fbpx

سوريا بين مجد الأمس وإذعان اليوم

0 190

من بلد الياسمين إلى أول مصدّر للكبتاغون..

من قبلة للأدباء والمفكرين إلى حلبة لاستعراض الفنون الهابطة..

ومن مهد الحضارات إلى وكر لتجار المخدرات والسلاح..

هكذا حوّل الأسد بعصا الشر السحرية التي يحملها سوريا، إلى أسوأ بلد في العالم من حيث أفضلية العيش ليحقق أنصاره وشبيحته شعارهم الذي أطلقوه في بداية الثورة السورية (الأسد أو نحرق البلد). فأحرقوا أبناءهم والبلد ليبقى الأسد على الكرسي

تتذيل دمشق اليوم قائمة بـ 173 مدينة حول العالم صنّفت من حيث أفضلية العيش بحسب مجموعة الـeconomist  البريطانية لتكون أسوأ مدينة للعيش تحت ظل طغمة الأسد الحاكمة والذي حول سوريا إلى محمية لتجار المخدرات والميليشيات الطائفية التي عاثت فساداً مستخدمةً الحدود التي تسيطر عليها لتمرير تجارتها المحظورة، محولةً القرى الحدودية إلى مراكز اعتقال كبيرة لتجارة الخطف التي تنشط بتلك المناطق بضوء أخضر من الدولة ودعم من الأجهزة الأمنية.

فقر، فساد، انتشار مخيف للجريمة، فقدان أدنى مقومات الحياة وغيرها الكثير من المآسي التي خلفها انتصار الأسد دفعت السوريين من داخل سوريا وخارجها إلى ركوب قوارب الموت واجتياز مجاهل الغابات للخلاص من بلد يحكمه رئيس عصابة وهل أكبر منها إهانة لرئيس يغامر شعبه بحياته للفرار منه. وهي صورة سوريا الأسد في القرن الحادي والعشرين.

صورة قاتمة تعيدنا بحسرة لاستذكار سوريا الأمس، سوريا في ثلاثينيات القرن الماضي لنلاحظ الفرق الشاسع والبون الواسع بين الأمس واليوم والذي لا يقتصر على الفترة الزمنية وإنما يتعداه إلى ماهية الوضع السياسي وطبيعة الانسان السوري الذي كان ينعم بمناخ يتسم بإطلاق الحريات العامة ووجود حياة سياسية مميزة تضم مختلف فئات الشعب، الشعب الذي انتخب محمد علي العابد الحامل لشهادتي دكتوراه والمتقن لخمس لغات رئيساً لسوريا وأسقط صبحي بركات مرشح الفرنسيين.

في سوريا الخاضعة للاحتلال الفرنسي أسست نساء دمشق الرابطة الأدبية والمجلس الأدبي للسيدتين مريانا مرّاش وماري عجمي والذي ضمّ نخبة من الأدباء والمفكرين.

أما في سوريا الأسد فقد أسس حافظ أسد بعد وصوله للحكم الاتحاد النسائي وغيره من المنظمات كمداجن بعثية ووسائل تعبوية ترسخ حكمه وتعزز مبادئه، وقد اقتصر نشاطه على الرفيقات الحزبيات فيما استبعد المستقلات رغم وصفه بالمؤسسة المستقلة ليمارس دوره الإقصائي شأنه شأن كل المؤسسات البعثية وقد تم حلًّه من قبل رأس النظام عام 2017.

في دمشق الثلاثينيات أُنشأت جمعية نقطة حليب لدعم الأطفال والأمهات وفي سوريا الأسد سخر النظام وموالوه من بيان وقع عليه 700 شخصية سورية من مثقفين وفنانين وكتّاب وصحفيين استنكروا فيه حصار مدينة درعا والذي وصل تأثيره إلى الأطفال مطالبين بفك الحصار ليُقابل طلبهم بالسخرية والشماتة من قبل زملائهم المواليين للنظام وتأييد النظام بحصاره الوحشي وأطلق على البيان تهكماً بيان الحليب.

في سوريا 1936 خرّجت سبع دفعات بين طبيب وطبيبة وفي سوريا الأسد تقصف المشافي ويُقتل الأطباء ويُهجّر من بقي لتستفيد من خبراته الدول المضيفة.

في سوريا الثلاثينيات نشطت الجمعيات والأحزاب السياسية وعلى رأسها الكتلة الوطنية التي وضعت دستور1930 وعلى أساسه أقامت مجلس نيابي ومؤسسة رئاسة.

أما في سوريا الأسد فقد تم تعديل الدستور السوري بدقائق وتم توريث الحكم للابن وتحويل الجمهورية العربية السورية إلى مملكة آل الأسد.

تلك المملكة التي قضت على حضارة ضاربة بعمق التاريخ وحولت الإنسان السوري إلى لاجئ هارب من الذل والتهميش، أما من بقي مُسخت إنسانيته ليتحول إلى عبد يركع لصور هادم الحضارة وقاتل الاطفال.

نظام فاشل نجاحه الوحيد كان بأن احتلت سوريا بعهده المراتب الأولى، نعم المراتب الأولى بالأسوأ.

فالدولة التي لم تحتل مركز متقدم منذ سيطرة آل الأسد على السلطة، احتلت اليوم المرتبة الأولى بما يلي:

  • أسوأ بلد في المنطقة من حيث الفقر بنسبة تجاوزت 82% من الشعب السوري يعانون فقر مدقع و13 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات.
  • المرتبة الأولى بأقل رواتب بالمنطقة براتب شهري لا يتجاوز 20دولار.
  • المرتبة الأولى بأشد البلدان خطورة وأكثرها انتشاراً للجريمة.
  • أسوأ دول المنطقة بحرية الصحافة.
  • أسوأ دول المنطقة بالنسبة للمرأة وثاني أسوأ دولة بحياة النساء بعد أفغانستان.
  • المرتبة الأولى في تصدير اللاجئين حيث وصل عدد اللاجئين السوريين المنتشرين في جميع دول العالم 6٫8 مليون لاجئ وغيرها الكثير.

ويبقى التصنيف الأهم أن رئيس سوريا بشار الأسد الأول عالمياً بنهب خيرات بلده بعد أن تحولت سوريا بعهدته إلى مزرعة عائلية.

أما في مجال الرعاية الصحية فسوريا خارج التصنيف وبالوقت ذاته فإن الأطباء السوريين العاملين في ألمانيا صنفوا بالمرتبة الأولى بالنسبة للأطباء الأجانب، كذلك خرجت سوريا من التصنيف من حيث جودة التعليم كيف لا وقد كانت المدارس هدف براميل النظام على مدى حربه ضد شعبه ليترك أكثر من نصف أطفال سوريا مقاعد الدراسة. وبالوقت ذاته يبرع الطلاب السوريون في بلدان اللجوء ويحصدون المراكز المتقدمة.

هذه هي إنجازات الأسد، بدأها حافظ ليكمل بشار ما عجز الأب عن تخريبه وهذه هي نتيجة النصر الذي يتغنى به مع مواليه ليصلوا إلى ذلك المجتمع المتجانس الذي سعى له منذ خرج الشعب غير المفيد صارخاً بسقوط الطاغية وليحتفظ بجزئه المفيد الذي تحولت النخبة فيه من مدرسين جامعيين وحملة الشهادات العليا لسماسرة ومبتزين وتحولت بعهدتهم الجامعات برمزيتها العلمية إلى مستنقعات آسنة تروج الفساد والرذيلة، هذا حال نخب المجتمع المتجانس أما ما دون ذلك يستخدمه ويستثمره بتصنيع وتهريب المخدرات وتجارة الخطف وغيرها من المهن غير الإنسانية التي برعت بها عصابة الأسد.

ويبقى السؤال لمن بقي من مواليه بعد أن استخدمهم وقوداً في حربه لصالح الكرسي، ما الذي ترونه بشخصية قائدكم ويعجز العالم عن رؤيته وماذا بقي ليدكم لتفتدوا به كرسي بشار الأسد؟.

إن لم يروا صور قيصر وضحايا قوارب الموت والمفقودين في الغابات وحفرة التضامن فليروا الحفرة الأكبر التي طمر بها سوريا بحضارتها وإنسانها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني