fbpx

العصابة الكبرى

0 837

خلّفت الحرب الاهلية في سوريا، مجموعة كبيرة من المليشيات المسلحة، وبما أن الدولة السورية عاجزة عن تسديد رواتب لهذه المليشيات، فقد سمحت لهم بأن يقيموا حواجز عسكرية عند مداخل المدن، بحجة تفتيش السيارات منعاً للأعمال الارهابية، ولكن عمل تلك الحواجز بالحقيقة، كان جباية الأموال من الموطنيين خلال مرورهم بها، حيث فُرضت إتاوات مالية على أي مواطن، يحمل أي سلعة، بحجة أن هذا المواطن، لا يحمل بياناً جمركياً بها، حتى إن كانت السلعة هي سلة تفاح، أو أي نوع من الخضروات، أو زيت الزيتون. “وهي إنتاج محلي” وعلى المواطن أن يدفع رشوة للحاجز العسكري، وإلا سيظلّ أكثر من يومين بانتظار السماح له بالدخول للمدينة.

وعلى سبيل المثال: آجار أي سيارة قادمة من بيروت نحو اللاذقية هو 180$، يمرّ السائق على 7 حواجز عسكرية، ويدفع لكل حاجز مبلغ 20$، أي إنه يدفع للمليشيات مبلغ 140$، ويدفع رسوم للدولة السورية عند الحدود 22$، وتكلفة الوقود تقارب 40$ أي أن السائق يخسر مبلغ 22$ في الرحلة، إذا كان سائقاً شريفاً، ولكن في الحقيقة عموم السائقين يحملون في سياراتهم بضائع مهرّبة (دخان، كوكايين، نفط، كحول، معلبات ممنوعة، يهرّبون دولار من وإلى لبنان).

 وبهذا الشكل يستطيع السائق تعويض خسارته وتحقيق مرابح مالية كبيرة، فمبلغ 140$ الذي يقدمه للمليشيات المسلحة يضمن لسيارته أن تمرّ بدون أي تفتيش.

وخلال كل ثلاثة أشهر، يجب على أي سائق أن يزور أحد الضباط في فرع (المخابرات العسكرية، أو المخابرات الجوية، أو إدارة الأمن السياسي) ليقدّم للضابط هديّة قيّمة، وهي بمثابة راتب للضابط، الذي يلغي أي احتمال لاعتقال السائق، وفي حال تمنّع السائق عن هذا الأمر، فإن المليشيات المسلحة ستعتقله، وستسلمه للجمارك، التي ستضعه قيد التحقيق، حتى يدفع كل سرقاته للدولة السورية.

بهذا الأسلوب، تقوم الأجهزة الأمنية والمليشيات المسلحة بتأمين مدخولها المالي، ولكن عموم هذا المدخول لا يدخل إلى خزينة الدولة السورية، التي انعدمت مواردها المالية، بفعل سيطرة الاميركيين على مناطق الجزيرة السورية، التي تحوي (النفط، القطن، والقمح السوري)، لذا ابتكرت الحكومة السورية سلوكاً لصوصياً جديداً، عبر القوانين التشريعية التالية:

  • المرسوم رقم 66:

 ويسمح هذا المرسوم للحكومة بطرد سكان المناطق، التي كانت مناهضة لها، وتم استخدام هذا المرسوم في عمليات اخلاء المدنيين في درعا وريف دمشق، ونقلهم نحو إدلب، بعد خسارة المعارضة لتلك المناطق.

  • المرسوم 63 لعام 2012:

 ويخوّل هذا المرسوم وزارة المالية الاستيلاء على ملكيات الافراد المتهمين بالارهاب. والمشكلة الرئيسية أن عموم المعتقلين في سوريا، تم توجيه تهم الارهاب لهم، سواء أكانوا سلميين أو مسلحين، مما يعطي للحكومة السورية الصلاحية بالسيطرة على عموم ملكياتهم.

3- القانون رقم 10:

 وهو قانون يسمح للحكومة السورية بمصادرة ملكيات الشخصيات، التي غابت عن سوريا، وبما أن أكثر من 6 مليون سوري، هم نازحون إلى دول الجوار السوري، فإن للدولة السورية الصلاحية بمصادرة ملكياتهم، ولكن هذا القرار أثار ضجة دولية، فصرح أحد مسؤولي الحكومة السورية في الامم المتحدة عن سحب هذا القرار، ولكن في الحقيقية لا يزال هذا القرار نافذاً.

ان (المرسومين 66- 63، والقانون 10) جاؤوا في فترة انتصار الحكومة السورية على المعارضة المسلحة، وكانت الحكومة تتصور انها قد تقود مشروع إعادة إعمار للدولة بعد تصالحها مع المجتمع الدولي، لذا قررت بسط ملكيتها بشكل قانوني على عموم المدن والبلدات التي دمرتها، وبدأت برسم مشاريع إعادة الإعمار، وفتحت باب الاستثمار لرجال الأعمال، وكانت البداية في مشروع يعفور. إلا أن المجتمع الدولي تجاهل بشار الاسد وخططه في إعادة الإعمار واشترط تقديم المساعدات بتحقيق انتقال سياسي، والولايات المتحدة أعلنت عن معاقبتها للشركات التي ترغب بالمشاركة في مشروع معرض دمشق الدولي عام 2018. فأدرك النظام السور أن خططه بإغراء المجتمع الدولي أن يستثمر في سوريا هي خطة غير مجدية مالياً، فاضطر لأن يستنزف أموال المغتربين عبر تعديله للمرسوم (30 لعام 2007)، الذي أقره مجلس الشعب يوم 13 دبسمبر 2019، والذي ينص على:

(الحجز التنفيذي المباشر على الأملاك المنقولة وغير المنقولة للممتنعين عن الخدمة العسكرية الالزامية، او دفع مبلغ وقدره 8 آلاف دولار كبدل عن الخدمة الالزامية) ويشمل هذا القرار أي سوري بلغ من العمر 42 عام ولم يخدم الخدمة العسكرية الالزامية. وفي حال تخلف أي شخص ثلاثة اشهر عن دفع 8 آلاف دولار، فإنه يغرم بمبلغ اضافي، كما تصادر ملكياته وتباع بالمزاد العلني.

وبما أن أغلب المغتربين السوريين لم يخدموا خدمتهم الالزامية، واشتروا عقارات في مناطق فاخرة في عموم القرى والمدن السورية منذ زمن طويل، لذا مصادرة الدولة لهذه المنازل وبيعها بالمزادات العلنية، يعني أن تباع بأسعار بخسة للضباط السوريين “الذين وحدهم يمتلكون القدرة على الدخول في مزادات وشراء العقارات، بالإضافة لرجال أعمال مثل سامر فوز”. وبنفس الوقت المبالغ التي سيتم شراء المنازل ستعود الى خزينة الدولة أي لن تعاد لملاكها الأصليين وهذا يعني سرقة واضحة تحت ذراع القانون السوري، وفي حال قرر المغتربون إرسال الأموال لتسديد 8 آلاف دولار، فإن عملية التحويل المالية ستكون معقدة جداً. فأي مبلغ محوّل من خارج سوريا إلى سوريا سيعطى للطرف السوري بقيمة الصرف الرسمي للبنك السوري أي (470 ليرة سورية عن كل دولار).

ليس من إحصاء دقيق لملكيات أبناء المهجر في سوريا، ولكن بالتأكيد هناك الآلاف من العقارات تحت اسمهم، وقسم كبير من هؤلاء المغتربين يخافون العودة لسوريا، وقسم آخر غير قادرين على زيارتها فقد يعتقلهم النظام السوري.

إن الدولة السورية باتت بامتياز عبارة عن عصابة تسخّر مجلس الشعب لإصدار قوانين وتشريعات هدفها فقط سلب المواطنين كل ملكياتهم، وبالتأكيد الشارع السوري عاجز عن الاحتجاج فأي محتج سيتهم من الأمن بأنه إرهابي، وستصادر ملكياته بفعل المرسوم 63، فهل من مغيث لهذا الشعب المغلوب على أمره.   

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني