fbpx

لست أنا

0 111

رغم كل التطور الذي وصل إليه العالم والتطورات التقنية والدعم الذي قُدّم بمجال التعليم، لايزال هناك تمييز ضد النساء في حصولهن على فرصة التعليم، وهناك حوالي مليون طفل لا يحصلون على حقهم في التعليم ولا يدخلون المدارس، وهذه النسبة أكثر لدى الفتيات، حيث هناك أسباب عديدة تمنع الفتيات من الذهاب إلى المدارس، فالفقر والعادات والتقاليد، والتنمر من قبل الطلاب الأقران، كلها تقف دون حصول الفتيات على التعليم.

التقينا مع “رؤى” إحدى الفتيات السوريات، وتبلغ من العمر واحداً وعشرين عاماً.

تقول رؤى: “خوف أمي من الأوضاع الأمنية في منطقتنا، وسيطرة الفصائل عليها. وفرض الزواج قسراً من قبل هذه الفصائل على عدد من الفتيات، جعلها تعالج المشكلة بحل أسوأ، فزوجتني بأحد أقاربي وأنا طفلة في عمر الخامسة عشرة ، لِأًحْرَمَ من طفولتي ومتابعه تعليمي، وأعيش حياةً مليئة بالرعب والخوف مع زوجي القاسي، إضافة إلى المسؤوليات الزوجية الكثيرة والصعبة.

تتابع رؤى حديثها فتقول: “أنجبت طفلاً، احترتُ كيف أتعامل معه وأنا طفلة مثله، لكني فكّرت بحل وحيد هو اللجوء إلى تركيا مع وأمي، ولكن المفاجأة هنا في البلد الجديد، إذ واجهت معاناة من نوع آخر وهي عدم الاستقرار”.

حال رؤى كحال كثير من السوريات، اللواتي تعرضن للظلم والقهر والخوف، وحرمان التعليم. تقول رؤى: ” أحلم بمتابعة تعليمي الآن وأنا في سن العشرين عاماً، وتكمل حديثها لتقول ليتني أكملت تعليمي، فلن يكون هذا وسأحاول جاهدةً لمتابعته في تركيا، حيث بلغ عدد السوريين من فئة الطلبة نحو 893 ألفاً و735 بين طالب وطالبة من اللاجئين السوريين، هم ضمن العملية التعليمية، وهذا ما صرح به “وزير التعليم ضياء سلجوق في عام2021، وهناك نسبة 35% من السوريين في سن التعليم لم يلتحقوا به، وتُعدُّ نسبة الفتيات هي الأكبر، فعدم الاهتمام والتعلق بالعادات والتقاليد قائمة حتى الآن، مع أن المادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي البند الأول منها ذكر فيها: “لكل شخص حق التعلّم في المراحل الأساسية الأولى ويُعدّ الزامياً وبالمجان.

كما ذكر في المادة الأولى من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التميز العنصري ضد المرأة، والذي اعتمد في 18 كانون الأول/ ديسمبر عام 1979، وهي أكثر المواد شمولاً لحقّ الفتيات والنساء في التعليم، ففد نصّت على التزام الدول باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على التمييز العنصري ضد النساء، لضمان حقوق متساوية مع الرجل في مجال التعليم، هذا وقد عملت أغلب الدول على، ضمان ظروفٍ متكافئة في الحصول على الدراسة في جميع مراحل التعليم، تكافؤ في جودة التعليم، والقضاء على مفهوم نمطي عن آلاف الرجال والنساء، إيجاد فرص. متكافئة في الحصول على منح دراسية، أو أي منح أخرى للتعليم، للوصول إلى برنامج متكامل تعليمياً.

إن تعزيز الحركة النسوية، وأهمية القضايا المتعلقة بتعلم الإناث، وتحسين مراحل تعليم الفتيات، له تأثيرات واضحة على صحة المرأة الشابة وعلى مستقبلها الاقتصادي، والذي يحسّن بدوره آفاق المجتمع بأسره.

وفي عدة احصائيات للدول الفقيرة في العالم، لا يلتحق 50% من الفتيات بالتعليم الثانوي، وقد أظهرت الأبحاث “أن كلّ سنةٍ إضافيةٍ تقضيها الفتاة في التعليم، تحسّن وتزيد دخلها طول الحياة بنسبة 15%.

 إن تحسين تعليم الإناث، يحسّن إمكانيتها على كسب قوتها، وتحسين مستوى معيشة الأطفال. لأن المرأة تنفق نصيبًا أكبر مما ينفقه الرجل على الأسرة من الدخل. ومع ذلك، لا تزال هناك العديد من العوائق التي تحول دون تعليم الفتيات.

 السيدة نجاح بكر، إحدى المدرسات في المدارس الابتدائية التركية، والتي فيها نسبة الطلبة السوريين تفوق 70%، تقول: “إذا أردنا أن نتحدث عن الأسباب التي تحول دون دخول الفنيات الى المدارس فهي عديدة وكثيرة، منها رفض بعض أولياء الأمور تسجيل بناتهن في المدارس، بسبب الخوف عليهن، أو لتزويجهن في سن مبكرة، وأحياناً بسبب العنصرية والتنمر بين الأقران، كما أن بعض الأسر لا تستطيع تسديد أقساط المدارس ونفقاتها، وخصوصاً للفتيات، فلهن متطلباتهن الخاصة والمتعددة، كاللباس، وظهورهن بصورة جميلة بين زميلاتهن، وهذا غيض من فيض.

ووفق إحصاءات وزارة التعليم التركية التي أشارت إلى تراجع نسبة تعليم الفتيات وخصوصاً بعد نظام التعليم الذي تم تفعيله في العام الدراسي 2012-2013. وبعد هذه التغييرات التي أجريت، تراجعت نسبة تعليم الفتيات إلى 93.5% خلال العام الدراسي 2019-2020 بعدما كانت تبلغ 98.9%.

خديجة، وهي إحدى الفتيات التي حصلت على معدل عالٍ في الثانوية، تقول: “حلمت كثيراً ودرست أكثر لأحصل على مقعد في كلية الطب، ولكن الصدمة عندما ارتفعت أقساط كلية الطب للطلبة السوريون في تركيا إلى مبالغ هائلة، وأسرتي لا تستطيع دفع هذه الاقساط بأي حال من الأحوال، لذلك تحطم حلمي، وسوف أبحث عن أي كليةٍ تكون أقساطها بسيطة لأكمل تعليمي الجامعي، ولكن هو ليس حلمي الذي كنت أنتظره.

وفي استبيان تم ارساله لعده عوائل سورية كانت النتائج كما يلي:

نؤكد في حديثنا على أن التعليم واحد من أكثر الأجزاء الأساسية في حياة أي شخص، لذلك يطمح معظم الطلاب إلى القيام بعمل جيد في المدرسة، حتى يمكن قبولهم في جامعة يحلمون بها عندما يكبرون، ويحصلون على راتب جيد، والحصول على التعليم هو أحد أهم حقوق الإنسان، وعدم إرسال الأطفال إلى المدرسة يعتبر جريمة.

مع الأسف، في كل يوم، تواجه الفتيات عوائق جديدة تحول دون تعلمهن، بسبب الفقر والمعايير، والممارسات الثقافية، والبنية التحتية السيئة، والعنف وما شابه، ومن الجيّد أن تشارك النساء في سوق العمل الرسمي، ويكسبن دخلاً مناسباً، فالنساء المتعلمات يكنّ أكثر صحة، وينجبن عدداً أقل من الأطفال، ويتزوجن في سن مناسبة لهن، ويمكّنهن من توفير رعاية صحية لأطفالهن وتعليم أفضل لهم، إذا اخترن أن يصبحن أمهات، ويكون لهن صوت في مجتمعهم، وهذه الامور كلها تساعد في انتشال الأسر والمجتمعات والدول من هذا الفقر، فالتعليم يجعل الشخص مستقلاً، ويوفر له المهارات اللازمة لجعله قادراً على تقديم الخدمات للآخرين، وكسب الرزق، كما النساء إذا ما أصبحن متعلمات ويكسبن رزقهن، وعدم الاعتماد على أحد، وهذا يبني ثقتهن ويجعلهنّ يتخذّن قراراتهن بأنفسهنّ، كما أن التعليم يجعلهن يدركن قيمتهن داخل المجتمع، لذلك، فإن تعليم النساء من أهم الأمور لجعل المرأة مستقلة وواثقة من نفسها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني