عن تلك التفاصيل في السياسة الاستحقاقات، والنساء في ساحة النضال النسوي والنسائي القديم الحديث النشأة، في كل زمان ومكان جيل بعد جيل، بين الشغف لحياة مدنية واجتماعية وثقافية أكثر إنصافاً وإنجازاً، والطموح نحو مشاركة سياسية مؤثرة للنساء في الحالة السورية المعاصرة.
ففي تبدل آراء السوريين والسوريات حول المشاركة في قضايا الشأن العام بعد اندلاع الاحتجاجات السورية، أي الاهتمام بكل ما يحدث في الحياة المدنية لما يجري على الأرض فكل يوم يمر على السوريين والسوريات منذ عام 2011 يحمل صفة سياسية.
حيث ورد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”المادة 19:
“لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود.” (استمع إلى الـ “بود كاست”).
https://drive.google.com/file/d/1AluSvxaeCf9DfWad6vdbIRf0pzOqOj1T/view?usp=sharing
قالت السيدة نسرين الريش عضو مجلس إدارة منظمة جنى وطن: “السوريون والسوريات قبل اندلاع الثورة لم يمارسوا السياسة، باستثناء قلة قليلة منهم، بسبب الاضطهاد والقمع ومخاطر الاعتقال، مخاوف كان أساسها الحيطان لها آذان “كما يقولون”.
ومن خلال حديث السيد منذر السلال المدير التنفيذي لوحدة دعم الاستقرار حول طرح قضية الشأن العام “أصبح هناك ولاء للبلد والوطن لأن كل شخص بأني شاركت وضحيت بدم أو اعتقال، هنا كان الشغف للمشاركة التي كانوا محرومين منها لعقود طويلة وأصبح كل شخص يستطيع الحديث عن جغرافيته التي ينتمي لها وعن معاناتها واحتياجاتها والبحث عن الحلول هذا يعزز الانتماء للقضايا التي تعرف بالشأن العام.”
ومن خلال التنبؤ بالمشاركة التي تخلق رمزاً نسائياً قيادياً وتطور الأعراف المجتمعية في المشاركة السياسية للمرأة، فإننا نرصد جزء من الإجابات في الاستبيان المخصص لغرض هذا التحقيق.
هل تعتقد/ين بأنه سيكون لدينا شبيهة ميركل وفاطمة شاهين في صنع التغيير النوعي في المشاركة السياسية للمرأة في الحالة السورية؟
كانت النتيجة: 45% من الأصوات قالت نحتاج إلى بعض السنوات فقط.
بينما 40% قالت نعم بالتأكيد.
و10% فقط قالت لا أعتقد ذلك.
ونستشهد بما قالت نسرين الريش: “تكمن مواطن القوة، بإعطاء المرأة أدوات المشاركة وامتلاك المعرفة بما يتعلق بالمشاركة السياسية وفي التغيير الفكري والاعتقادات الكامنة في العقول للمجتمعات بشكل عام تجاه مشاركة المرأة في السياسة، وهذه البرامج رغم حضورها لكن يمكننا القول إن تأثيرها لا يملك الأفق الواسع لأن الأدوات مازالت ليست عملية بشكل كافي لتحصل للمرأة السورية القدرة الجيدة لكي تتغلغل في وعي المجتمع دماء جديدة تتقبل المشاركة في المحافل السياسية.”
وفي ذات الحديث عن برامج التمكين السياسية رأي آخر من الدكتور زين العابدين يقول فيه: “هنالك تيار متنامٍ في الغرب يرى بأن تخصيص المرأة ببرامج سياسية هو في حد ذاته “تمييز”، فالأصل هو عدم وجود أية فوارق في الانخراط بالشأن العام، ولا شك في أن تمييز المرأة ببرامج محددة يضعها ضمن دائرة مجتمعية أو سياسية تختلف عن سائر فئات المجتمع، وهو تمييز بحد ذاته.”
ويتابع السيد السلال: “نعمل في برامج تمكين سياسي للنساء من خلال الورشات والندوات المستمرة لكي يعود علينا بأن تظهر نساء قويات قادرات للتعبير والحديث عن هموم النساء الحقيقية”.
والسؤال هنا كيف يمكن أن نجعل خطابات النساء وقوداً دائم الاشتعال لنجاح المرأة؟
في مشاركة الأستاذة شيرين علي طالبة بكالوريوس في العلاقات الدولية والعلوم السياسية تقول: “علينا كنساء أن نعرف كيف ندعم بعضنا بعضاً، وكيف نصبح شريكات في المصالح والنجاحات والإنجازات المشتركة ونصدر أعمالنا إلى المجتمع بعين القوة الحقيقية لنا”.
وتضيف الأستاذة كوثر قشقوش الناشطة المدنية في مدينة الباب: “خطابات النساء تكون فاعلة عندما تكون نوعية، تبين ما تريده وما تستطيع النساء قوله في مجتمعاتها المحلية لدى آذان السلطات المحلية والقرارات الدولية لكي تأخذ منحى التمكين السياسي للنساء على مستوى أوسع وهذا ما يصنعه إصرار النساء على أهدافهن والإيمان بعدالة قضاياهن.”
وفي حديث السيد منذر السلال “الخطاب النسائي والنسوي الذي يحتوي على مصطلحات ليست لدى الثقافة المحكية للناس البسيطة فهي تشكل ردة فعل تجاه النساء عموماً والنسوية خصوصاً فتلك الخطابات يجب أن تكون آمنة ومن نماذج نسائية قريبة من المجتمع السوري الذي يتسم بطابع المحافظة ولا يخفى ذلك على أحد.
ويتابع الحديث عن تداول المصطلحات في الخطابات مثل مصطلح الجنسانية فهي تعني الجنس البشري الذكر والأنثى فقط ولكن الناس الذين قد يكونون شبه متعلمين أو غير متعلمين لا يفهمون هذا المصطلح ببساطة، وهو ما يذهب بهم إلى تفسير إباحة الحرية الجنسية والحديث عنها، ويرفضون المنطق النسائي والنسوي، ويقرنوه بالانحلال الأخلاقي والشذوذ وهذا ما سمعه فعلاً على حد تعبيره وهذا خطأ التفسير والتأويل من الناس وخطأ ممن يستعمل مصطلحات قد لا تفهم جدياً فتسيء إلى الخطاب النسوي على حد قوله أيضاً.
ويضيف الأستاذ علاء الدين حسو مدير إذاعة فجر في عينتاب في هذا المنحى “يجب لا يقتصر خطاب المرأة على المظلومية، هي موجودة، ولا شك بأنه هناك نساء لا يحصلن على حقوقهن، وعلى المرأة أن تشارك بكل هموم المجتمع وقضاياه ومشاكله، وتتصرف بذهنية التفكير بالحلول للجميع، وألا تكتفي بالدفاع عن نسويتها بل الدفاع عن الإنسانية جمعاء”.
وبين ثنائية القانون والسياسة من يهندس المشاركة السياسية للرجال والنساء معاً
حيث يقول السيد الحسو “إن الفكر السياسي وحده من يهندس المشاركة السياسية، وعلينا أن نمتلك هذا الفكر الذي يحرك القانون لسن قوانين تؤطر السياسة بشكل أفضل”.
وتضيف الأستاذة لينا الشواف الإعلامية ومديرة راديو روزنة في غازي عينتاب “إن القانون وتكرر هذه الكلمة ثلاث مرات، في الحالة المدنية السليمة يسبق السياسة ويسبق المشاركة، وعليه أن يكون فوق الجميع ويأخذ الجميع مفاعيله من روح القانون، فهو من يهندس المشاركة السياسية للرجال والنساء قبل أي اعتبار آخر”.
ويضيف الدكتور زين العابدين “لا تمتلك الجمهوريات العربية المعاصرة إرثاً من قيم الديمقراطية والحكمة القانونية يُمكن الاعتداد به في إنفاذ بنود الدساتير لصيانة الحقوق المدنية والسياسية، ولا تزال المجتمعات العربية تواجه صعوبات كبيرة وفجوة في تطبيق المواد النصية (القوانين والدساتير) على أرض الواقع”.
ومما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 7:
“الناسُ جميعًا سواءٌ أمام القانون، وهم يتساوون في حقِّ التمتُّع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حقِّ التمتُّع بالحماية من أيِّ تمييز ينتهك هذا الإعلانَ ومن أيِّ تحريض على مثل هذا التمييز.”
نضيف إلى تلك التصريحات المهمة حول الحقوق المدنية والسياسية في الدستور في السؤال في الاستبيان المخصص لهذا الغرض الصحفي.
كيف يمكن أن تحقق النساء المؤثرات القدرة لحل مشاكل النساء العامة في القطاع السياسي؟
فكانت 70% من الإجابات بوجود حالة من الفهم الحقيقي للحقوق المدنية والسياسية.
وفي الانطلاق الدائم من الحالة السورية السياسية نقوم بالسؤال عن وجود التراكم المعرفي لأنه من يشكل السلوك السياسي فيما بعد، لأننا بحاجة إلى سلوك سياسي يكون قادرا” على ابتكار الحلول.
فتقول الأستاذة علي: “إن الحالة السورية الحالية التي لم تكن قادرة على أن تستند على الزاد المعرفي اللازم، ليحكم ما يجري على الأرض بحكمة فكان صوت العنف عالي وطالنا هذا الصوت جميعاً”.
وتقول أيضاً الأستاذة قشقوش: “السلوك السياسي ظهر منذ بداية الحراك الثوري، الذي شكّل عاملاً أساسياً برفع الوعي بشكل فعلي، من خلال التنسيق والتنظيم والمشاركة والعمل على الحلول السياسية من خلال المؤتمرات والندوات والإعلام الحربي والسياسي ومناصرة القضايا السورية لدى المحافل الدولية والدبلوماسية، والمجتمع المدني النشيط هو عراب هذا السلوك الموجود اليوم”.
ومع هذا الطرح في التراكم المعرفي مع ما يرافقه من السلوك السياسي فإني أذهب إلى ما هو أبعد من ذلك ألا وهو كيف يصنع هذا السلوك استحقاقات جيدة للسوريين والسوريات؟
تقول السيدة الريش: “السلوك السياسي الذي ينمو في بيئة ديمقراطية وحرية تعبير حقيقية، والمشاركة على الفهم المعرفي الصحيح لكل المشاكل والعقبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، والثقافية والنفسية والفكرية، وعميق للمطالب المحقة للمواطنين والمواطنات، هو ما يصنع استحقاقات جيدة ويبني سورية ذات التعددية والمواطنية”.
ويضيف السيد سلال: “بأننا اليوم لا نستطيع صنع مكاسب واستحقاقات جيدة للسوريين والسوريات بما ندر فعلاً، لأن الحل السياسي أصبح بيد دول وجيوش على الأراضي السورية، وعندما تنزاح المواقف الحالية واللاعبين الحاليين، قد نحصل على معطيات جديدة تنذر باستحقاقات مغايرة لما هي عليه اليوم”.
وخلاصة القول: إن الحالة السياسي والتراكم المعرفي في علاقة متناغمة يرافقها عامل الزمن من أجل نجاح المشاركة السياسية للمرأة.
ومن خلال استبيان أجاب عليه عشرون شخصاً من النساء والرجال:
هل تعتقد/ين أن النساء السوريات المؤثرات ستنتج حالة سياسية من وجهة نظر سورية في النسوية السياسية؟
كانت الإجابات بنسبة 45%، نحتاج إلى بعض السنوات فقط.
وبينما 40% من الإجابات، نعم بالتأكيد.
و15% “لا أعتقد ذلك”
وفي الواقع نرى من يقوم بتشويه القيم السياسية مثل حرية التعبير والتعددية السياسية، ولا يخفى على أحد كيف تبث السموم في الأذهان عن التجييش ضد هذه القيم بأن الشعب السوري مازال غير مؤهلاً مرة وكيف يصور على أن هذه القيم غربية ولا تناسب طبيعة المجتمعات الشرق أوسطية مرة أخرى، عبر وسائل الإعلام وخطابات الزعماء والسياسيين ومن لف لفيفهم.
ومن هذا الشرح أنطلق إلى تصريح الأستاذة الشواف: “إن من يتعمد تشويه القيم السياسية هم المستفيدين من هذا الوضع، أمراء الحروب والسياسيين لبقاء الوضع كما هو عليه، كيلا تذهب مكاسب السلطة اليوم من بين أيديهم”.
وتتابع حديثها” “قبل حدوث ذلك فإن طرق التربية الأولى والنظام التعليمي الذي خضعنا له، مضافاً إليه النظام الأبوي والسلطوي الذي عشناه جميعاً نساءً ورجالاً، هو ما بنى لنا القيم السياسية التي نحن عليها اليوم وواحدة من القيم التي نؤمن بها في مجتمعنا، هي أن النساء لا تملك أحقية في السياسة والقيادة لاتهامها بالعاطفة وعدم القدرة على اتخاذ قرارات قيادية بمهنية، كل هذا الموروث هو ما يؤثر في تشويه القيم السياسية”.
ومن زاوية أخرى في هذا الصدد يقول الدكتور زين العابدين: “لا أعتقد أنها عملية “تعمد” تشويه للقيم السياسية، بقدر ما هي أفكار تنتمي إلى مراحل سابقة، ويرى المؤمنون فيها صعوبات بالغة في قبولها، أو إدماجها في المنظومة الفكرية والمجتمعية الجديدة، ونحن اليوم أمام فرض تحولات كبرى في مرحلة العقد الثالث من الألفية، ولا تزال فئات كثيرة ومنها النخب غير قادرة على مواكبة تلك التحولات وأدوات هذه المرحلة.
كما أضافت السيدة الريش: “إن التشويه للقيم أنتج المشاكل التي نعاني من استمرارها وتداعياتها على جودة حياتها وجودة الظروف التي نمر فيها أينما صراحة، والمشاعر السلبية تجاه الحياة المعيشة من قلق وفقدان الثقة وضعف الاهتمام”.
وتضيف السيدة علي: “الحل السياسي السلمي الذي لم يوجد على طاولة الحلول السورية، يزيد تعقد المشاكل والقيم يوماً بعد يوم، إننا محكومون في هذا الواقع الذي يزداد صعوبة ويزيد من معاناتنا جميعاً.
وفي البحث والتساؤلات هناك، نسأل أنفسنا كيف يؤثر تشويه القيم السياسية على المشاركة السياسية على الرجال عامة والنساء بشكل خاص؟.
تقول السيدة الشواف: “إن استمرار المنظومة الأبوية وتحويل الرجل الذكر إلى رمز القيادة وما يوازيه من نقيض بأن المرأة الأنثى هي ليست للقيادة وتتصف بالعاطفة والتهور، هو ما ينسف كل القيم السياسية أمام من يريد المشاركة السياسية والتأثير في الشأن العام ومقولة “إنه شعب ما بلبقله” أي لا يعرف معنى الحرية والديمقراطية واتخاذ القرار، هي ما تعود بإرادة المشاركة للرجال والنساء أدراج الرياح وخاصة للنساء فيتم استهدافهن بشكل أقوى في هذا التصنيف فالتأثير يصبح مضاعفاً”.
وفي نفس الحلقة تضيف السيدة حج يوسف “إن تصفية الحسابات السياسية الدائمة والإقصاء وخلق الفوضى في كل مكان وكل محفل، من شأنه أن يمرر الضرر على إيمان الجماعات والشخصيات والأشخاص العادية في القيم السياسية التي تستطيع أن تجلب الخلاص للجميع”.
وتتابع: “هذا ما يجعل المشهد بوابة لدخول الانتهازيين وأمراء الحروب في استلام زمام المبادرة والتحكم في مقاليد المستقبل السياسي للبلاد فهنا مرمى التراجع واللاحلول لنا جميعاً نساءً ورجالاً”.
وبالإضافة إلى الاستعراض العام للسلوك السياسي والقيم السياسية وغيرها من الأفكار التي نوقشت مع المشاركين والمشاركات، فإننا نكمل في السياق السياسي ألا وهي عملية المناصرة التي تعتبر عملية إبقاء القضايا عادلة ومحقة في نضال الشعوب ودفاعهم، واستمرار جذب المدافعين والمدافعات من أجل أصحاب الحقوق عبر الزمن.
من خلال سؤال الاستبيان: كيف تصبح مناصرة قضايا النساء حقيقية وذات أثر واضح برأيك؟.
55% من الإجابات: أن تصنع النساء المؤثرات سيناريو حلول يكون صلة وصل بين عقلية صناع القرار ومشاكل النساء.
25% من الإجابات: إيصال النساء المؤثرات إلى مراكز صنع القرار بشكل صحيح.
بينما 15% فقط: يجب طرح قضايا النساء في المحافل الإقليمية والدولية.
تمّ إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”، “صحفيون من أجل حقوق الإنسان”https://linktr.ee/jhrsyr