fbpx

جدل مهام حركة التحرير والبناء.. المرحلية والاستراتيجية وواقعهما

1 197

حركة التحرير والبناء ليست مجرد فصيل عسكري ثوري يكافح الاستبداد، بل هي حركة دفعت إليها الضرورة التاريخية، التي تحتاجها سوريا بصورة عامة، والمنطقة الشرقية منها بصورة خاصة، من أجل فتح آفاق التغيير الاجتماعي في بنى المجتمع السوري، هذه الآفاق لا يمكن قراءة ملامحها وفق حركة البندقية فحسب، بل وفق حاجات تطور المجتمع. ونقصد حاجات تطوره السياسية أولاً، والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ثانياً وليس أخيراً.

لهذا يبدو أن الغائب الفعلي حتى اللحظة في مستوى جدل العلاقة بين “التحرير” و “البناء”، لا يزال قائماً نتيجة عوامل مختلفة ينبغي على قادة حركة التحرير والبناء العمل وفق أنساقها، أي ملء الشاغر السياسي للتعبيرات الاجتماعية التي تشكّل حاضنة هذه الحركة الثورية.

الغائب الفعلي “الدور السياسي”، لا يزال بحاجة جادة إلى وضع برنامج مهام سياسية مرحلية واستراتيجية، هذا البرنامج تنبع قيمته الثورية ليس من الشعارات الرغبوية الثورية، بل من حاجة المجتمع المحلي للتطور وتصحيح المسار العام، ولهذا يبدو تشكيل نواة سياسية من بنية هذه الحركة ومن محيطها ليس ترفاً سياسياً، أو مجرد رسم ديكورات مظهرية، بقدر أن تكون النواة السياسية لحركة التحرير والبناء تكثيفاً حقيقياً لرؤية سياسية اقتصادية اجتماعية متكاملة مع ذاتها وم فضائها الوطني.

إن تفعيل الدور السياسي لحركة التحرير والبناء لا ينبغي أن يستمد أذرعه الفاعلة من بنى اجتماعية ما قبل وطنية (العشائر والقبائل والطوائف الدينية)، فهذا مقتل لهذا الدور، فكيف يمكنك بناء نسيج اجتماعي متطور في أنساقه وبنتيه، وتستخدم لذلك أدوات لا تمت للبناء الجديد بصلة.

إن قيام حركة التحرير والبناء بدورها العسكري من ضمن الجيش الوطني السوري، يجعل من هذه الحركة التمثيل الأقدر عسكرياً على التعبير عن أمن المنطقة الشرقية من سوريا بمحافظاتها الثلاث (دير الزور والرقة والحسكة). ولكن يبقى ذلك بحاجة لرؤى شاملة للتطوير والبناء.

القول بالبناء يعني البناء على مستويات متعددة متزامنة، فحركة التحرير والبناء معنية أن تكون لها رؤاها الاستراتيجية لآفاق تطور مناطق حاضنتها الشعبية، فليس أدرى بشعاب مكة أكثر من أهلها، وهذا يتطلب تشكيل فرق عملٍ فكري وسياسي تخصصية، تعيد انتاج رؤية واقع هذه المناطق الثرية باقتصادها البشري والطبيعي.

والسؤال الذي يبدو كضرورة: ماذا قدّمت قيادة حركة التحرير والبناء من رؤى استراتيجية ومرحلية بخصوص مناطق حاضنتها على مستويات بناء إطار سياسي فاعل بنيوياً؟ فلا ينبغي إهمال هذا الجانب، لأن ذلك سيحيل الحركة إلى مجرد ذراع عسكرية ذات مهام محددة لا أكثر.

هل تملك حركة التحرير والبناء قراءات مقاربة ومقارنة للأوضاع التي كانت عليها مناطق حاضنتها في المنطقة الشرقية من سوريا اجتماعياً واقتصادياً وأمنيّاّ من قبل؟ وهل تستطيع تحديد حاجات تطور هذه المناطق على كل الأصعدة ما يجعل منها حاملاً ثورياً جاداً لحركة التطور والبناء.

ولكن من الضروري بيان جوهر معنى البناء في هذه المعادلة السياسية والاقتصادية، ونقصد إعادة انتاج وعي السكان بهويتهم الوطنية خارج التقسيمات المعرقلة لترسيخ مفهوم المواطنة، ولهذا فإن البناء هنا يعني تزامناً على مستويين بناء الذات الوطنية الديمقراطية وهو هدف رئيس لحركة التحرير والبناء، وبناء بنى المجتمع الاقتصادية والثقافية والسياسية والعلمية..

إن الفراغ السياسي المريع الذي تعيشه المنطقة الشرقية من سوريا يحتاج بالضرورة إلى ملء مادي ملموس بعناصر حركة واقع فاعل، فبدون هذه الحالة سيأتي من يملئ هذا الفراغ، ويغلق الباب على قوى الثورة فيها التي حملت السلاح للدفاع عن السكان وهويتهم وتاريخهم ومسار تطورهم، وبذلك ستكون قوى الثورة هي الخاسر السياسي والاستراتيجي الأكبر.

فهل ستذهب قيادة حركة التحرير والبناء إلى مربع تفعيل برنامجيها السياسيين المرحلي والاستراتيجي؟ سؤال ينتظر مواجهة الحقيقة كإجابة؟.

1 تعليق
  1. فواز المفلح says

    العقدة التي النفسية الملازمة لقادة الحركة والتي لم يستطيعوا ولن يستطيعوا تجاوزها هي أن محافظة ديرالزور هي مركز القرار وصاحبة الوصاية على جارتيها الرقة والحسكة وهذا العامل النفسي يشكل حاجزا مهما يمنع أبناء الرقة والحسكة من الأنخراط في صفوف الحركة العسكري والمدني ولم يلتزم مع الحركة الا بعض المنتفعين من قادة الحركة واذا بقي تفكير قيادة الحركة أسيرا لتلك العقد ستبقى الحركة محاصرة مناطقيا وعشائريا بسبب اعتمادها على مصفقين وليس من يقف بجانبها ويخلصها من عقدة النظرة الدونية لجارتيها ولا اعتقد ان تفكير قيادتها يستطيع تجاوز هذة العقد
    اذا ارادوا أن يكون للمنطقة الشرقية شأن في مستقبل سورية عليهم دعم مشاريع عسكرية وسياسية لأبناء الرقة والحسكة والتعاون معهم على أساس الاحترام المتبادل من اجل بناء الثقة بين أبناء المنطقة الشرقية وليس شراء الولاءات ومحاولة ترسيخ وتكريس تلك العقد وبذلك سيخسرون وتخسر المنطقة برمتها نتيجة التفكير المحدود وغير البناء

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني