fbpx

عشر سنوات من الانتهاكات المستمرة لحقوق الطفل في سوريا، والمجتمع الدولي يفشل في وضع حد لإيقافها

1 581

تعرَّض الأطفال في سوريا على مدى السنوات العشر الماضية لمختلف أنواع انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني دون أي تمييز بين الأطفال والبالغين من قبل الأطراف المتحاربة، وبدون مراعاة لخصوصية الأطفال وحمايتهم تحت القانون الإنساني الدولي. بل لا تكاد ترتكب انتهاكات فظيعة بحق المجتمع السوري دون أن يسجل ضمنها أطفال، وتبقى الانتهاكات الفظيعة مثل القتل خارج نطاق القانون، الاعتقال التعسفي، التعذيب، العنف الجنسي، التجنيد، التشريد، الحرمان القسري من التعليم، هي الانتهاكات ذات الأثر الأشد خطورة على الأطفال والأكثر ضرراً على مستقبلهم ومستقبل المجتمع والدولة السورية. 

بمناسبة إطلاق التقرير السنوي التاسع عن الانتهاكات بحق الاطفال في سوريا، أقامت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أمس الجمعة 22 كانون الثاني 2021 ندوة عبر منصات التواصل الاجتماعي بعنوان “أطفال سوريا.. الأمل المفقود”.

افتتحت الندوة السيدة فالنتينا فالكو بقولها: “بدأت الثورة السورية في آذار 2011 باعتقال النظام السوري مجموعة من أطفال مدينة درعا جنوب شرق سوريا لكتابتهم على الجدران كلمات مناوئة له، ثم حادثة قتل الطفل حمزة الخطيب والتمثيل بجثته، ثم قتل أطفال حلب، وليس آخرهم الأطفال الذين تجمدوا في مخيمات النزوح في شمال سوريا. حتى أصبح قتل الأطفال علامة فارقة في المأساة السورية” 

وأضافت السيدة فالكو رئيسة فريق حماية الطفل، في قسم عمليات السلام التابع للأمم المتحدة:” إن التقرير السنوي التاسع لانتهاكات حقوق الطفل في سوريا الذي تطلقه الشبكة السورية لحقوق الإنسان يصرخ في وجوهنا بأنه لايزال الأطفال في كل سوريا يقتلون ويعذبون ويمثل بجثثهم ويمنعون من الرعاية الصحية والتعليم، وهذا شيء مرعب يجب أن يهز الضمير العالمي، على حد تعبيرها.

بينما تحدث السيد مارتن ليسر، فريق سوريا، السفارة الألمانية في بيروت عن معاناة الأطفال في سوريا نتيجة الحرب والقمع والتصرفات الفظيعة من قبل النظام السوري وجميع أطراف النزاع المنخرطة في الصراع السوري بقوله: “إن معاناة الأطفال في سوريا من القتل والتعذيب حتى الموت تتجاوز تصورنا وخيالنا، ولا يمكن اختزالها بأرقام وبيانات فقط، إنها حياة أرواح تم إزهاقها.” 

وعبر السيد مارتن عن فشل المجتمع الدولي بإنهاء النزاع في سوريا في عامه العاشر بقوله: “لوكنا في عالم إنساني أكثر عدلاً لما كانت معاناة الأطفال في سوريا موجودة.”

وأشار السيد مارتن إلى أهمية توثيق انتهاكات حقوق الإنسان بقوله: “إن هذه التوثيقات تمثل أدلة ثابتة لمحاسبة الذين يقومون بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتساهم في تحقيق العدالة ومكافحة الإفلات من العقاب، وتحقيق المصالحة الوطنية في سوريا.”

وأكد السيد مارتن: “إن الجرائم التي تحدث ضد الأطفال في سوريا لن تذهب أدراج الرياح، وسوف تبقى في أذهاننا، ويجب أن يحاسب المجرمين.”

واختتم السيد مارتن كلمته: “إننا نفكر بالأشخاص المحبوسين في السجون، والنازحين في المخيمات، والذين يظنون أن أصواتهم لا تسمع، وإن لم نستجب لنداءاتهم فنحن نخون القيم التي نؤمن بها.” 

أما الدكتور ترويلز جيسلا إنجل، كبير مستشاري تحقيق الاستقرار في سوريا في وزارة الخارجية الدنماركية فقد وصف الأزمة في سوريا بأنها كارثة من صنع الإنسان، وأن الأطفال في سوريا يقتلون ويعذبون في المعتقلات بشكل متواصل، وهذا أمر غير مقبول.

وأوضح السيد إنجل عظم الكارثة في سوريا بقوله: “من المحزن أن يتجاوز عدد القتلى من الأطفال في سوريا ثلاثين ألف طفل قتيل، وأن يتحولوا إلى مجرد أرقام وإحصائيات، وننسى أن هؤلاء بشر وأن خلفهم عائلات تحزن عليهم، وتتأثر بقتلهم.”

وأكد السيد إنجل على أولوية الاهتمام بأطفال سوريا، ومساعدة الأطفال المحتاجين وعائلاتهم مشيراً إلى أن حرمان جيل كامل من أطفال سوريا من الخدمات الأساسية كفقدان الرعاية الصحية، والحرمان من المياه الصالحة للشرب، والحرمان من التعليم ينبئ بمستقبل صعب جداً لسوريا.”

وختم السيد إنجل برفضه أن يفقد الأمل موضحاً أن استقرار سوريا المنشود واستقرار المنطقة يعتمد على استقرار هؤلاء الأطفال، وإنهاء معاناتهم، ويتم ذلك من خلال العمل على إيقاف انتهاكات حقوق الأطفال في سوريا والتأكد من محاسبة الأشخاص الذين يقومون بهذه الجرائم.

في حين عبرت السيدة بولا ساسترويجوتو، نائبة المبعوث إلى سوريا في وزارة الخارجية الهولندية، عن قلقها لاستمرار الوضع المتردي في سوريا للعام العاشر بقولها: “إنها فترة طويلة، أن نصل للتقرير السنوي التاسع لانتهاكات حقوق الطفل في سوريا، وأن نقرأ الأرقام المرعبة فيه، التي تظهر جسامة الوضع في سوريا، مع نظام دموي لا يهمه أي شيء، يقصف شعبه، ويقتل الأطفال.” 

وأوضحت السيدة بولا مستشارة وزارة الخارجية الهولندية أن محاسبة المجرمين هي من أولويات السياسة الهولندية، مؤكدة أن الحكومة الهولندية تعمل على منع المجرمين من الإفلات من العقاب، مشيرة إلى الانتهاكات الجسيمة التي يقوم بها النظام السوري، والتي يجب ألا تمر دون عقاب، وأن تتحقق العدالة لجميع الضحايا في سوريا، وخاصة الأطفال بحسب تعبيرها.

وأوضحت السيدة بولا أنه تم إبلاغ الحكومة السورية في أيلول 2020 بقرار محاسبة سوريا وفق القانون الدولي، ويتم الآن مراجعة التوثيقات المختلفة التي تصل من المنظمات التي تعمل بهذا المجال، ويتم إحالتها إلى المحكمة الدولية.

وختمت السيدة بولا بدعوة جميع الدول للعمل على محاسبة الحكومة السورية وفق لأحكام اتفاقية حقوق الطفل.

وتحدث السيد فضل عبد الغني، المدير التنفيذي في الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن تعرض الأطفال في سوريا لكل أنواع الانتهاكات لحقوق الإنسان على يد جميع الأطراف، مشيراً أن بعض هذه الانتهاكات استهدف الأطفال لكونهم أطفال.

وأضاف السيد عبد الغني أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان طوال السنوات العشر الماضية توثق الانتهاكات المباشرة على الأطفال في سوريا، من القتل العشوائي، والحبس التعسفي، والقتل تحت التعذيب والتجنيد الإجباري، والعنف الجنسي ضد الأطفال داخل وخارج مراكز الاعتقال وتنشر تقريرها السنوي في اليوم العالمي للطفل في20 تشرين الثاني من كل عام.

وأوضح السيد فضل عبد الغني أن ما يتعرض له الأطفال في سوريا من الصدمة النفسية والحرمان من التعليم، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، إضافة إلى العمالة القسرية، والزواج المبكر، والزواج القسري وهي انتهاكات ممنوعة وفق الاتفاقيات الدولية تحتاج إلى تقارير أخرى مركزة.

وبين السيد فضل عبد الغني أن القتل هو الانتهاك الأساسي في سوريا، حيث وثقت الشبكة السورية لحقوق الانسان منذ آذار/2011 حتى كانون الثاني/2021 قتل ما لا يقل عن 29406 طفلاً، والذي يشكل 8% من عدد الضحايا في سوريا وهي نسبة عالية مقارنة بأي نزاع. قتل النظام السوري منهم عشرين ألف طفل، وقتلت روسيا ألفي طفل، ما يعني أن النظام السوري وحلفاءه قتلوا 85% من أطفال سوريا.

وأضاف السيد فضل عبد الغني أن هناك 4956 طفلاً على الأقل لا يزالون قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري على يد أطراف النزاع في سوريا، وتشير البيانات إلى أن النظام السوري وحلفاءه هم أصحاب النسبة الأعظم من إجمالي الانتهاكات بحق الأطفال بفارق شاسع عن بقية الأطراف.

وفيما يخص الحرمان من التعليم، وعمالة الأطفال فقد ذكر السيد عبد الغني أنه تم توثيق قصف 1189 مدرسة، و29 روضة أطفال خلال السنوات العشر الماضية، أغلبها على يد قوات النظام السوري وحلفائه.

ونبه السيد عبد الغني بالتهديد الذي يحيط بالمستقبل، ويدفع لفقدان الأمل مشيراً إلى أن أثر هذه الانتهاكات الجسيمة الذي لا يقتصر على الأطفال الضحايا فقط، بل يتجاوز إلى أصدقائهم، ما ينعكس سلباً على ملايين الأطفال السوريين الذين أصبحوا بعد عشر سنوات من الصراع في سوريا بالغين، ويحملون في أذهانهم معاناة طفولتهم ومرارة تشردهم.

وأوضح السيد عبد الغني بالقول: إن حياة التشرد والضياع وفقدان الأمل التي يعيشها الأطفال في سوريا تولد بيئة خصبة للاستغلال الديني والعقائدي كما تفعل الآن القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها بنشر أيديولوجيتها بين الأطفال في سوريا. 

وختم السيد عبد الغني حديثه بالقول: إذا كانت الاستجابة ستستمر على هذا الشكل فإن هؤلاء الأطفال سيفقدون الأمل وينتقلون للانضمام للتنظيمات المتطرفة، وهذه مسؤولية الجميع.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

1 تعليق
  1. ميسم السمير says

    مشكور ابو يحيى

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني