fbpx

قراءة في رواية “نزلاء القصر” لـ فاتن عبد المنعم

0 92

بداية العنوان على عكس المضمون؛ فالحديث عن (نزيلات) وليس نزلاء!، ومن ناحية الموضوع ركزت الكاتبة على الحياة الاجتماعية (لمجموعة نساء) واتخذتها مصدراً للرواية، وإن كانت لا تعني بموضوعها فحسب، بل تحاول أن تؤديه أداءً فنياً تتخير فيه اللفظ، وتحاول أن تؤثر به في عقل القارئ وقلبه؛ باستخدام عبارات تمتاز بالتصوير والتشخيص ما أضفى مسحة بيانية على صورها، كما وظفت في كثير من مواضعها التراث الديني، واستلهمت بعض ألفاظه ودلالاته.

ويتميّز أسلوب (فاتن عبد المنعم) بحسن الصياغة مع الميل إلى الاسترسال والتفصيل، والإكثار من الصور البيانية، وإن كانت تلجأ إلى التكرار والإطناب، وكثيراً ما تعيد في معانيها وتستطرد في وصفها، ومع الاهتمام البالغ بالأسلوب إلا أن فقر الجانب الفكري قد نال من بنية الرواية لمحدودية الأحداث وقلتها، فضلاً عن الميل إلى حشد الألفاظ المترادفة والكلمات المؤكدة دون حاجة إلى ذلك يقتضيها الموقف أو تحتاجها الفكرة.

واللافت للنظر كثرة الشخصيات في القصة؛ مما أفضى بالقارئ إلى متاهة لم يستطع بسببها من معرفة ملامح الشخصيات ولا تمييز أبعادها النفسية والجسدية والفكرية، وفي بعض الأحيان نشعر أننا تلاميذ في حصة دراسية نتلقى شرحاً وتوضيحاً للمعلومات، وتأصيلاً للمفاهيم، ويظهر ذلك جلياً في مقدمة الرواية التي جاءت بصيغة مقالية تقريرية بحتة، كما زاد من صعوبة متابعة الأحداث عدم تقسيم الرواية لفصول، وعدم وضع عناوين توحي بمضمون الفصول.

وهناك بعض الأحداث ـ التي أراها من وجهة نظري ـ غير مقبولة منطقياً ولا واقعياً (كإجراء تحليل DNA) للنسوة محور أحداث الرواية، وكذلك أسلوب خطاب الطبيبات المشرفات على تأهيل النسوة؛ إذ جاء على قدر يفوق مستوى أولئك النسوة الثقافي والمعرفي.

وظلت الكاتبة تؤكد على الفطرة التي نشأت عليها النسوة وكأنها جُبلت على الانحراف لسبب أو آخر، وهذا عكس ما فطر الله الناس عليه من الخير والصلاح، ثم ما لبثت أن جعلت خوفهن من العقاب والفضيحة عبر كاميرات المراقبة، لا خوفهن من الله أو رغبتهن في الالتزام، وقبل النهاية فجأة تحول المشهد لنجد الرغبة في الالتزام هي الدافع لتغيير حياتهن للأفضل.

في الحقيقة لقد بهرني أسلوب (فاتن عبد المنعم) بطابعه الفني والإنساني، وحسبي في ختام هذه القراءة أن أقول إنها مبدعة لا تُعرف وإنما يُتعرف عليها من خلال إبداعها فهو لسان حالها وترجمان ذاتها، لقد وجدت فيها صوتاً من أصوات الحركة الادبية الراهنة في ثقافتنا العربية، ولا تفي هذه القراءة العجلى بما يستحقه نتاجها، وأرجو أن يسعفنا الوقت من الرجوع إلى أدبها مرة أخرى للوقوف على أسراره وسبر أغواره، وهذا ما نرجوه في المستقبل القريب.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني