fbpx

عن أحاديث النساء في الكتب والإنترنت

0 350

المعرفة ملح العقل وعلى أسسها تبنى الأهداف وتتوالى الحلول للتحديات والعقبات المستمرة، ولاسيما ما يواجه اللاجئين بشكل عام واللاجئات بشكل خاص، فهن الأمهات المعلمات والباحثات، وعليه من خلال الأدوار نستعرض كيف تتعامل النساء اللاجئات مع موضوع الحرص على تعلم اللغة الأم والمطالعة بها لأطفالهن من جهة، ولأجل معرفة العديد من جوانب التحديات الثقافية التي تواجه اللاجئين واللاجئات بين ثنائية الأدوات ألا وهي الكتب والانترنت.

ورد في المادة 15 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والثقافية:

1- تقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن من حق كل فرد أن يشارك في الحياة الثقافية.

2- تراعى الدول الأطراف في هذا العهد، في التدابير التي ستتخذها بغية ضمان الممارسة الكاملة لهذا الحق، أن تشمل تلك التدابير التي تتطلبها صيانة العلم والثقافة وإنماؤهما وإشاعتهما.

ومن أجل الوصول إلى آراء وأفكار تشاركية ضمن المقال استطعنا التواصل مع شخصيات مشاركة في هذا النقاش حول الكتب والإنترنت، وأيضاً الوصول إلى آراء عينة من المجتمع السوري الموجود في تركيا عبر استبيان إلكتروني حول هذه القضية.

ففي العصر الحالي حيث ظهور الأشكال الإلكترونية للكتب إلى جانب الكتاب بشكله الكلاسيكي الورقي فقد سألنا الكاتب يحيى السيد عمر: “يعد الكتاب الالكتروني والورقي بذات القيمة المعرفية، لكن هناك علاقة عاطفية بين القارئ والكتاب الورقي، خاصة أن القراء يميلون لطقوس محددة خلال القراءة تمنحهم نوعاً من الرضا الداخلي، إلا أن للكتاب الالكتروني مرونة عالية تجعل بالإمكان القراءة في أي مكان وأي وقت”.

وفي استبيان جرى العمل وفق عينة من 42 مشاركاً، سألنا ما هي مصادر المطالعة الأساسية لديك؟

فكانت النتيجة 52% من المواقع الإلكترونية

19% من الكتب الإلكترونية

28.6% من الكتب الورقية

وفي الوقوف عند مسؤولية الأمهات والمؤثرات والمعلمات في تعلم الجيل الجديد اللغة العربية والمطالعة بها أضافت المحامية زهراء عمر “أعتقد أن أفضل وسيلة هي ربط ذاكرة الأمهات بتاريخهن وتراثهن وعملية نقلها للجيل الجديد.

أما عن المؤثرات، فهي الخطابة وفصاحة اللسان باللغة الأم، ما يثير فضول الجيل الجديد للبحث في بحور اللغة العربية والتركيز على أن التعبير عن المشاعر والكينونة الإنسانية تكون لصيقة باللغة الأم.

تنظيم مناظرات باللغة العربية بمواضيع تكون محط اهتمام الشباب والشابات بحيث يكون قيمة مضافة لترسيخ اللغة العربية”.

ونذكر ما جاء في المادة 26 في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:

للآباء، على سبيل الأولوية، حقُّ اختيار نوع التعليم الذي يُعطى لأولادهم.

ومن زاوية أخرى من علاقة الكتب والإنترنت مع التحديات الثقافية فإننا سألنا عن دور النساء الباحثات في تسليط الضوء وإيجاد الحلول في دول اللجوء.

ويضيفالسيد عمر “المرأة الباحثة أقدر من غيرها على معرفة بعض التحديات، خاصة تلك التي تواجه النساء والأطفال في الناحية الثقافية على وجه الخصوص، فالباحثون الرجال قد يكونون بعيدين نسبياً عن هذه التحديات، وهذا يعني أن للباحثة دورين هنا، دور علمي تتقاطع به مع الباحث الرجل، ودور اجتماعي تتفرد به، وهذا الأمر ينسحب بشكل مباشر على بيئات اللجوء كون المرأة على صلة وثيقة بغالبية هذه التحديات”.

ومن إحدى أسئلة الاستبيان كان لدينا السؤال التالي: ما هي القضايا المفضلة للمطالعة للنساء داخل مجتمعات اللجوء في رأيك؟

تقول الكاتبة والروائية فوزية الدرد: “أعتقد أن عصرنا هو عصر الصورة، لذلك من الضروريّ أن تكون طروحتنا وأبحاثنا الثقافية والاجتماعية متماشية مع ما يعتمد عليها الجمهور في حياته اليومية بأسلوب المعلومة مرنة التداول”.

وضمن سؤال آخر طرحناه على العينة المستهدفة في الاستبيان: كيف نواجه تحديات التمكين الثقافي للسوريين والسوريات في مجتمعات اللجوء؟

بنسبة 64.3% قالت كما هو موضح في الإنفوغراف التالي:

بتنشيط حركات الترجمة والتعريب للكتب والروايات بشكل دائم، وتنشيط حركات التأليف والنشر باللغة العربية في شتى مجتمعات اللجوء، دعم المنصات الافتراضية التي تدرس باللغة العربية ودعم المواهب الأدبية والفكرية في المنصات والبرامج في المجتمع المدني وأخيراً يكون بتمويل المكتبات ودور النشر والمعاهد التعليمية بقروض من المنظمات والهيئات السورية.

بينما تم التصويت فقط بنسبة 11.9% لأجل تنشيط حركات الترجمة والتعريب للكتب والروايات بشكل دائم.

وبذات النسبة تم أيضاً التصويت لأجل دعم المنصات الافتراضية التي تدرس باللغة العربية.

وفي متابعة النقاش عن أهمية دور النساء المناصرات لأجل إرسال رسائل نوعية لصناع القرار في دول اللجوء لتسهيل خدمات دور النشر والمكتبات والمبادرات التعليمية والأدبية باللغة الأم لأجل اللاجئين واللاجئات، تعتقد الدرد “أن أمراً كهذا لا يتمّ من خلال جهود فرديّة، وإنّما من خلال دعم مؤسّساتيّ حين تدعم جهة ما أو مؤسّسة ما مبادرة ثقافية من هذا النوع في دول اللجوء، وتحرص على تغطيتها إعلامياً ونشرها على أوسع نطاق عندها يمكن أن يصل صوتنا لصنّاع القرار”.

من جهتها تقول المدربة في فريق مسير التطوعي بتول الربيع: “من الأهمية بمكان إبراز حقوق الإنسان الثقافية ولا سيما اللغة الأم منها بغض النظر إن كانت هذه اللغة عربية أو غير ذلك وبغض النظر عن جنسية هذا الإنسان ومكان إقامته كما هي الحقوق الأخرى مثل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولابد من التنويه الدائم بأنها مسؤولية مناصري قضايا مجتمعاتهم والنساء على وجه الخصوص لأنهن يحملن تفاصيل اللغة والهوية والسياسة والمناصرة كلها معا في مرمى واحد”.

وفي زاوية معالجة التحديات الثقافية داخل مجتمعات اللاجئين واللاجئات سألنا خالد الوهب مدير دار نون4، ومدير تحرير صحيفة نينار برس، عن حاجة وجود مكتبات ودور نشر باللغة العربية فقال: “وجود اللاجئين السوريين في مدينة غازي عينتاب وغيرها، يحتاج وجود مكتبات ودور نشر عربية، نظراً لوجود قراء – على قلتهم – ووجود مهتمين ومتخصصين، يحتاجون الكتب العربية لأبحاث أو دراسات أو لإتمام تعليمهم العالي.. إلخ، كما أن الحاجة للكتب العربية لا تقتصر على السوريين فقط، فالأتراك يدرسون اللغة العربية في جامعات تركيا، وهناك أعداد ليست قليلة، ومنهم من يتابع تعليمه العالي ليحصل على درجة الماجستير والدكتوراه”.

وفي متابعة النقاش التحديات المتعددة في استمرار العمل المكتباتي، حيث يضيف علي النعيمي صاحب مكتبة دار الأصيل في مدينة غازي عينتاب: “أكثر ما نعانيه نحن في تركيا ضمن عملنا في مجال الكتاب العربي، أنه لا يستهدف معظم شرائح المجتمع التركي، وإنما المستهدف الوحيد هم اللاجئين السوريين وغالبيتهم دخلهم المادي لا يعينهم على شراء الكتب، أضف إلى ذلك أن الكتاب مستورد من خارج تركيا وسعره مرتفع جداً، مقارنة بالكتب التركية، ومن أجل الاستمرار نحن نقوم بعمل تخفيضات عديدة على الكتب للتشجيع على القراءة ونضيف كتب الأطفال ومن جهة أخرى نبحث عن التنوع في الكتب ولا نقتصر على نوع معين”.

ومن خلال السؤال خلال الاستبيان: ما هي عقبات الحصول على الكتاب باللغة الأم في مجتمعات اللجوء؟

كانت النتيجة على الشكل التالي:

42.9% بسبب غلاء الأسعار.

23.8% بسبب قلة عدد المكتبات المتاح الوصول إليها.

19% قلة عدد المواضيع المتاحة في الكتب المعروضة.

14.3% بسبب وجود الكتاب الإلكتروني.

ومن ضمن الحديث مع الوهب، طرحنا سؤال حول علاقة الارتباط بالوطن وهل من الممكن أن تكون المكتبة هي عراب هذا الحنين، يجيب: نعم.. تلعب المكتبة والكتب دوراً مهماً في تذكير الناس بوطنهم والمحافظة على لغتهم الأم، لكنها ليست الوحيدة، فنحن الآن في عصر ثورات متلاحقة في مجال الاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي، وهي تساهم المساهمة الأكبر في نشر المعلومة والخبر إضافة إلى الكتب بسرعة متناهية، وأعتقد أنها أضحت تقوم بالدور الأبرز في هذا المجال.

ونذكر المادة 27 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التالية:

لكلِّ شخص حقُّ المشاركة الحرَّة في حياة المجتمع الثقافية، وفي الاستمتاع بالفنون، والإسهام في التقدُّم العلمي وفي الفوائد التي تنجم عنه.

ومن خلال سؤالنا عن تفضيلات النساء بشكل خاص ومقتنياتها من الكتب التي تبحث عنها النساء في المكتبات المتاحة في مدينة غازي عينتاب، يضيف النعيمي: “من خلال عملي في المكتبة فإن الأكثر طلباً، وهي على الترتيب الروايات العربية – كتب التنمية والتربية – الكتب الفكرية – الكتب الإسلامية -الكتب السياسية”.

من جهته يقول الوهب: “أعتقد أنه لا توجد كتب خاصة بالنساء وأخرى بالرجال، القارئ واحد سواء كان امرأة أم رجلاً، وكل حسب اهتمامه، القارئ العادي يقبل على كل ما يستهويه أو يعتقد أنه الأفضل بالنسبة له، أما المتخصصون، فيبحثون عما يخدم مجال تخصصهم.

من خلال مشاركاتي في معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، لم أجد فرقاً بين ما يستهوي الرجال أو النساء من الكتب.”

وفي سؤال الاستبيان الأخير “هل تعتقد/ين بأن هذه التحديات والصعوبات المذكورة أعلاه تنطبق أيضاً على النساء السوريات اللواتي يتحدثن باللغات الحية الأخرى مثل الكردية والتركية والسريانية إلى جانب تحديات الحفاظ على اللغة العربية؟”

أجاب نسبة 61.9% بنعم

ومن خلال الاستبيان والآراء المطروحة نستنتج أن الجوانب الثقافية التي تشارك فيها المرأة السورية التحديات والعقبات، بأهمية بمكان أن تلقى اهتماماً مضاعفاً، لما لها من تأثير على مختلف المجالات الإنسانية والاجتماعية والفكرية، وتعد الاهتمامات الثقافية من اعتبارات وأدبيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق السياسية والثقافية، وعليه نرى من واجبنا أن نبقي اللغات الحية في النسيج الوطني ممتدة في جذورنا وكتابتنا وأبحاثنا.

تمّ إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR”، “صحفيون من أجل حقوق الإنسان” https://linktr.ee/jhrsyr

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني