fbpx

معن طلاع لـ نينار برس: الحكومة السورية المؤقتة وطنية، وحكومة الإنقاذ مناطقية

0 481

أقام مركز مسارات للحوار والتنمية السياسية، يوم الأحد 25 نيسان2021، ندوة بحثية حوارية مع الباحث “أ. معن طلاع مدير البحوث في مركز العمران للدراسات.” بعنوان: “الحكومة السورية المؤقتة وحكومة الإنقاذ مقارنة حول البنى والوظيفة وسياق التشكل”، وذلك عبر برنامج zoom. نينار برس تابعت الندوة، وطرحت عليه مجموعة من التساؤلات.
مفهوم الإدارة المحلية هو الغائب الرئيسي:
بدأ الأستاذ معن طلاع مدير البحوث في مركز العمران للدراسات، ندوته بسرد تاريخي لمفهوم الإدارة المحلية في سوريا، قبل اندلاع الثورة السورية في آذار 2011 مشيراً إلى أن أبسط أشكال الإدارة المحلية من حيث الوظيفة، هي أن تشارك المحليات في ثلاثة أمور رئيسية، صنع القرار السياسي، وتنفيذه، ومراقبته.
ويرى الأستاذ طلاع “أن محاولة تنظيم فكرة الإدارة المحلية بدأت منذ عام 1920، عندما أعلن الملك فيصل المملكة السورية التي كانت قائمة على الفيدراليات، والتي أعطت المحليات صلاحيات واسعة.”
واعتبر الأستاذ طلاع بأن تلك الصلاحيات، بقيت حبراً على ورق شأنها شأن باقي مواد دستور 1920، حيث تم إخضاع سورية للانتداب الفرنسي.
وعن دستور1936 وبعد صدور القرار (109)، الذي حاول تقسيم سوريا إدارياً لعدة محافظات، قال الأستاذ طلاع “إن تلك المحافظات لم تعط الكثير من الصلاحيات، سوى إبداء الرأي في بعض الأماكن، وبعض حاجات السكان في موضوع البنية العمرانية والثقافية والاجتماعية.
وأوضح الأستاذ طلاع أن التموضع الأبرز لمفهوم الإدارة المحلية، ظهر في عام 1950، عبر قانون اللامركزية الإدارية، الذي خصص له ست مواد دستورية، وأعطى صلاحيات كبيرة.
وأشار الأستاذ طلاع إلى أن مفهوم الإدارة المحلية، تغير لاحقاً بسبب كثرة الانقلابات في سوريا، مشيراً إلى صدور قانون المنظمات المحلية عام 1957، ثم قيام الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958، حيث أصبحت سوريا إقليم الشمال وتطبق عليه أحكام الإدارة المحلية في مصر.
ويضيف الأستاذ طلاع أن مفهوم الإدارة المحلية بقي شكلياً، بعد صدور المرسوم /15/ لعام 1971، الذي أسس لمفهوم اللامركزية الإدارية.
ويرى الأستاذ طلاع أن الأمر لم يتغير بعد صدور قانون /107/ عام 2011، الذي يفترض أنه نتاج لنقاشات محلية طويلة، معتبراً أن السبب يعود لنظام الأسد، الذي سحب منه المواد الرئيسية الدالة على مشاركة المجتمع المحلي وغير بعضها الآخر لتكون تلك المحليات مرتبطة بالمركز، وبالتالي بقيت حالة المركزية شديدة جداً، بحسب تعبيره.
ويؤكد الأستاذ طلاع أنه في كل تلك المحطات التي سبقت اندلاع الثورة السورية في آذار 2011، كان الغائب الرئيسي هو تجليات وتطبيقات مفهوم الإدارة المحلية، بمعنى عدم مشاركة المحليات في صنع وتنفيذ ومراقبة القرار السياسي المتعلق بشؤونها.
المجالس الثورية نقطة متقدمة في مفهوم الإدارة المحلية:
يرى الأستاذ طلاع “أن الثورة السورية تمثل رفض مجتمعي كامل صيغ الحكم كافة على جميع الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والإدارية أيضاً.”
وأضاف الأستاذ طلاع “إن المجموعات الثورية وجدت نفسها أمام تحدي الإدارة منذ اللحظات الأولى للثورة السورية 2011″، مشيراً إلى الانسحاب الممنهج للنظام السوري من مؤسسات الدولة.
ولكي تقوم المحليات بإدارة نفسها، ظهرت المجالس الثورية، التي يعتبرها الأستاذ طلاع “نقطة متقدمة في مفهوم الإدارة المحلية”، ثم ظهرت بعدها الحكومة السورية المؤقتة عام 2013، وحكومة الإنقاذ عام 2017.
ظروف سياسية ساهمت في تشكيل الحكومة السورية المؤقتة عام 2013:
يعتبر الأستاذ طلاع “أن تشكيل الحكومة السورية المؤقتة، يرتبط بحالة سياسية، عندما كانت الرقعة الخضراء تتوسع في الجغرافيا السورية.”، مشيراً إلى تحرير الجيش الحر أكثر من ثلاثة أرباع سوريا من سيطرة النظام السوري.
ويشرح الأستاذ طلاع “بأن ظروف خارطة المصالح الإقليمية والدولية كانت لصالح قوى الثورة والمعارضة السورية، وتجلى ذلك باعتراف دول عديدة بائتلاف قوى الثورة والمعارضة، الذي قرر تشكيل الحكومة السورية المؤقتة عام 2013.”
وقد كانت فكرة تشكيل حكومة مؤقتة أو حكومة انتقالية موجودة سابقاً لدى المجلس الوطني، كما يقول طلاع، ولكن المجلس الوطني كان يضع التمويل الدولي الكافي شرطاً أساسياً لوجودها.
فالحكومة السورية المؤقتة، بحسب رأي طلاع “طرحت نفسها كحكم وطني عابر للجغرافيا المحلية، فكانت توجد أينما وجدت قوى ثورية.”
سيناريو التمترس الجغرافي ساهم في تشكيل حكومة الإنقاذ في عام 2017:
ويعتبر الأستاذ طلاع أن منظور تشكيل الحكومة السورية المؤقتة يختلف عن منظور تشكيل حكومة الإنقاذ، ويرفض المقارنة بينهما، فيرى أن منظور الحكومة السورية المؤقتة، منظور وطني يسعى لتشكيل حكم بديل لنظام الأسد، أو حكومة انتقالية، تتكيف مع موضوع الحل السياسي في سوريا، وفق القرارات الدولية.
أما منظور تشكيل حكومة الإنقاذ، بحسب رأي الأستاذ طلاع “منظور مناطقي مرتبط بأجندات متعلقة بهيئة تحرير الشام وتحولاتها.”
واعتبر طلاع تشكيل حكومة الإنقاذ، ردة فعل، أو تقرير خيارات، أو امتلاك أوراق في سياق التمترس الجغرافي، لتحقيق مصالح خاصة بهيئة تحرير الشام.
الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة هو مرجعية الحكومة السورية المؤقتة:
أوضح الأستاذ طلاع أن مرجعية الحكومة السورية المؤقتة هي مرجعية سياسية، وهي الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، مشيراً إلى أن جسم الحكومة المؤقتة انبثق عن هذا المكون في آذار عام 2013.
وأضاف طلاع أن الائتلاف هو من يعين أعضاء الحكومة السورية المؤقتة، ويصادق على برامجها، ويرفع الثقة عنها، ويتابع تقاريرها، ونقاشاتها بشكل عام.
مجلس الشورى هو مرجعية حكومة الإنقاذ:
أشار الأستاذ طلاع “أنه في ظل غياب جسم تمثيلي حقيقي شرعي وهو البرلمان المنتخب، فإن مرجعية حكومة الإنقاذ هي مجلس الشورى، والذي تشكل بناء على المؤتمر السوري عام 2017″، وأضاف طلاع “أن مجلس الشورى هو الذي يحدد رئيس الحكومة، ويصادق على برنامج الحكومة، ويشرف على متابعة أعمالها ومراقبة أدائها”.
وأوضح الأستاذ طلاع أن تشكيل مجلس الشورى كان بناء على معايير مناطقية بحتة، بحيث يتم ترشيح مجموعة من وجهاء وأعيان كل منطقة، للحصول على موافقة أمنية من المكتب الأمني التابع لهيئة تحرير الشام.
الهيئة العامة في الائتلاف هي من تختار أعضاء الحكومة السورية المؤقتة:
وحول كيفية اختيار أعضاء الحكومة السورية المؤقتة وأسس الاختيار، قال الأستاذ طلاع “تقوم الهيئة العامة في ائتلاف قوى الثورة والمعارضة بالتوافق بينها على اسم شخص منها كرئيس للحكومة، وذلك وفق تفاهمات وتوافقات ضمن التيارات والكتل السياسية ضمن الائتلاف.”
ثم أضاف طلاع “يقوم رئيس الحكومة المكلف بتشكيل أعضاء حكومته، وعرض الأسماء على الهيئة العامة للتصويت لإقرارها، ثم يتم إقرار برامج الحكومة، وآليات التنفيذ الخاصة بها.”
مجلس الشورى هو من يختار أعضاء حكومة الإنقاذ:
أما اختيار أعضاء حكومة الإنقاذ، بحسب توضيح الأستاذ طلاع، فيتم وفق آليات منوطة بالنظام الداخلي في مجلس الشورى، حيث يتم اختيار أحد أعضاء المجلس ليكون رئيساً للحكومة، ثم يكلف بتشكيل حكومته.
وأكد طلاع أنه يجب أن تعرض أسماء المرشحين للحكومة على المكتب الأمني في هيئة تحرير الشام للقيام بدراسة أمنية لهم أولاً، ثم يتم بعد ذلك عرض المرشحين على مجلس الشورى لأخذ الموافقة العامة، ويتم اختيارهم بالتصويت بشكل كامل.
وحول الأنظمة والقوانين التي تستهدي بها الحكومتان في تنفيذ برامجهما:
الحكومة السورية المؤقتة تعتمد القانون السوري:
أوضح الأستاذ طلاع أن الحكومة السورية المؤقتة، فيما يخص قطاع التعليم والصحة والخدمات، أخذت قرارات خاصة فيها، لكن فيما يخص الإدارة المحلية، فإنها تعمل استناداً إلى القانون (107)، بعد أن أجرت عليه جملة من التعديلات تتناسب مع الظرف الثوري، بحسب تعبير الأستاذ طلاع، حيث غيرت موضوع أن المحافظ كان يعين تعييناً من المركز، وجعلته منتخباً.
وفيما يخص القضاء في الحكومة المؤقتة، فقد أكد طلاع أن “المرجعية القانونية في الحكومة السورية المؤقتة هي القانون السوري، وقانون العمل والعاملين في القانون السوري”، مشيراً إلى تعطيل مبدأ الإعدام، لأنه يحتاج إلى جسم مركزي يقره.
قرارات وتعاميم حكومة الإنقاذ مركزية:
أما حكومة الإنقاذ، فقد قال الأستاذ طلاع “إنها عملياً لم تسن قوانين، ولم يتحول مجلس الشورى إلى مجلس تشريعي، (باستثناء وزارة العدل التي تعمل وفق القانون العربي الموحد، فيما يتعلق بأمور القضاء)”.
وأضاف طلاع “باقي الإجراءات محكومة بأنظمة داخلية، لها علاقة بالتعيينات والترفيعات، وسجل العاملين، ولها علاقة بالقرارات الإدارية”.
وأوضح الأستاذ طلاع “أن معظم قرارات وزارات حكومة الإنقاذ هي قرارات وتعاميم، لا تستوجب سن قوانين بهذا السياق، وأضاف أنه حتى في وزارة الاقتصاد يتم أيضا العمل على ذات الأمر (قرارات وتعاميم)”.
وأكد طلاع أن مصدر القرارات والتعاميم مركزي، بمعنى أن حكومة الإنقاذ هي من تقررها، وتقوم الأجسام التابعة لها، من المديريات والهيئات والمجالس المحلية ومجالس الأحياء والمخاتير بتنفيذ تلك الإجراءات.
خلاصات ونتائج:
خلص الأستاذ طلاع للقول “إن الإطار العام لعمل الحكومة المؤقتة هو إطار وطني في لحظة إعلانه وتشكيله عام (2013)، ومدى استعداده لتقديم الخدمات، وتنفيذ البرامج، ليشمل الجغرافيا السورية كافة، مضيفاً أن تشكيل الحكومة السورية المؤقتة كان مرتبطاً بمرحلة سياسية قادمة للبلاد، بعد سقوط النظام السوري، وبالتالي كان منظورها وطنياً، ثم انحصر في المناطق المحررة، حيثما وجد الثوار، لينحصر دورها فيما تبقى من مناطق المعارضة في الشمال السوري وليتقلص بحكم ما شهدته هذه المناطق من إشراف تركي عليها.”
أما حكومة الإنقاذ فيرى طلاع أنها “أداة تنفيذية لهيئة تحرير الشام في مناطق نفوذها، بمعنى أنها مناطقية أكثر من كونها وطنية.”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني