fbpx

سوريا في مواجهة الكورونا بنظام صحي متداع ومشاف منهارة ونقص كبير في الكادر الطبي

0 203

بعد ما أنهكت سوريا مختلف أنواع الكوارث أتت الكورونا لتكمل تلك السلسلة التي لا تنتهي من المصائب، جاء هذا الفايروس اللعين ليعمق جروح السوريين التي لم تندمل بعد، فبعد الحرب والقتل والتهجير وانهيار الاقتصاد الكبير والفقر وغلاء الأسعار الجنوني جاء الفيروس ليزيد الطين بله، وقد سجلت أول حالة كورونا في سوريا منذ حوالي 6 أشهر، وكانت في ذلك الوقت لمواطن قادم من الخارج وقد أعلنت حكومة النظام أن الأمر تحت السيطرة وأنها قامت بالحجر على الحالة وعلى المخالطين لها، وأعلنت بعد ذلك عدة إجراءات فأوقفت المدارس والجامعات وأقفلت المحلات التجارية باستثناء محلات بيع المواد الغذائية والصيدليات بالإضافة إلى الحدائق والمنتزهات، كما فرضت حظر تجول يومي من الساعة الـ 6 مساءً حتى الـ 6 صباحاً وحظراً كاملاً في أيام العطل، و قد كان عدد الإصابات في تلك الفترة لا يتجاوز بضع عشرات، وبعد مضي شهرين على تلك الإجراءات قامت الحكومة بإلغائها جميعاً وكأن الفايروس قد انتهى، ولم تصمد سوريا بعدها سوى شهر حتى بدأ المرض ينتشر بين صفوف السوريين بطريقة كبيرة دون أن يكون للدولة أي قدرة على السيطرة على المرض أو حتى مناطق انتشاره، واتخذت سوريا خطوة غريبة بعدم إجراء الفحوصات إلا على الحالات الشديدة الخطورة بحجة التكلفة العالية للمسحات، حتى جثث الأموات لا تخضع لفحوصات الكورونا ولذلك نجد الأرقام المعلن عنها بالإعلام الرسمي لا تتجاوز بضع مئات، بينما ذكرت قناة روسيا اليوم أن عدد الإصابات يتجاوز الـ 200 ألف وقد يصل إلى مليون والوفيات تقدر بالمئات يومياً، ووثقت الخبر بصور لمقبرة نجها والتي اتخذ النظام قرراً بدفن ضحايا الكورونا فيها، وبدأ بالمناشدة لمساعدة سوريا لأنها على وشك الانهيار وتخفيف الحصار المطبق عليها بسبب قانون قيصر.

وعلى صعيد المستشفيات، فقد أعلنت المشافي الحكومية عن عدم قدرتها على استيعاب المزيد من الحالات وأن غرف العناية المشددة ممتلئة ولا يوجد منفسة فارغة، وقد يلجأ الأطباء إلى مناوبة المرضى على المنفسة الواحدة، ولكن بشكل عام هناك عجز كبير عن تقديم الخدمات للمرضى، وقد قام عدة أطباء بتوجيه رسائل للشعب وأخبروهم عن الواقع الحقيقي للمستشفيات، فوصفت الدكتورة سارة رمزي الطبيبة بمشفى الأسد الجامعي الوضع قائلة:
المشهد المتكرر بشكل يومي، “الله يخليكي ساعدينا، دبرينا مشان الله المريض رح يروح من بين إيدينا”.
– وأنا أجيب العزل عنا ممتلئ ولا يوجد سرير فارغ، ليس أمامكم إلا الذهاب للمشافي الخاصة، والتي قد تصل تكلفة المنفسة فيها إلى 300 ألف ليرة بالساعة الواحدة، أو أسطوانة الأوكسجين والتي قفز سعرها من 65 ألف ليرة إلى ما يقارب الـ 400 ألف، والخيار الأخير أن ننتظر وفاة أحد المرضى لنضع مريضكم عوضاً عنه، وتقول يتكرر هذا المشهد كثيراً لدرجة أنني وصلت لمرحلة اللاشعور وأنا أنطق هذه العبارات القاسية، وختمت حديثها بالقول وحده الله العالم بالحال والحل الوحيد بيده، وذكرت الطبيبة شغف في مشفى المجتهد: إن الدولة أعلنت عجزها وقد وصلنا للذروة وإن المرض أصبح عشوائياً وفتاكاً للأسف، وناشدت الشعب باتخاذ أساليب الوقاية والعمل على حصر المرض لأن الدولة عاجزة تماماً عن القيام بهذا الشيء، ولا تملك أي إمكانيات لتقديمها للشعب، وذكر طبيب رفض الإفصاح عن اسمه: لقد وصلنا لمرحلة لا يجد الإنسان فيها سريراً لعزيزه، ويشاهد الابن أباه وأمه يختنقان أمام عينه وهو لا يقوى على إنقاذهم.
وقد بلغ عدد الضحايا من القطاع الطبي حوالي ثلاثين طبيباً، وقد نعت نقابة المحاميين خلال يومين فقط ستة عشر محامياً، بالإضافة إلى وفاة القائد العام لجيش التحرير الفلسطيني والمعروف بولائه للنظام والقتال معه من جراء الكورونا.

ولم يقم النظام بأي خطوة للحد من انتشار الفيروس سوى فرض ارتداء الكمامة في وسائل المواصلات والأماكن العامة، وهنا تجد الشعب السوري يقف في مواجهة فايروس أعجز الدول الكبيرة والمتقدمة ذات النظام الصحي القوي، وحيداً بلا نظام صحي أو وقاية أو حتى أدوية مسكنة كأن مصير هذا الشعب أن يقف وحيداً في مواجهة كل أنواع الموت دون أن يلتفت له أحد أو يسمع استغاثته أحد، عاجزاً دائماً فأمامه نظام فاشل غير قادر على شيء ومن خلفه مجتمع دولي عاجز على فرض أي حلول سوى انتظار الانهيار التام وبعدها البدء بفرض الحلول دون الالتفات إلى الشعب وظروفه وأحواله.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني