرع الفتنة داخل المجتمع السوري. كما أنه يكرّس سابقة بالغة الخطورة قد تفتح المجال لتدخلات خارجية مستقبلية تحت ذرائع “الحماية الدينية”.

رابعاً: استهتار بالقانون الدولي… وانتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة:

تشكل الغارة خرقاً فاضحاً للمادة (2) فقرة (4) من ميثاق الأمم المتحدة، التي تحظر استخدام القوة ضد وحدة أراضي أي دولة مستقلة. كما لا تستوفي إسرائيل شروط “الدفاع الشرعي” حسب المادة (51) من الميثاق، حيث لا يوجد أي دليل على تهديد وشيك من سوريا يبرر هذا العدوان.

الغارة أيضاً تنطبق على تعريف العدوان الوارد في القرار 3314 لعام 1974 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ما يجعلها جريمة بموجب القانون الدولي.

خامساً: إدانة عربية ودولية لم تُردع إسرائيل عن المضي في التصعيد:

رغم صدور بيانات إدانة من دول عربية وإسلامية كالأردن، قطر، السعودية، العراق، الكويت، الإمارات، اليمن، ومنظمات إقليمية كجامعة الدول العربية، مجلس التعاون الخليجي، منظمة التعاون الإسلامي، البرلمان العربي، والأمم المتحدة، فإن إسرائيل لم تُبدِ أي تراجع، مما يكشف عن واقع دولي غير متوازن تُرتكب فيه الانتهاكات دون عواقب، ويُكافَأ فيه المعتدي على صمته لا على التزامه.

سادساً: موقف الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان – دعوة للحوار والعدالة:

تُدين الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان بشدة هذه الاعتداءات وتعتبرها تهديداً خطيراً لاستقرار سوريا.

تدعو الحكومة الانتقالية إلى بدء حوار وطني جاد يرسخ وحدة البلاد ويعزز مناعتها ضد التدخلات الخارجية.

تطالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات ملموسة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، ومحاسبة مرتكبيها عبر قنوات العدالة الدولية.

“كي لا يصبح القصف هو اللغة الوحيدة: كفى صمتاً عن العبث بالسيادة”:

حين تصل نيران الغارات إلى عتبة القصر الرئاسي، فإن رسالة العدوان ليست موجّهة لنظام بعينه، بل لكل السوريين: أن سيادتكم مستباحة ما لم تحموها بأنفسكم. إن إسرائيل اليوم تُكرر اعتداءاتها دون خشية أو محاسبة، مستفيدة من تفكك الداخل السوري والصمت الدولي المُريب. لا بد من وقفة وطنية موحدة، تُعيد للسيادة معناها، وللقانون الدولي هيبته. ما لم يحصل ذلك، فإن ما بدأ كغارة واحدة قد يتحول إلى سياسة أمر واقع… ومأساة دائمة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني