المفوض السامي لشؤون اللاجئين يلتقي بوزير داخلية النظام السوري المتورط بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب
أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، يوم الخميس 22 أيلول 2022، بياناً دعت فيه المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن تكون رائدة في الدفاع عن حقوق اللاجئين السوريين، وأن تتوقف عن اللقاءات مع المتورطين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، احتراماً لمشاعر ملايين الضحايا من اللاجئين السوريين.
وجاء هذا البيان بعد زيارة المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين “فيليبو غراندي”، يوم الثلاثاء 13 أيلول 2022، أماكن عدّة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، كما التقى مع وزير الخارجية السوري، وأشار البيان بأن هذه ليست الزيارة الأولى للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين لسوريا والتقائها مع النظام السوري.
كما استنكر البيان قبول المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، “فيليبو غراندي” الاجتماع مع وزير داخلية النظام السوري “محمد الرحمون” في قاعة المؤتمرات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء في حي كفرسوسة في مدينة دمشق، معتبراً أن المفوض السامي والعاملين معه ليسوا على اطّلاع كاف بخلفية “الرحمون” والانتهاكات الفظيعة المتورط بها، والتي يشكل بعضها جرائم ضد الإنسانية.
المناصب التي شغلها “الرحمون” في حكومة النظام السوري:
جاء في البيان بأن “محمد رحمون” هو ضابط برتبة لواء، ولد عام 1957، من أبناء مدينة خان شيخون في ريف محافظة إدلب، عُين كرئيس فرع المخابرات الجوية في المنطقة الجنوبية منذ منتصف عام 2011 وبقي في هذا المنصب حتى منتصف عام 2015، وتشمل المنطقة الجنوبية ثلاث محافظات سورية، وهي محافظة ريف دمشق، ومحافظة السويداء، ومحافظة درعا، بعد أن كان “الرحمون” يتولى قيادة فرع الأمن الجوي في درعا فقط منذ عام 2004.
وبحسب البيان فإن “الرحمون”يُعدُّ مسؤولاً مباشراً خلال سنوات خدمته الخمسة في هذا المنصب عن العديد من الانتهاكات التي مارستها قوات الأمن الجوي في المنطقة الجنوبية، والتي شملت عمليات الاعتقال، الإخفاء القسري والتعذيب، وعمليات القتل من خلال قصف القرى والمدن الخارجة عن سيطرة النظام السوري، والتي تسببت في نزوح الآلاف من السوريين في المناطق التي تولت فيها القوات التابعة له العمليات العسكرية.
في منتصف عام 2015، وضمن سلسلة التعيينات والترقيات التي يصدرها الرئيس السوري بشار الأسد في كل عام، عُين “الرحمون”كرئيس لشعبة الأمن السياسي في وزارة الداخلية وتم تكليفه بإدارة شعبة الأمن السياسي، وهو واحد من أصل أربعة أجهزة أمنية رئيسة في سوريا.
أوضح البيان أنه بالرغم تبعية شعبة الأمن السياسي إدارياً إلى وزارة الداخلية، إلا أنها تتبع بشكل مباشر إلى مكتب الأمن القومي وهو الخلية الأمنية الأولى في سوريا، ويحوي عدداً قليلاً من كبار الضباط الأمنيين المتصلين بشكل مباشر مع رئيس الجمهورية بصفته القائد العام للجيش والقوات المسلحة، والمسؤولين عن وضع الخطط الأمنية العسكرية وتنفيذها.
ووفق البيان فإن اللواء “محمد خالد الرحمون” خلال سنوات خدمته الثلاث في هذا المنصب، ارتكب انتهاكات واسعة بحق المدنيين السوريين عبر عمليات الملاحقة والاعتقال والاختفاء القسري، واشتراكه في عمليات استخدام الأسلحة الكيميائية بمحافظة ريف دمشق، التي تسببت بنزوح وتشريد قسري لسكان المدن والبلدات فيها حتى منتصف عام 2018.
في تشرين الأول/2018، عُين “الرحمون” وزيراً للداخلية في حكومة النظام السوري، وما زال يشغل نفس المنصب، ويُعدُّ من الشخصيات الأمنية البارزة في التخطيط وإدارة الملف الأمني الداخلي لدى النظام السوري.
“الرحمون” يتصدر قائمة العقوبات الدولية:
تم إدراج “الرحمون” على لائحة العقوبات الصادرة من وزارة الخزانة الأمريكية في مطلع عام 2017، كما تم إضافته إلى قوائم العقوبات الصادرة عن المملكة المتحدة في عام 2019، بسبب ارتباطه المباشر ببرنامج الأسلحة الكيميائية السورية، ولكونه جزءاً من سلسلة إصدار الأوامر المتعلقة بالهجوم بالأسلحة الكيميائية على عدة مناطق في محافظة ريف دمشق وبشكل خاص مجزرة الغوطة في عام 2013 والتي قتل فيها 1127 شخصاً.
وفي مطلع آذار/2019 وضِع اللواء “محمد خالد الرحمون” على قائمة العقوبات الأوروبية، في قائمة ضمت سبعة وزراء في حكومة النظام السوري.
“الرحمون” متهم بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب:
أكد البيان أنه بناءً على كل ما سبق، وبحكم المناصب التي تولاها “الرحمون”، فإنه متورط في اعتقال آلاف السوريين وإخفائهم قسرياً، وإعدام قسم منهم، إضافةً إلى العديد من الانتهاكات الأخرى التي ما تزال تمارسها وزارة الداخلية بحق المواطن السوري من نهب ممتلكات، والحط من الكرامة الإنسانية، والكثير منها يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية، ويرقى بعضها إلى جرائم حرب.
أوضح البيان أن الانتهاكات الواسعة النطاق والمنهجية التي مارسها النظام السوري هي السبب الأساسي وراء تشريد ملايين السوريين، وإن استمرارها هو السبب الأساسي في عدم رغبتهم في العودة إلى وطنهم سوريا، وسبب استمرارها هو بقاء النظام السوري بقياداته وممارساته المتوحشة منذ عام/2011 وبذات العقلية القمعية، مشيراً إلى أن “الرحمون” هو أحد أبرز رجالات النظام السوري المتورطين بشكل مباشر ووثيق في الانتهاكات التي مارسها النظام السوري على مدى سنوات.
أكد البيان بأن النظام السوري في بنيته هو نظام شديد المركزية، وبحسب تعريفات قواعد القانون العرفي الإنساني في تحميل القادة والأشخاص الأرفع مقاماً مسؤولية جرائم الحرب التي يرتكبها مرؤوسوهم بناءً على أوامرهم، أو إذا علموا، أو كان بوسعهم معرفة أن مرؤوسيهم على وشك أن يرتكبوا أو كانوا يقومون بارتكاب مثل هذه الجرائم ولم يتخذوا كل التدابير اللازمة والمعقولة التي تخولها لهم سلطتهم لمنع ارتكابها أو لمعاقبة الأشخاص المسؤولين عنها إذا ارتكبت مثل هذه الجرائم.
وأضاف البيان بأن النظام السوري متورط بمختلف مؤسساته في ارتكاب انتهاكات واسعة ومنهجية وشكَّلت العديد من تلك الانتهاكات جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وكل من أمر، أغرى، شجع، برر، شارك، قدم العون أو سهل، تلك الجرائم يعتبر متورطاً فيها، وفي مقدمة تلك المؤسسات مؤسسة الجيش، ومؤسسة الأمن التابعة لوزارة الداخلية.
اللقاء بين المفوض السامي لشؤون اللاجئين و “الرحمون” يضر بقضية اللاجئين السوريين:
أكد البيان بأنه كان ينبغي على المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن يتجنب لقاء وزير داخلية النظام السوري، والذي تتبع له نظرياً الأجهزة الأمنية ذات السيط البربري في التعامل مع المواطنين السوريين”، موضحاً أن هذا اللقاء يرسل رسالة سلبية لملايين اللاجئين ولملايين النازحين في المناطق خارج سيطرة النظام السوري، لأنها تحمل مضموناً تصالحياً مع النظام السوري.
واعتبر البيان أن تلك اللقاءات هي رغبة في التقارب بين المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وبين النظام السوري، الذي لا يزال مستمر بارتكاب الانتهاكات واسعة النطاق، وذلك بحسب التقارير الحقوقية المحلية والدولية، والتي تؤكد جميعها بأن سوريا بلد غير آمن، والسبب هو عدم حصول تغير سياسي من نظام دكتاتوري إلى نظام ديمقراطي.
كما أكد البيان بأن أية حديث عن عودة المشردين قسرياً من نازحين ولاجئين في ظل بقاء النظام السوري برئاسته الحالية وأجهزته الأمنية المتوحشة، هو حديث يتضمن إشارة إلى عبء اللاجئين السوريين، ويغض الطرف عن المتسبب الأساسي في تشريدهم، والتفاف على معالجة جذر المشكلة.
وختم البيان بمطالبة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن تكون رائدة الدفاع عن حقوقهم، وأن تتوقف عن اللقاءات مع المتورطين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، احتراماً لمشاعر ملايين الضحايا اللاجئين السوريين، موضحاً بأن أي ضغط أو تضييق على اللاجئين السوريين يندرج ضمن إطار الإعادة القسرية، وهذا انتهاك للقانون العرفي الملزم لجميع دول العالم بما فيها الدول الغير مصادقة على اتفاقية اللجوء عام 1951.