fbpx

الزلزال خدم الأسد وأضرّ بالسوريين.. نهبُ مساعداتٍ ومحاولةُ تعويم

0 114

‎نظام أسد الذي تطارده عقوبات دولية، وفي مقدمتها العقوبات الأمريكية، وصل إلى حافة الهاوية قبل وقوع الزلزال، الذي ضرب سورية وتركيا بتاريخ السادس من شباط/فبراير الجاري، حيث خدم هذا الزلزال نظام أسد لجهة تدفق المساعدات الدولية باتجاه دمشق، رغم أن الضرر الأكبر لحق بشمال غرب سوريا، وتحديداً في منطقة جنديرس وعفرين، وكذلك في محافظة إدلب.

‎سعى نظام أسد إلى الاستفادة من كارثة الزلزال، كي يستدر المساعدات من المحيط العربي، وغايته في ذلك كسر حلقة العقوبات الاقتصادية، التي فرضها قانون قيصر، الذي أصدره الكونغرس الأمريكي عام 2019، وغايته أيضاً تعويم نظامه عربياً.

‎الزلزال سبقه بوقت جيّد عمليات تطبيع محدودة بين بعض الدول العربية وبين نظام أسد، وهذه العملية قال عنها الباحث “نيك هيراس” من معهد نيو لاينز إنها “تسير ببطء”.

‎الزلزال دفع أنظمة سياسية عربية إلى التواصل مع النظام الأسدي، بذريعة تقديم المساعدات الإنسانية لمواجهة تبعات هذا الزلزال. وهذه الحالة قد تكون فرصه تستغلها بعض هذه الأنظمة في إعاده تأهيل نظام أسد تحت ذرائع إنسانيه واهية، والتي لا تريد للثورة السورية أن تنجح في إزاحة نظام القهر الاستبدادي، هذا النظام المثقل بجرائم حرب ضد السوريين وانتهاكات فظيعة ترتقي لمستوى جرائم ضد الإنسانية.

‎المساعدات هنا مجرد قناع يخفي خلفه رغبة هذه الأنظمة، التي سارعت للتواصل مع نظام أسد، لأجل استعادته في النظام العربي، الذي أفشل ثورات الربيع في بلدانها، أي بلدان الثورة المضادة.

‎أسد حاول استغلال الزلزال بأقصى ما يمكنه سياسياً وديبلوماسياً واقتصادياً، فهو كنظام، لا يزال يشغل مقعد سورية في الأمم المتحدة، راح يبتز المجتمع الدولي بشأن المساعدات، وهو يفعل ذلك ليس من أجل تقديمها للناس المتضررين، بل من أجل نهبها وبيعها للسوريين الجائعين، الذين باتوا تحت عتبة الفقر المدقع من أجل أن يبقى هذه النظام الذي تتهمه الوثائق الدولية بأنه ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري.

‎الغريب في الأمر هو موقف إدارة الرئيس جو بايدن، الذي لم يجف حبر توقيعه على قانون الكبتاغون، الذي يجرّم أسد بإدارة تصنيع الكبتاغون وترويجه عبر شبكات دولية، فكيف يسمح بايدن للدول بخرق قانون قيصر وقانون الكبتاغون؟ الجواب على ذلك أن إدارة بايدن لم توقف العمل بالعقوبات الأمريكية الأخيرة (قانون قيصر وقانون الكبتاغون)، وإن الإعفاء المؤقت بالسماح بتقديم المساعدات هو يتناول العقوبات التي فرضت على النظام في عام 2003-2004 حيث استثنت الإدارة الأمريكية آنذاك المساعدات الإنسانية من العقوبات ضد النظام، وهو تأكيد بأن العقوبات لن تطبق حالياً على الكيانات أو الدول التي تريد أن تقدم مساعدات إنسانيه. هذا يعتبر لفته إنسانية.

تجنب الهجوم على الولايات المتحدة واتهامها بانعدام مواقفها الإنسانيه أو عرقلتها بالعقوبات المساعدات الإنسانية. ولا ننسى أن العقوبات التي فرضت على نظام أسد آنذاك كانت بسبب دعمه الإرهابين وتسهيله لمرورهم عبر الأراضي السورية لضرب القوات الأميركية في العراق.

وكان إيثان غولدريش مسؤول الملف السوري في الإدارة الأميركية قد أكد أن هذا الاستثناء الموقت للعقوبات لا ينبغي فهمه على أنه حجة لهذا النظام أو الدول المساعدة لإغراق النظام بمساعدات اقتصادية تنقذه من انهيار حقيقي وشيك. وتعهد بالمراقبة لذلك.

إن على النشطاء السوريين في أمريكا العمل على حث الإدارة الأمريكية على المراقبة الحثيثة لآلية تقديم وتوزيع هذه المساعدات التي يجب أن تكون حصراً إنسانية ولا تسمح بتجاوز هذا المجال، والتأكد من ذلك ومن التوزيع العادل والشفاف لها على السوريين المتضررين، مع الدفع نحو المطالبة بإلغائها في حال عدم تحقيقها لذلك أو في حال استغلالها لمحاوله تعويم النظام اقتصادياً أو سياسياً أو دبلوماسياً.

‎إن ضرر الزلزال الذي ضرب الأراضي السورية كان كبيراً في شمال سورية وشمال غربها، وما لحق من ضرباته بمناطق خاضعة للنظام الأسدي، لا يقارن بخسائر الأرواح والممتلكات في إدلب وجنديرس وغيرها من المناطق، التي لحقت بها خسائر بشرية ومادية كبيرة، وصلت إلى أكثر من خمسة آلاف قتيل، وأكثر من سبعة آلاف مصاب.

‎إن عدد المتضررين السوريين من ضربات الزلزال بلغ قرابة 11 مليون متضرراً، أغلبهم في مناطق غير خاضعة لنظام أسد، ومع ذلك يتباكى النظام للاستيلاء على هذه المساعدات لبيع أغلبها في الأسواق وتهريبها، من أجل تحويل قيمتها لمصلحة استمرار حربه ضد الشعب السوري، لقد تضررت عشرون منشأة طبية وصحية تعمل في مناطق شمال غرب البلاد (إدلب وعفرين وجنديرس وقراها وبلداتها) ولحقت أضرار الشديدة بأربع مشافٍ في هذه المناطق.

‎إن أسد يحاول تحويل مأساة الزلزال إلى عتبة لعودة علاقاته مع أنظمة عربية متهافتة على إقامتها معه رغم جرائمه الكبرى، فهو يحوّل كارثة الزلزال للضغط دولياً عبر إعلامه الكاذب من أجل رفع العقوبات عن نظامه.

‎إن بشار الأسد الذي أطل من حلب المحتلة إيرانياً وهو يضحك على مأساة شعبه، هو ذاته بشار الذي استخدم السلاح الكيماوي في الغوطة الشرقية وفي خان شيخون وغيرها من المناطق السورية الرافضة لحكم نهبه وقهره وفساده.

‎لقد اكتشف الجزائريون أن مساعداتهم التي أرسلوها لمناطق أسد للملمة تبعات الزلزال، كانت تباع في الأسواق للمحتاجين والمتضررين والجوعى من السوريين أي كانت تُسرق من ميليشيات أسد، وتتحول إلى وقود لاستمرار الحرب ضد السوريين.

‎لكن المستغرب هو موقف المنظمة الدولية (الأمم المتحدة)، التي تريد أن يتولى نظام فاسد يحكمه لصوص مرور المساعدات الدولية عبره، وهو غير مؤتمن أصلاً على مقدرات بلاده، التي وهبها لروسيا وإيران، لأنهم أطالوا بحكمه على حساب حياة الشعب السوري، فكيف لنظام الإبادة والفساد الفظيع أن يكون أميناً على توزيع المساعدات؟ هذا سؤال موجه للأمم المتحدة وأمينها العام غوتيريش، وكذلك للدولة الأعظم في العالم الولايات المتحدة بإدارتها الحالية التي يقودها الرئيس الديمقراطي جو بايدن.

‎لقد قام قادة في الكونغرس الاميركي بالاحتجاج على إغفال فعالية بعض قوانين العقوبات الأمريكية ضد نظام أسد بحجة تقديم مساعدات للمتضررين من الزلزال. فهذا النظام غير مؤتمن، ويجب أن تخنقه العقوبات وتضطره لتقديم تنازلات سياسية يرفض تقديمها، بما يخص تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالصراع السوري وهي بيان جنيف1 والقرار 2118 والقرار 2254.

‎إن مواجهة مصاعب حياة النازحين السوريين واللاجئين تحتاج إلى الضغط الكبير من الولايات المتحدة لتنفيذ القرارات الدولية، فهي أقل كلفة وأكثر شأناً بحل مشاكل سوريا.

‎فهل ستعيد إدارة بايدن رؤيتها وسياستها بما يخدم تغييراً سياسياً في سوريا سيكون لمصلحة الجميع؟ سؤال ينتظر الإجابة عليه من إدارة البيت الأبيض الأمريكي.

‎كذلك فإن استجابة الائتلاف الوطني والحكومة المؤقتة لتداعيات الزلزال كانت مربكة ومتأخرة، وهذا يكشف عدم وجود رؤية استراتيجية لديها، فهي لم تقد عمليات الإنقاذ، ولم ترسل ممثلين عنها لدول عربية وصديقة، من أجل تقديم الدعم المادي واللوجستي للتخفيف من أثر الزلزال على حياة الذين طمرتهم أنقاض بيوتهم والأبنية التي يسكنونها.

‎وإن الحكومة التركية التي أصيبت بكارثة الزلزال، ومعها المجتمع الدولي، يتحملون مسؤولية تأخر وصول المساعدات الإنسانية للشمال السوري المتضرر. لقد كان ذلك امتحاناً لها وللمجتمع الدولي والذي عليه الآن تكريس العمل على محاولة تجنب المزيد من الخسائر وتجنب الفشل في معالجه النتائج الكارثية لهذا الزلزال ومنع اتساعها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني