fbpx

قراءة في رواية الخبز الأحمر

0 373

تتحدث رواية الخبز الأحمر عن الربيع السوري في بداياته الأولى، انطلاقاً من درعا مهد الثورة السورية.
تبدأ الرواية من حياة أسره من درعا، يحيى وأمه وأخته مريم؛ الأم تعمل في صناعة الخبز المنزلي حيث تخبزه في بيتها وتعده وترسله لزبائنها صباح كل يوم، ابنها يحيى هو من يوزع الخبز على الزبائن لكن ليس كل الوقت، فيحيى سجّل في جامعة دمشق وسيصبح محامياً في المستقبل، مريم تكبر يحيى بعدة سنوات، تركت متابعة الدراسة لمساعدة والدتها بصناعة الخبز والمساعدة في البيت، الوالد معتقل منذ أكثر من عشرين عاماً أيام أحداث الثمانينيات في سوريا ولم يعرف مصيره للآن، يهتم في شؤون العائلة عم يحيى ووالد أمينه التي يحبها يحيى وتحبه.
الحياة في درعا وسورية عموماً عادية، سوى أحاديث تتناثر هنا وهناك عمّا يحصل في دول الربيع العربي تونس وبعدها مصر، والناس يتبادلون الحديث سراً وهمساً؛ هل يصل الربيع لسوريا أم لا؟.

في درعا أطفال يكتبون على جدران المدارس عبارات ينددون بالنظام ورأسه، والنظام يستنفر كل أجهزته لاعتقالهم، والناس يحاولون أن يحلوا الموضوع دون تبعات تؤذي الأطفال.
يحيى يعيش في بيته أجواء رعب سياسي فأبوه معتقل وأهله يخافون عليه ويمنعونه من الاقتراب من السياسة، لكن يحيى يعيش غياب والده في كل لحظه، يقرأ كل ما يصل إلى يديه، يتابع ما يحصل في بلاد الربيع العربي وما بدأ يحصل في درعا، يتعرف على بعض الشباب مراد وغازي ويوسف الذين يتابعون محنة الأطفال المعتقلين عند الأمن، وسيتعرّف على أحد وجوه البلدة الاستاذ أبو أيوب الذي أنشأ أجيالاً على يديه؛ أبو أيوب المطلع على حقيقة النظام: نظام استبدادي قمعي استغلالي لا يتورع عن استعمال العنف الدموي ضد الشعب ليحمي حكمه ومصالحه كما حصل في ثمانينيات القرن الماضي؛ حيث قتل عشرات الآلاف واعتقل مثلهم، وأهم جرائمه اجتياح مدينة حماه وتدميرها وقتل عشرات الآلاف من الناس فيها، ولم يسلم أبو أيوب من النظام شخصياً، فقد علم النظام أن أبا أيوب يكتب في إحدى الصحف اللبنانية باسم مستعار ضد النظام، معرياً له وكاشفاً عيوبه، فيقتل النظام زوجته وابنه في حادث سير مفتعل، وهكذا فإن كل من شارك في حراك الربيع السوري له حكاية خاصة ومبرر من ظلم ومظلومية يدفعه لمواجهة النظام والثورة عليه.

سيجتمع يحيى وأصدقاؤه مراد والآخرين في الجامع العمري ويبحثون في شأن اعتقال الأطفال والتنكيل بهم، ويجتمع وجوه درعا ويقررون الذهاب لمواجهة رئيس فرع الأمن ومطالبته بأبنائهم الصغار.

لكنه يواجههم بالأسوأ، يغيظهم ويرفض إعطاءهم الأطفال ويتحدث معهم متعدّياً على الأعراض والحرمات، سيعودون مخذولين وممتلئين بالغيظ والتحدي.

سيقرر الشباب الاعتصام بالجامع العمري؛ الذي أصبح القلعة الأولى للثورة، سيحاول أهل يحيى ثنيه عن العمل مع الشباب، لكنه سيقنع أهله وخاصة أمه وأخته بأن هذه الثورة هي ثورته الشخصية، وينسق مع الأستاذ أبي أيوب وسيبدؤون بالتظاهر ويجهزون منصة أمام الجامع العمري ويتبادلون الأدوار عليها خطابة وتشجيعاً احتفالاً بالثورة، سيخرج جموع الناس يطالبون بحقوقهم بالحرية والكرامة والعدالة المهدورة عند نظام مستبد وحشي قاتل، أما النظام فقد أخذ قراره بمواجهة التظاهر والربيع السوري بالعنف والوحشية، فسرعان ما سيحضر دباباته وجيشه ويهاجم درعا وجامعها العمري ويفك الاعتصام ويقتل ويجرح عدداً من المعتصمين، و سيهرب الناشطون، أما يحيى ومراد والآخرين فقد تحولوا إلى خلية متابعة شأن المواجهة مع النظام في بيت أبي أيوب؛ مراد كان قد وقع في حب مريم أخت يحيى وخطبها ووعد أن يحتفل بزواجهما في ساحة الاعتصام أمام الجامع العمري، لكن هجمة النظام غيرت كل شيء، داهم بيوت الناشطين وبحث عن يحيى في بيته، سيعرف المداهمون أن مريم كانت تكتب اللافتات ويقررون اغتصابها، وهذا ما حصل. سيصل الخبر لمراد ويحيى وسيعلن مراد زواجه من مريم رداً لكرامتها، ويقرر الشباب وعلى رأسهم يحيى ومراد مواجهة النظام ومحاسبة القتلة، سيتناقشون كثيراً ويوضح لهم أبو أيوب أن النظام مدجج بالسلاح وأنه يعمل منذ عقود ليثبت نظامه عبر شبكة مصالح واسعة ومنتفعين وانتهازيين وفاسدين في الداخل السوري، وأنه جزء من شبكة مصالح خارجية منها روسيا وإيران وحزب الله لبنان وحتى أمريكا والغرب يحتاجانه، وأن للنظام خطوط تواصل مع (إسرائيل) تؤكد وحدة مصالحهم وإنهم حريصون على النظام ومصالحه وإن ظهر غير ذلك بالعلن، يخبرهم أبو أيوب أن استعمال السلاح بمواجهة النظام خطأ لكن لا حل أمام الناس إلا المواجهة أو الاستسلام مجدداً للنظام كعبيد في مزرعته المؤبدة، الشباب أخذوا قرارهم: سيواجهون النظام بدمائهم ولن يتركوا كرامتهم مهدورة على الأرض، ولن يعودوا عبيداً مجدداً؛ خططوا لاعتقال المجموعة التي هاجمت بيت يحيى، وهذا ما حصل.
من هنا انطلقت شرارة الثورة السورية في درعا وفي سوريا كلها.

هنا تنتهي الرواية.
في قراءتها نقول إنها رواية تحاول تأريخ اللحظة التاريخية للربيع السوري ودوافعه الذاتية والموضوعية وبداياته، تستغرق بالتفاصيل الصغيرة، كانت تحتاج للغوص مجتمعياً وسياسياً بأسباب الثورة السورية أكثر، وكنا نحتاج أن تتحدث عن مسار الثورة وليس بدايتها فقط.
بكل الأحوال هي تنوير لبدايات الثورة تبررها ومنتصرة لها ومعها وهنا تميزها.
حصلت تغييرات كثيرة في ثورتنا السورية، الحساب الواقعي أننا تحولنا لموقع صراع دولي واقليمي، وشهداؤنا بمئات الآلاف ومشردون بالملايين ودمرت أغلب سوريا وأصبحنا مأساة إنسانية يرعاها كل العالم، لكل منا نحن الملايين السوريين رواية تستحق أن تكتب وستكتب.

سننتصر لحقوقنا الإنسانية بالحرية والكرامة والعدالة والديمقراطية والحياة الأفضل.
سنستمر بالعمل لذلك.

رواية الخبز الأحمر

اسم المؤلف: قصي أبو قويدر

الناشر: دار نون4 للنشر والطباعة والتوزيع، ط1، 2016، غازي عينتاب.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني