في حيثيات وأهداف تصاعد الجولات الراهنة من العنف
تناغم الهجمات التركية، الروسية، الإيرانية، في وسط وغرب وشمال شرق سورية وفي فلسطين، وما سبقها وتخللها من تفجيرات أنقرة وهجوم الكلية الحربية الإجراميين، يعني وجود حالة تنسيق أمني رفيع المستوى برعاية أمريكية، تجلى بسكوت واشنطن عن هجمات تركيا في منطقة حمايتها، وغض تركيا النظر عن الهجمات الإيرانية السورية الروسية على مناطق نفوذها.. ودعم رفع العتب الأمريكي لحكومة نتنياهو!.
يحاول هذا المقال توضيح بعض الأولويات المشتركة التي تفسر توافق جهود قوى التسوية السياسية الأمريكية (الولايات المتحدة وأنظمة تركيا وسوريا وإيران)، في هذه المرحلة، رغم ما اتسمت به من تصاعد وتائر صراع بيني بعد قمة جدة حول شروط التسوية السياسية، كما تجسدت في رفض سلطة النظام كمبادرة الإدارة الذاتية، وتصاعد أوراق الضغط الأمريكية/الأوربية ضد النظام؟.
- هل ما يحصل في السويداء – وما يمكن أن يشكله حراكه السلمي الديمقراطي من مخاطر على مصالح الجميع في حال تلاقى معه حراك شعبي سوري، من نفس الطبيعة الوطنية، وبنفس الأدوات السلمية، وبالتالي وضرورات إجهاض هذه الصيرورة- كافيا لإعطاء تفسيرا أولياً؟.
- هل هي ضرورات النفخ في دعاية الصراع بين الولايات المتحدة وإسرائيل وبين محور المقاومة الإيراني، إدراكا من واشنطن وطهران على أهمية التغطية على وصولهما الى اتفاق غير مُعلن (حذرت من عواقبه على أمن دولة إسرائيل مراكز بحوث إسرائيلية مقربة من الحكومة الإسرائيلية؛ وكتبتُ حوله دراسة تفصيلية، من ثلاثة أجزاء) حول الملف النووي، وحصول إيران على 6 مليار، كدفعة أولى، قد تصل إلى عشرات المليارات، تتويجاً لعلاقات السيطرة والنهب التشاركية بين النظام الإيراني والولايات المتحدة، وقد أثمرت عن إخضاع الشعب الإيراني لنظام الملالي، وتفشيل لبنان وأفغانستان والعراق وسوريا واليمن، وإسقاط انظمتها السياسية لصالح سيطرة ميليشيات الإسلام السياسي القاعدية والجهادية، (أدوات الفوضى الخلاقة الأمريكية)على قلب منطقة الشرق الأوسط، المنطقة الأكثر أهمية في مواقع الهيمنة الأمريكية على العالم.
- حرص الولايات المتحدة على إخفاء حالة الصراع المتفاقمة مع إسرائيل طوال سنوات بسبب تنامي العلاقات التشاركية مع النظام الإيراني، وما يشكله من أخطار محدقة على الأمن القومي الإسرائيلي، وصلت في هجمات حماس الأخيرة إلى تصعيد خطير، وضع القيادات الإسرائيلية في مأزق لم تعرفه طيلة سنوات الاحتلال!.
إخفاء حقائق الجولة الراهنة من الصراع وطبيعة أهدافها وأدواتها في سياق تطور علاقات السيطرة التشاركية الإيرانية/الأمريكية، وما تتركه من عواقب على العلاقات الأمريكية/الإسرائيلية، تعبر عنه مواقف وآراء الغالبية الساحقة من صناع الرأي العام السوري.
لنتفحص ما يقوله الإعلامي والسياسي المخضرم، أحد قادة اللوبيات الأمريكية داخل المعارضات السياسية السورية:
ما خلفية هجوم حماس اليوم؟
أيمن عبد النور:
بعد ضعف محور المقاومة (إيران، نظام الأسد، حزب الله، حماس، الجهاد الإسلامي، الحوثي) في المنطقة نتيجة التطبيع العربي مع إسرائيل وخصوصاً الخطوات الأخيرة التي اتخذتها السعودية، يضاف لذلك عدم السماح لإيران في المشاركة في لقاءات التنسيق الأمني (روسيا، تركيا، نظام الأسد) ، هذا التنسيق الذي أدى للتفجير الذي حصل في أنقرة وسمح لتركيا بموافقة روسيا ونظام الاسد بالرد الشديد في شمال شرق سورية وأدى للتفجير الذي حصل في الكلية الحربية في حمص وسمح للنظام وروسيا بموافقة تركيا بالرد الشديد في الشمال الغربي لسورية.
وبعد أن أخذت إيران قبل اسبوعين دفعة تمويل اقتصادية مهمة (6 مليار دولار سمحت بها الولايات المتحدة بعد تبادل المحتجزين الأمريكان) كان لا بد لإيران لإعادة التوازن لمحورها مقارنة بالمحاور الأخرة بالمنطقة لمنطقة (العرب/إسرائيل) و (روسيا/تركيا) من أن تأمر حماس والجهاد في قطاع غزة والممولان والمجهزان بالعتاد والاسلحة والتدريب والحماية من إيران بشن عملية عسكرية تكون بحجم هذا الخلل الحاصل لهز إسرائيل ومن ورائها أميركا والدول العربية المطبّعة والتي تسير بذلك الاتجاه بأنه لا يمكن تجاهلها وكذلك رسالة قوية لروسيا وتركيا بعدم تجاهلها في سوريا.
المرفقات:
- رسالة صوتية من محمد الضيف قائد قوات القسام/حماس يبين فيها بوضوح أنه لن يكون هناك بعد اليوم قصف اسرائيلي للعراق ونظام الأسد؟.
- فيديو يبين سوء تدريب أفراد الجيش الاسرائيلي وضعف الاجهزة الأمنية وضعف أجهزة الإنذار المبكر رغم ما تصرفه الولايات المتحدة عليه من مليارات الدولارات سنوياً.
دعونا نتساءل:
- هل حقا أضعف التطبيع العربي مع إسرائيل، وهو قائم طوال سنوات وعقود) محور المقاومة؟ ألم يواكب تسريع خطوات التطبيع بين السعودية وإسرائيل خطوات تطبيع أكثر أهمية مع النظام الايراني، كان ثمرتها إعادة العلاقات الدبلوماسية السعودية الإيرانية، التسوية في اليمن (التي رعتها واشنطن)، وتثبيت سلطة الحوثي وامتيازات إيران، وتعزيز الوجود الإيراني في العراق (طرد فصائل كردية كانت لسنوات تضايق النظام الايراني) وسوريا ولبنان، اللتين باتتا أقرب إلى محمية إيرانية؟.
- ما الذي يجعل ايمن عبدو النور متأكدا من استبعاد إيران من التنسيق الأمني الذي يتحدث عنه، خاصة مع مشاركة النظام السوري؟. ألا يتناقض مع هذا الاستنتاج، الذي لا يملك دليلاً، حقائق الواقع التي تبين تناغم الهجمات التركية الروسية الإيرانية في وسط وغرب وشمال شرق سورية وفي فلسطين، وما تخللها من تفجيرات أنقرة وهجوم الكلية الحربية الإجراميين؟ ألا يعني وجود حالة تنسيق أمني رفيع المستوى، برعاية أمريكية (سكوت واشنطن عن هجمات تركيا في منطقة حمايتها، ودعم رفع العتب لحكومة نتنياهو، وسكوت تركيا عن هجمات النظام وروسيا وإيران).
- ألا يناقض السيد نور نفسه (حديثه عن ضعف محور المقاومة) عندما يعترف بحصول النظام الإيراني على 6 مليار دولار، وهي دفعة أولى، مرتبطة بحصول تفاهم نووي غير مُعلن، وبالتالي تطبيع شامل أيرو/أمريكي، على حساب إسرائيل نفسها؟.
- أليس هذا تأكيد على حاجة الولايات المتحدة والنظام الايراني لتعزيز دعاية الصراع بين الولايات المتحدة وإيران، ووجود محور مقاومة في مواجهة سياسـات الولايات المتحدة لتضليل الرأي العام.
- ألا تؤكد رسالة الضيف الحمساوي حصول تطبيع أمريكي/إيراني، وحرص الولايات المتحدة وقف جهود إسرائيل الممانعة له عبر استمرار هجماتها على مواقع النظام الإيراني في سوريا، كما تؤكد أن حماس ليست فقط ذراع إيراني، بل هي أيضا ورقة ضغط أمريكية في وجه إسرائيل لدفعها على قبول، والتكييف مع الحالة المتطورة الراهنة في العلاقات الأمريكية الإيرانية؟.
وماذا يأتي بجديد عندنا يؤكد التنسيق المتجدد مع حماس؟ متى لم تكن حماس أداة للنظامين الإيراني والسوري؟.
تضليل واسع تمارسه أبواق الولايات المتحدة، لتغييب طبيعة العلاقات التشاركية بين الولايات المتحدة والنظام الإيراني، وقد باتت تهدد أمن دولة إسرائيل، وبالتالي تغييب حالة الصراع الأمريكي/الإسرائيلي، ومصلحة واشنطن باستخدام أوراق الضغط الإيرانية!.
هل نريد المزيد من الأدلة على طبيعة العلاقات الجدلية بين الولايات المتحدة وإيران وإسرائيل، وطبيعة الدور الوظيفي الذي تمارسه حماس، ونخب اللوبيات الأمريكية؟.