fbpx

هل بدأ عصر الحمائية والانكفاء المحلي؟

0 525

تشير التقارير الدولية الأخيرة.. إلى بداية توجه المستهلكين من أفراد ودول ومؤسسات إلى الصناعات والمنتجات محلية الصنع والبدء بالاستغناء تدريجياً عن السلع والخدمات المستوردة وهذا ناتج طبيعي عن الأزمة المالية والاقتصادية التي يمر بها العالم منذ أشهر بسبب فايروس كورونا والذي أدى إلى تعطل حركة التجارة الدولية وتوقف كثير من خطوط الملاحة البحرية والجوية وانخفاض مستوى دخل الأفراد أو انعدامه في كثير من الدول نتيجة توقف قطاعات إنتاجية وخدمية كبيرة عن العمل وخسارة مئات الملايين لوظائفهم وبالتالي تدنّي قدرتهم الشرائية.

كما أن التوترات السياسية بين العملاقين العالميين الصين والولايات المتحدة التي أدت إلى نشوب حرب خفية بين تلك الدولتين وانخفاض حجم التبادل التجاري والخدمي بينهما.

انخفاض أسعار النفط وتهاويها إلى مستويات غير مسبوقة أدى إلى التأثير على القدرة الشرائية لسكان الدول المنتجة والاقتصاديات المرتبطة بها.

ماهي الحمائية التجارية؟

قيام الحكومة بتقييد حرية التجارة مع الدول الأخرى باتباع بعض الأساليب كفرض رسوم جمركية على الواردات أو وضع حد أقصى لحصة الواردات خلال فترة زمنية معينة ما يوفر نوعاً من الحماية للأنشطة المحلية من منافسة المنتجات الأجنبية.

يشير المصطلح إلى حماية أصحاب الأعمال والعمال في بلد ما عن طريق تقييد أو تنظيم التجارة مع الدول الأجنبية وهي تهدف إلى حماية السوق الداخلية من المنافسة الخارجية، وتشجع على استهلاك المنتوجات المحلية، عن طريق تطبيق سياسات جمركية تختلف شدتها حسب درجة الحمائية المنشودة.

كما عرّف القاموس السياسي الفرنسي الحمائية بأنها: “سياسة وممارسات دولة ما عندما تتدخل في الاقتصاد بهدف الدفاع عن مصالحها ومصالح شركاتها التي تواجه المنافسة الأجنبية، والحفاظ/تطوير قوى الإنتاج الخاصة بها. الحمائية يمكن أن تحدد قطاعاً واحداً أو قطاعات معينة من الاقتصاد”.

الهدف من تطبيق الحمائية.

• حماية الصناعة المحلية من المنافسة الأجنبية.

• حماية الاقتصاد الوطني من خطر الإغراق الذي يمثل التمييز السعري في مجال التجارة الخارجية أي البيع بسعر أقل من تكاليف الإنتاج.

• حماية الصناعة الناشئة أي الصناعة حديثة العهد في الدولة حين يجب توفير الظروف الملائمة والمساندة لها.

• حماية الاقتصاد الوطني من التقلبات الخارجية التي تحدث خارج نطاق الاقتصاد الوطني كحالات الانكماش والتضخم.

• حماية مصالح بعض الفئات الاجتماعية كمصالح الزراعيين أو المنتجين لسلع معينة تعتبر ضرورية أو أساسية في الدولة.

• إعادة توزيع الدخل القومي بين الفئات والطبقات المختلفة.

• المحافظة على الأمن في الدولة من الناحية الاقتصادية والغذائية والعسكرية.

• علاج العجز في ميزان المدفوعات: ويتم ذلك عن طريق فرض الرسوم الجمركية المرتفعة على الواردات من السلع الكمالية والتخفيف منها أو إلغائها على الواردات من السلع الإنتاجية وبذلك تقل الواردات فيقل الطلب على العملة الأجنبية.

• الاستقرار الاقتصادي: لقد أخذت الحكومات على عاتقها تلبية ما يمكن تلبيته من رغبات المواطنين، فوجدت أنه ينبغي لها قبل أن تسعى لتحقيق التقدم الاقتصادي وتنمية دخلها القومي أن تضمن استقرار الأحوال والظروف الاقتصادية ممثلة في الأسعار والدخل والإنتاج وغير ذلك من الكميات الاقتصادية ليصبح بعد ذلك الطريق سهلاً معبداً أمام تحقيق التقدم الاقتصادي.

الآثار السلبية لتطبيق نظام الحمائية التجارية:

• تؤدي إلى تقييد نطاق السوق، والإنتاج ووصول المشروعات الإنتاجية إلى الحجم الأمثل لها والحرمان من مزايا الإنتاج الكبير.

• إضعاف جودة السلع المحلية على المدى الطويل، فغياب المنافسة سوف يفقد الشركات المحلية الرغبة في التطوير وتحسين جودة السلع والخدمات.

• سوف يدرك المستهلكين بأنهم ينفقون على سلع ذات جودة منخفضة وبالتالي سوف تقلل معدلات الطلب على السلع المحلية مع مرور الوقت.

• الحرية التجارية تساعد في خلق أسواق جديدة للسلع المحلية بعكس الحماية التجارية.

• تتيح حرية التجارة فرصة التخصص وتقسيم العمل الدولي على أساس اختلاف النفقات النسبية، ويعود هذا بالمنفعة على المستهلك باقتنائه لأحسن النوعيات وبأقل الأسعار وعلى المنتج توسيع فروع إنتاجه التي تتوفر فيها أسباب التفوق.

تأثير كورونا على حركة التجارة العالمية

وفــقًا للعديـد مــن التقديـرات، يُتوقــع أن تتســبب في خســائر اقتصاديــة عالميــة تقــارب 2.7 تريليــون دولار كحــد أدنى وهناك تقديرات تشيـر إلى أن الخسـائر سـتتعدى ذلك بكثير، حيـث يرجـح أن تبلــغ خســائر الاقتصــاد العالمي جراء هـذه الأزمـة خـلال النصـف الأول مـن عـام فقط 2020 نحـو 6 تريليونـات دولار، وسـينكمش الاقتصـاد العالمي بنسبة 11% مقارنة بالفترة نفســها مــن عــام 2019.

“نسبة التراجع في تجارة السلع حول العالم بلغ 27% خلال الربع الثاني من العام مع تعمق الأزمة، وانتشار المرض في أوروبا والأميركيتين، وهذه القارات تستأثر بحصة وافرة من التجارة العالمية”. مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد”.

أكثر القطاعات تضرراً: تراجعت تجارة السيارات العالمية بنسبة 50%، وتجارة الطاقة والنفط تراجعت بنسبة تصل إلى 40%.

وبحسب الإحصاءات الأخيرة التي قامت بها منظمة التجارة العالمية، تراجع حجم تجارة البضائع بنسبة 3% على أساس سنوي في الفصل الأول من العام. وتشير التقديرات الأولى للفصل الثاني، الفترة التي أثر فيها الفيروس وإجراءات العزل المرتبطة به في قسم كبير من سكان العالم، إلى تراجع بنحو 18.5%.

توقعات منظمة التجارة العالمية 

الأول وهو متفائل، توقعت المنظمة انكماشاً في حجم التجارة العالمية للبضائع بنسبة 13% في 2020، ترتفع النسبة في الثاني المتشائم إلى 32% وزاد: “في ظل الوضع الراهن، لن تحتاج التجارة إلا للنمو بنسبة 2.5% لكل ربع سنوي لبقية العام لتلبية التوقعات المتفائلة.

ومع ذلك، قال مدير عام المنظمة الدولية، إن التطورات السلبية بما في ذلك موجة ثانية من تفشي كوفيد 19، أو نمو اقتصادي أضعف من المتوقع، أو لجوء واسع النطاق إلى القيود التجارية، يمكن أن تجعل التوسع التجاري أقل من التوقعات السابقة.

في النهاية وكما رددنا سابقاً، العالم بعد كورونا ليس كما قبله ولابد من ظهور أنظمة تجارية عالمية جديدة قد تتسم بالحمائية والانكفاء الذاتي الجزئي لكنها حتماً ستخلق أنماطاً جديدة للتصنيع والإنتاج وسلاسل التوريد.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني