fbpx

السياسية النسوية قراءة ونقد للذات

0 1٬475

المرأة نصف المجتمع المسجل على الورق في زمن الرجال ومجتمعهم المبني على تهميش واسع النطاق واستضعاف للطاقة والقدرة النسوية، هذا الاستضعاف ليس من قبل الذكور وحدهم، إنما تساهم فيه نساء متشربات لهذا الفكر.
في الوقت الذي ظهرت فيه الحركات النسوية المدافعة عن حقوق المرأة بكل النواحي أو هكذا تعتقد، والتي برز آخرها في الجانب السياسي وحق تولي السلطة والمقاعد السياسية.

قضايا فرعية حلها اجتماعي شامل

حسيبة عبدالرحمن
روائية سورية ومعتقلة سابقة

حسيبة عبدالرحمن روائية سورية ومعتقلة سابقة ترى أن طرح مصطلح سياسة نسوية، والبحث عن تأطير سياسي له، كنوع من أنواع التمايز، هو بدايةً: مصطلح خاطئ وتسمية في غير مكانها، فالنساء جزء لا يتجزأ من المجتمع الإنساني أياً كان هذا المجتمع.
وترى عبدالرحمن أن ما ينطبق على المجتمع ينطبق على كل فئاته رجالاً ونساء، أما حال المرأة بالنسبة لها فهو مرتبط بتطور المجتمع وقوانينه، وليس بخلق وإيجاد مسميات خاصة هنا وهناك، وإنما بطرح مشروع اجتماعي سياسي عادل يشمل المجتمع ككل فعندما نخص النساء بكوتا أو تسمية ما، فهي ذات دلالة على أن المرأة قاصر، وتحتاج كالأطفال لمن يرعى حقوقها، وليست إنساناً كامل العقل والحقوق، ولذا ترفض الروائية السورية الاسم والأطر التابعة له بشكل كامل.
وتعتقد الروائية والمعتقلة السابقة أن تطور المجتمعات هو من تطور حالة المرأة ووضعها على الخارطة العالمية، وليس تشكيل نسويات سياسية وما إلى ذلك.
هذا التقسيم من وجهة نظر حسيبة عبدالرحمن يعد نوعاً من أنواع البعد عن قضية المجتمع الرئيسة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً نحو قضايا فرعية حلها حلاً اجتماعياً شاملاً، وتجزئة القضايا المطروحة لا يعدو عن كونه تجزيئ للمجتمع فما الفرق بين قمع الرجل والمرأة والظلم الواقع على كليهما، وانتقاص حقوقها الشخصية بالمكانة والإرث وغيره ناتج عن القصور الاجتماعي من جهة وعدم تطوير النص الديني الإسلامي، وسن تشريع الكوتا الانتخابية، لم يطور من وضع المرأة، بل حشرها في زاوية عدم قدرتها على التنافس وفرض وجودها.

مشروع كيف تعيشين بلا رجل!؟

فؤاد عبد العزيز
كاتب وصحفي سوري

فؤاد عبد العزيز كاتب وصحفي سوري قسّم نشاط المرأة السياسي في سوريا إلى نوعين: الأول تمثله نساء انتزعن مواقعهن بجدارة، من خلال نضالهن الحقيقي. أما الثاني، فهو ما يمكن تسميته لزوم “الجندرة”، وهو النموذج الذي يستعين فيه الرجل أو المؤسسة، بالمرأة كـ “ديكور”، لإرضاء فكرة التنوع والمشاركة والتمثيل التي تفرضها المؤسسات والهيئات الدولية.. وتمارس المرأة السياسة في هذا النموذج، تحت جنح وظل الرجل، وغالباً ما تنتهي حياتها السياسية بانتهاء فترة تكليفها بالمكان الذي تشغله.
وتابع الكاتب السوري بالقول: في سوريا بعد قيام الثورة عام 2011، استطاعت المرأة أن تبرز بشكل لافت، وأن تقود المظاهرات وتتعرض للاعتقال والسجن والموت تحت التعذيب، مثلها مثل الرجل، ولا مبالغة بالقول إن الثورة كادت أن تنجب المرأة النموذج والرمز، من خلال الراحلتين مي سكاف وفدوى سليمان بالإضافة إلى رزان زيتونة وغيرهن كثر من الثائرات، إلا أن تحول الثورة إلى مسلحة، أدى بشكل طبيعي إلى تراجع دور المرأة إلى الصفوف الخلفية، ومن ثم إلى الصفوف السياسية، حيث يمتلك هذا الملعب ويديره منذ فترة طويلة الرجل.
ويعتبر عبد العزيز أن ذلك أدى لاحقاً لظهور ما يسمى بالحركات النسوية، والتي تأسست في أغلبها بدعم غربي، فكري أو مالي، ليتحول معها نضال المرأة من الحالة الوطنية العامة، إلى حالة الصراع التاريخي مع الرجل، الذي يهضم حقوقها، ودورها الحقيقي في المجتمع.
وأكد الصحفي السوري، أن نضال المرأة الحقيقي، لا يفترض أن يكون نموذجه “الاتحاد النسائي”، الذي أسسه حافظ الأسد ثم تحول فيما بعد إلى اتحاد جل همه، “تمكين” المرأة، من خلال تعليمها صناعة المخلل والمكدوس والمربى والتطريز، وهو الحاصل اليوم في أغلب الحركات النسائية التي نشأت بعد الثورة، أسستها نساء معارضات، مشروعهن في أغلبه أنثوي أكثر منه وطني.. يمكن أن نطلق عليه اسم: كيف تعيشين بلا رجل..!

لا نستطيع تقبل مصطلح سياسة ذكورية

حلا أمين
باحثة في شؤون المرأة والطفل في المجتمع في مركز الدراسات الاستراتيجية التركمانية

حلا أمين باحثة في شؤون المرأة والطفل في المجتمع في مركز الدراسات الاستراتيجية التركمانية أيّدت بدورها على أن إطلاق تسمية السياسة النسوية هو مصطلح خاطئ بحد ذاته.
وتسأل الباحثة في شؤون المرأة والطفل وتجيب على نفسها، هل ستختلف القرارات السياسية لأي دولة أو مجتمع إن كان صاحب القرار رجلاً أو إمرأة؟ بالتأكيد لن تختلف، بالتالي لا يمكننا استخدام مصطلح السياسية النسوية إنما الأمر يتعلق بمقدار الفرص المتاحة في أي مجتمع لتسهيل وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار.
وأضافت أمين نلاحظ منذ فترة طويلة أن المرأة أصبحت أكثر وصولاً إلى مراكز القرار وحتى إلى رأس الهرم السياسي في كثير من دول العالم. فإذاً، الأمر متعلق بافتراض أن السياسية النسوية تتعلق بالحوامل والأطر المحددة في المجتمع الممتلئة غالباً بوجود آليات ديمقراطية للتمييز بين الرجل والمرأة ليس من حيث الجنس إنما من حيث الكفاءة والقدرة على إيجاد الحلول السياسية التي تهدف إلى تطوير المجتمع.
وترى الباحثة أن تعريف السياسة بكل مفاهيمها سياسة بغض النظر عن الجنس، فليس هناك مفهوم اسمه السياسية النسوية أو السياسية الذكورية ولكن بحكم تسلط المجتمع الذكوري عبر التاريخ على امتهان السياسة أصبح عرفاً وتقليداً شائعاً.
ختاماً رأت أننا لا نستطيع تقبل مصطلح سياسية ذكورية لأن خوض الرجال بهذا المجال أمر طبيعي ونستطيع أن نورد تساؤل أن معظم المناصب التي تحتاج إلى لقب كوزير أو رئيس لا يوضع لاحقة تاء التأنيث فنقول السيد الرئيس حتى لو كان صاحب المنصب سيدة وهو تسليم مطلق بسيطرة السياسة الذكورية حتى لو لم يتم الاعتراف بالمصطلح كمصطلح أكاديمي.

لا هو بالرجل ولا المرأة

الدكتور درغام سفان
الاختصاصي بالطب النفسي وعضو اتحاد الكتاب العرب

الدكتور درغام سفان الاختصاصي بالطب النفسي وعضو اتحاد الكتاب العرب يقول: إنه لا يعرف بالضبط لماذا تكون الحركات النسوية مرتبطة بالسياسة، حتى لو أنها ارتبطت بحوامل أخرى اقتصادية أو اجتماعية، فالنسوية التي انطلقت منادية بمساواة الجنسين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في إطار سياسي، استندت برأيه في بداياتها إلى مقولات شوهت دور المرأة (سيمون دو بوفوار= لا تولد المرأة امرأة) وأكملت الحركات الفكرية ذات الطابع السياسي من ماركسية وليبرالية واشتراكية استغلال المرأة.
ويعتقد الدكتور درغام سفان: أن كل ذلك أفضى إلى خديعة كبرى شوهت مفهوم النسوية ونادت بمساواتها المطلقة بالرجل لأهداف خبيثة جعلت منها كائناً مشوهاً، لا هي بالرجل ولا هي بالمرأة، وهنا يرى بداية النسوية الحديثة أو (ما بعد النسوية)، التي تسعى إلى إدراك كينونة المرأة، وتعمل على تلمس الاختلاف الجوهري بين الذكورة والأنوثة وبالتالي نشوء فكر نسوي حديث يرفض المكاسب الأنثوية السياسية المزيفة.
ويتابع الدكتور درغام سفان رأيه: تسعى النسوية الآن إلى المناضلة مع الرجال نحو عالم أكثر عدلاً وسلاماً، وبات الحديث الآن عن تعميق مفهوم الأنوثة الحقيقة والاعتراف باختلافها عن الذكورة، بمعنى آخر البحث عن التكامل بين الأنوثة والذكورة.
ومن هنا بدأت بحوث (علم النفس النسوي) بنقد الأبحاث القديمة كأساس لتحليل سيكولوجية المرأة لأنها اعتمدت على معيار ذكوري.. لم تعد المرأة عن صورتها كامرأة حديدية أو مسيطرة، ولم تعد بحاجة لاستعارة صفات الرجل الذكورية (أخت رجال)، وإنما باختصار امرأة أنثى تساهم في بناء عالم جديد تسوده القيم الإنسانية مع الرجل، فقد سئلت أنديرا غاندي يوما كيف تدير الهند… فأجابت: تماماً كما أدير بيتي.

الحقوق تؤخذ ولا تمنح هبة من أحد

مزكين يوسف
رئيسة مجلس إزيديي سوريا

مزكين يوسف رئيسة مجلس إزيديي سوريا وجدت أنه رداً على واقع المرأة الإقصائي ومعاناتها المستمرة، تأتي فكرة تنظيم نضال المرأة ضمن إطار سياسي نسوي، وهي ضرورة ملحة تلبي تطلعاتها في انتزاع حقوقها إذ لا يقتصر هذا الإطار فقط في المجتمعات الذكورية الشرقية بل أيضا المجتمعات الغربية ذات الأنماط الإنتاجية الرأسمالية والاشتراكية.
وترى رئيسة مجلس إزيديي سوريا أن وضع المرأة الشرقية عامة والشرق أوسطية خاصة باعتبارها تتعرض للاغتصاب المشرعن لحقوقها ضمن العادات والتقاليد والقيم الدينية الذكورية، فلا يؤخذ رأيها حتى في تقرير مصيرها واختيار شريك حياتها، لذا ومن هنا تنطلق فكرة انتزاع النساء لحقوقها من مبدأ “أن الحقوق تؤخذ ولاتمنح هبة من أحد” وهذا يتطلب نضالاً دؤوباً تحقق فيه مساواتها مع الرجل في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
قالت يوسف أيضاً هناك بعض الآراء تتخوف من تشكيل المرأة تنظيمات وحركات سياسية نسائية صرفة، معللين ذلك أنها تُحدث حالة تطرف نسائية وهو تمرد على قيم مجتمعاتهم.
أما الحداثيون فينعتون الحركات النسوية بالأنانية في اختيار النضال ضمن أطر وتنظيمات نسوية بحجة أن المجتمعات تعاني من اللامساواة وأن العمل ضمن حزب سياسي له فرع نسائي يلبي الغرض في حين أن الأحزاب تُدرج مطلب ثانوي للنساء في برامجها.
وختاماً تعتقد مزكين، أن كل ما هو متداول في المجتمع وفي تركيبة الحكم في الدول، منذ الانقلاب الذكوري في العصر الحجري الحديث وإلى يومنا هذا فهو ذكوري ومعرقل لمسيرة الحركة النسوية، ولكي تنجز النسوية أهدافها، فعليها أن تجد قنوات اتصال ناجعة مع الشرائح السياسية والاجتماعية والفكرية من رجالات الفكر (فلاسفة وعلماء، ومثقفين وباحثين جادين مؤمنين بإنصاف المرأة وتحررها)، وتدعيم الحركات النسوية بهؤلاء.

النّساء شقائق الرجال

يوسف الحمّود
كاتب وباحث سوري متخصص في التراث والفكر الإسلامي والسياسي

يوسف الحمّود كاتب وباحث سوري متخصص في التراث والفكر الإسلامي والسياسي لا يعتقد أنّ تخصيص حقل السّياسة والثّقافة السّياسيّة في الواقع سيكون اتّجاهاً منهجيّاً صحيحاً، لأنّ هذا النّزوع والفصل سيكرّس حالة من التّفرد والانقسام في حقول الشّأن السّياسيّ، وهو حقل مفتوح للمشاركة والفعل الجمعيّ، لكن هناك جملة من الأسباب والمعوّقات الثقافيّة المجتمعيّة السّائدة أدّت إلى هذا النّوع من ركود وإحجام المرأة في المشاركة العامّة.
بينما يرى الحمّود أنّ حجم المشاركة في ثورات الرّبيع العربيّ أدّى إلى زيادة ملحوظة للفاعليّة السّياسيّة للجانب النّسوي، ولكن بقي الظّهور والبروز للجانب الآخر، ففي مصر وسوريا والسّعوديّة والمغرب العربيّ تتّجه القوى النّسويّة لمزيد من المشاركة الحقوقيّة والسّياسيّة على مستويات متعدّدة من الحراك السياسيّ الاجتماعيّ.
ويرى الباحث من منظوره أنه لابدّ من تفعيل الوعي بالدّور ونقد وتجاوز الثّقافة السّلبيّة السائدة في العمق المجتمعيّ وحواضنه الفكريّة والثّقافيّة لإعطاء مساحات واسعة للمشاركة النّسويّة وكسر الحواجز الجليديّة والتّقليديّة الّتي تحول دون المشاركة، فالنّساء شقائق الرّجال وهذه المماثلة والمساواة في القيمة ينبغي أنّ تنعكس مساواة في الدّور والوعي والفعل الثّوريّ والسّياسيّ.
فمحاولة تمييز وإفراد السّياسية النّسويّة بحقل خاصّ في مقابل السّياسية الذّكوريّة سوف يقحم مفهوم المشاركة في إطار تنازعيّ صراعيّ بدل من أن يكون مفهوم المشاركة قائم على مجموع القوى الواعية وكوادرها المجتمعيّة والسّياسيّة من خلال مفهوم القيمة والأنسنة والتّعدّد الفاعل دون تمييز أو انشطار جنسيّ يعزّز الفروق.

حقوق متساوية بين الرجل والمرأة

نضال الشيخ
ناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل ورئيسة منظمة نساء الغد

نضال الشيخ ناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل ورئيسة منظمة نساء الغد قالت: عند الحديث عن مفهوم “السياسية النسوية” يمكن تعريف هذا المفهوم الذي ظهر في أواخر الثمانينيات من القرن العشرين ويعني أن تكون هناك حقوق متساوية بين الرجل والمرأة في كل أبواب الحياة السياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها.
وبرأيها، يفرض هذا ضرورة أن ينص الدستور الوطني في سوريا على هذه المساواة، حتى بنسب التمثيل في الانتخابات وشغل مقاعد في القرار السياسي والبرلمان والإدارة المحلية والنقابات وغيرها.
وتساءلت الشيخ: هل المرأة السورية وصلت إلى درجة بنية ثقافية اجتماعية فكرية بمستوى يمكن من خلاله التعبير عن هذه المساواة؟
فأجابت أيضا باعتقادها أن المرأة السورية لا تزال في غالبية مساحتها الاجتماعية بعيدة كثيراً عن لعب هذا الدور، الذي يحتاج إلى جهود واقعية تبذلها المنظمات النسوية وغير النسوية المؤمنة بالمساواة بين الجنسين ولا ينبغي لهذه المنظمات النسوية أن تقرأ الواقع الملموس في سوريا وفق رغباتها وطموحاتها، بل يجب أن تضع برامج عمل ترقى بدور المرأة في مجتمعها بالتدريج.
وأكدت الناشطة بمجال حقوق المرأة والطفل بوجوب عمل المرأة مع الرجل من أجل تحقيق مجتمع يحكمه عقد اجتماعي لا يفرّق بين حقوق الجنسين سياسياً واقتصادياً واجتماعياً في الثورة السوية لا تزال النساء مستبعدات بشكل حقيقي عن المشهد السياسي، وإذا ما وجدن في هذه المؤسسات فبنسب قليلة ودور لا يعمل وفق المساواة.
تتفق الآراء على نقطة الحقوق الواجبة للنساء وتتباين في أساليب عملها وتحصيلها، لكن في النهاية تسعى جميعها لهدف إحقاق الحق.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني