fbpx

ندوة حوارية تناقش تقارير الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن انتهاكات هيئة تحرير الشام وتنظيم داعش في سورية

0 264

نظَّمت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الثلاثاء 15 شباط 2022، ندوة حوارية عبر منصة “ZOOM”، بمناسبة إصدارها تقريرين يتحدثان عن أبرز انتهاكات هيئة تحرير الشام وتنظيم داعش في سورية، واستعرضت الندوة أهم النقاط التي أوردها التقريرين، والجهد الذي بذلته الشبكة السورية عليهما وأبرز نتائجهما.

صحيفة نينار برس تابعت الندوة التي عرضت باللغتين العربية والإنكليزية، وشارك فيها كل من السيد فضل عبد الغني المدير التنفيذي للشبكة السورية لحقوق الإنسان، والمحامي لدى مكتب جيرنيكا 37 في لندن إبراهيم علبي، والكاتب والباحث السوري المهتم بالحركات الجهادية حسام جزماتي، وأدارتها الصحفية السورية نور الهدى مراد.  

افتتح السيد فضل عبد الغني الندوة بالحديث عن تقرير هيئة تحرير الشام الذي أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان بتاريخ 31 كانون الثاني 2022، واستغرقت في إنجازه عام ونصف العام، حيث تحدث التقرير عن خلفية موجزة عن هيئة تحرير الشام بأشكالها ومسمياتها المختلفة، منذ الإعلان عن نواتها التأسيسية “جبهة النصرة” في كانون الثاني 2012 مروراً بـ “جبهة فتح الشام”، وصولاً إلى “هيئة تحرير الشام”، مشيراً إلى بقاء نفس القائد العام “أبو محمد الجولاني” طوال تلك الفترة حتى الآن.

وصف عبد الغني المناطق السورية الخاضعة لسيطرة الهيئة “بالمأساوي والسوداوي”، مشيراً إلى القيود الممارسة على الحقوق والحريات، حيث وثق التقرير مئات حالات الملاحقة والاحتجاز على خلفية انتقاد أو معارضة سياسة الهيئة، مهما كان النقد محدوداً، مثل كتابة منشور أو تغريدة على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن ذلك يتناقض مع ادعاء الهيئة بابتعادها عن المجموعات الأكثر تطرفاً، ومحاولات تصدير نفسها لتلعب دور سياسي كفصيل محلي ضمن الثورة السورية.

وعن واقع النظام القضائي الذي يتحاكم له السوريين في تلك المناطق، تحدث عبد الغني واصفاً إياه بـ “المختل والمتناقض”، وعن الأجهزة القضائية بأنها “متداخلة” و “منفصلة” عن بعضها بعضاً، ولا يوجد تنسيق فيما بينها، ولا تستند إلى أحكام ولوائح قضائية محددة ومعروفة، بل تعتمد على التعاميم والتعليمات الوزارية، موضحاً بأن معيار القضاء من أكثر المعايير التي تكشف زيف ادعاءات هيئة تحرير الشام في مجال حقوق الإنسان.

وعن واقع محاكم الهيئة التي يخضع لها عشرات الآلاف من السوريين في تلك البقعة “السوداء” من سورية والتي يتم التعامل مع أهلها بطرق “بربرية”، بحسب تعبير عبد الغني الذي أوضح بأن القضاء الأمني وهو الأكثر نفوذاً وتسلطاً لدى الهيئة، لا يدخل ضمن اختصاص وزارة العدل، ويشبه إلى حد بعيد “محكمة الإرهاب” لدى النظام السوري.

كما تحدث عبد الغني عن القيود والرقابة الشديدة التي يفرضها جهاز الحسبة على حريات الأفراد والحريات العامة في المجتمع، وتتحكم بأبسط شؤونهم الخاصة من حلاقة الشعر واللباس وتشغيل الموسيقا والاختلاط بين الرجال والنساء في الجامعات والأماكن العامة.

واستعرض عبد الغني أبرز الانتهاكات التي قامت بها هيئة تحرير الشام منذ نشأتها حتى كانون الأول 2021، والتي تشبه إلى حد كبير ممارسات النظام القمعية، حيث وثق التقرير مقتل ما لا يقل عن 505 مدنياً بينهم 71 طفلاً و77 سيدة، وأن ما لا يقل عن 2327 شخصاً بينهم 43 طفلاً و44 سيدة لا يزالون قيد الاحتجاز التعسفي أو الاختفاء القسري لدى هيئة تحرير الشام منذ مطلع عام 2012 حتى كانون الأول 2021، موضحاً أن المناطق الخاضعة لسيطرة الهيئة “مدينة إدلب” هي من أكثر المدن التي عانت من الانتهاكات بحق أهلها، مما ينسف الادعاء بأنها حاضنة شعبية للهيئة.

وذكر عبد الغني أن الشبكة قد توصلت إلى أسماء أبرز المسؤولين الأمنيين المتورطين بعمليات الاحتجاز التعسفي والتعذيب والإخفاء القسري، وأشار إلى أن التصريح بأسمائهم هو جزء من عملية المحاسبة، مضيفاً بأن الهيئة تستخدم أساليب تعذيب متعددة ضمن مراكز الاحتجاز التابعة لها، وتتشابه مع أساليب التعذيب التي يمارسها النظام السوري في مراكز احتجازه، كما تستهدف النساء على خلفية عملهن وأنشطتهن في الشأن العام، أو في منظمات المجتمع المدني أياً كانت، إعلامية، إغاثية، سياسية.

بعد ذلك تحدث المحامي إبراهيم علبي عن الجانب القانوني والمحاسبة موضحاً أن ملفي هيئة تحرير الشام وداعش ملفين مختلفين تماماً، حيث أن أحدهم “تنظيم داعش” شبه اندحر إلى حد كبير، ويحاربه التحالف الدولي وعدد من الدول، بينما تعرض الآخر جبهة النصرة “هيئة تحرير الشام” لتغيرات سياسية وتركيبية وهيكلية خلال تقريباً العشر سنوات الماضية.

واستطرد علبي “من الناحية الحقوقية والقانونية يجب أن ينصب التركيز على الانتهاكات الحقوقية، والتي لا تسقط بالتقادم ولا يغير واقع حدوثها أي تغيرات سياسية”.

وأشار علبي أنه يجب على هيئة تحرير الشام محاسبة مرتكبي الانتهاكات مهما علا منصبهم، وعلى الدول التي تمتلك خطوط اتصال مع الهيئة الضغط من أجل تحقيق المحاسبة”.

وركز علبي على أهمية الكشف عن مصير المختفين قسرياً وتعويض الضحايا قدر الإمكان، مؤكداً أن الهيئة لا تستطيع الكيل بمكيالين فيما يتعلق بكونها قوة مسيطرة، ولكن غير ملتزمة بالقوانين الدولية والقانونية.

ثم تحدث بعدها الأستاذ حسام جزماتي عن وجهة نظر هيئة تحرير الشام وسعيها لتغيير صورتها، والخروج من تصنيفهم في قوائم الإرهاب، مشيراً إلى أن هذا التوجه لا يتقاطع مع همومنا في البحث عن الحقوق والحريات في المناطق الخاضعة لسيطرة الهيئة، موضحاً أن الهيئة غير مهتمة إطلاقاً بالتفاوض مع أي طرف محلي أو السماح لمنظمات حقوقية محلية بزيارة سجونها، مؤكداً أن ذكر المنتهكين بالاسم هو مهم جداً من أجل دعم المحاسبة.

وأضاف جزماتي أن شبكة القائمين على منظومة الحكم في الهيئة، وجميع القضاة تربطهم علاقة قرابة أو قائمة على ولاءات لمؤسس جبهة النصرة أبو محمد الجولاني، خصوصًا القضاء الأمني، لافتاً إلى أن حكومة الإنقاذ المنبثقة عن الهيئة هي بمثابة الصورة الإعلامية اللامعة لمنظومة الحكم، والتي تعمل بالعلن وتحاول قدر المستطاع تبييض صورة الهيئة، وكسب الرضا الشعبي عنها، موضحا أن ملف القضاء الأمني يفضح ممارسات تحرير الشام القمعية، خصوصاً مع الذي يتعلق بأمنها ويهدد سلطتها.

وعن التقرير الذي أصدرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان يوم الخميس 10 شباط 2022 والذي يتحدث عن أبرز انتهاكات “تنظيم داعش” منذ الإعلان عن تأسيسه في نيسان 2013.

جاء في التقرير إن “تنظيم داعش” قد قتل 5043 شخصاً، بينهم 32 بسبب التعذيب، ومازال مصير 8684 مختفٍ قسرياً لديه مجهولاً، بالرغم من مضي قرابة عامين على اندحار التنظيم.

تحدث السيد فضل عبد الغني عن مراكز الاحتجاز وأساليب التعذيب المستخدمة، كما أكد على أهمية الكشف عن مصير المختفين قسرياً بعد أن تم دحر تنظيم داعش.

من جانب آخر أكد الأستاذ إبراهيم العلبي على أهمية محاسبة عناصر داعش الذين يخضعون إلى محاكمات في دول أوربية على أساس الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب المرتكبة، وليس فقط جريمة الإرهاب للحفاظ على حقوق الضحايا.

وأضاف علبي فيما يتعلق بالمختفين قسرياً على يد تنظيم داعش أن “قوات سورية الديمقراطية المدعومة من التحالف تتحمل مسؤولية قانونية اتجاه المختفين قسرياً والسعي إلى الكشف عن مصيرهم، ووجود محاكم نزيهة ذات شفافية عالية لمحاكمة المتورطين لرد اعتبار الضحايا”.

واختتم علبي حديثه بالتأكيد على أن “التركيز على جرائم داعش وهيئة تحرير الشام لا يعني بأن إجرام النظام السوري والانتهاكات التي يرتكبها لم تكن سبباً أساسياً فيما وصلنا إليه اليوم”، مشيراً إلى أن ممارسات النظام السوري من بطش وتعذيب والانتهاكات التي قام بها، هي التي أدت إلى ظهور التطرف، ودعمت سردية الجماعات المتطرفة.

ومن جهته تحدث الأستاذ حسام جزماتي عن أهمية إيجاد حل لقضية المختفين قسرياً، مشيراً إلى أهمية دعم منظمات دولية للكشف عن مصيرهم، وخاصة فيما يخص التعامل مع المقابر الجماعية، فهي بحاجة إلى خبرات خاصة وقدرات متقدمة، كما أكد على أهمية تعاون الأطراف المسيطرة فيما يتعلق بهذه القضية.

واختتمت الفعالية بعدد من الأسئلة والنقاشات التفاعلية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني