fbpx

اللاجئ السوري … يتيم وطن

0 599

أوروبا الحلم من وجهة نظر البعض, والوهم من وجهة نظر بعض آخر. على هذا النحو انقسمت آراء السوريين على امتداد القارة الأوروبية, منهم من وجد فيها فرصة لحياة جديدة سمتها الأساسية كرامة الإنسان, ومنهم من  وجدها وهماً بعدما اصطدم بواقع حياتها.

بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011 اعمل النظام السوري آلته العسكرية في معارضيه وحواضنهم الشعبية, وقد اتبع زبانيته كافة أساليب الإجرام في التعامل مع المتظاهرين المطالبين بحريتهم وكرامتهم ما دفع بملايين السوريين إلى الهرب من البطش والموت باتجاه دول الجوار وأوروبا بحثاً عن الأمان الشخصي والعائلي.

اختلفت حياة السوريين في أوروبا باختلاف دول اللجوء والقوانين الناظمة لشؤون اللجوء واللاجئين حيث قدمت هذه الدول مساعدات للاجئين على كافة الأصعدة. فعلى صعيد التعليم يتم إرسال اللاجئ إلى مدارس لتعليم لغة البلد. ومن ثم تتاح له فرصة  الانخراط في التعليم المهني. ومن الناحية الصحية تتكفل الدولة بمصاريف علاج اللاجئين ابتداءً بزيارة الطبيب وانتهاءً بالعمل الجراحي. وما إلى ذلك من تأمين سكن مناسب وتخصيص مبالغ شهرية لحين امتلاك اللاجئ خبرة للعمل في مجال من المجالات المتاحة… وتجدر الإشارة إلى أن عدداً لا بأس به من السوريين تمكن بعد إتقانهم لغة البلد من تحقيق نجاحات في عدد من المهن, والانخراط في أسواق العمل والاندماج بمجتمعاتهم الجديدة بفترة قياسية. كما أن قسماً لابأس به منهم أسس مشروعه الخاص كصالونات الحلاقة والمقاهي و المطاعم السورية  وشركات نقل صغيرة وشركات لبيع السيارات المستعملة …الخ.

ولكن بالمقابل عانى قسم كبير منهم من مشكلات وضغوطات كبيرة بسبب القوانين والقيود الإجرائية أبرزها:

  1. البيروقراطية وطول مدة إجراءات لم الشمل، حيث يستمر سعي الكثيرين في استقدام عائلاتهم بأي وسيلة كانت. فان لم يتمكن اللاجئ من الحصول على موافقة للم شمل الأسرة, لجأ مضطرا إلى التهريب رغم ما ينطوي عليه من أعباء مادية ومخاطر.
  2. عدم القدرة على تعلم اللغات الأجنبية لأسباب عديدة منها اختلاف الفئات العمرية العائدة إلى مقاعد الدراسة ( 18ـ 55سنة)، ضعف الثقة والخجل من الخطأ المسيطرة على أغلب هؤلاء والتي تمنعهم من الاستفادة خلال الدروس وتبقى الفئة الأقل وهي الفئة الغير راغبة أساساً بالتعلم.
  3. العجز عن الاندماج بالمجتمعات الغربية في ضوء موروث العادات والتقاليد الشرقية المحافظة التي لم تتمكن الغالبية من التخلص منها، خاصة اختلاف الأديان والتقاليد والأعراف الاجتماعية, فهناك من يرى أن المجتمعات الغربية مجتمعات فاسدة لا تصلح للحياة. فالحرية الزائدة في جميع مناحي حياة الفرد تشكل خطراً كبيراً على حياة الأسرة السورية. ناهييك عن خوف الآباء والأمهات من أن تنتزع الحكومات أطفالهم في حال ثبت استخدام العقاب الجسدي أو التعنيف معهم. فيميل اللاجئ إلى العزلة وتجنب الاختلاط بالوسط المحيط.

هذا بالإضافة إلى مشكلات أخرى, كعدم الاعتراف بالشهادات السورية واضطرار الكثيرين إلى العودة إلى الدراسة في مجال التعليم المهني واستخدام اللاجئين كورقة رابحة في المشروعات الانتخابية غيرها من المشكلات.

وتبقى الضغوطات النفسية التي يعاني اللاجئ السوري منها هي الأخطر؛ فلا هو قادر على التمتع بحياته ومتابعتها بعيداً عما يدور في بلاده, ولا هو قادر على العودة، عاجز مكبل اليدين, جسده في بلد و روحه في بلد …

اللاجئ السوري: يتيم وطن..!

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني