fbpx

المرأة السورية من وجهة نظر السياسة والفكر الديني

0 711

مما لا شك فيه، أن الحرب في سورية فرضت على النساء طرق حياة مختلفة، لم يكنّ معتادات عليها سابقاً، فقد كان للحرب أثرٌ نوعيٌ على النساء، حيث أصبحن يلعبن دور المعيل في الأسرة، لتأمين خدماتها من أجل الاستمرار في العيش، والبقاء على قيد الحياة، والسبب في ذلك، إما وفاة المعيل أو اللجوء أو النزوح عن الموطن الأصلي. ففي سورية أكثر من ثلث الأسر مسؤولة عنها المرأة.

إن العقلية السائدة قبل الثورة فيما يخص العمل السياسي للمرأة، سواء في انتمائها إلى أحزاب سياسية، أو لعب دور في صنع القرار، كان ينظر إليه على أنه خروج عن طبيعة المرأة، وأن مشاركة المرأة في هذا المجال هو خروج عن دورها كأم وكزوجة، وبالتالي، تشكلّت رؤى اجتماعية ذات مرجعية عقلية ذكورية، تعتبر انخراط المرأة بالشأن العام السياسي وغير السياسي، على أنه عملٌ غير صالح لطبيعتها وأنوثتها ومجتمعها، ويجب أن تبتعد عنه لسلامتها وسلامة دورها في الحياة.

لكننا لو تمعنّا في هذه الرؤية الفكرية السلبية نحو المرأة، سنكتشف كم هي رؤية قاصرة عن فهم الواقع الإنساني، وكم تتجاهل هذه الرؤية طاقات فكرية وعقلية وبدنية تمتلكها المرأة، وبذلك تدفع الرؤية السلبية إلى هدر هذه الطاقات البشرية الهامة، نتيجة محاكمات عقلية منغلقة على مفاهيم تقسيم المجتمع جنسياً.

فالمرأة تريد أن تحصل على المساواة، هذه المساواة تُقرأ على صعيد الحقوق السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والواجبات.

هذه الحقيقة تتعلق بأمور كثيرة، منها طبيعة المجتمع ونظرته للمرأة، ومنها حداثة علاقة المرأة بالعمل السياسي، وبشغلها مواقع في صناعة القرار في هذا المضمار.

ومع ذلك لا يمكن لنا أن نتجاهل أن الثورة خلخلت هذه البنية المجتمعية، ودفعت بالمرأة إلى الصفوف الأولى للمشاركة في السياسة.

وبالرغم من قيام المرأة بأدوار قيادية، إلا أنه مازالت هناك تحديات كثيرة تواجهها في الحياة السياسة، فمثلاً مشاركة المرأة في الجهود السياسية وعملية السلام، مازالت منخفضة بشكل واضح، ومازالت التشريعات التمييزية موجودة.

إن تشجيع انخراط المرأة بالعملية السياسية في سورية، سيقدّم لهذه العملية قيمة مضافة، فالنساء عدا عن كونهن نصف المجتمع، هنّ يمتلكن طاقات إبداعية وعملية في مجالات التطوير المجتمعي، والبناء، والتنمية، وإنتاج المعرفة والثقافة.

وبالتالي فإن وجود المرأة من أساسيات مراحل السلم، ولديها من الحكمة والقدرة ما يكفي لتكون من أساسياته، والمشاركة السياسية والقيادية للمرأة هي حق يجب أن تحصل عليه، وواجب يجب أن تقوم به، وهو أمر ضروري للانتقال إلى دولة المواطنة العادلة، دولة القانون والديمقراطية والمساواة.

أما من الناحية الدينية، فالأديان السماوية لم تحرّم عمل المرأة، ففي الإسلام يُعتبر العمل جزءاً من العبادة، ولم تفرّق الآيات القرآنية أو الأحاديث في خطابها بين الرجل والمرأة، وبالتالي فإن المقولات عن أهمية المرأة تفقد معناها على أرض الواقع، فالتحديات التي تواجه المرأة أصبحت واضحة.

المرأة السورية كانت إلى جانب الرجل في كل مراحل الحياة، وبالرغم من ذلك لم تحصل على حقها في اتخاذ القرارات المتعلقة بها، وتعرّضت لجميع أنواع الانتهاكات، فأصبح المجتمع بعقليته الذكورية ينظر للمرأة على أنها إنسانٌ قاصرٌ، والإنسان القاصر يحتاج دائماً إلى ولي أمر، ويكون الولي من ذكور العائلة، بالرغم من أن المرأة إنسان كامل الأهلية على مستوى وعيها الإنساني أو على مستوى الانخراط في مجالات الحياة.

إلا وأنه في ظل الحرب في سوريا، أصبح الأمر معقداَ جداَ، فالمرأة لاتزال رهن قيود ذهنية ذكورية متسترة بمقولات دينية لا علاقة لها بمساواة الرجل والمرأة، فالله لم يميّز بين الرجل والمرأة كجنسين في الثواب والعقاب.

ومع الإقرار بوجود تهميش وربما ظلم للمرأة، فإن مواجهة ذلك يتطلب جهوداَ كبيرة يمكن مراكمتها، تتوجه إلى كلٍ من الطرفين، من ناحية التثقيف والتوعية، بحيث لا يكون أيٌ من المرأة والرجل خصماً مفترضاً للآخر، بل هما في شراكة تبنى على الاحترام والتفاهم.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني