fbpx

الشبكة السورية لحقوق الإنسان تدعو إلى تحرك عاجل لإنهاء معاناة المعتقلين السوريين في لبنان

0 31

إضراب مفتوح عن الطعام: صرخة يائسة لإنهاء المعاناة:

في 11 شباط/فبراير 2025، دخل عدد من المعتقلين السوريين في سجن رومية اللبناني في إضراب مفتوح عن الطعام، احتجاجاً على ظروف احتجازهم القاسية، ومطالبةً بترحيلهم إلى سوريا. يأتي هذا الإضراب في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية داخل السجون اللبنانية، حيث يتعرض المعتقلون لانتهاكات متواصلة، تشمل الاكتظاظ الشديد، الإهمال الطبي، وسوء المعاملة.

2000 معتقل سوري في السجون اللبنانية وسط غياب العدالة:

وفقاً لتقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يبلغ عدد المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية نحو 2000 شخص، من بينهم ما لا يقل عن 190 معتقلاً احتُجزوا على خلفية مشاركتهم في الحراك الشعبي السوري المطالب بالديمقراطية. هؤلاء المعتقلون، الذين تشملهم فئات المنشقين عن قوات النظام السابق واللاجئين، يقبعون في السجون منذ سنوات دون محاكمات عادلة أو ضمانات قانونية تكفل حقوقهم الأساسية.

مأساة مستمرة داخل سجون لبنان:

يعاني المعتقلون السوريون، خصوصاً في سجن رومية، من ظروف احتجاز غير إنسانية تشمل:

  • الاكتظاظ الشديد ونقص الرعاية الصحية والغذائية.
  • انتشار الأمراض المعدية نتيجة الإهمال الطبي.
  • حرمان المعتقلين من التواصل مع ذويهم لفترات طويلة.
  • محاكمات غير عادلة أمام القضاء العسكري، استناداً إلى اعترافات انتُزعت تحت التعذيب.

رغم الاحتجاجات المتكررة داخل السجن، بما في ذلك الإضرابات عن الطعام خلال الأعوام الماضية، لم تُتخذ أي إجراءات جادة لمعالجة أوضاع المعتقلين، ما أدى إلى حالات وفاة داخل السجن ومحاولات انتحار بين المحتجزين نتيجة الإحباط واليأس.

الإطار القانوني لتسليم المعتقلين السوريين بين لبنان وسوريا:

يُحكم تسليم المعتقلين السوريين في لبنان باتفاقيات قانونية بين البلدين، أبرزها الاتفاقية القضائية لعام 1951، التي تُحدد شروط نقل المعتقلين، من بينها موافقة الشخص المحتجز وضمان عدم تعرضه لخطر التعذيب أو المحاكمة غير العادلة. ومع ذلك، وثَّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان حالات تسليم قسري لمعتقلين سوريين إلى النظام السابق، ما أدى إلى اختفاء العديد منهم قسراً أو تعرضهم لانتهاكات جسيمة.

تحولات سياسية تفتح آفاقاً جديدة:

مع سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، بات من الممكن إعادة المعتقلين السوريين من لبنان إلى وطنهم دون الخوف من انتقام النظام السابق. إلا أن هذه العملية تستدعي إطاراً قانونياً واضحاً يضمن محاكمات عادلة وحقوقاً مكفولة للعائدين، مع رقابة دولية على تنفيذها.

الشبكة السورية لحقوق الإنسان تدعو إلى تحرك مشترك لإنهاء الأزمة:

تطالب الشبكة السورية لحقوق الإنسان الحكومتين اللبنانية والانتقالية السورية، إضافةً إلى الجهات الدولية، باتخاذ إجراءات عاجلة لحل قضية المعتقلين السوريين في لبنان، من خلال:

أولاً: توصيات للحكومة اللبنانية:

  1. تشكيل لجنة مشتركة مع الحكومة الانتقالية السورية لوضع آلية واضحة لإعادة المعتقلين وفق ضمانات قانونية.
  2. تحسين ظروف الاحتجاز داخل السجون اللبنانية وتقديم رعاية طبية مناسبة للمعتقلين.
  3. وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين السوريين، وضمان حقهم في محاكمات عادلة.
  4. الامتناع عن تسليم أي معتقل سوري قد يواجه خطر التعذيب أو المحاكمة الجائرة.
  5. التعاون مع المنظمات الحقوقية الدولية لمراقبة وتحسين أوضاع المعتقلين.

ثانياً: توصيات للحكومة الانتقالية السورية:

1. ضمان بيئة آمنة للعائدين، ومنع أي ممارسات تعسفية بحقهم.

2. تقديم برامج دعم نفسي واجتماعي لإعادة تأهيل المعتقلين بعد عودتهم.

3. إنشاء آلية رقابة تضمن الشفافية في التعامل مع ملف العائدين.

ثالثاً: توصيات للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية:

1. الإشراف على عمليات إعادة المعتقلين إلى سوريا، وضمان عدم تعرضهم لأي انتهاكات.

2. إرسال فرق مراقبة إلى السجون اللبنانية لتوثيق أوضاع المعتقلين.

3. تقديم المساعدة القانونية والإنسانية للمعتقلين السوريين في لبنان.

رابعاً: توصيات لوسائل الإعلام والمجتمع المدني:

1. تكثيف الحملات الإعلامية لتسليط الضوء على أزمة المعتقلين السوريين.

2. تقديم الدعم القانوني والاجتماعي للمعتقلين وعائلاتهم.

3. تعزيز قنوات الحوار مع الحكومتين اللبنانية والسورية لضمان إيجاد حل مستدام لهذه القضية.

نحو حل إنساني وعادل للمعتقلين السوريين في لبنان:

إن استمرار معاناة المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ويستوجب تحركاً فورياً من جميع الأطراف المعنية. لقد آن الأوان لوضع حد لهذه المأساة، عبر إجراءات قانونية وإنسانية تحفظ كرامة المعتقلين، وتضمن عودتهم الآمنة إلى وطنهم. إن هذه القضية لا تمثل أزمة قانونية فحسب، بل هي اختبار حقيقي للعدالة والإنسانية في مرحلة إعادة بناء سوريا الجديدة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني