fbpx

قراءة في كتاب “حين شرعت الجدران بالكلام”

0 187
  • تأليف: ريما فليحان
  • إصدار: اتحاد الديمقراطيين السوريين
  • ط1 ورقيه 2014

ريما فليحان ناشطه سياسية سوريه؛ ومجتمع مدني؛ ونسويه؛ وحقوق انسان؛ ما قبل الثورة السورية وما بعدها، شاركت في المجلس الوطني السوري والائتلاف وفي بعض اجتماعات جنيف، والكتاب تسجيل لمفاصل هامه – ذاتية وموضوعية – مما عايشته منذ بداية الثورة السورية حتى عام 2014، تاريخ نشر الكتاب.

يبدأ الكتاب بتسجيل ما عاشته ريما هي وآلاف الشباب السوريين، من خلال تفاعلهم مع أخبار الربيع العربي الذي بدأ في تونس وأخذ يمتد لمصر وبقية أقطار الربيع العربي، ترصد تقبل الشباب السوري احتمال أن يصل إلينا الربيع العربي وأن ذلك ليس صعباً أو مستحيلاً، رغم وعيهم أنهم في مملكة القمع والرعب والخوف: سوريا، وأن خبرة شعبها وشبابها وسياسييها قاسية جداً، تجعل من الصعوبة أن يتنبأ أحد بإمكان تحرك الناس في سوريا، لكن متابعة ريما لما يحصل عربياً وما ينعكس على الناس وخاصة الشباب المثقف وتفاعلهم وبداية تجاوبهم مع ذلك من خلال التضامن مع الثورات العربية التي بدأت تعطي ثمارها في تونس ومصر، أكدت إمكانية أن يثور الشعب السوري، تداعت ريما وعشرات الشباب للتجمع أمام السفارات للتضامن مع الثورات، وبدأت تحصل بعض ردود الأفعال باتجاه النظام الذي بدأ يتحسب لمواجهة أي تحرك تضامني قد يؤدي لانتقال الشرارة لسوريا، وكانت تظاهرة الحريقة في الشهر الثاني 2011 وقولها: الشعب السوري ما بينذل بداية مؤشر، ووقفات التضامن مع الثورات واعتقال أطفال درعا والتنكيل بهم أدى إلى بداية الربيع السوري في أواسط شهر آذار 2011، كانت ريما في صلب الحراك الشبابي وفاعليته عبر التظاهر والتنسيق والمتابعة، شكل  الناشطين والناشطات التنسيقيات عفوياً – وريما منهم – وبدأت تأخذ دورها؛ فها هم يتابعون حصار درعا بعد انتفاضتها رداً على قتل أطفالها، ويعملون لإيصال المواد الغذائية والعلاج وغيره من الحاجات الأساسية لهم، وتكتب ريما بيان الحليب الذي يطالب بفك الحصار عن درعا وإيصال الحليب لأطفالها، وانتشاره في مواقع التواصل الاجتماعي وبداية ظهور ريما على وسائل الإعلام بكونها من قيادات النشاط التظاهري، ومحاصرتها وغيرها من الموقعين على بيان الحليب، ودفعها وغيرها للتراجع عنه، خوفاً على كل من استهدف ممن تعرفه ووقع معها، وتأنيب ضميرها لذلك، وعودتها مجدداً للنشاط أقوى وأفعل، وانتشار دورها في أغلب محافظات سوريا، السويداء مسقط رأسها؛ دمشق، الميدان، حي برزه، حمص… إلخ، ما أدى لاعتقالها مع كثير من الناشطين والناشطات، ودخولهم في صراع إرادات مع النظام، ووضعهم تحت مجهر المتابعة الإعلامية، وإحراج النظام بسبب اعتقالهم سلميين، ثم الإفراج عنهم، لتبدأ عملاً منظماً مع الكثير عبر تنسيقات الثورة لمتابعة التظاهر واستمراره وحمايته وتوسعه، ومواجهة بداية انتقال النظام لمرحلة استعمال السلاح ضد المتظاهرين وسقوط شهداء، والمشاركة في بيوت العزاء والتظاهر والإغاثة والعلاج وكل الأعمال التنسيقية للحفاظ على زخم التظاهر واستمراره، وأصبحت ريما وآخرين من الناشطين والناشطات واجهات إعلاميه عن تنسيقات الثورة، وأصبحوا مطلوبين أمنياً عند النظام، فبعضهم اعتقل، وبعضهم استشهد، ومن تبقى توارى، واستمروا بدورهم، لكن مع إدراك أن القمع والبطش والتنكيل يزداد يوماً بعد يوم وقائمة الشهداء تطول، وظهرت بدايات تشكيل مجموعات مسلحه من الناشطين لحماية المتظاهرين، وكانوا بداية لتشكيل الجيش الحر. سترفض ريما عسكرة الثورة، لكن ستتفهم أنها خيار لابد منه أمام الثوار خاصة بعد توسع دائرة عنف النظام، وستتوسع ظاهرة الانشقاقات من الجيش والسلطة، وسيبدأ النظام باستعمال السلاح الثقيل وسيقتحم المدن بدبابته وجيشه، وسيلاحق النظام ريما ومن معها من الناشطين، وستقرر مع لجان التنسيق أن تغادر إلى خارج سوريا وأن تصبح ناطقة باسمهم، وستكون بنشاطها ومن تمثل إحدى واجهات التعبير عن الثورة، حصل هذا في السنة الأولى للثورة، ستشارك في تأسيس المجلس الوطني السوري وسيكون لها موقفاً نقدياً منه، سواء بالأداء أو العقلية العصبوية أو المصلحية أو المحاصصة، وعدم وصولهم لمستوى تضحيات الناس، واستمرت وفية للشباب الثائر ومعبرة عنه، وعندما وجدت أن آلية العمل في المجلس الوطني غير صحيحه (برأيها) استقالت منه، واستمرت تمثل لجان التنسيق المحلية؛ هذه اللجان التي بدأت تتراجع بدورها وفاعليتها على الأرض أمام امتداد وجود ودور المجموعات المسلحة؛ جيش حر وغيره من المجموعات التي أخذت تتكاثر رافعة الرايات الإسلامية، ومنطلقة إلى أفق مختلف بدرجات عن حقيقة الثورة السورية؛ بكونها ثورة شعب ضد النظام الاستبدادي ولإسقاطه، وتحقيق الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية والحياة الأفضل، سيصل هذا التراجع بنتائجه لدرجة اختطاف الناشطة رزان زيتونة وفريقها الذين كانوا يمثلون أهم حالة متابعه لمناشط الثورة وتوثق لها ولجرائم النظام ولخروقات القوى العسكرية المحسوبة على الثورة أيضاً، وللآن يعتبر اختطاف رزان وفريقها إساءة بالعمق للثورة وأحقيتها الشعبية والأصيلة، ستقوم ريما بعد خروجها من سوريا بأدوار مختلفة كلها تصب في مناشط الثورة السورية، فهي تمثل لجان التنسيق المحلية، وستدخل المجلس الوطني، وستستقيل منه ستشارك في مناشط مؤتمر القاهرة في لجنته التحضيرية؛ التي ستنتج وثائق تعتبر للآن أهم وثائق توافق عليها ناشطو وسياسيو الثورة السورية، ستشارك في مؤتمر يعمل على موضوع السلم الأهلي؛ لكنه لا يتفعل بالتنفيذ لغياب الإمكانيات، ستشارك في التحضيرات للانتقال إلى ائتلاف قوى المعارضة والثورة السورية وستكون جزءاً منه، وسترى أنه يحمل مشكلته به، وأنه أعجز عن أن يقوم بالدور المطلوب، وبه ذات أمراض المجلس الوطني من المحاصصة والعصبوية وعدم وضوح الرؤية وأخطاء في الممارسة (برأيها أيضاً) وستستقيل منه، سترصد أن الثورة بطهرها وسلميتها ومصداقيتها قد شوهت عن قصد، وأن كل القوى الدولية والإقليمية ساهمت بشكل ما بتحويل ثورة الشعب السوري لهذه الكارثة الإنسانية، فمئات آلاف الشهداء الآن (وعشرات الآلاف أيام انتهاء كتابة الكتاب)، سترصد التدخل الإيراني وحزب الله والإمداد الروسي للنظام، سترصد القتل والتدمير والتهجير، سترصد العمل على تشويه الثورة، والعمل على خلق الصراع المجتمعي والأهلي والطائفي بين السوريين، سترصد الانتهاكات الانسانية للإنسان السوري، وستقف أمام البرلمان الأوربي وتتحدث عن واقع المأساة السورية، وصمت العالم كله عن جريمة قتل جماعي بحق الشعب السوري والعالم كله يرى ويسمع وبعضه يدعم ما يحصل، تدرك ريما أن ما يحصل أكبر منها ومن نشاط الثوار في كل الميادين؛ لكنها والكل يقومون بدورهم، نددت بالأخطاء والخطايا وبالأمراض وعدم إدارة الملفين السياسي والعسكري للثورة السورية بشكل صحيح.

سيتخلل الكتاب الكثير من الوقفات المشاعرية العميقة والصادقة أمام محطات في الثورة السورية حتى تاريخ نشر الكتاب 2014.

وبهذا يكون الكتاب شهادة ذاتية وموضوعيه لثائرة سوريه كانت تقوم بدورها في الثورة السورية، تقدم رأيها ورؤيتها وشهادتها لنفسها قبل الشعب والتاريخ والله.

وفي قراءة الكتاب نقول كان يفضل أن تتوسع في الإجابة عن بعض الأسئلة في مسار الحراك السياسي الذي كانت مشاركة به وشاهدة عليه في لحظات مهمه:

لماذا فشل المجلس الوطني؟

ولماذا بني الائتلاف؟ ما الجديد فيه فعلاً؟

وما حدود الاستقلالية فيه لقوى الثورة السياسية والعسكرية تجاه القوى الدولية والإقليمية الداعمة للثورة؟.

وما مصداقية هذه القوى؟.

وماذا قدمت فعلاً؟… الخ. والأسئلة تطول.

كنا نود لو نسمع رؤية الأخت ريما حول كيفية القيام بالدور المطلوب لنصرة ثورتنا، كل في مكانه وإمكانياته وكقوى سياسية وعسكرية.

في الختام: إن تساؤلاتنا عما كنا نود أن نجد له أجوبة؛ لا يبخس كتاب الأخت ريما فليحان، فما قدمت من شهادة – مع غيرها من الشهادات – ستكون نوراً في مواجهة ظلام عالمي يريد أن يلغي ثورتنا وحق شعبنا في الحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية؛ ويدمر إنسانيتنا أيضاً.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني