fbpx

حالة حقوق الإنسان في سوريا في تقرير الخارجية الأمريكية السَّنوي للعام 2022

0 135

أصدر مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل في وزارة الخارجية الأمريكية يوم الإثنين 20 آذار 2023، تقريره السَّنوي عن حالة حقوق الإنسان لمختلف دول العالم في عام 2022، وجاء تقرير سوريا في 94 صفحة، مشتملاً على تسجيل أنماطٍ متعددة من انتهاكات القانون الدولي.

يعتبر التقرير وثيقة رسمية مرجعية تصف بدقة حالة حقوق الإنسان في سوريا، ومرجعاً أساسياً لدى هيئات مختلفة في الحكومة الأمريكية، وكذلك لدى كثير من أعضاء الكونغرس، وصناع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان المصدر الثاني في التقرير:

اعتمد التقرير على مصادر حقوقية عدة جاءت حسب مرات الاقتباس الواردة في التقرير وفقاً للتسلسل التالي: أولاً: لجنة التحقيق الدولية المستقلة: 128 اقتباس، ثانياً: الشبكة السورية لحقوق الإنسان: 104 اقتباس، وثالثاً: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: 10 اقتباس.

كما ارتكزَ التقرير على مصادر أخرى مثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهيومان رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية ومنظمات محلية وغير ذلك من المصادر المتعددة، إضافةً إلى خبرات وتحريات موظفي مكتب حقوق الإنسان والديمقراطية في الخارجية الأمريكية.

والجدير بالذكر أنه هذه هي السنة الحادية عشرة على التوالي التي يعتمد فيها مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان في الخارجية الأمريكية بشكلٍ أساسي على الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريره الصادر عن حالة حقوق الإنسان في سوريا.

أبرز النقاط الواردة في التقرير:

انتخابات مزورة في بيئة قسرية:

أشار التقرير إلى أنَّ الانتخابات الرئاسية التي جرت في أيار 2021 قد تمت في بيئة قسرية مستشرية لصالح النظام السوري، ولم يشارك فيها العديد من السوريين المقيمين في الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة، وأكَّد على ورود تقارير اعتبرت أنَّ الانتخابات لم تكن حرةً أو نزيهةً، كما هو الحال مع انتخابات مجلس الشعب التي جرت في العام الأسبق 2020، والتي خضعت أيضاً لعمليات تزوير لصالح حزب البعث الحاكم، الذي كان معظم المرشحين من أعضائه، أو على صلاتٍ به.

النظام السوري يمنح صلاحيات مطلقة لحلفائه:

ذكر التقرير أنَّ النظام السوري يمنح صلاحيات مُطلقة للأجهزة الأمنية والميليشيات التابعة له (مثل قوات الدفاع الوطني وغيرها)، فيما يمتلك نفوذاً محدوداً على المنظمات العسكرية أو شبه العسكرية الأجنبية الموالية له والعاملة في سوريا، بما في ذلك القوات المسلحة الروسية، وحزب الله الموالي لإيران، والحرس الثوري الإيراني.

ذكر التقرير أنَّ قوات النظام السوري وحلفائه واصلت هجماتها الجوية والبرية الواسعة، وأشار إلى أنها كانت قد بدأت عمليات عسكرية في عام 2019 لاستعادة مناطق في شمال غرب سوريا؛ مما أسفر عن مقتل مئات المدنيين وتشريد الآلاف بحسب التقرير.

كما أشار التقرير إلى أنَّ العملية العسكرية، التي اشتملت على استخدام أسلحة ثقيلة، أدت إلى تدمير البنية التحتية المدنية في المناطق المتضررة وتفاقم الوضع الإنساني المتردي أصلاً.

وأضاف أنَّ الغارات الجوية السورية والروسية أصابت وبشكلٍ متكرر مواقع مدنية، بما في ذلك المستشفيات والأسواق والمدارس ومستوطنات النازحين داخلياً والمزارع، وكثير من هذه المواقع مُدرج ضمن الآلية الإنسانية لتجنب النزاع التابعة للأمم المتحدة.

وأشار التقرير إلى أنه حتى أيلول/ 2022 هناك 6.9 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 5.7 مليون لاجئ سوري مسجل خارج البلاد.

انتهاكات النظام السوري:

تحدث التقرير عن أبرز أنماط انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان التي حصلت في سوريا في عام 2022 وفي مقدمتها: القتل خارج نطاق القانون والاعتقال التَّعسفي والإخفاء القسري والتَّعذيب بما فيه العنف الجنسي من قبل النظام السوري، والظروف القاسية المهددة للحياة في مراكز الاحتجاز، بما فيها انعدام الرعاية الطبية، وعدم وجود قضاء مستقل، وملاحقة معتقلي الرأي.

كما تحدث التقرير عن التدخل غير المشروع في شؤون الأفراد الخاصة وعقاب أفراد عائلة شخص مزعوم ارتكابه لتجاوزات، والتجنيد غير المشروع للأطفال على يد قوات النظام السوري وأطراف النزاع الأخرى، والانتهاكات الجسيمة المرتكبة على خلفية النزاع الداخلي، بما في ذلك الهجمات الجوية والبرية التي تؤثر على المدنيين والبنى التحتية المدنية.

 وأورد التقرير أصناف أخرى من الانتهاكات للحقوق المدنية والسياسية، بما فيها عدم قدرة المواطنين على تغيير حكومتهم بشكل سلمي من خلال انتخابات حرة ونزيهة.

 وأكَّد التَّقرير على أنَّ الحكومة السورية لم تقم بأي تحقيق، ولم تحاسب أيَّ ضابط أو متورط في الانتهاكات والجرائم، وذلك في استمرار لسياسة الإفلات من العقاب المتغلغلة بعمق ضمن أجهزة النظام السوري.

ركَّز التقرير على أنَّ المجموعات والميليشيات شبه العسكرية المرتبطة بالنظام السوري ارتكبت انتهاكات واسعة بما في ذلك عمليات قتل خارج نطاق القانون، ومجازر بحق المدنيين، وخطف واعتقال تعسفي، وإيذاء جسدي شديد، وعنف جنسي، واعتقالات غير قانونية، وأنَّ الميليشيات المرتبطة بالنظام السوري بما فيها حزب الله اللبناني تعمدت بشكلٍ متكرر استهداف المدنيين.

 وأكد على تورط القوات الروسية في عمليات قتل بحق المدنيين إثر الغارات الجوية التي نفذتها.

الانتهاكات في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري:

تحدَّث التقرير عن الانتهاكات في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة، بما فيها عمليات القتل والاعتداء البدني والاحتجاز التعسفي، مشيرةً إلى أنَّ استمرار الوضع الأمني غير المستقر في المناطق الخاضعة لسيطرة جماعات المعارضة المسلحة ساهم في تعزيز البيئة التي تُرتكب فيها انتهاكات حقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والاختطاف والانتهاكات الجسدية الشديدة.

انتهاكات هيئة تحرير الشام:

وصف التقرير “هيئة تحرير الشام” بأنها من “المجموعات الإرهابية في سوريا” التي ارتكبت مجموعة واسعة من الانتهاكات، بما في ذلك القتل غير المشروع والخطف والاعتداء الجسدي الشديد، إضافةً إلى تورطها في قتل مدنيين خلال هجمات وصفتها لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا بأنها عشوائية.

انتهاكات الجيش الوطني:

أوردَ التقرير أنَّ جماعات المعارضة المسلحة السورية المدعومة من تركيا في شمال سوريا ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان، ضدَّ السكان بمن فيهم الأكراد والإيزيديين وغيرهم من المدنيين، وأشار إلى عمليات احتجاز تعسفي، وإخفاء قسري، وتعذيب، وعنف جنسي، قامت بها ضد المدنيين، إضافةً إلى عمليات إخلاء قسري من المنازل، ونهب واستيلاء على الممتلكات الخاصة، إضافةً إلى نقل المدنيين المحتجزين عبر الحدود إلى تركيا، وقطع المياه عن السكان المدنيين، وتجنيد الأطفال، واعتداءات على أضرحة دينية.

انتهاكات قسد:

قال التقرير إنَّ عناصر قوات سوريا الديمقراطية التي تضم أعضاء في وحدات حماية الشعب الكردية، ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان، بما في ذلك عمليات الاعتقال التعسفي، وفرض قيود على حرية التظاهر والتجمع، إضافةً إلى تورطها في أعمال فساد غير قانونية.

القتل خارج نطاق القانون:

ذكر التقرير توثيق مقتل أكثر من 229,112 مدنياً منذ آذار/ 2011 وحتى أيلول/ 2021، ووثقت مقتل أكثر من 15,265 شخصاً، بينهم 196 طفلاً و113 سيدة (أنثى بالغة)، تحت التعذيب، مشيراً إلى أن قوات النظام السوري مسؤولة عن 89% من ضحايا القتل تحت التعذيب خلال العام الماضي 2022.

الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري:

أوضح التقرير أن ما لا يقل عن 155368 شخصاً ما زالوا معتقلين أو مختفين على أيدي أطراف النزاع في سوريا منذ آذار 2011 حتى كانون الأول 2022، مشيراً إلى مسؤولية النظام السوري عن قرابة 87% من الحالات (135,706 بينهم 2,691 طفلاً و8,484 سيدة).

كما ذكر التقرير أن النظام السوري “تجنب تقديم أي توضيح نهائي لمصير المختفين قسريا” وأن “العائلات غالباً لا يتم إبلاغها بتوقيت أو طريقة وفاة المختفين، وأن عائلات 88% من ضحايا النزاع منذ آذار 2011 لم تتمكن بعد من الحصول على شهادات وفاة لأقربائهم.

وذكر التقرير أن قانون تجريم التعذيب الذي أصدره النظام السوري في 30 آذار 2022، هو عملية تبيض لعقود من انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها حكومة النظام السوري، كما فشل في توفير الإنصاف لضحايا التعذيب السابقين، ولا يشمل أي تدابير حماية للشهود أو الناجين من التعذيب، ولا يذكر أي تدابير يمكن اتخاذها لمنع التعذيب من الحدوث في المعتقلات والسجون في المستقبل.

النظام السوري يستولي على ممتلكات معارضيه:

وأخيراً، سلط التقرير الضوء على ممارسات النظام السوري المنهجية في الاستيلاء على ممتلكات معارضيه، وأشار إلى شرعنة النظام ممارسات الاستيلاء هذه بحق معارضيه عبر سنِّه ترسانة من القوانين ذات الصلة، بعد اتهامهم بالإرهاب وهي تهمة شائعة منذ عام 2012 يُلصقها النظام السوري بالغالبية العظمى من معارضيه السياسيين وغيرهم ممن اعتقلوا على خلفية الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في آذار 2011، ويمكن لمحكمة مكافحة الإرهاب النظر في القضايا في غياب المدَّعى عليه، وبالتالي توفير غطاء قانوني لمصادرة هذه الممتلكات التي تركها اللاجئون والمشردون داخلياً.

وأضافَ التقرير أنَّ قوات النظام السوري والميليشيات الموالية له استولت على ممتلكات -تركها اللاجئون والنازحون-في المناطق التي استعاد النظام السيطرة عليها، كما مارست عمليات نهب واسعة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني