fbpx

زبانية أسد المطلوبون للعدالة

0 337

حدّدت محكمة الجنايات الفرنسيّة أيار/ مايو 2024 موعداً للنظر بالدعوى المُحالة إليها بقرار الاتهام الصادر عن قاضي التحقيق بحق كل من اللواء علي مملوك وعبد السلام محمود وجميل حسن في قضية مقتل السوريَّين مازن دباغ ونجله باتريك اللذين يحملان الجنسية الفرنسية بجرائم ارتكاب والتواطؤ في جرائم ضد الإنسانية ارتُكبت بسورية.

وينعقد الاختصاص للنظر في هذه القضيّة للقضاء الفرنسي من جهتين:

الاختصاص الشخصي: باعتبار أن الضحيّة تحمل الجنسيّة الفرنسية مما يجعل الاختصاص معقود للقضاء الفرنسي وفقاً للمادة’’113/7‘‘ من قانون العقوبات الفرنسي الذي تنصّ على أنّه: يطبق القانون الفرنسي على كل جريمة أو جنحة معاقب عليها بالسجن، يرتكبها فرنسي او أجنبي خارج أراضي الجمهورية إذا كانت الضحية تحمل الجنسية الفرنسية وقت ارتكاب الجريمة. وتُحرَّك الدعوى الجنائية بطلب من النيابة العامة فقط مع وجوب سبق الدعوى تقديم شكوى من المجني عليه او أصحاب الحق او اخطار رسمي من سلطات الدولة التي ارتكبت بها الواقعة.

الولاية القضائيّة العالميّة: باعتبار أن الجرائم المسندة للمتهمين هي من الجرائم ضد الإنسانيّة التي ينظر فيها القضاء الفرنسي بغضّ النظر عن جنسيّة الجاني والضحيّة وفقاً للمادة’’ 222-6-3‘‘ المعدّلة بموجب القانون رقم 769/2010 في الحالة او الجريمة المنصوص عليها في رقم 6 مكرر من المادة 222-3 التي قد ارتكبت في الخارج ضد شخص يقيم عادة في الأراضي الفرنسية، يطبق القانون الفرنسي بصرف النظر عن احكام المادة 113-7.

الاختصاص الموضوعي: وتعاقب محكمة الجنايات أيضاً الشروع في الجرائم الجنائيّة الخطيرة والتواطؤ فيها ويضبطها قاضي التحقيق. وهي مكونة من ثلاثة قضاة محترفين’’رئيس واثنين من المقيمين‘‘ وهيئة محلفين مكونة من ستة مواطنين تم اختيارهم عشوائيًا. ويمثل النائب العام المدعي العام ويطلب الإدانة أو البراءة.

الدعوى: ارتكاب جرائم ضد الإنسانيّة والتواطؤ على ارتكابها: القانون الجنائي الفرنسي يعاقب الفاعل الأصلي والشركاء والمتدخليّن والمتواطئين في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانيّة وفقا للمادة’’212-1‘‘امعدلة بموجب القانون رقم 711/2013 التي تنصّ على أنّه: يشكل ايضا جريمة ضد الانسانية ويعاقب عليها بالسجن المؤبد كل من الافعال التالية المرتكبة بتنفيذ خطة منسقة ضد مجموعة من السكان المدنيين في سياق واسع النطاق او منظم: الاعتداء العمد على الحياة، الترحيل أو النقل القسري للسكان، الحبس أو أي شكل آخر من الحرمان المشدد للحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي والتعذيب، والاختفاء القسري، والأفعال غير الإنسانية الأخرى التي تسبب عمداً في معاناة كبيرة أو خطورة على السلامة الجسدية أو النفسية.

التواطؤ في الجرائم ضد الإنسانيّة: لقد نصّت عليه المادة’’213-4- 1‘‘ المعدّلة بالقانون رقم’’711/2013‘‘: دون الإخلال بتطبيق أحكام المادة 121-7، يعتبر متواطئ في جريمة التي يغطيها هذا العنوان الفرعي من قبل المرؤوسين تحت سلطته الفعالة وسيطرته القائد العسكري أو الشخص الذي كان يعمل على ذلك، الذي كان يعرف أو، بسبب الظروف، ينبغي أن يكون أعلم أن هؤلاء المرؤوسين كانوا يرتكبون أو كانوا سيرتكبون هذه الجريمة ولم يتخذوا أي إجراءات الضرورة والمعقولة في قدرته على منع أو قمع التنفيذ أو الرجوع إلى السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.

مع عدم الإخلال بتطبيق أحكام المادة 121-7، يجب اعتباره متواطئًا أيضًا من الجريمة التي تغطيها هذه الترجمة التي يرتكبها المرؤوسون تحت سلطته وسيطرته التسلسل الهرمي، وليس ممارسة وظيفة القائد العسكري، الذي عرف أن هؤلاء المرؤوسين ارتكبت أو كانت على وشك ارتكاب تلك الجريمة أو أهملت عمدا أن تأخذ في الاعتبار المعلومات أشار بوضوح ذلك ومن لم يتخذ جميع التدابير اللازمة والمعقولة التي كانت في بلده منع أو قمع تنفيذ ذلك أو إحالته إلى الجهات المختصة لأغراضه التحقيق والملاحقة القضائية، في حين كانت هذه الجريمة ذات صلة بأنشطة تقع ضمن مسؤوليتها والسيطرة الفعالة.

إجراءات المحاكمة: بكل تأكيد ستكون المحاكمة بحق المتهمين غيابيّة لعدم جرأتهم على المثول أمام المحكمة للعقوبة القاسيّة التي تنتظرهم وبالتالي سيحاولون التواري عن الأنظار، وبما أنّ المحكمة ضربت موعداً بعيداً للمحاكم مما يعني أنّها ستقوم بإجراءات التبليغ وفق الأصول حتى تكون المحاكمة متوافقة مع القانون.

حيث ستقوم المحكمة بتبليغ المتهمين مذكرات الدعوى عن إمّا عن طريق التبليغ الالكتروني وإمّا عن الطريق الدبلوماسي وهو الأرجح بدليل الأجل البعيد الذي حدّدته المحكمة لأول جلسة باعتبار ان المتهمين يقيمون خارج الأراضي الفرنسيّة وهم مسؤولين حكوميين وهو ما يتوافق مع نصّ المادة’’562‘‘ من قانون الإجراءات التي تنصّ على أنّه: إذا كان الشخص يقيم في الخارج، يتم استدعاؤه إلى مكتب المدعي العام للنيابة العامة في المحكمة التي تم الاستيلاء عليها. يشير المدعي العام إلى النسخة الأصلية ويرسل نسخة إلى وزير الشؤون الخارجية أو إلى أي سلطة تحددها الاتفاقيات الدولية. تسري أحكام الفقرة السابقة على الأشخاص الاعتباريين الذين يقع مقرهم في الخارج.

وبعد التبليغ وحضور المتهمين أمامها يجري تنفيذ مذكرة التوقيف ومحاكمتهم موقوفين وتبدأ المحكمة بتلاوة أوراق الدعوى ثم السماع للادعاء الشخصي ثم النيابة العامة ثم للمتهمين ومن ثم سماع إلى الشهود ومن ثم رفع الأوراق للتدقيق والحكم.

وفي حال التبليغ وعدم حضورهم يمكن للمحكمة السير بالمحاكمة بالصورة حيث تقوم المحكمة بمنح المتهمين الغائبين عن محكمة الجنايـات مهلة ’’10‘‘ أيام لحضوره أمامها تحت طائلة وضعه خارج حماية القانون “وهذا ما نصت عليه المـادة ’’627‘‘ مـن قـانون الإجـراءات الجنائية والهدف من ذلك إجبار المتهم على الحضور أمام المحكمة الجنائية الفرنسية والتي نصت على أنه “إذا لم يقبض على المتهم بعد أمر حضوره أو القبض عليه في خلال عشر أيام من إعلانه في موطنه، أو اذا كان بعد حضوره أو القبض عليه قد هرب، يصدر رئيس محكمة الجنايات أو عند غيابه رئيس المحكمة الابتدائية، أو من يقوم مقامه، أمرا بأنه يجـب عليـه الحضور في ميعاد جديد هو عشر أيام، وإلّا اعتبر ’’عاصٍ للقـانون‘‘ وهو ما يقابله في القانون السوري ’’قرار مَهل‘‘ تحت طائلة اعتباره’’ فارّاً من العدالة‘‘ المنصوص عنه بالمادة ’’322‘‘ من قانون أصول المحاكمات الجزائيّة السوري. بعد انقضاء مهلة العشرة الأيام المعينة في المادة 322 تشرع محكمة الجنايات بمحاكمة المتهم غيابياً.

وتجري المحاكمة الغيابيّة وفقاً للمادة’’632‘‘ من قانون الإجراءات الجنائية على أن: يتلى في الجلسة في أمر لإحالة وتسمع المحكمة أقوال النيابة العامة وتتحقق في إعلان ’’تبليغ‘‘ المتهم بأمر لإحالة وكذلك المحاضر المثبتة لإجراءات النشر والعلانية ثم تفصل بعد ذلك في الدعوى ويتضح من هذا النص أن المشرع الفرنسي لا يجبر للمحكمة أن تسمع إلى الشهود بل يوجب عليها أن تحكم على مقتضي الأوراق.

وقد نصّت الفقرات’’4 إلى 10‘‘ من المادة’’627‘‘: على حرمانه من الحق بطلب تخليّة السبيل إذا تمت محاكمة الشخص المطلوب أو الحكم عليه في فرنسا بتهم أخرى غير تلك التي يغطيها طلب المحكمة الجنائية الدولية.

حجيّة الحكم الغيابي: في التشريع الفرنسي يتّسِم الحكم الغيابي الصادر بإدانة المـتهم فـي جنايـة والذي يكون صادر في غيبة المتهم بأنّه حكماً مؤقتاً ولا يصبح نهائياً إلا إذا حضر المتهم أو قبض عليه قبل سقوط العقوبة بالتقادم.

وحيث أنّ الجرائم المسندة للمتهمين هي جرائم لا تسقط بالتقادم ولا حتى العقوبات الصادرة فيها بحسب المادة’’213‘‘ المعدلة بموجب القانون رقم 800/2004 التي تنصّ على أنّه: لا تسقط الدعوى العامة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في الباب الفرعي الحالي بالتقادم، وكذلك العقوبات الصادرة‘‘ فإن الحكم الغيابي الصادر بحقهم لا يسقط بالتقادم وبالتالي ينحصر الامر بإعادة المحاكم في حال حضورهم أو إلقاء القبض عليهم.

العقوبة هي السجن المؤبّد: وفقاً للمادة’’ 212-2‘‘ المعدلة بموجب القانون رقم 800/2004 التي تنص على أنّه: عند ارتكاب الافعال المشار اليها في المادة’’ 212-1‘‘ في فترة حرب بتنفيذ خطة منسقة ضد من يحارب النظام الأيديولوجي الذي يرتكب باسمة جرائم ضد الانسانية، يعاقب عليها بالسجن المؤبد.

الطعن: الاحكام الغيابيّة في القانون الفرنسي غير قابلة للطعن باعتبار أن الحكم الغيابي قابل لإعادة المحاكمة في حال تسليم المحكوم نفسه أو إلقاء القبض عليه.

تنفيذ الأحكام الغيابيّة: يكون بنفس الطريقة التي تنفّذ بها الأحكام الوجاهيّة حيث ترسل إلى النيابة العامة – دائرة تنفيذ الاحكام الجزائيّة التي تقوم بتسجيلها ونشرها بالنشرات الشرطيّة وتعميمها على مكاتب الانتربول في العالم عبر إدارة الانتربول.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني