fbpx

هل يتم إعلان لبنان دولة فاشلة ويتم وضعه تحت وصاية دولية؟

0 359

قيل: إن قوة لبنان في ضعفه. بسبب عدم وجود سلطة ديكتاتورية فيه ووجود هامش جيد من الحرية قياساً بالجوار العربي، واهتمام الغرب به، وخصوصاً فرنسا، الدولة المنتدبة السابقة، التي استطاعت تأمين وضع خاص لجبل لبنان في ظل الحكم العثماني عبر متصرفية جبل لبنان والتي تحولت بعد دخول القوات الفرنسية إليه إلى دولة لبنان الكبير بضم اقضية إليه. وكان يراد لهذا البلد أن يكون مثالاً للتعايش بين القوميات والأديان والمذاهب المختلفة.

بعد حرب الجبل 1860، تم إعلان الاستقلال عام 1943 بثنائية مهيمنه سنية/مارونية عبر رياض الصلح وبشارة الخوري، وانتهج لبنان نظاماً سياسياً ليبرالياً يعتمد على ديمقراطية خاصة به عبر محاصصة طائفية.

في ظل الانقلابات العربية والديكتاتوريات العسكرية، كان لبنان ينعم بهدوء واستقرار أتاح له الحصول على تسمية سويسرا الشرق، لما كان يضم من مصارف وحرية نشر وتعبير، ومناخ جميل، ما أهّله ليكون مقصداً للسياح العرب، والنخب الهاربة من قمع الأنظمة في بلدانها، ومنارة ثقافية ضمت كل المطابع والإصدارات العربية، وكان الرئيس جمال عبد الناصر قد وافق على أن يكون لبنان حيادياً في الصراع العربي الإسرائيلي.

مثلت التركيبة الطائفية القائمة على التعايش نقطة ضعف للنظام السياسي اللبناني، وقد بانت هشاشته بالدخول الفلسطيني اليه بعد أحداث أيلول الأسود 1970.

اندلعت الحرب الأهلية اللبنانية عام 1976، وكان النظام السوري طرفاً فيها، وتعاظم في تلك الحرب دور الطائفة الشيعية ممثلة بحركة أمل، ثم حزب الله بعد انتصار الثورة الخمينية في ايران، ووصل الجميع إلى قرار إيقاف الحرب بمؤتمر الطائف بعد خمسة عشر عاماً من الصراع، باضمحلال الدور الماروني وحضور ثقل شيعي بدلاً عنه، فتم إنشاء الجمهورية الجديدة، بثنائية سنية/شيعية بهيمنة كاملة للنظام السوري على القرار اللبناني.

بخروج النظام السوري من لبنان، تطبيقاً للقرار الدولي 1559، تحت ضغط أمريكي، إلى بقاء حزب الله، القوة المسلحة والمنظمة بالبلاد، حيث تم بموجب اتفاق الطائف سحب الأسلحة من كل الأفرقاء، والابقاء على سلاح الحزب الإلهي بذريعة مقاومة إسرائيل، وبمرور الوقت أصبح حزب الله الذراع الإيرانية الرئيسية في المنطقة، وليس لبنان فقط. فشكّل الحكومات كما يريد، وأنتج نظاماً فاسداً، أوصل البلاد إلى ما وصلت إليه الآن، وكان الحزب يجاهر بأنه إحدى أدوات تنفيذ سياسة الولي الفقيه.

النموذج الذي قدمه المشروع الإيراني في المنطقة (العراق، سورية، لبنان) كان غير مقبول شعبياً، فقد أنشأ دولة الظل الخاصة به، وسيطرت والتصقت بالدولة اللبنانية كالعلق، تمتص دماءها وتنخرها.

أدى الغليان والتذمر الشعبي إلى انطلاقة ثورة الأرز بتشرين الأول 2019، حيث تأثرت بانتفاضة الثورة العراقية، وكان شعارها الرحيل للجميع، والمقصود الأول حزب الله، (كلن يعني كلن).

استقالت حكومة الرئيس الحريري، ثم حدث انفجار مرفأ بيروت 4 آب 2020، الذي دمر أجزاءً كبيرة من بيروت، وكان خطف لبنان إلى المحور الإيراني قد ساهم بابتعاد العرب والغرب عنه وبان أن الطريق يسير إلى مزيد من التدهور. فحصلت أزمة المصارف ونقص السيولة، وعدم قدرة المودعين على سحب إيداعاتهم وعدم تشكيل حكومة لبنانية قوية (حيث تشكلت حكومة حسان دياب، وهي الآن مستقيلة وتقوم بتصريف الأعمال) وظهور أرقام الفساد الهائلة، خاصة من رئيس التيار العوني جبران باسيل صهر الرئيس ميشيل عون.

أدى العزوف العربي والدولي عن مد يد العون للبنان بسبب الفساد الهائل وخطف لبنان إلى محور إيران، إلى حدوث انهيارات أسرع من المتوقع، ساهمت مشكلة التهريب إلى سورية للسلع المدعومة من الدولة اللبنانية، وتوقف البنك المركزي عن تمويل السلع الأساسية إلى فقدان معظم المواد الأساسية من الأسواق أو ارتفاع أثمانها إلى مستويات قياسية حيث وصل سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية إلى 20000 ليرة، بعد أن كان 1500 ليرة عام 2019.

كان واضحاً أن لبنان يسير بخطى متسارعة إلى المجاعة والتفكك والانحلال كدولة، وهو أمر له تبعاته على الإقليم، حيث تعاني المنطقة من اضطرابات وحروب داخلية أدت لتشظي الهويات الوطنية، وانتعاش هويات ما قبل الدولة، الأمر الذي بيّن أن تفكك لبنان خط أحمر دولي.

ماهي خطة الفاتيكان والبابا فرنسيس الآن؟

كشف كلام البابا فرنسيس خطة عمل الفاتيكان لمواجهة الأزمة اللبنانية، عندما قال أمام اجتماع لعشرة من رؤساء الكنائس المسيحية الشرقية واللبنانية في روما (كفى استخدام لبنان لمصالح خارجية ولمنافع شخصية، ولبلد الرسالة حق البقاء بسلام واستقرار ولشعبه حق العيش بكرامة وبحبوحة).

في كواليس دولة الفاتيكان ترسخ الاعتقاد أن اختطاف لبنان إلى محور إيران ووضعه في عداء واضح مع العرب وأوربا وأمريكا، وتوظيف مقدرات لبنان المالية والسياسية والأمنية لترسيخ المقاربة التي يتبناها محور المقاومة والممانعة.

الفاتيكان أطلق ماكينته الدبلوماسية لمساندة البلد الغريق، عبر الطلب من دول القرار الدولي بالعمل على تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة.

وليتم ذلك، لابد أولا من إعلان لبنان دولة فاشلة، ووضعها تحت وصاية دولية، وبما أن روسيا غير موجودة في لبنان، فمن الممكن أن يمر القرار في مجلس الأمن، وإذا لم يحصل ذلك، فإنه بالإمكان بناء تحالف والتدخل تحت شعار الأمن الدولي، كما تم التدخل في حروب البلقان وكوسوفو من خارج مجلس الأمن، لتجريد حزب الله من سلاحه. وهي إحدى الحلقات في الخطة الدولية لتفكيك الأذرع الإيرانية الطائفية العابرة للحدود، حيث كانت الخطيئة الإيرانية القاتلة التي لم يفعلها غيرها سابقاً، تزويد ميليشيات غير منضبطة بأسلحة ذكية ودقيقة، وربما أسلحة تدمير شامل.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني