الاجتهادات والقرارات المتسرعة والمواقف المتذبذبة حيال ثوابت الانتقال السياسي، وتفرّد بعض شخصيات المعارضة باتخاذ خطوات لا تخدم الشعب السوري الثائر، دفع صحيفة نينار برس بصفتها صحيفة سورية مستقلة وموضوعية، أن تضع أمام شخصيات سورية من مقدمات سياسية وأيديولوجية مختلفة، محورين للنقاش المكثّف.
المحور الأول: هيئة التفاوض السورية تتألف من مكونات عديدة، تتباين نظرتها حيال الحل السياسي في سوريا، هل تعتقدون أن هذه المكونات تملك قرارها المستقل؟ ولماذا يتمّ السكوت عن تدخل السعودية في تكوين وعمل الهيئة؟ ومن الجهة التي تعطّل التئام هيئة التفاوض السورية وقيامها بدورها الوظيفي المنوط بها؟.
المحور الثاني: ألا تعتقدون أن سبب الخلافات والتباينات بين مكونات هيئة التفاوض السورية يكمن خلفه غياب مرجعية وطنية عليا لكل مؤسسات وقوى الثورة والمعارضة تمثّل السوريين جميعاً؟.
وضعنا كارثي والمطلوب هو التغيير
سمير سطوف
معارض سوري
يقول المعارض سمير سطوف في إجابته عن المحور الأول:
بداية، لابدّ من التأكيد على أن الغربال الدولي عمل طويلاً، من أجل تمكين العناصر الرخوة من صدارة المشهد، ومنع السوريين من إفراز قيادة حقيقية للثورة السورية، تضع الاستراتيجيات السياسية والعسكرية، الأمر الذي أسهم في مسيرة التراجعات على المستويات كافة، وأدى إلى ما نشهده من وضع كارثي.
ويضيف سطوف: “إن هياكل المعارضة جميعها، هي توليفة غير متجانسة وفاقدة للمناعة الوطنية”. وهي برأي السيد سطوف “مرتهنة لأجندات مشغليها، ولا تتمتع بالحد الأدنى من الاستقلالية، وبالضرورة هي معطّلة، ولا يمكن التعويل عليها.
وفي إجابته عن المحور الثاني يقول السيد سمير سطوف: “عدم وجود مرجعية وطنية وقيادة فعلية للثورة، لم يكن مصادفة، بل كان نتيجة عمل ممنهج ومدروس، عملت عليه القوى الإقليمية المركوبة من القوى الدولية المتحكمة بمسارات الصراع في المنطقة، لا سيما المسار السوري الذي تتوقف عليه خارطة الموازين المؤثرة في الخارطة العالمية المستقبلية”.
ويضيف سطوف: “إن غياب استقلالية القرار يؤدي بالضرورة إلى فقدان المرجعية الوطنية، والشرذمة حتى على مستوى التموضعات الثورية الصادقة، كتعبير عن مآلات العجز”.
المفاوضات مسلسل لا أفق له
مروان الأطرش
المنسق العام للكتلة الوطنية الديمقراطية
السيد مروان الأطرش المنسق العام للكتلة الوطنية الديمقراطية يقول: “المفاوضات وهيئتها مسلسل دولي إقليمي لا أفق له ولا مكاسب، يدور حول ذاته وفقاً لما رُسمَ ويرسم له، لأن المسألة السورية مدوّلة بامتياز”.
ويوضح الأطرش: “هناك تنازلات متتابعة عن سقف المطالب الوطنية، بدأت في جنيف، أي من هيئة حكم انتقالية إلى القرار 2254، وتصل الآن إلى سوتشي واللجنة الدستورية”.
“المعارضة تتميز (برأي السيد منسق عام الكتلة الوطنية الديمقراطية) بفقدان استقلالية القرار، وبفقدان ثقة القواعد الشعبية، عدا عن فقدانها لثقتها بنفسها”. ويضيف الأطرش: “ما زال الائتلاف يتسلح بوهم اعترافات دولية، ودعم دولي”. وإن آخرين مثل منصة موسكو ومنصة القاهرة لا يزالون يتحركون خلف مشروع تقوده موسكو وبعض الدول العربية والإقليمية”.
وينتقد الأطرش دور الدول العربية بالمسألة السورية فيقول: “دور الدول العربية أو بعضها في المسألة السورية عموماً، وكل عملية المفاوضات ينحصر في أطر صراعاتها ومصالحها الإقليمية البينية، وعلى رأسها احتواء الدور الإيراني الذي يمسها ويؤرق مضجعها، ويهدّد استقرار المنطقة كلها”.
وفي إجابته عن المحور الثاني يقول الأطرش: “المرجعية كانت وما زالت تصطدم بعائق هيمنة بعض القوى السياسية وتعدد التنظيمات المسلحة وتبعيتها وتدخل الدول فيها”. ووفق رأي المنسق العام للكتلة الوطنية الديمقراطية: “فإن المرجعية تبدأ من وحدة الوطن والشعب، كل الشعب”. وهذا يتطلب البدء بإنشاء نواة وطنية صلبة منسجمة، يمكن أن تمثّل مركزاً ومرجعاً جاذباً يؤدي إلى تجمع وطني يتمتع بثقة ومشاركة كل أبناء الشعب، كما يقول الأطرش.
المطلوب صيانة القرار الوطني
فدوى العجيلي
عضوة هيئة التفاوض السورية عن المستقلين
تقول السيدة فدوى العجيلي وهي عضوة هيئة التفاوض السورية عن المستقلين: “هيئة التفاوض السورية مؤسسة سورية، وأتمنى أن تعمل كل المكونات داخل الهيئة لصيانة القرار الوطني السوري”. وبرأي السيدة العجيلي: “فإن الأمر لا يعني أنه لا توجد تقاطعات مصالح مع بعض الدول”.
وحول أزمة هيئة التفاوض بعد مرور ما يقارب العام تقول السيدة العجيلي: “الأزمة للأسف لا تزال مستمرة، بسبب الصراعات والمناكفات السياسية بين بعض المكونات داخل الهيئة”. وبرأيها: “فإن الإيجابي في الأمر، هو أنه لا تزال هناك محاولات مستمرة لرأب الصدع وحل الخلاف”.
وحول المحور الثاني، تقول السيدة فدوى العجيلي وهي من مؤسسي التحالف العربي الديمقراطي في الجزيرة والفرات: “كل المؤسسات الثورية والمعارضة منذ بدء الثورة السورية، لم تكن خياراً كاملاً للشعب السوري”. وبرأيها فإن خيارات الشعوب تتم عبر صناديق الاقتراع، وإن هيئة التفاوض هي جزء من وضع مؤسسات الثورة والمعارضة، باعتبار أن أعضاءها غير منتخبين من الشعب السوري”.
وترى العجيلي: “أن الشرعية في حالة هيئة التفاوض تأتي من خلال الالتزام بسقف الثورة وتحقيق أهداف الشعب، وتعتقد أن “قوى الثورة والمعارضة بحاجة إلى مرجعية، وإلى جهة رقابية على أعمالها وتصرفاتها، وأن الوقت قد حان كي تتم الدعوة إلى عقد مؤتمر وطني جامع للقوى الثورية والمعارضة الوطنية، ويكون هذا المؤتمر وما يخرج عنه هو المرجع والرأي المعياري للمؤسسات والمعارضة”.
مؤسسات المعارضة صناعة غير سورية
عبد الباري عثمان
اتحاد الديمقراطيين السوريين.
يقول السيد عبد الباري عثمان وهو قيادي في اتحاد الديمقراطيين السوريين: “هيئة التفاوض كما الائتلاف صناعة غير سورية، وماركة مسجلة باسم الرياض”. ويستغرب السيد عبد الباري كيف سيملكون قرارهم؟!.
وبرأيه فإن النظام في دمشق لا يؤمن بالحل السياسي، وقد عمل مع الروس لاختراق هيئة التفاوض فزرع كل منهما ذراعاً أخطبوطياً، كي يجهضا القرارات الدولية ذات الصلة بالحل في سوريا، وبهذا الشكل أصبحت مكونات هيئة التفاوض بيد الدول النافذة.
ويضيف السيد عبد الباري عثمان: “أما بخصوص الخلافات بين المكونات، فسببها بالدرجة الأولى أنهم لا يملكون قرارهم الوطني، ويخدمون أجندات دول، وهذه يؤدي إلى عدم وجود مرجعية وطنية لهذه الهيكلية المصنعة خارجياً”.
هيمنة المحاصصة
ممتاز الشيخ
مؤسس في التحالف العربي الديمقراطي
يقول الدكتور ممتاز الشيخ وهو مؤسس في التحالف العربي الديمقراطي: “حين ننظر بعين الناقد إلى هياكل المعارضة السورية، وأقول (هياكل)، كي لا اُضطر إلى استخدام مصطلح مؤسسة، فهذه الهياكل فاشلة بجدارة”. وبرأي الشيخ: “فإن هذا الفشل لا تتحمل مسؤوليته المعارضة لنقصٍ في وطنيتها، أو لجهة ضعف في الأداء السياسي لها أو لشخوصها”.
ويتساءل الدكتور ممتاز الشيخ وهو منشق عن النظام من موقعه الإعلامي كمدير للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون: “ما الذي يمكن أن تقدمه المعارضة للدول الأخرى كي تحظى بالدعم اللازم لتحقيق طموحات السوريين؟. فيجيب بنفسه الدول تحركها مصالحها لا المبادئ”.
وبرأي الدكتور الشيخ: “هناك معارضات سورية تلتقي في الأهداف وتختلف في طرق تجسيدها، ولهذا يُضطر الائتلاف وهيئة التفاوض أن يحمل كلٌ منهما بذور عطالته حين تُلزم بتشكيل مكوناتها بحسب رغبات الدول الفاعلة”.
ويشرح الشيخ معنى ذلك فيقول: “أي مبدأ التعيين وليس بناءً على متطلبات الأهداف المراد تحقيقها”
ويعتقد الشيخ أن مبدأ المحاصصة هو المهيمن على أدائها، ولهذا يصعب الرهان على المعارضة وهي لا تمتلك حتى أثاث مكاتب ممثليها.
ويرى الشيخ: أن غياب القيادة التي تحظى باعتراف جمهور المعارضة يشكّل مشكلة، فالمعارضة بعيدة عن الميدان، وبعيدة عن التأثير في القرار، ولهذا لا يمكن الرهان عليها.
ويستدرك الشيخ فيقول: “وهذا لا يعني إنهاء المعارضة، بقدر ما يعني مساعدتها على تجاوز نقاط ضعفها وتصويب أدائها.
الائتلاف وهيئة التفاوض مجرد منصتين
عبد الله حاج محمد
الأمين العام لحزب اليسار الديمقراطي
يقول السيد عبد الله حاج محمد الأمين العام لحزب اليسار الديمقراطي: “الواقع أن هيئة التفاوض فقدت شرعيتها الوطنية حين وافقت على التنازل عن مطلب هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات لصالح السلال الأربع”. ويضيف الحاج محمد: “قفزت هيئة التفاوض فوق الترتيب الذي وضعته الأمم المتحدة لصالح اللجنة الدستورية، التي أقرها مؤتمر سوتشي الروسي، وتحولت الهيئة والائتلاف إلى منصتين من منصات المعارضة التي تخضع لمصالح دول مختلفة، بدلاً من المصلحة الوطنية”.
ويعتقد الأمين العام لحزب اليسار الديمقراطي السيد عبد الله حاج محمد: “أن الائتلاف تخلى عن دوره الوطن حين اعتمد نتائج مساري سوتشي وأستانا.
وحول المحور الثاني يقول السيد عبدالله حاج محمد: “الصراع في هيئة التفاوض سببه التنازل عن الحالة الوطنية لصالح الحالة التي تحقق مصالح الدول”. ويرى في الأمر: “أن تمترس كل مجموعة حول ذاتها وبحثها عن مصلحة مجموعتها، وليس عن مصلحة الوطن ككل”.
ويعتقد الحاج محمد: “أن كل مجموعة تستقوي بالدولة التي تتبع لأجندتها، من أجل بقائها في مناصبها ومكتسباتها، ولهذا عمدت إلى استبعاد كل القوى الوطنية الديمقراطية، والشخصيات الوطنية الحقيقية”.